أعرب ماهر صافى، المحلل السياسى الفلسطينى، عن اعتقاده أن الانتخابات الرئاسية الأمريكية لن تغير كثيراً فى واقع المنطقة المشتعلة جراء الحروب المتعددة، خصوصاً الحرب على قطاع غزة، والمستمرة منذ أكثر من عام.

وأكد «صافى» فى حوار مع «الوطن» أن أى إدارة أمريكية ستتأثر بالسياسات الداخلية الإسرائيلية، وستظل داعمة لإسرائيل، سواء كانت من الجمهوريين أو الديمقراطيين، وتابع المحلل السياسى الفلسطينى أن أى إدارة أمريكية مقبلة، سواء ديمقراطية أو جمهورية، عليها التفكير بما يجب تغييره بعد نهاية حرب غزة، وكيفية جلب الأموال لإعادة إعمار القطاع ومؤسساته المدمرة، وفيما يلى تفاصيل الحوار.

فى ظل استمرار الحرب على غزة واشتعال الأوضاع بالمنطقة، هل ننتظر واقعاً جديداً بعد الانتخابات الأمريكية؟

- أستبعد تماماً تغيير سياسة الولايات المتحدة الأمريكية تجاه إسرائيل، أو تجاه القضية الفلسطينية، بل أرى أن الإدارة الأمريكية غير معنية بشأن القضية الفلسطينية فى فترة ما بعد حرب غزة، وذلك فى كل الحالات، سواء أعيد انتخاب الجمهورى دونالد ترامب رئيساً مرة أخرى، أو انتخاب الديمقراطية كامالا هاريس، وذلك على الرغم من أن فوز ترامب يعنى ضوءاً أخضر ودعماً مضاعفاً لإسرائيل لتفعل ما تشاء بالقضية الفلسطينية، فيما يبدو أن فوز منافسته كامالا هاريس بالانتخابات الحالية، التى تريد تجميل الصورة وتتحدث كثيراً عن إنهاء الحرب فى غزة وتهتم بالسلم العالمى لتجميل صورة أمريكا أمام العالم، لن تكون مؤثرة بالشكل الذى تحاول توضيحه للعالم خلال حملتها الانتخابية.

بشكل منفصل، كيف ترى تأثير فوز ترامب فى الانتخابات؟

- فوز دونالد ترامب يعنى دعماً إضافياً لإسرائيل، فهو من باع الأرض وقبض الثمن سلفاً مع جاريد كوشنر صهر ومستشار الرئيس الأمريكى السابق، فمثلاً خلال الانتخابات الرئاسية الأمريكية عام 2016، كان أحد وعود حملة ترامب هو نقل السفارة الأمريكية فى إسرائيل من تل أبيب إلى القدس التى وصفها بأنها «العاصمة الأبدية للشعب اليهودى»، وبالفعل فى ديسمبر 2017 أعلن ترامب، الرئيس الأمريكى آنذاك، الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، فى قرار تاريخى، وغيرها من القرارات التى دعمت إسرائيل طوال فترة ولايته، وبالتالى لا ننتظر منه أى دعم للقضية الفلسطينية حال فوزه، بل ربما سيكون الدعم مضاعفاً لإسرائيل عما شهدته فترة ولاية الرئيس الديمقراطى جو بايدن.

أبدت كامالا هاريس اهتمامها بإحلال السلام العالمى وحل القضية الفلسطينية خلال برنامجها الانتخابى، كيف ترى أصداء ذلك حال فوزها؟

- ربما أعطت «هاريس» صورة وردية لتحسين صورة الولايات المتحدة الأمريكية أمام العالم، ولكن هذه الصورة متعلقة بالوعود الانتخابية لكسب الأصوات لا أكثر، خصوصاً أنها لم تستطع مجابهة إسرائيل أو اللوبى الصهيونى طوال سنوات عملها نائبة للرئيس الأمريكى جو بايدن، الذى تستمر الحرب على غزة فى ولايته، وشاهدنا خلال أكثر من عام على الحرب، غياب النية لدى إدارة بايدن الديمقراطية للضغط الحقيقى على رئيس الوزراء الإسرائيلى، بنيامين نتنياهو، الذى لا يريد وقفاً لإطلاق النار فى غزة أو لبنان، وبالتالى نستطيع القول إن إدارة «بايدن - هاريس» لم تمارس ضغوطاً حقيقية على نتنياهو، وأصبحت الأمور أصعب الآن فى خلال حملتها الانتخابية، مع تظاهر «هاريس» بتعاطفها مع الفلسطينيين، ولكن على سبيل المثال لن تستعمل سلطاتها لوقف شحنات الأسلحة للضغط على إسرائيل، كما لن يمكنها التصدى لضغوط الكونجرس فى هذا الشأن.

