قال عماد الدين حسين، الكاتب الصحفي ورئيس تحرير جريدة الشروق، إن دونالد ترامب مرشح الحزب الجمهوري سيعتمد نتيجة الانتخابات الأمريكية فقط في حال فوزه بها.

ماك شرقاوي: منافسة شرسة بين ترامب وكامالا هاريس وسط تصويت قياسي

وأضاف عماد الدين حسين خلال لقائه مع الإعلامي أحمد موسى مُقدم برنامج «على مسئوليتي» المذاع عبر قناة صدى البلد، أن وسائل الإعلام الأمريكية تسعى إلى التشكيك في نزاهة نتيجة الانتخابات الرئاسية.

وتابع  عماد الدين حسين، الكاتب الصحفي ورئيس تحرير جريدة الشروق، أن : ترامب جعل الانتخابات الأمريكية مثل انتخابات دول العالم الثالث، حيث أن فكرة التشكيك في نزاهة الانتخابات أمر معتاد عليه في دول العالم الثالث، لكنه لأول مرة نراه في الانتخابات الأمريكية.

وأشار الكاتب عماد الدين حسين، إلى أن إسرائيل لم تمنع عمليات التهجير للفلسطينيين حتى الآن، وتستمر في تنفيذ مخططاتها في غزة والمنطقة، معقبًا: لابد من تحركات عربية لوقف هذه التهجيرات التي تنفذها إسرائيل.

واختتم حسين: جزء من العرب المقيمين بأمريكا يقومون بالتصويت العقابي، وأنا أدعم كامالا هاريس في الانتخابات الحالية أمام ترامب، وذلك لأن الأخير عنصري وفاشي يكره العرب والمسلمين.
 

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: عماد الدين حسين أحمد موسى الانتخابات الأمريكية الحزب الجمهوري وسائل الإعلام الأمريكية وسائل الإعلام دول العالم الثالث عماد الدین حسین

إقرأ أيضاً:

خطة ترامب هي ذات الوهم الصهيوني حول الهجرة الطوعية للفلسطينيين

تناول مقال في موقع "ميدل إيست آي" لتيري بريزيون خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، لتهجير سكان قطاع غزة.

وقال الكاتب، إن ما يسمى بخطة "تنظيف" غزة تنسجم مع التفكير المستمر منذ زمن بعيد لدى الحركة الصهيونية، وبشكل أكثر دقة، مع أهداف الحرب التي وضعها اليمين الإسرائيلي المتطرف.

وأضاف، "سوف يمهد هذا التطهير العرقي السبيل أمام مشاريع الاستعمار اليهودي وتحويل غزة إلى مركز تكنولوجي لكل ما يتعلق بالمستقبل، وهو ما لم يزل نتنياهو يحلم به".

وأوضح، "يتماهى ترامب من خلال هذه الخطة مع الحركة طويلة المدى للصهيونية، وبشكل أدق، مع غايات الحرب التي وضعها اليمين المتطرف في إسرائيل".

وفيما يلي نص المقال:

يوم الأحد اقترح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إعادة توطين مليون ونصف المليون من الفلسطينيين من سكان غزة في الأردن أو في العراق كجزء من خطة غايتها "فقط تنظيف" القطاع. بل لقد اقترح مبعوثه الخاص إلى الشرق الأوسط ستيف ويتكوف إعادة توطين جزء من سكان غزة في أندونيسيا.
في تغريدة عبر منصة إكس، أعرب إيتامار بن غفير، اليميني المتطرف ووزير الأمن الوطني السابق في إسرائيل، عن تأييده لمقترح ترامب.

كتب بن غفير يقول: "واحد من مطالبنا من رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو هو تشجيع الهجرة الطوعية. عندما يقترح رئيس أكبر قوة كبرى في العالم، ترامب، هذه الفكرة، فإن ذلك يستحق من الحكومة الإسرائيلية أن تعمل على تنفيذها – تشجيع الهجرة الآن."

سوف يمهد هذا التطهير العرقي السبيل أمام مشاريع الاستعمار اليهودي وتحويل غزة إلى مركز تكنولوجي لكل ما يتعلق بالمستقبل، وهو ما لم يزل نتنياهو يحلم به.

يتماهى ترامب من خلال هذه الخطة مع الحركة طويلة المدى للصهيونية، وبشكل أدق، مع غايات الحرب التي وضعها اليمين المتطرف في إسرائيل.

