بينما كان يستغرق في تفاصيل اللقطة التي أوشك على التقاطها أعادته تلك اللحظات إلى بدايات حياته كطفل تملكه شغف التصوير، ورافقته الكاميرا منذ أن كان في السابعة من عمره.

ولد محمد في مدينة الشحر بمحافظة حضرموت عام 2001، ونشأ في أسرة بسيطة تحب الفن والثقافة. كان والده يعمل في مكتبة عامة، وكان يأخذ محمد معه إلى العمل، حيث كان يستمتع بقراءة الكتب والمجلات، خاصة تلك التي تحتوي على صور جميلة ومعبرة.

في عيد ميلاده السابع، أهدته والدته كاميرا رقمية بسيطة، وكانت أجمل هدية حصل عليها في حياته، بدأ محمد في استخدام الكاميرا لتصوير كل شيء يلفت انتباهه: أصدقاءه، أسرته، حارته، طبيعته، كان يشعر بالسعادة عندما ينظر إلى الصور التي التقطها، وكأنه يروي قصصا صغيرة عن حياته.

في أحد الأيام، شاهد محمد إعلانا عن مسابقة لأفضل فيلم قصير، فأحضر أصدقاءه، وقرر أن يصور فيلما، عن قصة "الدينار" التي قرأها في إحدى المجلات.

استخدم محمد الكاميرا التي أهدتها له والدته، وأخذ دور المخرج والمصور في نفس الوقت، اختار زوايا التصوير بعناية، وأخضع المشاركين لبروفات مكثفة، استغرق تصوير الفيلم ثلاثة أيام، ثم قام بالمونتاج باستخدام برنامج بسيط على جهاز الكمبيوتر.

أرسل محمد فيلمه إلى المسابقة، وانتظر بفارغ الصبر نتائج التحكيم، لم يكن يتوقع أن يفوز بأي جائزة، فكان يشارك من باب المتعة والتجربة، لكن لحظات قبل إعلان الفائز، سمع اسمه كثالث فائز في المسابقة.

 كان هذا صدمة سارة لمحمد، الذي انطلق إلى المنصة بفرحة عارمة، واستلم جائزته، وهي كاميرا احترافية جديدة.

كانت هذه اللحظة بداية مشوار محمد في عالم التصوير الفني، فانضم إلى فرقة السنابل للدراما عام 2012، كمساعد مصور ثالث، تعلم خلالها من خبرات المصورين الأكبر منه سنا وخبرة، وحلم بأن يصبح مصورا محترفا يشارك في إنتاج أعمال درامية كبيرة، لكن الحظ لم يكن في صالحه، حتى وجد الفرصة لإثبات نفسه.

يقول محمد لنيوزيمن، في ذلك اليوم، غاب المصور الأساسي ومساعده عن التصوير لظروف خارجة عن إرادتهما، كان المخرج في حيرة من أمره، فلا بد من استكمال التصوير.

كان ينظر إلى الطفل الهاوي للتصوير، الذي كان يقف في زاوية الموقع، وهو يحمل الكاميرا بيديه بنظرات يغالبها الشك وكأنه يقول هل هو بالفعل قادر على تنفيذ هذا العمل.

وفي لحظة تفكير رأى في عينيه نور الطموح والثقة، وقرر المخرج أن يجازف، وسلم الكاميرا للطفل المبتدئ ذي الرابعة عشر عاما.

لم يخذل باقحوم ثقة المخرج. بل بدأ في اختيار زوايا التصوير ببراعة وإبداع، والتقط لقطات ممتازة تجسد المشهد بأفضل صورة.

كان عملا مبهرا يروي "باقحوم" لنيوزيمن لحظات الثناء التي حصل عليها، وأثبت أنه مصور موهوب وجدير بالثقة، ومن تلك اللحظة انطلقت نجوميته في سماء التصوير، وأصبح المصور الأول لفرقة السنابل.

ولم يتوقف عن التطور والتعلم بل واصل في صقل مهاراته، وشارك في تصوير عدة أفلام قصيرة وطويلة مع فرقة السنابل، ولاحقا انضم إلى فريق الفنان والمخرج الشهير زيدون العبيدي، الذي اكتشف موهبته وساهم في بروزها وتألقها. 

كان للعبيدي دور كبير في تشجيع الطفل الموهوب، إلهامه وتوجيهه ووضعه تحت إشرافه، فأبدع محمد في تصوير ثلاثة مسلسلات درامية، هي العالية، خارج التغطية، ودنيا العجب.

