السياسة والذكاء الاصطناعي
قطار الذكاء الاصطناعي انطلق ولا يمكن لأحد إيقافه ومن يرفض الدخول فيه سيكون وضعه كمن كان يرفض التعلم قبل نصف قرن
ونحن نستعد لامتحانات الحصول على درجة الدكتوراه في العلاقات الدولية؛ التخصص الذي يعتقده البعض أنه بعيد جداً عن التكنولوجيا وضعنا في اعتبارنا إمكانية أن تكون أحد الأسئلة التي يمكن أن تأتي في الاختبار يدور حول تأثير الذكاء الاصطناعي على العلاقات الدولية خاصة بعدما غيرت هذه التكنولوجيا ديناميات القوة داخل النظام الدولي وأصبحت مخرجات الذكاء الاصطناعي واحدة من أدوات تمكين القوة،بل يمكن القول إنها حلت محل القوة النووية.
هذا النقاش فتح المجال حول مستقبل علم الذكاء الاصطناعي في المجتمعات الإنسانية حيث تبين المؤشرات أنه سيغزو جميع المجالات الحياتية خاصة تلك التي يتم فيها التعامل اليومي طالما أن الأمر وصل إلى تخصص يعتبر أنه علم نخبوي يقتصر على مجموعة من الناس وكذلك يعتمد بشكل أساسي على الجوانب النظرية والفلسفية ومع ذلك لم يسلم من التأثير ودمجه في الذكاء الاصطناعي وبالتالي وجب على الجميع الاستعداد للمستقبل لتقليل المخاطر.
وحيث التخصص، يُنظر إلى علم السياسة بمجالاته الثلاث “العلاقات الدولية، والنظرية السياسية، ونظم سياسية” أنه يتسم بالانفتاح على التخصصات الأخرى، بل ويتفاعل معها ويؤثر فيها كما أنه يتأثر هو كذلك لسببين مهمين.
السبب الأول: أنه يعتمد على أغلب المناهج المستخدمة في العلوم الأخرى في تفسير الظواهر السياسية، بما فيها المناهج الخاصة بالعلوم التطبيقية والرياضيات فهو يدرس تأثر الاقتصاد على العلاقات الدولية.
والسبب الثاني: أن علم السياسة لديه القدرة على التكيف مع العلوم الجديدة فهناك نظريات في العلاقات الدولية حول المناخ والبيئة تعرف بالنظرية الخضراء، وهناك نظرية تبين تأثير “الترفيه”في العلاقات الدولية وهي نظرية “القوة الناعمة”.
كما يقودنا هذا النقاش إلى تذكر معيار تعريف من هو “الإنسان الأمي” أي الذي لا يقرأ ولا يكتب، ففي منتصف التسعينيات من القرن الماضي ومع تصاعد ظاهرة استخدام أجهزة الكمبيوتر في العمل كان الجميع يردد بأن معيار تصنيف مصطلح الأمي ليس من لا يجيد القراءة والكتابة كما كان في السبعينات من القرن الماضي وإنما الأمي هو من لا يجيد استخدام مبادئ الأساسية للكمبيوتر، ولكن في يومنا أعتقد هو من لا يجيد استخدام الذكاء الاصطناعي أو على الأقل غير ملم بمبادئ هذا العلم.
بعضنا اعتقد “أنا واحد منهم” أن تأثير الذكاء الاصطناعي في تطوير الحياة الشخصية للفرد وتسهيل إنهاء الإجراءات الإدارية فقط، ولكن أن ينتقل العمل بهذا الداخل الجديد في العلاقات الدولية فإن الأمر يطرح مخاوف ليس في تدمير العالم وإنما الأهم من ذلك أنه سيخلق فجوة بين المجتمعات من حيث المعرفة كما هو الأمر في مسألة التعليم في السابق لهذا يكون من المهم جداً تزويد أفراد المجتمعات البشرية بهذا العلم الجديد.
الإمارات من الدول المهتمة كثيراً بملاحقة كل ما هو جديد في مجال المعرفة بشكل عام والمعرفة التكنولوجية أكثر لأن ذلك يعزز من المشاركة المستنيرة للأفراد في حماية أنفسهم من التحديات المتعلقة به وكذلك في استخدامها في العمل الوظيفي لذلك هناك مبادرات مجتمعية لنشر ثقافة الأمن السيبراني.
