!يقدرون القراءة لكنهم لا يقرؤون
تاريخ النشر: 6th, November 2024 GMT
عجيب أمر أولئك الذين يعرفون أهمية القراءة، ويحترمون القرّاء، لكنهم لا يقرؤون. وتجد هذا الصنف من الناس، (أو بعضهم على الأقل)، يحاول ألا يعترف بأنه لا يقرأ قراءة حرة خارج دائرة عمله، أو دراسته، أو ما هو مفروض عليه عمومًا؛ وذلك بأن يسمع موجزًا عن كتاب صدر حديثًا، فيتحدث عنه في مجلس آخر، أو حتى قد يكتفي بقراءة ملخّصات عن الكتب، أو استعراضات لها، ثم يتحدث وكأنه قد قرأها.
هي إيجابية أن يتابع البعض أخبار الكتب والكتابة، أو أن يقرؤوا ملخصات لبعض الأعمال الأدبية، لكن المشكلة في الاكتفاء بذلك، وعَدِّه قراءة مكتملة الأركان.
وهناك صنف من الناس يحترم القراءة بصدق، ومن أعماق قلبه؛ لدرجة أنه حينما يسأله شخص ما عن هواياته، أو حينما يكتب سيرته الذاتية، فإن القراءة تكون في مقدمتها. وهو شعور يستبطن معرفة عميقة بأهمية القراءة، وبأن ذلك سوف يؤثر في مكانته في المجتمع، أو في قبوله في وظيفة جديدة.
ومن هؤلاء من يحاول التعويض عن عزوفه عن القراءة، بشراء الكتب، واكتنازها (كمن يكنزون الذهب والفضة)، وتجّميع الكتب في مكتبة كبيرة مرتبة وأنيقة نادرًا ما يدخلها، وإن دخلها، فلا يقرأ منها شيئًا. وهو أمر يدل أيضًا على تفهّم لأهمية القراءة في الحياة.
وليس الحديث هنا هجومًا، أو انتقاصًا من هذه الأصناف من الناس، فمجرد حب الكتب وأهلها وقرائها، وكل ما يمتّ إليها بصلة، هو أمر حميد بحدّ ذاته، حتى لو لم تصاحبه قراءة؛ لكون ذلك يعزِّز من قيمة القراءة، والكتب في المجتمع، بدل إعلاء قيَّم الأمور التافهة، وغير المهمة. ولو أن هؤلاء خَطَوا خطوة واحدة إضافية، زيادة على ما يقومون به؛ وهي قراءة صفحة واحدة أوإثنتين فقط كل يوم، لكانت النتيجة رائعة بمرور الشهور والسنين، خاصة إذا صاحَبَتها زيادة طفيفة في عدد الصفحات في كل فترة زمنية، متى ما وجد القارئ في نفسه رغبة في ذلك.
وليت شعري، لو أن هؤلاء الذين يحترمون القراءة، بدؤوا بالقراءة دون تردُّد، ودون تأجيل، فهل يمكن أن يؤدي ذلك إلى زيادة تقديرهم لأنفسهم، لما يساهم ذلك فيه، من إضفاء شعور لديهم، بتحقيق إنجاز معرفي هام، يدفعهم نحو مزيد من العطاء والتقدم؟
yousefalhasan@
المصدر: صحيفة البلاد
إقرأ أيضاً:
جمال السويدي: الكتب مصدر إلهام وأداة للنقاش الفكري
هزاع أبوالريش (أبوظبي)
أخبار ذات صلةصدرت في السنوات القليلة الماضية ثلاثة كتب قيّمة للمفكر معالي الأستاذ الدكتور جمال سند السويدي، نائب رئيس مجلس أمناء مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية، أحدثت صدى واسعاً في المنطقة العربية والعالم.
وفي حديثه إلى «الاتحاد»، يتناول هذه الإصدارات ويضيء على مضامينها، وهي حسب ترتيب الصدور: كتاب «وثيقة الأخوة الإنسانية نحو تعايش سلمي وعالم خالٍ من الصراعات»، والذي تُرجم إلى اللغات: الإنجليزية والفرنسية والإسبانية، وكتاب «صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان.. إضاءات في مسيرة رجل الإنسانية»، والذي تُرجم إلى اللغات: الإنجليزية والفرنسية والإسبانية والهندية والصينية، وأخيراً: كتاب «الهوية الوطنية في دولة الإمارات العربية المتحدة.. بين خصوصية الثوابت والقيم وعالمية المعايير»، والذي صدر باللغتين العربية والإنجليزية، كذلك يتطرق في حديثه إلى كتابه الجديد المرتقب صدوره عن «الرحم الاصطناعي»، وحول مشاريعه البحثية المقبلة.
