الحكومات العربية تنهي مشكلة تجنيد الحريديم!
تاريخ النشر: 6th, November 2024 GMT
على مدى العقود التي وُجد فيها كيان الاحتلال البغيض، كان من يُطلق عليهم "اليهود المتدينون" لا يُستدعى طلاب المدارس منهم إلى جيش الاحتلال. ووفقا لمعهد الديمقراطية الإسرائيلي، يمثل المتشددون نحو 14 في المئة من السكان اليهود في إسرائيل، ويصل عدد المعفيين منهم من التجنيد إلى نحو 66 ألفا، ويتمكنون من تجنب التجنيد عبر الحصول على تأجيلات متكررة لمدة عام واحد بحجة الدراسة بالمعاهد الدينية، حتى وصولهم إلى سن الإعفاء من التجنيد (26 عاما).
في تموز/ يوليو الماضي قالت هيئة البث الإسرائيلية الرسمية، إنها حصلت على تسجيل صوتي للحاخام الأكبر السابق لإسرائيل يتسحاق يوسيف يقول فيه: "كل عالم توراة معفى من التجنيد، حتى الشخص العاطل الذي لا يدرس". وأضاف: "مَن ينضمون إلى الجيش يفسدون. هناك مجندات وضابطات وألفاظ نابية، هناك أشياء فظيعة وغير لائقة. لا تذهبوا إلى هناك". وتابع يوسيف: "أي شخص يتلقى إشعارات يجب أن يمزقها ولا يذهب. إنه مع التوراة، وإذا أخذوه إلى السجن، فسيذهب معه رئيس مدرسته الدينية".
صدرت هذه التصريحات بعد حكم المحكمة العليا في كيان الاحتلال أواخر حزيران/ يونيو الماضي، القاضي بإلزام طلاب المدارس الدينية من "الحريديم" بالتجنيد في الجيش، وطلبت المحكمة من الحكومة قطع الدعم المالي عن المدارس الدينية. ويصل مبلغ الدعم للأسر المعفية من الخدمة العسكرية إلى 1.4 أو 1.5 مليار شيكل في السنة، بحسب مقال لـسيفان هيلاي في صحيفة "يديعوت أحرونوت".
في ظل هذه الأزمة، وهي واحدة من جملة أزمات داخل الكيان، تمد الدول العربية يدها إلى الاحتلال بعدة أشكال؛ إما بطريق بري ينطلق من الإمارات لتجاوز الحصار البحري اليمني، أو عبر إمدادات من البحر الأبيض المتوسط واستخدام موانئ مصرية محطة لسفن العدو الصهيوني، بما في ذلك النقل العسكري، أو فتح قناة السويس لعبور سفن حربية صهيونية، ليتغير الوضع من دعم سلبي بمشاهدة الإبادة الجماعية في فلسطين، إلى دعم العدو بصورة إيجابية
وللالتفاف على هذا القانون، طرح عضو الكنيست يسرائيل إيشلر وأعضاء آخرون، مشروع القانون المعروف بـ"قانون المهاجع"، ويعطي المشروع حقوقا إضافية للحريديم، عبر تغيير معايير قبول الأطفال في مراكز الرعاية النهارية ودور الحضانة الخاضعة للإشراف. وسيكون معيار الدعم، وفقا للقانون، معتمدا على الوضع الوظيفي للمرأة فقط، بغض النظر عن مهنة الرجل، وهذا سيسمح باستمرار الإعانة للأطفال حتى في الأُسَر التي يتهرب فيها الأب من الخدمة العسكرية، وبالتالي سيحصلون على التمويل رغم أنهم لن يخدموا بجيش الاحتلال.
