الانتخابات الأمريكية .. واقعية الوعود وقطار التطبيع
تاريخ النشر: 5th, November 2024 GMT
يتطلع العالم إلى نتائج الانتخابات الأمريكية والتي بدأت فـي 50 ولاية منذ أيام خلال الاقتراع التمهيدي أو أمس الثلاثاء، وتتواصل من خلال حسم الفوز، إما للمرشح الجمهوري دونالد ترامب أو كامالا هاريس مرشحة الحزب الديمقراطي وسط تقارب كبير حسب استطلاعات الرأي. وسيكون الحسم فـي فوز أحد المرشحين هو موقف الولايات الست المتأرجحة والتي عادة ما تحسم الانتخابات الأمريكية خلال العقود الأخيرة ولايات بنسلفانيا وميتشجن ونيفادا وجورجيا ونورث كارولينا وإريزونا كما أن هناك متغيرا مهما قد يحسم السباق الانتخابي إما لترامب أو هاريس وهو العدوان الإسرائيلي الغاشم على قطاعي غزة ولبنان.
الحملات الانتخابية التي تابعها العالم تركز على قضايا الداخل خاصة قضايا الهجرة والاقتصاد والضرائب والإجهاض حيث تتباين برامج المرشحين تبعا لفكر كلا الحزبين، الديمقراطي الذي يعد الحزب الأكثر ليبرالية، والجمهوري والذي يعد أكثر محافظة، ومن هنا تبرز أهمية القضايا الداخلية خاصة الوعود لملايين الناخبين، وهي وعود تنتهي واقعيا بانتهاء الانتخابات الأمريكية من خلال وصول الرئيس الأمريكي الجديد وتنتظره فـي البيت الأبيض قضايا داخلية خارجية معقدة. وعلى ضوء ذلك فإن الوعود الانتخابية لا تعكس الواقع ولكن تعد جزءا من إستراتيجية الحملات الانتخابية التي تهدف إلى كسب أصوات الناخبين خاصة فـي الولايات المتأرجحة والتي تعد مثار جدل كبير، ويبذل فـيها المرشحان الجهد الأكبر من خلال زيارات انتخابية متكررة. أما فـيما يخص الولايات التقليدية لكل حزب فهي معروفة بالولاء للحزب الجمهوري أو الحزب الديمقراطي. ومن هنا فإن نتائج معظم الولايات ذات الولاء الحزبي لن تحسم الانتخابات اليوم أو حتى غدًا إلا إذا حدث اختراق كبير وفاز أحد المرشحين بالولايات الست المتأرجحة أو معظمها وهذا أمر صعب حيث إن نتائج الانتخابات لعام ٢٠٢٠ والتي فاز فـيها الرئيس الحالي بايدن حسمت بعشرات الآلاف من الأصوات فـي بنسلفانيا وجورجيا وإريزونا. المرشح ترامب يتحدث عن ضرورة وقف الصراعات والحروب فـي الشرق الأوسط ومع ذلك فإن الوصول إلى هذه النتيجة تعتمد على الإسراع فـي قطار التطبيع والذي كان هو وفريقه برئاسة كوشنر قد نجح فـي تطبيع عدد من الدول العربية مع الكيان الإسرائيلي. ومن هنا فإن مسألة إيجاد صيغة توافقية تربط بين قطار التطبيع وإقامة الدولة الفلسطينية هو أمر مستبعد، حيث إن ترامب قد أضر بالقضية الفلسطينية بشكل كبير من خلال الاعتراف بالقدس عاصمة أبدية للكيان الإسرائيلي، وهو الأمر الذي لم يقدم عليه أي رئيس أمريكي. كما اعترف بالجولان كجزء من أراضي الكيان الإسرائيلي. ومن هنا فإن ترامب مهتم بالاقتصاد والحصول على الأموال من الدول الغنية وحتى من أوروبا لإنعاش الاقتصاد الأمريكي، كما أن ترامب وفـي حال فوزه سيكون متحررا من أي ضغوط شعبية لأنها ستكون الفترة الأخيرة فـي البيت الأبيض. قد يكون الخاسر الأكبر فـي حال فوز ترامب هو أوكرانيا من خلال وقف الدعم العسكري والاقتصادي والاستخباراتي مما يجعل من توقف الحرب عملية حتمية، إما وقف الحرب فـي قطاع غزة ولبنان قد يحدث ولكن فـي إطار صفقة كبيرة لصالح الكيان الإسرائيلي من خلال تواصل قطار التطبيع ومزيد من المساعدات الأمريكية للكيان الإسرائيلي لتعويض الخسائر فـي الحرب. ومن هنا فإن وعود ترامب هي استعراضية أكثر مما هي واقعية والخطابات الانتخابية شيء والواقع داخل البيت الأبيض شيء آخر. المرشحة الديمقراطية كامالا هاريس، وهي من أصول إفريقية وهندية، قد تكون لديها فرصة مهمة لإيجاد سياسة خارجية متوازنة للولايات المتحدة الأمريكية، رغم أن الدعم للكيان الإسرائيلي هو من ثوابت السياسة الخارجية الأمريكية، ولكن نحن هنا نتحدث عن آليات جديدة للدفع بوقف الحرب فـي قطاع غزة ولبنان وأيضا الدفع بقضية حل الدولتين باعتباره الإطار الأفضل للسلام والاستقرار فـي منطقة الشرق الأوسط، وإن الحرب لن تجدي وتضر الكيان الإسرائيلي بشكل كبير أخلاقيا وقانونيا وتجعل الكيان الإسرائيلي منبوذا فـي المجتمع الدولي والعالم كما هو الحال الآن. هاريس