لجريدة عمان:
2025-04-09@16:35:18 GMT

سلالة الحكَّائين

تاريخ النشر: 5th, November 2024 GMT

ليس لك وأنت تقرأ ما تكتبه أميرة غنيم إلاّ أن تُعجَب بلغتها وحِيل تراكيبها وجمال ما تنحوه من أسلوبٍ، وما تُرشّحه من أشكال الحكاية ووسائط تعبيرها، ولقد أخذتني فـي روايتها الأولى صُدورا «نازلة دار الأكابر» بهذا وبما وزّعته من حكايا على شخصيّاتها فـي إثارتها لعوالم قابلة للسرد، تُبْنى فـيها حكاية واقعة أحداثها ووقائعها فـي بدايات القرن العشرين، تدخل عوالم مغلقَة من حكايا النساء والرجال، وتضع عمادًا سرديّا يشي بارتباط الرواية بقضايا النسويّة، وهو المصلح التونسي الطاهر الحداد صاحب الأوليّة فـي تأليف كتاب يدعو إلى تحرير المرأة وضرورة تعليمها.

وبمناسبة فوز الكاتبة التونسية أميرة غنيم بجائزة الأدب العربي 2024، فقد أردتُ أن أعرض إلى تجربتها بإيجازٍ.

هذه الجائزة الفرنسيّة المخصّصة للأدب العربيّ المترجم إلى اللّغة الفرنسيّة، والتي تشترك فـي إنشائها مؤسسة جان لوك لاغاردير ومعهد العالم العربي، عن روايتها «نازلة دار الأكابر»، بعد أن تكفّلت بترجمتها عن العربية سعاد لبيز، منشورات فـيليب ري وبرزخ للنشر فـي أوت 2024، ولقد سبق أن فازت الروائيّة العُمانيّة جوخة الحارثي بهذه الجائزة فـي نسختها سنة 2021 عن ترجمة ممتازة لخالد عثمان. رواية «نازلة دار الأكابر»، الفائزة هذه السنة، هي روايةٌ أثبتت وجودها فـي خارطة الروايات ذات الصدارة فـي القراءة والتقدير. تُلامسُ الروايةُ عوالم تحتاجُ إلى حكايةٍ، عوالم المرأة فـي بدايات القرن العشرين، وما يدعو فعلا إلى الإشادة بقدرة الذات الراوية على التميّز، هو ما تختصّ به المرأة -حسب تصوّري البسيط للرؤية النسويّة فـي السرد الروائيّ- من قُدرة على سرد التفاصيل، المرأة الراوية فـي هذه الرواية لها عينٌ رائيّة قادرةٌ على التقاط وتصيُّد تفاصيل قد يغفلها السارد الرجل، المرأة الراوية لها قُدرة على التعبير على روائح الأشياء، على وصف دقائق أواني الطبخ، على تتبّع هندسة الدُور العربيّة القديمة ومختلف توزيع غُرفها، على اعتبار سرديّة المشاعر والأحاسيس، على إدراك طبيعة الحياة فـي بدايات القرن العشرين، وحكاية ما لا يقدر التاريخ على تثبيته وإقراره، حكاية ما عاشه الناس فـي خلواتهم، وما أدركوه من ألم ومن أمل، حكاية أحلام النساء وواقعهن فـي عالم ذكوريّ تسيطر عليه رغبات الرجال وأحكامهم، فـي هذه العوالم الكائنة القابلة للسرد، يظهر المصلح الطاهر الحدّاد شخصيّةً محبَّةً، تخرج من دائرة الدعوة إلى تعليم المرأة وإخراجها من سجن البيت الذي حُبست فـيه، ويؤصِّل ذلك فـي الشرع قبل المجتمع، إلى إحيائه شخصيَّة متفاعلة، باحثة عن الحياة فـي حبّ يربطها بذاتٍ تتحقّق بها.

أميرة غنيم صاحبة الأمرين، والوجهين، وجه البحث فـي علوم اللّسان، ووجه الإبداع فـي الحكاية -أفَضِّلُ دوما أن أستعمل القُدرة على الحكاية دون القدرة على الرواية، لأنّه بالنسبة إليَّ إمَّا أن تكون حكّاءً، وبذلك تمتلك القدرة على مختلف أجناس القصص، وإمَّا ألاَّ تكون، وبذلك فأنت الأعجز عن الفعل تماما- وفـي الغالب الأعمّ فإنّ الأكاديميين دمهم ثقيل على الرواية، وخاصّة منهم أهل اللّغة، غير أنّ لكل قاعدة استثناء يصنع قاعدة، فأميرة غنيم من طينة الحكّائين الذين عجزت تونس عن ولادتهم منذ زمن البشير خريف وعلي الدوعاجي، وها هي ترأب الصدع، وتتّصِل بأجدادها القصّاصين، وتصنع عوالمها التي يبدو أنّها -لحدّ الآن- تنحصر فـي الرواية التي تتفاعل مع التاريخ ومع قضايا النسويّة ومشاغل السياسة.