تأتي هذه الإشكالية وسط أزمة متصاعدة في جيش الاحتلال نتيجة أعداد الإصابات الهائلة في جبهات القتال الفلسطينية واللبنانية، فبحسب إدارة إعادة التأهيل التابعة لجيش الاحتلال الإسرائيلي، تلقَّى 12 ألف جندي العلاج في وحداتها منذ بداية العدوان على قطاع غزة، ثم على لبنان، ثلثاهم من قوات الاحتياط، وهو ما يفوق كثيرا، الأرقام الرسمية التي ينشرها الجيش الإسرائيلي، وتوقعت إدارة إعادة التأهيل أن يرتفع معاقو الجيش الإسرائيلي بحلول 2030 إلى 100 ألف.
وتُظهر الأرقام التي نشرتها صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية أن 500 جندي يسجلون أنفسهم شهريا لدى هذه الإدارة لتلقي العلاج، كما تظهر أيضا أن 43 في المئة من الجرحى تلقوا العلاج من صدمات نفسية تعرضوا لها بسبب الحرب، وأن نحو 1500 من الجرحى أصيبوا مرتين في المعارك.
وذكرت صحيفة يديعوت أحرونوت، أن واحدا من كل ثلاثة ذكور مجبرون على التجنيد (من غير العرب)، لم يصلوا إلى مراكز التجنيد، و15 في المئة تركوا الخدمة ولم يدخلوا مخزون قوات الاحتياط، كما قفز عدد المستفيدين من الإعفاء لأسباب طبية/عقلية من 4 في المئة إلى 8 في المئة قبيل التجنيد، أما خلال الخدمة العسكرية فهذا هو شرط التسريح الأكثر شيوعا.
طريق بري ينطلق من الإمارات لتجاوز الحصار البحري اليمني، أو عبر إمدادات من البحر الأبيض المتوسط واستخدام موانئ مصرية محطة لسفن العدو الصهيوني، بما في ذلك النقل العسكري، أو فتح قناة السويس لعبور سفن حربية صهيونية، ليتغير الوضع من دعم سلبي بمشاهدة الإبادة الجماعية في فلسطين، إلى دعم العدو بصورة إيجابية، وفتح طرق إمداد غذائية وتجارية وعسكرية
ووفقا للصحيفة أيضا، فإن جيش الاحتلال بحاجة ماسة إلى 7 آلاف مجند فورا، ويدعي الجيش أنه سيكون قادرا على تجنيد 3 آلاف من اليهود الحريديم، لكن في عام التجنيد السابق، تم تجنيد 1200 فقط من أصل نحو 13 ألفا مرشح للخدمة. أما أوامر الاستدعاء للخدمة البالغ عددها 3 آلاف بهذا الصيف، تقسمت كالتالي: نصفها لليهود الحريديم حتى سن 21 عاما، و40 في المئة حتى سن 23 عاما، والباقي حتى سن الإعفاء، لكن كم عدد الذين التزموا وحضروا؟ 240 شخصا فقط، بمعدل 8 في المئة.
هذه الأزمات التي يعاني منها الاحتلال تزداد في التفاقم مع إعفاء الحريديم، وعمق الأزمات الاقتصادية، وطول فترة غياب المستدعين إلى الخدمة عن ذويهم، وبالطبع أعمالهم، ومن تجليات هذا التفاقم انتحار الطيار المساعد الرائد عساف داغان، بعد استدعائه للخدمة في الاحتياط.
في ظل هذه الأزمة، وهي واحدة من جملة أزمات داخل الكيان، تمد الدول العربية يدها إلى الاحتلال بعدة أشكال؛ إما بطريق بري ينطلق من الإمارات لتجاوز الحصار البحري اليمني، أو عبر إمدادات من البحر الأبيض المتوسط واستخدام موانئ مصرية محطة لسفن العدو الصهيوني، بما في ذلك النقل العسكري، أو فتح قناة السويس لعبور سفن حربية صهيونية، ليتغير الوضع من دعم سلبي بمشاهدة الإبادة الجماعية في فلسطين، إلى دعم العدو بصورة إيجابية، وفتح طرق إمداد غذائية وتجارية وعسكرية.
