السرقات الأدبية الثقافية
تاريخ النشر: 5th, November 2024 GMT
محفوظ بن راشد الشبلي
mahfood97739677@gmail.com
من منظور الواقع الثقافي الذي تعيشه المنظومة الثقافية المختلفة والمتعددة هُناك جوانب تؤرّق الرأي العام الثقافي بل وتُضعضع توجهاته المنزوية تحت المظلات الثقافية المحمية بقانون حماية الملكية الفكرية، والتي بُنيت عليها أُسس وركائز قانون الممارسات الثقافية العامة في كل مجال ثقافي وفي كل دولة جعلت من الثقافة ركيزة لتطوير المجال الفكري لدى منظوماتها العِلمية الحديثة.
ومن تلك الممارسات هي السرقات الأدبية؛ سواء سرقة الأفكار أو المقترحات أو التصورات التي تحتفظ ملكيتها لمنظومة أو لكيان ثقافي مُعين ويتم تصديرها لجهات أخرى وتبنيها دون الرجوع لمالكها الأول الذي اجتهد في تحصيلها وجدول روزنامة تنفيذها لخطة عمل مُعينة خاصة به، مما يترتب عليها ضياع لحقوق الملكية الفكرية والجهود الأدبية التي تمتلك حقوقها تلك المنظومات بل وتحدث ازدواجية في العمل إذا جُسّدت على الواقع دون عِلم الطرف الأول بتسريبها لجهة أخرى عمدت على سبق تنفيذها.
ومن تلك السرقات كذلك هي سرقة الأعضاء من الجمعيات والصالونات الثقافية والأدبية؛ سواء بالتشويش حول نزاهة تلك الكيانات التي ينتمون إليها أو بزرع تصور ضعف تكويناتها بما لا يتناسب مع قوة الفكر الأدبي لتلكم الأعضاء ومكانتهم الثقافية في المجتمع وإغراءهم بحوافز غير تلك التي يجدونها في كيانهم الأول، وهي جميعها افتراءات عارية من الصحة وهدفها التشويش وإضعاف تلك الجمعيات وتلك الصالونات الثقافية والأدبية والتي تجمع تحت مظلتها ومسماها تلكم الأعضاء المنتسبين إليها، مما يتسبب ذلك في ضعضعة الثقة وفقدانها بين تلك الجمعيات وبين أعضاءها وإحداث شرخ في النزاهة بينهم.
ومن أغرب تلك السرقات وأدهشها في هذا السياق، هي دعوة عضو في كيان ثقافي مُعين لمجموعة أعضاء ينتمون معه في نفس المنظومة لتنفيذ أمر ثقافي خاص به شخصيًا دون الرجوع لإدارة المجموعة لأخذ الرأي والإذن منهم في ذلك؛ مما يتسبب في تضييع الكثير من البرمجيات في روزنامة تلك الجمعيات الثقافية ويتسبب في خلافات بين الأعضاء وبين الإدارة ينتج عنه فقدان للثقة بينهم، ناهيك عن مشاحنات بعض الأعضاء للبعض في كيان ثقافي وأدبي واحد لنسف إنجازاتهم بالتأثير السلبي عليهم، وجميعها مفاهيم مغلوطة لا تمت بأي صلة لمكانة الأشخاص المتعلمين والمثقفين، لأن الثقافة تجعل من الشخص إنسانًا ذا عقلية مُهذبة ومتفهمة ومُتوازنة ومحافظة على سمو ذاتها الثقافي ولا تحمل المِعوَل لهدم ما وصل إليه الآخرين؛ بل إن العقلية الثقافية الناجحة يجب عليها أن تنظر لِما حققته هي في نفسها وجسّدته على واقعها الثقافي والأدبي في مجالها الذي تشغله وتمضي فيه.
الخلاصة.. إن أي فكر ثقافي يجب أن يبني عليه صاحبه سيرته الذاتية الأدبية على مبدأ العمل للتطوير النفسي أولًا قبل التطوير الخارجي، وأن لا يُقارن ما وصل إليه الآخرين من تقدم على ما هو عليه من تأخير، بل يجب أن يسعى لتطوير منظومة فكره الذي يمضي عليه إلى أفكار جديدة ومُبتكرة غير تلك التي حققها الآخرون ولكي يستطيع من خلالها سَبقهم نظير سلبها منهم، وأن لا يستخدم مفهوم الضعضعة والتشويش على الآخرين سلاح يستخدمه ليتقدم عليهم، ومضمار التنافس في هذا المجال واسع ومفتوح للمتسابقين بأفكارهم لتطوير المنظومة الفكرية والثقافية كلًا في مجاله واختصاصه، أما سياسة السرقات الأدبية والفكرية فهي خارجة كليًا عن نطاق المفهوم الأدبي والثقافي الحديث والمتطور يومًا بعد يوم، وكما قيل: لكل سباق مضمار ولكل حديثٍ سِياق ولكل مجتهد نصيب وفي ذلك فليتنافس المتنافسون.
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
حصاد 2024..عام ثقافي حافل بالإبداع والإنجاز في الإمارات
شهدت دولة الإمارات خلال 2024 حراكا ثقافيا لافتا، رسخت خلاله مكانتها مركزاً عالمياً للثقافة، وحاضنة للإبداع، وملتقى للمواهب.
وعززت الإمارات جهود تحويل القطاع الثقافي إلى أحد أبرز الروافد الاقتصادية المستدامة، كما واصلت نهجها في حفظ التراث وتوثيقه ونقله للأجيال عبر المهرجانات والفعاليات والأنشطة التراثية التي أقيمت على مستوى الدولة طوال العام.