أقول هذا الكلام، لأنّ الكاتبة، كتبت -فـي ما اطّلعت عليه- ثلاث روايات أوّلها إبداعٌ وآخرها ابتداعٌ ووسطها وهنٌ ونزولٌ عن العلوّ السرديّ الذي كان فـي الرواية الأولى، فقد كتبت أميرة غنيم، «نازلة دار الأكابر»، بوفْرَةٍ من الحكايات، وبقُدرة على ضبْط خيطِ السرد، وباستطاعةٍ على تكوين الشخصيّات وبناء ملامحها ومشاعرها وتحديد علاقاتها، وبلغةٍ ملائمةٍ لطبيعة الفضاء المحكيّ، أمّا فـي رواية «الملفّ الأصفر»، فإنّ ارتباكًا بدا فـي تبئير الشخصيّة المركز، واختلالا ظهر فـي طبيعة العلاقات بنيةً وصلةً وقولاً، وهي أمورٌ كان يُمكن ألاّ تُشكّل عثرةً فـي مقروئيّة الرواية لولاَ أنّ القارئ الناقد كان يتوقّع من الرواية الثانية أن تكون فـي مستوى الأولى نفسه أو أنضج منها، غير أنّ الرواية الثالثة، «ترابها سخون»، استعادت هذه القدرة وهذه الاستطاعة، وكأنّ الروائيّة أعلق بالسرد التاريخي منها بالسرد النفسي، وكأنّ قُدرتها على تمثّل التاريخ وتحويله إلى حكايةٍ مُرغِّبة أقوى من قدرتها على الدخول فـي مجالات حكائيّة أخرى. إنّ فوز أميرة غنيم بجائزة فرنسيّة للرواية العربيّة المترجمة إلى الفرنسيّة، وترشّح رواية «نازلة دار الأكابر» قبل ذلك إلى القائمة القصيرة للجائزة العالمية للرواية العربية (البوكر) لدليلٌ أوّل على أنّنا إزاء مشروع روائيّة واعدة، عالمة، عارفة، واعية بدقائق ما تدخل فـيه من بَسْطٍ للحكايات، وأعتقد أنَّ التاريخ سيكون المجال الأفضل الذي تجول فـيه الحكّاءةُ وتلقي بشباك حكاياها. المرأةُ الحكّاءةُ موروثٌ ثريٌّ فـي تراث العرب وفـي واقع الرواية العربيّة، ما زالت تُعاني من الرؤية الدونيّة الذكوريّة، وما زالت تثير قضايا المرأة المقهورة والمظلومة، ولكن أميرة غنيم اختارت فـي روايتها الجديدة «ترابها سخون» امرأة سلطة، لها صُورة فـي واقع المجتمع التونسي ملؤها الاستبداد والاستطاعة وإدارة الحكم، هي زوجة الرئيس التونسي التاريخي الحبيب بورقيبة الذي إليه تُرَدُّ نهضة البلاد، ولكن كانت أمامه امرأة صنعت معه هذا التاريخ، وانتهت مُطلَّقةً فـي آخر أيّام حكمه، بحكم محكمةٍ، وإرادة مشكوكٍ فـيها من رئيس بلغ «أرذل العمر» ورُفِع عنه القلم، حكاياتٌ تثيرها أميرة غنيم من عمق التاريخ المعاصر، وتتقن إخراجها من جفاف التأريخ إلى حيويّة الحكاية وألق تأثيرها وحسن تدبيرها

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: ق درة على

إقرأ أيضاً:

حراس المرمى الثمانية الأكثر حفاظًا على نظافة شباكهم في التاريخ

يعدّ حراس المرمى خط الدفاع الأخير للحفاظ على نظافة الشباك وتقع على عاتقهم مسؤولية تفوق أحيانا باقي اللاعبين لأن ارتكاب خطأ من طرفهم قد يكلف الفريق هدفا وفي أحيان أخرى الهزيمة وضياع الألقاب.

ومع بلوغ حراس المرمى الثلاثينيات وأحيانًا الأربعينيات من عمرهم، يتمتع العديد منهم بتأثير طويل الأمد على المباراة مقارنة ببعض اللاعبين.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2وظيفة غير متوقعة لماثيو لاعب برشلونة السابقlist 2 of 2بولت يتجاهل ميسي ويختار رونالدو في قائمة أعظم 3 لاعبينend of list

ويعد حارس المرمى الإيطالي جانلويجي بوفون من أعظم وأفضل حراس المرمى في العالم؛ فقد نجح في الحفاظ على نظافة شباكه في 506 مباراة.

موقع "ترنسفرماركت" المتخصص في إحصاءات كرة القدم وضع قائمة حراس المرمى الثمانية الأكثر حفاظًا على نظافة شباكهم في التاريخ:

8- الفرنسي هوغو لوريس: 334 مباراة

حافظ الفرنسي على نظافة شباكه في 151 مباراة مع توتنهام، و67 مباراة مع ليون، و30 مباراة مع نيس.

بعد مغادرة توتنهام، انتقل لوريس إلى لوس أنجلوس إف سي، حيث حافظ على نظافة شباكه في 23 مباراة خلال 55 مباراة.