يستمر الحكام العرب في هذا الزمان بإبهارنا بمدى عمالتهم وتواطئهم مع عدو الأمة الأخطر والأحقر في التاريخ المعاصر، وكان حال أسلافهم، قبل ثورات الربيع العربي، مرهونا بحدود في التعاطي مع العدو الصهيوني، ورغم الانتقادات التي لم تهدأ طول فترة حكمهم، فإنهم كانوا يسمحون بحركة الشوارع الداعمة لفلسطين، ويُدخلون مساعدات حقيقية إلى القطاع، ويضغطون دبلوماسيا لإيقاف العدوان.
بعد انتكاسة الربيع العربي، وتحديدا في مصر؛ الدولة الأكثر تأثيرا في المنطقة، انقلب حال الدولة المصرية إلى عمالة فجة، ووقاحة كاملة في دعم الصهاينة والتماهي معهم، بل إن البداية كانت في 9 آب/ أغسطس 2013، عندما سمح للطيران الصهيوني بمهاجمة من أسماهم "جهاديين" من الأجواء المصرية شمال سيناء. بعد انتكاسة الربيع العربي، وتحديدا في مصر؛ الدولة الأكثر تأثيرا في المنطقة، انقلب حال الدولة المصرية إلى عمالة فجة، ووقاحة كاملة في دعم الصهاينة والتماهي معهموقالت القناة الأولى في التلفزيون الإسرائيلي إن الجيش المصري هو الذي حوَّل المعلومات إلى الاحتلال، ما مكّنه من تنفيذ الهجوم على "جماعة جهادية" في سيناء. وأضافت القناة أن "سماح" وزير الدفاع المصري وقتها، الفريق أول عبد الفتاح السيسي، بالهجوم الإسرائيلي على سيناء جاء لإقناع المنظمات اليهودية الأمريكية بالوقوف إلى جانبه ضد خصومه السياسيين المناصرين للرئيس محمد مرسي.
وفي تشرين الأول/ أكتوبر 2014، بدأت المرحلة الأولى من إخلاء الشريط الحدودي مع قطاع غزة، الممتد على طول 14 كلم وبعمق 5 كيلومترات، وما نتج عنه من تهجيرٍ لأهالي سيناء. وفي أيلول/ سبتمبر 2015، ذكرت "هيومان رايتس ووتش" أن مصر هجّرت 3200 أسرة على مدار عامين.
واتضح سبب تلك العمليات في شباط/ فبراير 2016 عندما أدلى وزير البنية التحتية والطاقة والمياه الإسرائيلي، يوفال شتاينتس، بتصريح محرج للإدارة المصرية بشأن التعاون الأمني بين إسرائيل ومصر فيما يتعلق بحدود مصر مع غزة، وأفاد بأن الرئيس عبد الفتاح السيسي عمل بشكل يخدم مصالح إسرائيل، عندما أمر بإغراق الأنفاق المحفورة تحت الحدود مع مصر بالمياه، وهي الأنفاق التي قال رئيس هيئة الاستعلامات ضياء رشوان إنها بلغت 1500 نفق.
ورغم أن هذه كانت بدايات سلوك السيسي السياسي، لكن لا أحد كان يتصور أنه سيصل إلى تلك المرحلة من الخيانة لقضايا الأمة أو قضايا مصر، وأنه سيسمح بتعريض مصر لهذه الانتهاكات التي تعصف بسيادتها، فضلا عن واجبات الجوار والعروبة والدين الذين يوجبون عليه وعلى سائر العرب أن يدعموا فلسطين بكل الوسائل دون أي استثناء.
اليوم يقف الفلسطينيون وشعوب جبهات القتال والإسناد ببسالة وقوة منقطعة النظير، ورؤوسنا محنية خجلة من عجزنا وضعفنا، وضعف التنظيمات السياسية التي لا تستطيع الدخول في مواجهة سياسية مع النظام المصري لدعم شعب شقيق، وهي الفاتورة التي كانت تدفعها التنظيمات السياسية الإسلامية، وتحديدا جماعة الإخوان المسلمين، بغض النظر عن الملاحظات التي يمكن أن توجه إلى أدائهم السياسي في مرحلة ما بعد الثورات، لكنهم كانوا يقفون في هذا المسار أمام نظام مبارك أيّا كانت التضحيات.
