انطلقت الانتخابات الأمريكية أمس الثلاثاء، الانتخابات شرسة جدًا، لا يستطيع أحد التكهن بنتيجتها، كانت كفة دونالد ترامب راجحة جدًا فى مواجهة الرئيس الحالى جو بايدن، ولكن الانسحاب التكتيكى الذى نظمه الحزب الديمقراطى بسحب بايدن والدفع بنائبته كامالا هاريس أعاد الحزب الديمقراطى للساحة بعنف شديد، وبعدما كنا نتوقع فوز ترامب باكتساح فى مواجهة بايدن أصبح التعادل فى الفرص هو النتيجة المتوقعة حاليًا بين المرشحين ترامب وهاريس.
كلا المرشحين يمثلان مصالح مشتركة وليست متناقضة، ولذلك تبدو المعركة شرسة بينهما، ففى السياسة الأمريكية لا توجد خلافات أيديولوجية واضحة، ولكن توجد مواقف فيها انحياز لمصالح فئة على حساب فئة أخرى.
قبل دخول هاريس للمضمار كانت كل المؤشرات التى أعقبت محاولة اغتيال الرئيس الأمريكى السابق والمرشح الرئاسى الحالى دونالد ترامب، تميل إلى أن ترامب سيصبح رئيسًا من جديد.
الإشارة الأولى هى حصول ترامب على الأصوات الكافية ليصبح -رسميًا- مرشح الحزب الجمهورى فى الانتخابات الرئاسية، حيث وضعه وفد ولاية فلوريدا فى المقدمة.
الإشارة الثانية هى حصول ترامب على حكم قضائى لصالحه برفض دعوى خاصة بقضية الوثائق السرية المرفوعة ضده، وهذا الحكم قضى على أحد أهم التحديات القانونية الرئيسية التى كانت تواجه الرئيس السابق فى سباقه الرئاسى.
الإشارة الثالثة جاءت من تصريحات مباشرة من الرئيس الأمريكى الحالى جو بايدن الذى قال معلقًا على تصريحاته السابقة بشأن ضرورة وضع الرئيس السابق دونالد ترامب فى بؤرة الهدف، بإنه كان تصريحًا خاطئًا، وهو تراجع كبير من الرئيس الأمريكى جو بايدن الذى بدا أنه قد ترنح نتيجة الرصاصة التى أطلقت على ترامب وليس العكس.
إذن.. الرصاصة التى أخطأت رأس ترامب.. وأصابت أذنه.. هى فى الواقع أصابت حملة الرئيس الأمريكى جو بايدن فى مقتل.. فاهتزت الحملة نتيجة تعاطف الشعب الأمريكى مع ترامب، الذى قام بلفت الأنظار نحوه لحظة إنزاله بواسطة حراسه من فوق منصة اللقاء الانتخابى الذى شهد محاولة اغتياله، عندما أشار بقبضة يده لمؤيديه، وكأنه يربط ما بين محاولة الاغتيال وكونه مرشحًا قويًا تعرض للإقصاء بمحاولة قتله.
ومن الواضح أن هناك عناصر مؤثرة فى الحزب الديمقراطى قررت إدارة الانتخابات فى مواجهة ترامب والحزب الجمهورى دون استئذان من أحد.. وهذه العناصر تمثل الدولة العميقة أو رجال السلطة والسياسة والحكم (التى تنتمى للحزب الديمقراطى) وهى بالمناسبة عناصر يوجد ما يوازيها فى الحزب الجمهورى، وهو صراع داخلى مستمر منذ مائتى عام فى الولايات المتحدة، صراع يصنع التنافسية بين الحزبين الرئيسيين، ولا يخالف أحدهما الاتفاق الضمنى بالمنافسة الشفافة فى مواجهة الآخر، وقد حدث فى قضية «ووتر جيت» التى قام فيها الحزب الجمهورى بالتجسس على الحزب الديمقراطى أن تقدم الرئيس الجمهورى ريتشارد نيكسون باستقالته بعدما كشف الصحفى «بوب ودورد» الفضيحة التى هزت الرأى العام لسنوات.
إذن.. هى قواعد لا خلاف عليها، ولا تجاوز فيها.. فلا بد من المنافسة.. ولذلك تم فرض «كامالا هاريس» كمرشحة عن الحزب، باعتبارها الأنسب لمواجهة «ترامب» الذى يستخدم عبارات يمكن وصفها بالوقحة ضد منافسيه، فهو رجل لا يمكن السيطرة على انفعالاته، وهو أيضًا كما وصفه كبير موظفى البيت الأبيض السابق جون كيلى -طبقًا لما ذكره الصحفى بوب ودورد فى إحدى كتبه -فإن (ترامب بمثابة «معتوه» و«أحمق» ومن غير المجدى محاولة إقناعه بأى شيء.. لقد انحرف عن السكة.. نحن فى عالم مجنون).