وسام الإماراتوجاء 2024 حافلاً بالإنجازات الثقافية، إذ اعتمد مجلس الوزراء قراراً بشأن المبادرة الوطنية التقديرية للثقافة والإبداع، ورفع مستوى التقدير من ميدالية الإمارات للثقافة والإبداع إلى وسام الإمارات للثقافة والإبداع ، بهدف تنمية ودعم العمل الثقافي والإبداعي، ورفع مكانة وقيمة المبدعين.
وأصدرت حكومة الإمارات، مرسوماً بقانون اتحادي لتمكين قطاع الفنون، عبر تنظيم عمل المؤسسات الفنية التي لا تهدف إلى تحقيق الربح من أعمالها وأنشطتها الإبداعية، وتوفير مجموعة من المزايا لقطاع الفنون والمبدعين.
وهدف المرسوم بقانون، إلى تعزيز البيئة الفنية الحاضنة للفنون، وتشجيع الإنتاج الفني للأفراد المبدعين واستقطاب الموهوبين والفنانين، وتحفيز اقتصاد الصناعات الإبداعية.
وبرعاية الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية، أُعلن عن تأسيس "الأوركسترا الوطنية للإمارات"، في خطوة تعكس اهتمام الدولة بالفنون وتطويرها بمختلف أنواعها، والدور الذي تلعبه في تشكيل هوية المجتمع وتعزيز التواصل والترابط بين أفراده.
وتجسد الأوركسترا الوطنية التنوع الفني في الإمارات ونسيجها المجتمعي، إذ تحتفي بالتراث الموسيقي والموروث الفني للدولة، بالإضافة إلى الأنماط الموسيقية المعاصرة من جميع أنحاء العالم.
وأعلنت الإمارات عن مجموعة من الاكتشافات الأثرية التي شكلت إضافة نوعية للدلائل المادية على ما شهدته الدولة من تعاقب للحضارات على أرضها عبر التاريخ، حيث عثر في الملجأ الصخري بجبل كهف الدور في الفجيرة على أدوات حجرية وعظام حيوانات ومواقد تعود إلى حوالي 13 ألفاً إلى 7500 عام، في حين تم اكتشاف مجموعة من اللقيات تعود إلى العصر البرونزي في منطقة "أم النار" في أبوظبي، وفي موقع تل أبرق في أم القيوين تم العثور على مجموعة من المسكوكات الذهبية الرومانية.
متاحفوشهدت الإمارات افتتاح متحف "نور وسلام"، في مركز جامع الشيخ زايد الكبير في أبوظبي، الذي يتألف من خمسة أقسام تتضمن تجارِب تفاعلية، توظف التقنيات والوسائط المتعددة، وتستعرض المقتنيات النادرة والفريدة.
وفي دبي، أُطلق مشروع "متحف دبي للتصوير"، الذي يعد الأول من نوعه على مستوى الدولة، ويهدف إلى تعزيز قوة قطاع المتاحف في دبي، وتوثيق تاريخ التصوير في المنطقة والعالم، وعرض مجموعة فريدة من المقتنيات المتعلقة بها.
واحتلت الإمارات المرتبة الأولى عربياً و26 عالمياً في مؤشر المعرفة العالمي لعام 2024 الذي يقيس أداء الدول في مجالات المعرفة المختلفة.
وحققت الدورة الثامنة من تحدي القراءة أرقاماً غير مسبوقة، إذ وصل عدد المشاركين في تصفياتها إلى أكثر من 28.2 مليون طالب وطالبة، وأكثر من 229 ألف مدرسة، كما بلغ عدد المشرفين أكثر من 154 ألفاً.
وواصلت “جائزة الشيخ زايد للكتاب” توسعها وشمولها لمختلف المدارس الثقافية والإبداعية العالمية، إذ استقطبت في دورتها الـ19 أكثر من 4000 ترشيح، من 75 دولة منها 20 دولة عربية و55 دولة أجنبية، بينها خمس دول تشارك للمرة الأولى هي: ألبانيا، وبوليفيا، وكولومبيا، وترينيداد وتوباغو، ومالي.
وشهد معرض الشارقة الدولي للكتاب في دورته الـ43 مشاركة أكثر من 2.500 ناشر وعارض من 112 دولة، ونجح في استقطاب 1.82 مليون زائر من مختلف أنحاء العالم.
وحقق المعرض إنجازاً جديداً يضاف إلى سجل دولة الإمارات، بإعلانه للعام الرابع على التوالي أكبر معرض للكتاب في العالم من حيث بيع وشراء حقوق النشر.
وفي السياق ذاته، استقبل معرض أبوظبي الدولي للكتاب في نسخته الـ33 أكثر من 200 ألف زائر، وشارك في المعرض 1.350 دار نشر من 90 دولة.
ويعد إطلاق برنامج "منحة دبي الثقافية" أحد أبرز المبادرات الثقافية التي تم الإعلان عنها في عام 2024، والتي من شأنها تطوير قطاع الثقافة والفنون ودعم المجتمعات الإبداعية في عموم دولة الإمارات، وإمارة دبي على وجه التحديد.
ويهدف البرنامج إلى توفير منح قيمتها 180 مليون درهم، سيتم توزيعها على مدار عشر سنوات وتسخيرها لدعم وتمكين أصحاب المواهب المحلية في مختلف مجالات الصناعات الثقافية والإبداعية.