ولعل الكارثة الإنسانية التي يعيشها القطاع، والكارثة الكبيرة التي نحياها بسبب عجزنا عن النُّصرة، يؤديان إلى تغييرات في المنطقة، وأولها في نظم الحكم المحتلة والمصادِرة لإرادتنا السياسية والاجتماعية.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الإسرائيلي غزة العرب مصرية مصر إسرائيل غزة العرب مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة صحافة سياسة رياضة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة العدو الصهیونی فی المئة
إقرأ أيضاً:
أهالي جنوب لبنان يعززون فشل العدو الإسرائيلي
يمانيون/ تقارير
في مهلة الستين يوماً التي جرى الاتفاق عليها لوقف إطلاق النار في لبنان لم يلتزم الكيان الصهيوني ببنود الاتفاق، وإنما تعّمد ارتكاب خروقات كثيرة و يومية، بينها اعتداءات على المدنيين وأدت إلى استشهاد وجرح العشرات.
إثر انتهاء الهدنة الهشة أعلنت الولايات المتحدة الأمريكية تمديد الهدنة إلى 28 فبراير، ليعلن حزب الله رفضه التام لتبريرات الهدنة، محملاً الأمم المتحدة وبريطانيا وفرنسا وكذا العدو الإسرائيلي المسؤولية التامة في عدم انسحاب جيش العدو الإسرائيلي من الأراضي اللبنانية.
على مدى 60 يوما من اتفاق الهدنة انتهك العدو الإسرائيلي بنود اتفاق وقف إطلاق النار من خلال خروقات يومية توزعت بين غارات وعمليات قصف وتوغلات برية. بالرغم من قيام وزارة الخارجية اللبنانية برفع عدة شكاوي إلى الأمم المتحدة، إلا أن العدو الصهيوني واصل خروقاته لتشمل منع عودة النازحين إلى قراهم، وكذا عمليات التدمير الممنهج والتفخيخ في المناطق التي توغلت فيها قوات العدو، فضلا عن عمليات الاختطاف الممنهجة وتجريف الأراضي الحدودية وتدمير مئات الوحدات السكنية.
هكذا هو كيان العدو ناكث للعهود والمواثيق، ولا يقيم وزنا لأحد. شيء واحد يردع العدو هو القتال المسلح؛ الأمر الذي يجعل من خيار التمسك بالمقاومة اللبنانية وتأييدها شعبياً أمرا محتوما وضرورة ملحة لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي وإرغامه على الانسحاب من كافة الأراضي اللبنانية.
بقاء العدو في لبنان أمر غير مقبول
ويؤكد الناشط السياسي اللبناني أحمد الزين أن الكيان الصهيوني لا يزال مسيطرا على بعض الأراضي الحدودية اللبنانية ولم ينسحب بالرغم من انتهاء الهدنة، مبينا أن الكيان الصهيوني يقوم بإطلاق النار على العزّل من المدنيين العائدين إلى قراهم.
ويوضح -في حديث خاص لموقع أنصار الله- أن نيران العدو الإسرائيلي أوقعت ما يقارب 24 شهيدا و134 مصابا غالبيتهم من النساء والأطفال أثناء عودتهم إلى قراهم، مؤكد أن ما قامت به “إسرائيل” وتقوم به انتهاك صارخ للقانون الدولي، وانتهاك لاتفاق وقف إطلاق النار.
العدو الصهيوني لم تقتصر أعماله على خرق اتفاق وقف إطلاق النار وحسب، وإنما يواصل اعتداءاته على المناطق الحدودية، ما يشكل انتهاكا صارخا للسيادة اللبنانية.