هذه هى استراتيجية الحزب الديمقراطى التى خاض بها معركة فرض هاريس رئيسة للولايات المتحدة.. الاستراتيجية تتمثل فى إقناع الناخب أن ترامب رجلٌ مُختل.. وأن الولايات المتحدة لن تعرف طريقها معه.. فكانت مهمة فريق إدارة الانتخابات بالحزب الديمقراطى مهمة تحويلية.. بمعنى أن الهدف كان تغيير نظرة الناخب وانطباعاته السلبية عن مرشح الحزب الديمقراطى المُعتذر جو بايدن (مثل كونه فى حالة صحية تؤدى إلى الخرف والزهايمر وعدم التركيز) إلى أمر إيجابى فى المرشحة كامالا هاريس باعتبارها أصغر سنًا وأكثر تركيزًا وقدرة على الأداء السياسى والإدارى.. أيضًا تحويل التعاطف الكبير الذى حصل عليه دونالد ترامب بعد محاولة اغتياله إلى المرشحة الديمقراطية هاريس.. فهى سيدة وأيضًا ملونة.. وقطعًا هجوم ترامب عليها بضراوة وصفاقة أكسبها تعاطفًا.. وهو ماأدى إلى نسيان الناخب لحادث اغتيال ترامب والتعاطف معه.. وتذكر الجميع أنه رجلٌ غير مهذب يهاجم سيدة.. وعنصرى يهاجم الملونين!!
انسحاب بايدن منح الحزب الديمقراطى قبلة الحياة.. وجعله منافسًا حقيقيًا للحزب الجمهورى.. ولترامب العنيف!!
فهل نقول بعد أيام (الرئيسة هاريس قالت.. والرئيسة هاريس عادت).. الانتخابات الأمريكية مجنونة مثل ترامب تمامًا.. وكل شىء جائز!!
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: نور الرئيسة هاريس الانتخابات الأمريكية دونالد ترامب الحزب الديمقراطي مواجهة بايدن الحزب الدیمقراطى الرئیس الأمریکى الحزب الجمهورى دونالد ترامب فى مواجهة جو بایدن
إقرأ أيضاً:
كامالا هاريس تترأس جلسة توثيق هزيمتها أمام ترامب
واشنطن- بعد 4 سنوات من اقتحام أنصار الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب مبنى الكونغرس لعرقلة التصديق على نتائج انتخابات 2020، ستترأس كامالا هاريس نائبة الرئيس الحالي جو بايدن فرز أصوات المجمع الانتخابي بصفتها رئيسة لمجلس الشيوخ.
وبعد شهرين بالضبط من خسارتها في سباق 2024 أمام ترامب، ستترأس هاريس جلسة التصديق على هزيمتها، وستقف على منبر رئيس مجلس النواب في خطوة أخيرة تعزز رسميا انتصار منافسها قبل أسبوعين من عودته إلى البيت الأبيض.
وخلال آخر ساعات أمس الأحد، أصدر مكتب هاريس بالبيت الأبيض جدول أعمالها، لليوم الاثنين، وجاء فيه، "في الساعة الواحدة مساء بالتوقيت الشرقي، ستترأس نائبة الرئيس جلسة مشتركة للكونغرس للتصديق على نتائج الانتخابات الرئاسية لعام 2024 في مبنى الكابيتول، وهي مفتوحة لوسائل الإعلام المعتمدة مسبقا".
"عدو الديمقراطية"خلال السنوات الماضية، نددت هاريس بترامب وهاجمته باعتباره "تهديدا خطيرا للديمقراطية الأميركية"، لكن مساعديها يصرون على أنها ستؤدي واجبها الدستوري والقانوني بجدية وعلى أكمل وجه.
ولن تكون هاريس أول نائب رئيس يخسر الانتخابات ويترأس فيها جلسة الكونغرس المشتركة لإحصاء أعضاء المجمع الانتخابي الذي منح الفوز للخصم، إذ سبق أن عانى ألبرت آل غور، نائب الرئيس الأسبق بيل كلينتون، من هذا الحرج عام 2001 بعد هزيمته أمام جورج بوش الابن. كما قام ريتشارد نيكسون، نائب الرئيس دوايت آيزنهاور، بالمهام نفسها سنة 1961 بعد هزيمته أمام جون كينيدي.
إعلانقانونيا، على الكونغرس التصديق رسميا في السادس من يناير/كانون الثاني الجاري على نتائج الانتخابات الرئاسية التي جرت في الخامس من نوفمبر/تشرين الثاني الماضي. وأكد رئيس مجلس النواب مايك جونسون أن "العاصفة الشتوية الثلجية الهائلة التي تتحرك عبر الولايات المتحدة لن تمنع الكونغرس من الاجتماع اليوم للتصديق رسميا على انتخاب الجمهوري دونالد ترامب رئيسا للبلاد".