قضايا محورية
في بداية الحديث، يقول معالي الأستاذ الدكتور جمال سند السويدي: بالنسبة لردود الفعل حول إصداراتي الأخيرة، فقد تلقيت ردود فعل متنوعة وغنيّة تعبّر عن الاهتمام الكبير بالقضايا التي تناولتها الكتب الثلاثة، مثل التعايش والقيادة والهوية، والتي تُعد قضايا محورية لفهم التحديات، التي تواجه مجتمعاتنا المعاصرة. وأثارَ كتابي «صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان.. إضاءات في مسيرة رجل الإنسانية»، لديَّ أعز وأسمى وأنبل الذكريات، وخلق نقاشات واسعة حول سمات صاحب السمو رئيس الدولة، حفظه الله، كقائد ملهم، له دور محوري في تحقيق التنمية المستدامة والريادة العالمية للدولة في جميع المجالات. كذلك أبدى القراء والباحثون في الداخل والخارج اهتماماً بالغاً بمضامين الكتب، وأسعدني أنها مصدر إلهام، وأداة للنقاش الفكري والنقد البنَّاء، وهو ما يعزّز إيماني بدور الفكر في إحداث تأثير إيجابي ومستدام.
الهوية الوطنية
ويضيف الدكتور جمال سند السويدي: حاولت في كتاب «الهوية الوطنية» التنبيه إلى أهمية تمسك الفرد بهويته الوطنية، في ظل ما نعيشه من تقدم رقمي وتكنولوجي هائل، وحرصت على توضيح كيف يمكن أن تتطور لتواكب التطورات العالمية والداخلية، دون الإخلال بالثوابت، والقيم المتأصلة التي يجب توافرها في جميع المجتمعات، وترتبط الهوية الوطنية في دولة الإمارات العربية المتحدة، بمجموعة من القيم والمعتقدات والتقاليد الاجتماعية والثقافية الموروثة والمتوارثة، وعلى رأسها الارتباط باللغة العربية والدين، التي تعطي لها تميّزها. ولا تغيب عن ذهني أبداً مقولة صاحب السمو رئيس الدولة «حفظه الله»: «سيبقى تاريخنا وهويتنا وموروثنا الثقافي جزءاً أساسياً في خططنا للمستقبل»، حيث تلعب القيادة الرشيدة دوراً أصيلاً وقوياً في تعزيز الهوية الوطنية، من خلال صون قيم وتقاليد المجتمع وتدشين مشروعات الهوية الوطنية وتطوير التعليم.
دور الفكر والمعرفة
وأما عن مدى تأثير الإصدارات الأخيرة على صياغة السياسات المستقبلية في المنطقة، فيشير د. السويدي إلى أن تسليط الضوء على هذه القضايا يعكس دور الفكر والمعرفة في صياغة السياسات المستقبلية في المنطقة، وهذه الإصدارات تطرح رؤية تحليلية عميقة للقضايا المعقَّدة، التي تواجه مجتمعاتنا، مع تقديم إضاءات على ما يمكن أن يُسهم في تعزيز التفاهم الإقليمي والدولي، والمستقبل يعتمد على قدرة الدول على استيعاب هذه الرؤى وترجمتها إلى سياسات عملية، مع تأكيد أن هذه القضايا تواجه تحديات مستمرة، تتطلب انتباه صناع القرار والاستعداد لها.
إصدار جديد
اختتم معالي الأستاذ الدكتور جمال سند السويدي حديثه بقوله: إنني بصدد طباعة إصداري الجديد، بعنوان: «الرحم الاصطناعي.. الاستعداد لما بعد التكاثر البشري»، ويأتي في سياق اهتمام مشروع بحثي أوسع، يهتم بدراسة الأبعاد السياسية والاجتماعية والأخلاقية للثورات العلمية والتكنولوجية المتلاحقة، والتي من المتوقع تسارعها مع دخول البشرية في مرحلة الذكاء الاصطناعي، ويبحث كتاب «الرحم الاصطناعي» المفهوم ومراحل التطور والآفاق المستقبلية، والتأثيرات المتوقعة، والقضايا القانونية والإنسانية والأخلاقية التي يثيرها.