كعادته، الكيان الصهيوني ينتهك القوانين والأعراف والمواثيق الدولية ويخرق العهود والمواثيق دون أن يراعي أي أحد، وبالتالي فإن المقاومة الشعبية اللبنانية التي قام بها أبناء الجنوب بتوافدهم بالآلاف إلى قراهم السكنية مواجهين دبابات الكيان الصهيوني وأعيرته بصدورهم العارية مثّلت نصرا تاريخيا، وبرهنت للكيان الصهيوني بأن بقاءه في الأراضي اللبنانية أمر غير مقبول.
ويقول الزين “من سيغير من معادلة المواجهة هم الأهالي، وذلك من خلال خيار المقاومة الشعبية السلمية التي ستواجه الاحتلال الإسرائيلي. مضيفاً “رأينا كيف المشاهد الحية لتدفق الأهالي بعشرات الآلاف من المدنيين اللبنانيين الذين وقفوا بوجه آلة القتل الصهيونية والجيش الصهيوني في جنوب لبنان، وكيف تحدوه بصدورهم العارية ونظراتهم وصرخاتهم ضد الكيان الصهيوني، ليرسموا مشهدا بطوليا في التحدي والصمود والدفاع عن أرضهم وعرضهم”.
ويبين الزين أن بقاء الكيان الصهيوني في الحدود اللبنانية وتماديه في ارتكاب خروقات وقف إطلاق النار تأتي في سياق الاستفزاز الصهيوني للمقاومة اللبنانية، بهدف العودة مجددا للحرب، مؤكدا أن تلك الأهداف الصهيونية بعيدة المنال، ولن تتحقق؛ كون لبنان يحظى بدعم دولي.
يتوهم الكيان الصهيوني أن صمت المقاومة اللبنانية إزاء الخروقات المتكررة دليل على ضعف المقاومة اللبنانية وفقدها قدرة الردع، غير مدرك بأن المقاومة التي صمدت واستطاعت توجيه ضربات موجعة ومنكلة بالعدو الصهيوني أرغمته على وقف إطلاق النار وهي في أسوأ ظروفها بعد معركة البيجر واستشهاد القادة.
ويوضح الزين أن المقاومة اللبنانية رممت صفوفها وتعافت من الضربات الموجعة التي تلقتها في الحرب مع العدو الصهيوني.
الشعب والمقاومة ركنان أساسيان
وأمام الأخطار الصهيونية المحدقة بلبنان تظهر أصوات نشاز في الداخل اللبناني تطالب بتجريد المقاومة من السلاح وتسليمه إلى الجيش اللبناني -حد قولهم- غير أن التجاوزات الصهيونية أثناء اتفاق وقف إطلاق النار وتماديهم في الاعتداء على لبنان بالرغم من تواجد الجيش اللبناني في كافة المناطق الجنوبية توحي بضرورة بقاء السلاح لدى المقاومة اللبنانية.
وفي هذا السياق تؤكد الإعلامية اللبنانية ماجدة الموسوي أن الكيان الصهيوني دخل وتوسع في مناطق لبنانية لم يستطع دخولها أثناء الحرب مع حزب الله.
وتوضح -في حديث خاص لموقع أنصار الله- أن المشهد الشعبي البطولي الذي سطّره أبناء الجنوب اللبناني بالعودة إلى ديارهم بعد انتهاء مهلة الهدنة أوصل رسائل مدوية للأعداء في الداخل والخارج.
وتبين أن بعض خصوم الداخل اللبناني فَجَروا في الخصومة للمقاومة اللبنانية وبيئتها، فكانوا ينطلقون أثناء اشتعال المواجهة بين المقاومة اللبنانية وجيش العدو الصهيوني، ويحاولون تشتيت بيئة المقاومة، وتشويه صورة المقاومة لديهم، غير أن الوعي الشعبي الكبير افشل كل مخططات الأعداء في الداخل والخارج.
وتلفت الموسوي إلى أن الهبة الشعبية في الجنوب أثبتت أن الشعب ركن أساسي في المقاومة ضد الكيان الصهيوني، وأنهم ركيزة أساسية تستند عليها المقاومة، وأن الاندفاع صوب الدبابات الصهيونية بصدور عارية من الرجال والنساء والكبار لم يكن حالة انفعالية عابرة بل هو تجسيد لخيار استراتيجي يكون فيه شعب لبنان والمقاومة ركنين أساسيين من المعادلة.