ويُتوقع أن تتراكم الثلوج لتصل لارتفاع ما بين 7 إلى 18 سنتيمترا، مما يتسبب في صعوبة التنقل، وقد أعلنت أغلب المدارس والجامعات والمؤسسات الخاصة والشركات، والمكاتب الحكومية، إغلاق أبوابها.
سجل جنائي
وسيحصل ترامب، الذي نجا من محاولتي عزله خلال فترة ولايته الأولى، على مكانين في كتب التاريخ عندما يبدأ فترة ولايته الثانية يوم 20 يناير/كانون الثاني الحالي. وسيكون أول رئيس منذ غروفر كليفلاند يخدم فترتين غير متتاليتين، إذ ترك منصبه بعد هزيمته في انتخابات 2020، ويعود بعد 4 سنوات بعدما انتصر في انتخابات 2024.
وفاز ترامب بأصوات 312 من أعضاء المجمع الانتخابي، مقابل 226 صوتا لهاريس.
وسيصبح ترامب أول رئيس يبدأ مهام منصبه بسجل جنائي بعد إدانته في نيويورك، مايو/أيار الماضي، في 34 جناية في قضية دفع أموال لنجمة إباحية لمنعها من التحدث قبل انتخابات 2016. وقبل 4 سنوات، رفض الاعتراف بخسارته أمام بايدن، مدعيا أن انتخابات 2020 كانت "مشوبة بالتزوير على نطاق واسع".
وفي السادس من يناير/كانون الثاني 2021، وهو اليوم الذي كان من المقرر أن يصادق فيه الكونغرس على نتائج تلك الانتخابات، عقد ترامب تجمعا جماهيريا بجوار البيت الأبيض وحث الآلاف من أنصاره على السير في شارع بنسلفانيا إلى مبنى الكابيتول و"القتال مثل الجحيم".
واستجاب أنصاره مما سبب أول هجوم واسع على مقر حكومي أميركي منذ عقود طويلة. وفاز المدعون الفدراليون بإدانة أكثر من ألف شخص متورطين في الهجوم وتم سجن ما لا يقل عن 645 شخصا، وكان 145 آخرون يقضون عقوبة الحبس المنزلي، وفقا لوزارة العدل.
إعلانولم يوضح ترامب ما سيفعله، إلا أنه سبق وأعرب عن تعاطفه معهم خلال الحملة الانتخابية، وهاجم الأحكام الطويلة التي أدين بها كثير من المتهمين. ولم يؤكد إذا ما كان سيعفو عن نحو 1600 متهم، تمت إدانة ألف منهم بالفعل.
وسبق أن قال ترامب أمام تجمع حاشد بولاية ويسكونسن في سبتمبر/أيلول الماضي: "في اللحظة التي نفوز فيها، سنراجع بسرعة قضايا كل سجين سياسي وقع ضحية ظلم لنظام هاريس وبايدن، وسأوقع على عفوهم في اليوم الأول".
قدرة دستوريةوبالنسبة إلى ترامب، فإن "العفو عن المتهمين يرقى إلى الفصل الختامي من ملحمة السادس من يناير/كانون الثاني 2021″، كما يقول جوليان زيليزر أستاذ التاريخ في جامعة برينستون.
وأضاف زيليزر "لقد نجا ترامب من جميع الملاحقات القضائية، ومن التهديد الانتخابي الذي شكله ذلك على مستقبله وعلى مستقبل حركة ماغا. ثم فاز في إعادة انتخابه وباكتساح، وفاز بها بالتصويت الشعبي وبجميع الولايات المتأرجحة. العفو هو الخطوة الأخيرة في هذه الدائرة".
وأشارت افتتاحية صحيفة وول ستريت جورنال المحافظة، أمس الأحد، إلى أن ترامب "لا يستطيع تغيير ما حدث قبل 4 سنوات، عندما اقتحم حشد من أنصاره مبنى الكابيتول في محاولة مستحيلة لقلب خسارته في انتخابات 2020".
وبمجرد تنصيبه يوم 20 يناير/كانون الثاني الجاري، سيحصل ترامب على القدرة الدستورية لإصدار عفو واسع، وتخليص المشاركين في أعمال الشغب، التي راح ضحيتها 5 من رجال الشرطة وأصيب مئات آخرون، من العواقب القانونية.
وأضافت الصحيفة، المقربة من ترامب، أن فكرة العفو الرئاسي عن مرتكبي هذه الجرائم من شأنها أن تتناقض مع دعمه للقانون والنظام، وستبعث برسالة "مروعة" حول وجهة نظره بشأن مقبولية العنف السياسي الذي يتم نيابة عنه.