فى ظل الوضع الحالى وتصاعد التوترات، مَن الأفضل فى رأيك لإتمام صفقة منصفة للجانب الفلسطينى؟

- لنكن واقعيين، لن تتوقف أمريكا بإرادتها عن دعم إسرائيل، بل إن أى إدارة أمريكية مقبلة ستتأثر بالسياسات الداخلية الإسرائيلية، ‎وعلى أى إدارة التفكير بما يجب تغييره بعد نهاية حرب غزة، وكيفية جلب الأموال لإعادة إعمار قطاع غزة ومؤسساته المدمرة، إذ إن إدارة الحرب نفسها هى لصالح إسرائيل فى كل الأحوال، ولكن ما ننتظره هو اليوم التالى للحرب، وبالتالى يجب أن تفكر الإدارة الأمريكية المقبلة بطريقة استراتيجية وليست تكتيكية، خاصةً مع تعدد الملفات كالحرب الروسية على أوكرانيا، والتوترات مع الصين، والنزاع فى الشرق الأوسط.

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: الانتخابات الأمريكية ترامب هاريس

إقرأ أيضاً:

هآرتس: خسائر الجيش تكشف مأزق إسرائيل عسكريا وسياسيا

كشفت صحيفة هآرتس الغطاء عن الوضع الإسرائيلي المتأزم بعد الخسائر التي تعرض لها جيش الاحتلال في قطاع غزة في الأيام الأخيرة بعد أكثر من شهر على استئناف العدوان عليه.

وقال المحلل العسكري للصحيفة عاموس هرئيل إن ما يجري الآن يعيد الإسرائيليين إلى واقع الحرب الدامي، مشيرا إلى ما سماه "موجة الإحباط داخل المؤسسة العسكرية"، وسط استمرار الحكومة في ترديد "كليشيهات فارغة"، معتبرا أن الشخص الوحيد القادر على تغيير صورة الحرب جذريا هو رئيس الولايات المتحدة دونالد ترامب.

خسائر تقلق جيش الاحتلال

ويلفت هرئيل الانتباه إلى أنه بعد أن كانت العمليات العسكرية الأخيرة تمرّ دون اهتمام شعبي، مادام أنه لم تسجل إصابات في صفوف الجنود الإسرائيليين، ورغم مقتل أكثر من ألفي فلسطيني، فقد عادت الأمور إلى سابق عهدها مثلما كانت قبل الهدنة الأخيرة، ويقول: "لقد حدث الأمر بالطريقة المعتادة، إصابات. هكذا تعود الحرب إلى البيت الإسرائيلي".

ويؤكد المحلل العسكري أن حركة المقاومة الإسلامية (حماس) اختارت في معظم الحالات تجنب المواجهة المباشرة، وأجلت مقاتليها نحو مناطق اللجوء الإنساني، خاصة في رفح. في المقابل، ظل الساسة والجنرالات الإسرائيليون يكررون أن الضغط العسكري سيؤدي إلى إطلاق سراح المزيد من المحتجزين، لكن "في الواقع العملي لم يحدث ذلك"، وفي المقابل، يعاني سكان غزة من تجدد الحرب ونقص الغذاء والمخاوف من القتل.

إعلان

وشهد الأسبوع الأخير تطورا نوعيا مقلقا للجيش الإسرائيلي، حيث قُتل 4 جنود وأصيب أكثر من 10 آخرين، وهو أول حدث من نوعه منذ استئناف العدوان على غزة. ويشير هرئيل إلى أن الاشتباكات الأعنف وقعت في حي الشجاعية شرق مدينة غزة، حيث قتل ضابط في سلاح المدرعات وجندي من حرس الحدود، وأصيب 3 آخرون خلال معركة معقدة لإنقاذ قوة تعرضت لإطلاق نار مكثف.

ووفق شهادات سكان من مستوطنات محاذية للقطاع، فإن "قوة القصف الإسرائيلي كانت تهز منازلهم بقوة". كما أصيب 4 جنود آخرين في حادث منفصل على محور فيلادلفيا قرب رفح.

ويذكر هرئيل باحتمال مواجهة الجيش الإسرائيلي خسائر فادحة مع استمرار تكثيف الهجوم على غزة، وذلك من خلال تذكير الإسرائيليين بما بثته القناة 12 الإسرائيلية في برنامج "عوفدا" الذي أعاد تمثيل معركة سابقة في الشجاعية قُتل فيها 9 جنود من لواء غولاني، مما يضاعف من إحساس الجمهور بثقل الحرب وعجز الجيش عن تحقيق نتائج حاسمة.

"كليشيهات فارغة" وإحباط

رغم هذه الخسائر، يقول هرئيل إن وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، نشر مساء الجمعة بيانا مفعما بالشعارات التقليدية حول "بسالة الجنود" و"عظمة الإنجازات"، دون التطرق بصدق لحقيقة الوضع الميداني. ويشير إلى أن "الجيش يعلم مسبقا بالوفيات، فيما كانت الشائعات تنتشر بين المدنيين".