في العشرين من ديسمبر (كانون الأول)، كان بن غفير قد ذكر مجدداً مقترحه الذي يقضي "بتشجيع الهجرة الطوعية" لسكان غزة حتى يتسنى إعادة استعمار هذه المنطقة الفلسطينية التي انسحب منها الإسرائيليون في عام 2005.

وذلك من وجهة نظره يعتبر ضرورة ملحة للحفاظ على أمن إسرائيل، كما أنه حل أفضل للسكان المقيمين في غزة، وعن ذلك قال: "غزة غير صحية، بينما تحتاج البلدان الأخرى إلى الأيدي العاملة، ولذلك من الأفضل لهم أن يكونوا هناك."

لم تكن تلك هي المرة الأولى منذ اندلاع الحرب في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023 التي يقترح فيها الوزير اليميني المتطرف هذه الفكرة.

فعلى سبيل المثال، في الرابع عشر من مايو (أيار) 2024، تقدم بن غفير بمقترحه ضمن إطار إنساني، حين قال: "شجعوا الهجرة الطوعية لسكان غزة ... فذلك أخلاقي، وهو خيار عقلاني، وهو كذلك صواب."

سوف تكون "عودة" اليهود إلى غزة بمثابة تحقيق لنبوءة وإنصاف للشعب اليهودي، وهو ما عبر عنه بن غفير بقوله: "يجب أن نعود إلى الوطن، لأن ذلك هو ما تقضي به التوراة، وذلك هو العمل الأخلاقي، وتلك هي العدالة التاريخية، ذلك هو المنطق، وذلك هو الفعل الصواب."

في نفس المناسبة ذهب إلى أبعد من ذلك عضو البرلمان الإسرائيلي زفي سوكوت، عضو الحزب الصهيوني الديني، حين قال: "أخبر بلدان العالم التي تتعاطف بأخلاقية منافقة مع الغزيين أنهم [أي فلسطينيو غزة] سوف يكونون أكثر أمناً معهم في البلدان الأخرى. إذا كانوا يحبونهم إلى هذا الحد، ينبغي على جنوب أفريقيا أن تأخذ إليها سكان جباليا."

كما هو واضح من تصريحات يوم الأحد، لم يغير وقف إطلاق النار جوهرياً من هذه الرؤية، والتي تعود إلى منشأ الصهيونية.

مائة ألف عربي في غزة وليس 2 مليون
بالرغم من بعض عدم الرضى من قبل المعارضة الإسرائيلية وحتى الولايات المتحدة في فترة الرئيس جو بايدن، إلا أنه، ومرة أخرى في تاريخ الاستعمار الإسرائيلي، يتم الدفع قدماً بالمشروع من خلال الحرب، ضمن سياسة فرض الأمر الواقع.

كان ذلك بشكل خاص هو الوضع في شمال غزة، حيث قام الجيش بشكل منتظم بتطبيق خطة تقضي بطرد وإبادة وإعادة توطين الفلسطينيين، عملاً بالتوصيات التي وردت فيما يسمى خطة إيلاند، أو خطة الجنرالات، والتي وضعتها مجموعة من كبار ضباط الاحتياط من أجل تطهير المنطقة عرقياً.

لا ريب في أنه بالنسبة لكثير من الزعماء الإسرائيليين، تعتبر مغادرة أغلبية فلسطينيي غزة هي النتيجة المنطقية للعمليات العسكرية، حتى وإن تم تحقيقها بالتدريج.

لم يخف ذلك وزير المالية بيزاليل سموتريتش في تصريح صدر عنه في ديسمبر (كانون الأول) 2023، حين قال: "ما ينبغي أن يحصل في قطاع غزة هو تشجيع الهجرة." وأضاف: "لو كان السكان العرب في غزة مائة ألف أو مائتي ألف، بدلاً من مليونين، فإن النقاش حول اليوم التالي سيكون شكله مختلفاً تماماً."

باتت الفكرة جزءاً من النقاش العام داخل إسرائيل، فطبقاً لاستطلاع للرأي تم تقديمه في وقت مبكر من عام 2024 في مؤتمر نظم تحت عنوان "دروس من غزة – نهاية فكرة حل الدولتين"، رداً على سؤال "هل أنت مع أو ضد التهجير الطوعي لسكان قطاع غزة إلى بلدان أخرى؟"، قال 76 بالمائة من المشاركين في الاستطلاع إنهم يؤيدون ذلك – وتلك أغلبية تمثل كافة مكونات الطيف السياسي.