وحتى بايدن قبل مغادرته البيت الأبيض قد يتخذ قرارات تنهي الحرب على اعتبار أنه تحرر من الضغوط الكبيرة من القوى فـي الكونجرس التي تؤيد الكيان الإسرائيلي ويعطي بذلك هاريس فـي حال فوزها مساحة إيجابية من التحرك الدبلوماسي الجديد لإضفاء لمسة جديدة من الأمل لشعوب المنطقة بعد اشتعال الحروب والصراعات إلى مستوى خطير كاد أن يؤدي إلى حرب شاملة فـي المنطقة والعالم. إذن فإن نتائج الانتخابات الأمريكية ستكون حاسمه للأربع سنوات القادمة ورغم أن قضايا الداخل الأمريكي تتصدر المشهد الانتخابي لكن العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة ولبنان كان له مساحة كبيرة بين الناخبين الأمريكيين حيث المظاهرات الطلابية فـي الجامعات الأمريكية علاوة على أهمية استقطاب أصوات الأمريكيين من أصول عربية وإسلامية خاصة فـي ولاية ميتشجن وجورجيا وأيضا أصوات الأمريكيين من أصول إفريقية علاوة على أهمية الصوت الأمريكي من أصول لاتينية خاصة فـي ولاية فلوريدا المتأرجحة. تعد الانتخابات الأمريكية هي من أكثر الانتخابات إثارة فـي العالم لعوامل تعود إلى التركيبة السياسية ونظام المجمع الانتخابي وجماعات الضغط والمال السياسي الذي يصرف على الحملات الانتخابية والذي يقدر بالمليارات، وكون الولايات المتحدة الأمريكية وما يحدث فـيها من متغيرات يؤثر على العالم اقتصادا وسياسة، وحتى تنجح القوى الدولية فـي إيجاد بديل للنظام القطبي الأوحد ستظل الولايات المتحدة الأمريكية مهيمنة على القرار السياسي الدولي وهو أمر أضر بمصالح العالم والتوازن السياسي المطلوب. كما أن الانحياز الأمريكي تجاه الكيان الإسرائيلي جعل الولايات المتحدة الأمريكية تفقد مصداقيتها من خلال الانحياز وجعل عدد من القوى الكبرى خاصة روسيا الاتحادية والصين والبرازيل وإيران والآخرون من خلال مجموعة بريكس أن تحاول إيجاد عالم متعدد الأقطاب والأمم المتحدة نفسها بحاجة ماسة إلى هذا التوازن الدولي بعيدا عن الهيمنة الأمريكية. وخلال الساعات والأيام القليلة القادمة سوف يتابع العالم عبر شبكات التلفزة العالمية نتائج تلك الانتخابات الأمريكية المثيرة والتي يبدو أنها متقاربة إلى حد كبير وقد تحدث إشكالات قانونية وعنف إذا خسر المرشح الجمهوري ترامب الانتخابات الحاسمة. كما أن هناك انتخابات الكونجرس والتي تعد من الأحداث المهمة على صعيد توازن السلطات فـي منظومة الدولة الأمريكية. |
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: الانتخابات الأمریکیة الکیان الإسرائیلی المتحدة الأمریکیة البیت الأبیض غزة ولبنان من أصول من خلال کما أن
إقرأ أيضاً:
سر «الكاب الأحمر».. ارتداه ترامب في الانتخابات الأمريكية مزينا بشعار حملته
خلال إدلاء المرشح الرئاسي دونالد ترامب، بصوته في الانتخابات الأمريكية، ظهر مرتديًا «كاب» باللون الأحمر زُين بشعار حملته الانتخابية، كما ظهر بـ«الكاب» ذاته مؤيدوه لحظة استقباله، وما لفت أنظار متابعي الانتخابات الأمريكية، أن «ترامب» ظهر بذلك «الكاب» في الانتخابات السابقة التي فاز بها، فهل يصبح تميمة حظه للفوز مرة أخرى.
شعار حملة ترامب«اجعلوا أمريكا عظيمة مرة أخرى» شعار المرشح الرئاسي دونالد ترامب، وكتبها على «الكاب» الذي اعتبره رفيقه طوال حملته الانتخابية، وتبعه مؤيدوه في مختلف الولايات بارتدائه عند استقباله وعند الإدلاء بأصواتهم، خاصة أن البعض منهم اعتبره تميمة حظ، بعد ظهوره به عند الفوز بالانتخابات الأمريكية السابقة عام 2016.
«الكاب» كان ضمن وسائل دونالد ترامب في الترويج لحملته الانتخابية، سواء السابقة أو الحالية، وحرص على ارتدائه أغلب الوقت خلال حملته، وارتداه مؤيدوه بالتبعية، وفق ما نشره موقع «إنترناشيونال بيزنس تايمز» الأمريكي، مشيرًا إلى أن «الكاب» أصبح رمزا لـ«ترامب»، ثم تحول إلى جزء من شخصيته.
سر ارتداء الكاب خلال الانتخابات الأمريكيةارتداء «الكاب» خلال الحملات الانتخابية سواء السابقة أو الحالية، لم يكن صدفة، إذ استخدمه لإرسال رسالة للناخبين بأنه واحدًا منهم، «أنا واحد منكم.. واهتم كثيرا لأمركم»، وذلك نوع من محاولة كسب أصواتهم للفوز في الانتخابات الأمريكية، المقرر أن تحسم خلال الساعات المقبلة.