سيناريوهات المرحلة القادمة
ومع دخول تمديد الهدنة إلى 18فبراير يبدو الوضع في جنوب لبنان معقدا وحساسا، حيث لا تزال التوترات بين حزب الله وجيش العدو الإسرائيلي مرتفعة.
وفي هذا السياق تؤكد الناشطة الإعلامية غنى شريف أن انتهاء مهلة الستين يومًا يقودنا إلى احتمالية أن تعود الأمور إلى التصعيد العسكري، وذلك كون الجيش الصهيوني يرفض الانسحاب من الأراضي اللبنانية.
وتقول -في تصريح خاص لموقع أنصار الله- “بالنسبة لحزب الله، فإن استمرار الاحتلال يمثل تهديدًا مباشرًا يتطلب ردًّا حاسمًا لحزب الله الذي قدّم تضحيات كبيرة من شهداء وقادة، لن يقبل ببقاء “إسرائيل” على أرض رُويت بدماء هؤلاء الشهداء، خاصة وأن جثامين بعض الشهداء لا تزال مدفونة في المناطق المحتلة”.
وترى شريف أن الوضع الإقليمي والدولي يلعب دورًا محوريًا في الحسابات الحالية، موضحة أن الضغوط الدولية أو التغيرات في التوازن الإقليمي قد تؤثر على قرارات الطرفين، حيث يسعى كل منهما لتجنب تصعيد كارثي، إلا إذا بات ذلك ضروريًا.
وفي حال أصر الكيان الصهيوني على بقائه في الأراضي اللبنانية فإن حزب الله قد يلجأ إلى تكثيف الهجمات على قوات العدو الإسرائيلي المتمركزة في الجنوب و قد يشمل استخدام الصواريخ، أو تنفيذ عمليات نوعية لإجبار الاحتلال على الانسحاب. لاسيما وأن العدو الإسرائيلي لم يستطع خلال العدوان الأخير تحقيق تقدم يُذكر أمام صمود مقاتلي حزب الله وشراستهم في الدفاع عن الأرض.
وتلفت شريف إلى أن حزب الله سيوصل رسائل سياسية للخارج مفادها أن صبره سينفد أمام تمادي الكيان الصهيوني وتعمده البقاء في الأراضي اللبنانية، مشيرة إلى أن رسائل حزب الله للداخل اللبناني تكمن في استهداف بعض اللبنانيين، وخصوصًا الفئات التي تبنت مواقف حيادية أو طالبت بتدخل الدولة اللبنانية.
وتضيف غنى القول “هذه الفئات التي رأت بأمّ أعينها أن الدولة لم تتمكن من ردع الاحتلال أو منع تدمير القرى الجنوبية واستباحة الأراضي اللبنانية”.
وتعتقد أن حزب الله يدرك أن التصعيد الكبير قد يؤدي إلى تدخلات دولية أو إقليمية، وربما ضغوط دبلوماسية، الأمر الذي يجعل الحزب يعتمد خطوات تدريجية ومدروسة تحافظ على عنصر المفاجأة، وتضعف الاحتلال دون الانجرار إلى حرب شاملة قد تسبب أضرارًا جسيمة على المستويات كافة.
وبناء على ما سبق ذكره من حديث للمحللين السياسيين والإعلاميين فإن القرار النهائي لحزب الله سيتحدد بناءً على تقييم دقيق للوضع العسكري، والدبلوماسي، والإقليمي، إلى جانب حسابات التوازنات الداخلية والخارجية.
ويبقى الشيء المؤكد أن المقاومة اللبنانية لن تقبل ببقاء الاحتلال على أراضٍ دفعت أثمانا باهظة لتحريرها، وستستمر في استخدام كل الوسائل الممكنة لتحقيق هدفها المتمثل في تحرير الأرض والحفاظ على سيادة لبنان.
نقلا عن موقع أنصار الله