حقيقة أن الجمهور الإسرائيلي يُطلب منه تقرير ما الذي سوف يرغب فيه الفلسطينيون تكشف عن مدى تجريد هؤلاء الفلسطينيين من حقهم في أن يكونوا فاعلين في صناعة تاريخهم هم.

ليس مستغرباً أن تكون لدى الإسرائيليين الرغبة في رؤية العرب يختفون ويتركون الساحة خالية أمام الدولة اليهودية التي تشتمل على غزة والضفة الغربية وحتى مرتفعات الجولان السورية والضفة الجنوبية لنهر الليطاني في لبنان. إلا أن فكرة الهجرة "الطوعية"، من ناحية أخرى، تبدو أكثر تناقضاً.

إذا أخذنا بالاعتبار العنف الذي مورس من أجل تجويع السكان، والتدمير الممنهج لجميع البنى التحتية اللازمة للحياة، والقضاء على أي إمكانية لعودة مستقبلية إلى شمال غزة، تبدو فكرة المغادرة "الطوعية" كما لو كانت مصطلحاً مستمداً من قاموس اللغة الأورويلية المبهمة.

يطوون خيامهم ويرحلون بصمت
إلا أن ذلك لم يزل منذ البداية جزءاً من تشكيلة الوسائل التي فكر بها الآباء المؤسسون للدولة اليهودية، كما يشهد على ذلك العمل البحثي الذي قام به المؤرخ الفلسطيني البريطاني نور مصالحة حول استمرارية "مفهوم الترانسفير في الفكر السياسي الصهيوني."

من خلال شعار "أرض بلا شعب لشعب بلا أرض"، وهو الشعار الذي صاغه إسرائيل زانغويل، أحد المنظمين الأوائل للحركة الصهيوني في بريطانيا، سعى الزعماء الصهاينة إلى نفي وجود شعب مقيم في تلك الأرض.

إلا أن الوجود العربي ظل يُعتبر عقبة كؤوداً. وهو ما عبر عنه زانغويل نفسه من خلال ادعاء باطل في عام 1916، حين زعم، كما ينقل عنه مصالحة، أن "إزالة العرب من فلسطين لتوفير الحيز اللازم لتوطين الجماهير اليهودية الأوروبية شرط أساسي لتحقيق الصهيونية."

في رؤية معبأة بالتحيزات الاستشراقية، كتب زانغويل في عام 1920 يقول: "لا يمكننا السماح للعرب بإعاقة قطعة ثمينة جداً من إعادة الإنشاء التاريخي ... وبناء عليه فإنه يجب علينا إقناعهم بلطف بالهجرة. ففي نهاية المطاف، لديهم كل جزيرة العرب بمساحتها التي تبلغ مليون ميل مربع. لا يوجد لدى العرب سبب خاص للتعلق بهذه الكيلومترات القليلة. إنهم مجبولون على طي خيامهم والرحيل بصمت، فدعهم يمتثلوا لذلك الآن."

إلا أن الوهم الحالم بأن العرب المنحدرين من العبرانيين القدماء يرغبون في العودة إلى دينهم القديم، كما كتب بن غوريون في عام 1918 قبل أن يتم محو الفكرة من السردية الصهيونية، أو، على النقيض من ذلك، أنهم لا يمتون بصلة للأرض "التي وُعدت" للشعب اليهودي، بحسب الصيغة التي دونها هيرتزل في عام 1895 في مذكراته، تبدد ليفسح المجال أمام فهم أكثر واقعية.

بالفعل، لم تكن هناك فرصة تذكر في أن العرب يمكن أن يتخلوا طواعية للمهاجرين اليهود عن الأراضي الخصبة التي لم يزالوا يفلحونها جيلاً بعد جيل.

"إخراج القبائل العربية بالسيف" كما عبر عن ذلك زانغويل في عام 1905 لم يكن خياراً وارداً، وذلك لانعدام القوة اللازمة. وبالتالي شغل عقول زعماء الحركة الصهيونية باستمرار السؤال التالي: كيف يمكن حمل عرب فلسطين، والذين كان وعيهم الوطني ينمو ويتعزز بفعل التوترات الناجمة عن انتزاع الأرض منهم، على المغادرة "طواعية".