هناك مداخلة للأستاذ عبدالعزيز المعمري، أستاذ الإعلام في جامعة محمد بن زايد على قناة دبي في برنامج “رواق الفكر” حول مستقبل الإعلام في عصر الذكاء الاصطناعي عندما أكد على أنه واقع ويجب التعامل والتكيف معه وفق هذا المنطق لتقليل حجم الخسائر مستقبلاً.
قطار الذكاء الاصطناعي انطلق ولا يمكن لأحد إيقافه ومن يرفض الدخول فيه يؤخر وقت الاندماج فيه وهذا له ثمنه وسيكون وضعه كمن كان يرفض التعلم قبل نصف قرن حيث تأخر في مواكبة تحول المجتمعات في العالم.
المصدر: جريدة الوطن
كلمات دلالية: فی العلاقات الدولیة الذکاء الاصطناعی
إقرأ أيضاً:
رغم تفوقه في البرمجة.. نماذج الذكاء الاصطناعي تخفق في التاريخ
على الرغم من تميز الذكاء الاصطناعي في بعض المهام مثل البرمجة أو إنشاء البودكاست، إلا أنه يُظهر ضعفًا واضحًا في اجتياز اختبارات التاريخ المتقدمة، وفقًا لدراسة حديثة.
GPT-4 وLlama وGemini: نماذج لغوية فشلت في تقديم إجابات دقيقة
قام فريق من الباحثين بتطوير معيار جديد لاختبار ثلاث نماذج لغوية ضخمة رائدة: "GPT-4" من أوبن إي آي، و"Llama" من ميتا، و"Gemini" من جوجل، في الإجابة عن أسئلة تاريخية. يعتمد هذا المعيار، المعروف باسم "Hist-LLM"، على قاعدة بيانات التاريخ العالمي "Seshat"، وهي قاعدة بيانات شاملة للمعرفة التاريخية.
النتائج التي تم تقديمها الشهر الماضي في مؤتمر "NeurIPS" المرموق، كانت مخيبة للآمال. حيث حقق أفضل نموذج، وهو "GPT-4 Turbo"، دقة بلغت حوالي 46% فقط، وهي نسبة بالكاد تفوق التخمين العشوائي.
اقرأ أيضاً.. هل يتفوق "O3" على البشر؟ قفزة جديدة تُعيد تعريف الذكاء الاصطناعي
وأوضحت "ماريا ديل ريو-تشانونا"، إحدى المشاركات في الدراسة وأستاذة علوم الحاسوب في جامعة كوليدج لندن: "الاستنتاج الأساسي من هذه الدراسة هو أن النماذج اللغوية الكبيرة، رغم إمكانياتها المذهلة، لا تزال تفتقر إلى الفهم العميق المطلوب للتعامل مع استفسارات تاريخية متقدمة. يمكنها التعامل مع الحقائق الأساسية، ولكن عندما يتعلق الأمر بالتحليل العميق على مستوى الدكتوراه، فهي غير قادرة على الأداء المطلوب بعد".
القصور في الفهم العميق
من الأمثلة التي فشل فيها النموذج، سؤال عن استخدام الدروع القشرية في فترة معينة من مصر القديمة. أجاب "GPT-4 Turbo" بنعم، بينما الحقيقة أن هذه التقنية لم تظهر في مصر إلا بعد 1500 عام.
يرجع هذا القصور، وفقًا للباحثين، إلى اعتماد النماذج على بيانات تاريخية بارزة، مما يصعّب عليها استرجاع المعلومات النادرة أو الأقل شهرة.
كما أشار الباحثون إلى وجود أداء أضعف للنماذج في مناطق معينة، مثل إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، مما يبرز التحيزات المحتملة في بيانات التدريب.
اقرأ أيضاً.. الذكاء الاصطناعي يفك شيفرة أصوات الطيور المهاجرة
التحديات المستمرة
وأكد "بيتر تيرتشين"، قائد الدراسة وأستاذ بمعهد علوم التعقيد في النمسا، أن هذه النتائج تُظهر أن النماذج اللغوية لا تزال غير بديل عن البشر في مجالات معينة. ومع ذلك، يبقى الأمل في أن تسهم هذه النماذج في مساعدة المؤرخين مستقبلاً. يعمل الباحثون على تحسين المعيار بإضافة بيانات من مناطق غير ممثلة بشكل كافٍ وتضمين أسئلة أكثر تعقيدًا.
واختتمت الدراسة بالقول: "رغم أن نتائجنا تسلط الضوء على المجالات التي تحتاج إلى تحسين، إلا أنها تؤكد أيضًا الإمكانيات الواعدة لهذه النماذج في دعم البحث التاريخي".
المصدر: وكالات