يرى المحلل العسكري أن رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو والوزراء المتطرفين في حكومته يفضلون مواصلة الحرب مهما كانت الكلفة، إذ أن إطالة أمد القتال تخدم أهداف نتنياهو السياسية، بتوفير غطاء لحالة طوارئ دائمة تُضعف المعارضة وتقلل من الاحتجاجات الشعبية ضده.

ويقول هرئيل إن أجواء من الإحباط المتزايد تسود داخل الجيش، في الوقت الذي يتعرض فيه رئيس الأركان إيال زامير لهجوم من وزراء اليمين المتطرف خلال اجتماع حكومي. ويوضح أن زامير في مواجهة ذلك بدأ بمحاولة إعداد الوزراء للواقع الصعب: "التقدم العسكري الجدي سيتطلب قوات كبيرة وزمنا طويلا، وليس هناك أي ضمان بالوصول إلى استسلام فلسطيني أو إطلاق جميع المحتجزين أحياء".

إعلان

كما تواجه المؤسسة العسكرية صعوبات متزايدة في تعبئة قوات الاحتياط، وسط تزايد الغضب الشعبي من إعفاء اليهود المتدينين (الحريديم) من الخدمة بدعم حكومي صريح.

يضيف هرئيل أن "إسرائيل لا تستطيع تجويع سكان غزة إلى الأبد"، مشيرًا إلى أن تفاقم الأزمة الإنسانية قد يؤدي إلى ضغوط دولية متزايدة لاستئناف إدخال المساعدات. كما يلفت إلى أن الجيش الإسرائيلي لا يرغب بتحمل مسؤولية إدارة الإمدادات بدلا من المنظمات الدولية أو حركة حماس، "لأن ذلك سيتطلب وجودا عسكريا طويل الأمد ويؤدي إلى المزيد من الضحايا في صفوف الإسرائيليين".

وحسب المحلل العسكري الإسرائيلي، فإن هذه الحقيقة مفهومة لنتنياهو وبعض وزرائه، ولكنها تتعارض مع طموحات اليمين المتطرف الذي يطالب بإعادة الاحتلال الكامل لغزة و"طرد الفلسطينيين وإعادة الاستيطان في قطاع غزة".

ترامب.. عنصر الحسم المحتمل

في ختام تحليله، يشير هرئيل إلى عامل خارجي قد يكون قادرا على قلب الصورة: الرئيس الأميركي دونالد ترامب. ورغم أن ترامب نادرا ما يعلق على الوضع في غزة، فقد دعا مؤخرا نتنياهو إلى زيادة إدخال الغذاء والدواء إلى القطاع. ويرى هرئيل أن "ترامب قد يسعى لوضع قيود على الحملة العسكرية الإسرائيلية".

ويلفت إلى أن زيارة ترامب المرتقبة إلى السعودية والإمارات وقطر منتصف الشهر المقبل قد تحمل معها ضغوطًا مباشرة على إسرائيل لوقف القتال أو تحديد أهداف واضحة للحرب.

ويختم هرئيل بالقول: "في مواجهة زيارة ترامب، قد يجد نتنياهو نفسه مضطرا للإجابة عن سؤال محرج: ماذا تريد إسرائيل أن تحقق، ومتى؟".

مقالات مشابهة

  • مجلس النواب اليمني يفضح الجرائم الأمريكية أمام برلمانات العالم ويطالب بمواقف دولية لردع العدوان
  • هآرتس: خسائر الجيش تكشف مأزق إسرائيل عسكريا وسياسيا
  • محلل سياسي يكشف آخر تطورات الأوضاع بين إسرائيل وحماس
  • اللواء رضا فرحات لـ «الأسبوع»: زيارة ترامب للشرق الأوسط نقطة فارقة في العلاقات الأمريكية بدول المنطقة
  • باحث سياسي: الإدارة الأمريكية لا تضغط بجدية على إسرائيل لإنهاء حرب غزة
  • جهاد حرب: الإدارة الأمريكية ليست جادة في الضغط على إسرائيل لإنهاء الحرب
  • إسرائيل مأزومة للغاية من الداخل.. فما الذي يمنعها من الانهيار؟
  • سوريا تغازل أمريكا: سنبحث وضع الفصائل الفلسطينية ولن نشكل تهديدا لـإسرائيل
  • لا تهديد لإسرائيل.. سوريا ترد كتابياً على شروط تخفيف العقوبات الأمريكية
  • دعوات في الكونجرس لتوضيح ملابسات مقتل مدنيين بالغارات الأمريكية ضد الحوثيين في اليمن