لا تدع لهم خياراً سوى الهجرة
وصل ذلك إلى الذروة في عام 1937 عندما اقترحت لجنة بيل، التي بعثت بها الحكومة البريطانية بعد الثورة العربية في عام 1936، من جهة تقسيم فلسطين إلى دولتين، ومن جهة أخرى نقل السكان العرب إلى خارج المنطقة المخصصة للدولة اليهودية.

بعد نقاش محتدم، رفض مؤتمر زيوريخ للمنظمة الصهيونية العالمية خطة تقيد الطموحات التوسعية للحركة، والتي ادعت الحق في فلسطين بأسرها، بدون التزام من الحكومة البريطانية بنشر قوات تضمن إنجاز عملية النقل.

لم يكن الزعماء الصهاينة يقصدون بعبارة الهجرة "الطوعية" منح الأفراد حرية الاختيار، وإنما قصدوا النتيجة التي تتمخض عن مجموعة من الإجراءات التي لا تبقى أمامهم خياراً سوى الهجرة.

وكما يذكر مصالحة، اقترح يهوشوا سوبارسكي، زعيم الصهاينة العموميين في فلسطين، أنه من خلال الإشراف على المواطنة داخل الدولة أثناء الفترة الانتقالية، وفرض التشريعات الفلاحية التي يقصد منها مصادرة مساحات واسعة من الأراضي العربية ومنع العرب من شراء الأرض داخل البلاد، فإن عدداً ضخماً من العرب سوف يغادرون أرض إسرائيل."

اقترح إليهاهو بيرلين، زعيم الحزب الصهيوني الديني كنيسيت يزرائيل وعضو لجنة العمل الصهيونية بأنه ينبغي زيادة الضرائب حتى يضطر العرب إلى الفرار بسبب عبء الضرائب."

لم تكن موافقة الأفراد هي التي كانوا يسعون للحصول عليها وإنما إقرار زعماء البلدان العربية المجاورة، والذين تم إخضاعهم من قبل الإمبراطورية البريطانية، مثل عبد الله بن الحسين (أمير شرقي الأردن) أو شقيقه فيصل بن الحسين (ملك العراق) الذي لم يكن أمامه مقابل المساعدات المالية التي يحصل عليها سوى الموافقة على الترحيب بهذه الكتلة السكانية الجديدة.

واحدة من أكثر الخطط تعقيداً، والتي لقيت من الزعماء الصهاينة اهتماماً كبيراً، وكذلك من السلطات الأمريكية والبريطانية على حد سواء، حتى منتصف الأربعينيات، هي تلك التي طورها إدوارد إيه نورمان (1900-1955)، وهو ملياردير يهودي مقيم في نيويورك، كرس جل ثروته ونشاطه السياسي لدعم السكان اليهود في فلسطين ما قبل عام 1948، بحسب ما ذكره مصالحة.

كانت فكرته تقضي بتنظيم إعادة التوطين في شط الغراف، الذي يقع في القلب من سهول العراق الخصبة، بدلاً من الضفة الشرقية لنهر الأردن، والتي لا ينبغي، طبقاً له، أن يتنازل عنها اليهود وتصبح إلى الأبد خارج منطقتهم الاستعمارية. فبالنظر إلى عدد اليهود الذين يحتاجون للهجرة من أوروبا، من المتوقع أن يكونوا في حاجة إليها.

كانت الغاية من بعض هذه المشاريع أن تكون ذات صبغة إنسانية، ولكنها في الحقيقة نسج من الخيال. وكانت لا تأخذ بالاعتبار وعي الفلسطينيين وإحساسهم بالانتماء إلى الأرض.

الفكرة التي صاغها بن غوريون، على سبيل المثال في عام 1941، ومفادها أن أرض إسرائيل هي مجرد قطعة صغيرة من الأراضي التي يقطنها العرب، وأن العرب في أرض إسرائيل مجرد مجموعة ضئيلة جداً من الشعوب الناطقة باللغة العربية، هي واحدة من الخصائص الدائمة في الفهم الصهيوني لارتباط العرب الفلسطينيين بأرضهم.