ولعب لوريس مع منتخب فرنسا في 145 مباراة، حافظ خلالها على نظافة شباكه في 63 مباراة.

هوغو لوريس حافظ على نظافة شباكه في 334 مباراة (رويترز)

7- الإسباني بيبي رينا: 371 مباراة

شارك في 36 مباراة دولية، وحافظ على نظافة شباكه في 21 منها. كما حافظ على نظافة شباكه في 50 مباراة على الأقل مع 3 أندية مختلفة، هي ليفربول وفياريال ونابولي.

إعلان

كذلك حقق رينا أرقامًا قياسية مع برشلونة، ولاتسيو، وميلان، وأستون فيلا، وبايرن ميونخ، وناديه الحالي كومو.

6- الروسي إيغور أكينفيف: 376 مباراة

في 38 من عمره، لا يزال أكينفيف يُقدم أداءً قويًا. ويعد اللاعب الأقدم في الدوري الروسي الممتاز، حيث شارك في 788 مباراة مع ناديه الوحيد، سيسكا موسكو.

على مستوى الأندية، حافظ أكينفيف على نظافة شباكه في 328 مباراة، ليصبح رصيده الإجمالي في مسيرته الكروية 376 مباراة عند إضافته إلى إحصائياته الدولية.

5- الألماني مانويل نوير: 393 مباراة

بعد 80 مباراة بشباك نظيفة مع شالكه في بداية مسيرته، انتقل نوير إلى بايرن ميونخ حيث حافظ على نظافة شباكه في 262 مباراة.

على الصعيد الدولي، حافظ اللاعب البالغ من العمر 39 عامًا على نظافة شباكه في 51 مباراة، ولا يزال العداد مفتوحا حتى اعتزاله.

مانويل نوير حافظ على نظافة شباكه في 393 مباراة (الفرنسية)

4- التشيكي بيتر تشيك: 399 مباراة 

حافظ على نظافة شباكه في 228 مباراة من أصل 494 مباراة لعبها مع تشلسي، ولم يتلقَّ سوى 13 هدفًا فقط في موسم واحد من الدوري الإنجليزي الممتاز، وكانت أفضل سلسلة لتشيك هي 10 مباريات من دون تلقي أي أهداف.

بعد مغادرته البلوز في عام 2015، أضاف 54 مباراة أخرى بشباك نظيفة مع أرسنال.

أصبح حارس المرمى الوحيد الذي وصل إلى 200 مباراة بشباك نظيفة في الدوري الإنجليزي الممتاز خلال وجوده في ملعب الإمارات. بالإضافة إلى ذلك، حافظ تشيك على نظافة شباكه في 57 مباراة أخرى مع منتخب التشيك.

3-الهولندي إدوين فان دير سار: 439 مباراة

على الرغم من أنه حافظ على نظافة شباكه في 135 مباراة مع مانشستر يونايتد، فإن أكبر عدد له كان مع أياكس، حيث حافظ على نظافة شباكه في 139 مباراة.

على مستوى الأندية، حقق أيضًا 52 مباراة مع فولهام و41 مباراة مع يوفنتوس، بمجموع 367 مباراة، بالإضافة إلى 72 مباراة دولية مع هولندا.

2-الإسباني إيكر كاسياس: 440 مباراة

يُعد إيكر كاسياس أحد أفضل حراس المرمى على الإطلاق، فقد فاز بكأس العالم وكأس الأمم الأوروبية ودوري أبطال أوروبا في الوقت نفسه.

إعلان

حافظ كاسياس على نظافة شباكه في 102 مباراة دولية، وهو أعلى رقم على الإطلاق إلى جانب 338 مباراة مع الأندية.

إيكر كاسياس حافظ على نظافة شباكه في 440 مباراة (غيتي)

1- الإيطالي جانلويجي بوفون: 506 مباراة

حافظ بوفون على نظافة شباكه مع منتخب بلاده في 77 مباراة من أصل 176 مباراة. وفي 429 مباراة على مستوى الأندية منها 322 مباراة مع يوفنتوس الذي خاض في صفوفه 685 مباراة.

مقالات مشابهة

  • اكتشاف مذهل في ليبيا.. سلالة بشرية مجهولة تكشف أسرار سكان شمال إفريقيا
  • ظهور سلالة جديدة من جدرى القرود فى المملكة المتحدة من النوع Ib
  • برشلونة ودورتموند.. التاريخ يساند من؟
  • كيف بنى الاتحاد السوفياتي أقوى قنبلة نووية في التاريخ؟
  • شهادتي لسجل التاريخ
  • تعرف على أقدم مهنة فى التاريخ
  • من يقتل الحقيقة لا يستطيع أن يكتب التاريخ
  • حراس المرمى الثمانية الأكثر حفاظًا على نظافة شباكهم في التاريخ
  • الآثار السُّودانيَّة.. إنهم يسرقون التاريخ!
  • عُمان.. حينما تمتد الروح من التاريخ إلى المستقبل