ولم يكن هذا كل شيء، فقد حالف الحظ باقحوم بأن يلتقي بالمخرج الكبير ومجدد الدراما اليمنية فلاح الجبوري، الذي اختاره ليكون مصورا في مسلسل "الحجل والزفين"، و كانت هذه فرصة ذهبية لباقحوم للتعرف على أسرار التصوير والإضاءة من خلال التعامل مع المخرج الأسطورة. 

في عام 2022م، شارك محمد باقحوم في تصوير مسلسل العاصفة الذي جمعه بالخبير السوري جعفر البيطار، أحد أشهر المصورين في الوطن العربي، فتعلم  الشاب اليمني من خبرة البيطار، ونال منه لقب مدير تصوير، وهو أعلى منصب في هذا المجال.

قصة محمد باقحوم هي قصة نجاح ملهِمة، تروي كيف استطاع شاب يمني أن يحقق حلمه بالتصوير رغم صغر سنه وضعف إمكانياته، من خلال الإصرار والجد والإبداع، فأصبح محمد اليوم عين الكاميرا المبهرة التي تنقل لنا جمال الدراما وروعة الفن.

المصدر: نيوزيمن

كلمات دلالية: محمد فی

إقرأ أيضاً:

رئيس الدولة يستقبل الداعمين والشركاء في مبادرة «صندوق البدايات» التي أطلقتها مؤسسة محمد بن زايد للأثر الإنساني

استقبل صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة «حفظه الله»، اليوم الداعمين والشركاء في مبادرة «صندوق البدايات» لتحسين صحة الأمهات والمواليد الجدد وتقليل نسبة الوفيات بينهم في أفريقيا، والتي أطلقتها مؤسسة محمد بن زايد للأثر الإنساني بالتعاون مع شركائها.
وشكر صاحب السمو رئيس الدولة، خلال اللقاء، الذي جرى في قصر البحر بأبوظبي، الداعمين والمشاركين في المبادرة مشيراً سموه إلى أنها تأتي في إطار نهج دولة الإمارات الداعم للصحة في أفريقيا من منطلق إيمانها بمحورية موقع الصحة ضمن منظومات التنمية في المجتمعات، مؤكداً سموه أن الدولة حريصة على التعاون مع شركائها في تعزيز الصحة ومواجهة الأمراض في العالم. 
وكانت مؤسسة محمد بن زايد للأثر الإنساني، التي تتبع مؤسسة إرث زايد الإنساني ويرأس مجلس أمنائها سمو الشيخ ذياب بن محمد بن زايد آل نهيان نائب رئيس ديوان الرئاسة للشؤون التنموية وأسر الشهداء، قد أطلقت المبادرة خلال فعالية أُقيمت في مستشفى كند في مدينة العين، فيما أعلنت مؤسسة محمد بن زايد للأثر الإنساني تقديمها دعماً مالياً بقيمة 125 مليون دولار للصندوق والمبادرات الداعمة له.

أخبار ذات صلة رئيس الدولة يستقبل المشاركين في مؤتمر العلوم السلوكية العالمي رئيس الدولة يستقبل ولي عهد دبي والنائب الأول للحاكم المصدر: وام

مقالات مشابهة

  • كأنها تجسّد روح إلهة قديمة.. مصور كندي يسلط الضوء على حارسة معبد دندرة في مصر
  • أول تعليق من مصصم أزياء فستان ليلى زاهر
  • المجد للبندقية التي حرست المواطن ليعود الى بيته الذي كانت قحت تبرر للجنجويد احتلاله
  • رئيس الدولة يستقبل الداعمين والشركاء في مبادرة «صندوق البدايات» التي أطلقتها مؤسسة محمد بن زايد للأثر الإنساني
  • الملاكم محمد علي وحرب فيتنام: البطل الذي رفض التجنيد فعوقب على مواقفه ثم انتصر
  • 5 مايو.. مجلس الدولة ينقل جميع مقار إدارات ولجان الفتوى للمقر الجديد بمدينة نصر
  • الماضي الذي يأسرنا والبحار التي فرقتنا تجربة مُزنة المسافر السينمائية
  • محمد الصاوي: عمري ما فكرت أعتزل الفن لأي سبب مهما حصل وتخرجت من كلية التجارة
  • محمد الصاوي يرد على انتقاد «إش إش»: شوفوا العمل قبل الحكم عليه
  • في ذكرى ميلاده.. نور الشريف “الأستاذ” الذي كتب اسمه في تاريخ الفن بحروف من نور (تقرير)