التوترات الناجمة عن طرد الفلسطينيين عبر حملة إرهاب قادتها بدءاً من عام 1947 المليشيات الصهيونية الإرغون وشتيرن والهاغانا قادت أخيراً إلى المواجهة في عام 1948 بين إسرائيل والبلدان العربية المجاورة (مصر، سوريا، الأردن والعرق).

ثلاثة أرباع العرب الذين كانوا يعيشون في أرض الدولة اليهودية (والتي توسعت أثناء الأحداث) تم طردهم، وبذلك أمكن حل "المسألة العربية" "بأعجوبة"، في أغلب الحالات.

ثم اختلقت الدعاية الإسرائيلية فيما بعد أسطورة المغادرة "الطوعية" للفلسطينيين بدعوة من الزعماء العرب، لترك الميدان مفتوحاً أمام العمليات العسكرية على أن يعودوا بعد تحقيق النصر. أما وقد تكبدوا الهزيمة، فقد فقدوا بذلك أي حق شرعي في العودة إلى وطنهم. وهذه أسطورة لم يلبث المؤرخون الفلسطينيون أن فندوها، ثم لحق بهم في ذلك ما يسمى بالمؤرخين الجدد في إسرائيل.

بعد 1967، تفريغ غزة
برزت المسألة العربية تارة أخرى بعد حرب عام 1967 وما نجم عنها من احتلالات جديدة بما في ذلك لقطاع غزة. ولقد وثق مؤخراً أودير أديريت، الصحفي في هآريتز، الخطط الإسرائيلية لنقل سكان المناطق التي تم غزوها مؤخراً. ومرة أخرى، سعى حكام إسرائيل إلى الحصول على "هجرة طوعية" إلى سيناء أو الأردن، لإبقاء فقط سبعين ألفاً أو مائة ألف فلسطيني في غزة.

كتب أديريت يقول إن فكرة رئيس وزراء إسرائيل حينذاك، ليفي أشكول، كانت تقضي بعمل هجرة هادئة بشكل لا يبدو منه أن إسرائيل لها علاقة بالأمر.

ويضيف بأن الإسرائيليين بما لديهم من خلفية أمنية، والذين كانوا على معرفة بالمجتمع الفلسطيني، أرسلوا مباشرة إلى التجمعات السكانية في غزة من أجل إقناع زعمائها بتشجيع الناس على المغادرة الطوعية. كان رئيس الوزراء يعتقد أن العرب لربما خرجوا من القطاع تلقائياً بسبب الأوضاع الخانقة وما يتعرضون له من حصار هناك.

ولكن فلسطينيي غزة ظلوا صامدين لا تؤثر فيهم هذه المحاولات.

في عام 1971، صاغ وزير الدفاع موشيه دايان نسخة أسرع من الهجرة "الطوعية"، حيث قال: "سوف نمنحهم 48 ساعة للمغادرة، وسوف نقول لهم، على سبيل المثال، سوف تنتقلون إلى العريش [في سيناء] أو إلى أي مكان آخر، سوف نوفر لكم وسائل النقل. في البداية تمنحهم خيار الانتقال طواعية. تخلي المنزل من الأثاث. وإذا لم يأت الشخص لترتيب أوضاعه – نحضر الجرافة لهدم المنزل.

إذا كان هناك أناس داخل المنزل، نخرجهم منه عنوة. بما أننا نمنحهم 48 ساعة، لا توجد لحظة حرجة هنا حينما تأتي وتقول سوف نحملك أنت وأثاثك في الشاحنة، ولكنك تمنحهم الفرصة للقيام بذلك طواعية."

تذكر هذه العملية بما كان يفعله الغزاة الإسبان في مواجهة السكان الأصليين في حضارات ما قبل كولومبيا. حيث كانوا قبل التوجه نحو المعركة يقرأون عليهم قائمة شروط ويقترحون عليهم اعتناق الديانة الكاثوليكية، وهو أمر غريب تماماً على عالمهم.

فيما لو رفضوا كان الإسبان يهددونهم قائلين: "سوف نغزوكم بالقوة، سوف نشن عليكم حرباً في كل مكان، وبكافة الطرق." ونظراً لأن السكان الأصليين كانوا يرفضون، اعتبر هذا إقراراً منهم بما هم عليه من طبائع شيطانية، الأمر الذي كان يبرر التعامل معهم بأشد أنواع العنف، ويعتبره ممارسة شرعية وأخلاقية.



سياسة الترانسفير
يمكننا أن نستحضر من هذه اللمحة التاريخية المواصفات الثابتة لفكرة "الهجرة الطوعية". فهي تقوم على إنكار حق الآخر في أن يكون له رؤية يعبر عنها أو تطلعات يرنو إليها، بل يؤمر بأن يتنحى جانباً في مواجهة ما يجري إنجازه غاية تزعم لنفسها التفوق الأخلاقي (بما توفره من ملاذ لليهود ضحايا الاضطهاد).

يسمح الإبقاء على أكذوبة الاختيار الطوعي المحتمل بتحميل المسؤولية للفلسطينيين على ما ينالهم من شقاء فيما لو أصروا على عدم المغادرة، ثم تحميلها للدول العربية المتهمة برفض تقبل اللاجئين انطلاقاً من حسبة سياسية ومن عداء لإسرائيل، ومن ثم للهيود أنفسهم.

وفي النهاية تحمل المسؤولية لمنظمات تعتبرها إسرائيل مصدر تهديد وجودي، مثل وكالة غوث اللاجئين (الأونروا)، والتي لم تزل تتهم من قبل إسرائيل منذ تأسيسها في عام 1948 بالإبقاء على قضية اللاجئين حية. وهذا هو السبب الذي من أجله تم في أكتوبر الماضي سن قانون يحظر عمل الوكالة الأممية المتخصصة في مساعدة اللاجئين الفلسطينيين في الأراضي الإسرائيلية.

تسمح كذبة خيار الهجرة "الطوعية" بتبرئة مشروع يتضمن تشريد شعب من أرضه وفي نفس الوقت الحفاظ على الطهر الأخلاقي لمن يقومون عليه. ولكن من الناحية العملية ما هو إلا أحد أبعاد سياسة الترانسفير، وهو بعد يكتسب طبيعته الناعمة من ميزان القوة، بشكل أو بآخر.

عندما رفض فلسطينيو غزة المغادرة في عام 1970، قال وزير الشؤون الدينية زوراخ وارهافتيغ حينها مخاطباً رئيسة الوزراء غولدا مائير: "سوف يكون من الأفضل استخدام القوة إذا كان ثمة حاجة للقوة، ولكن فقط وسط حالة من الفوضى العارمة."

ومازال أهل غزة حتى اليوم، وبالرغم مما ارتكبه الجيش الإسرائيلي بحقهم على مدى 15 شهراً، يرفضون المغادرة الطوعية مما يعتبرونه وطنهم.

ما لم يتم التوصل إلى إطار سياسي مستدام، فإن مشروع الاستيلاء على قطاع غزة وإبعاد معظم الفلسطينيين منه تمهيداً لتوطين اليهود فيه يبقى معششاً في أذهان قطاع ضخم من الطبقة السياسية الإسرائيلية، ويبقى كذلك طموحاً تسعى إلى تحقيقه المنظمات الاستيطانية – وقد يكون هدفاً استراتيجياً لأزمة يتم تفجيرها في المستقبل.

وذلك بالضبط ما شرعت الحكومة والجيش في استكماله في الشمال خلال حربهم الأخيرة في القطاع.
الرابط الأصلي.

مقالات مشابهة

  • خطة ترامب هي ذات الوهم الصهيوني حول الهجرة الطوعية للفلسطينيين
  • القائد الشهيد السيد حسين بدر الدين الحوثي .. باعث العرفان العملي
  • حسين الشيخ ينفي الاجتماع مع ويتكوف في الرياض
  • الجزائر تتهم الاتحاد الأوروبي بممارسة التضليل السياسي في قضية الكاتب بوعلام صنصال
  • صعدة: فعالية خطابية إحياءً لذكرى الشهيد القائد حسين بدر الدين الحوثي
  • هلاوس ترامب
  • كيف وصل مشروعُ الشهيد القائد السيد حسين بدر الدين الحوثي إلى العالمية؟
  • تصريح مثير لإصلاحي إيراني: الشعب ينظر لنتنياهو بطلاً ويكره فلسطين
  • ترامب: المصالح الأمريكية تدهورت خلال الفترة الماضية.. ولكن هذا الأمر انتهى
  • فؤاد حسين: لم نتلق أية تهديدات من ترامب وعلاقتنا مع بريطانية تاريخية