تفصلنا ساعات على تحديد مؤشرات مبدئية للفائز بالانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة الأمريكية التي تمثل أكبر خطر سياسي على العالم في عام 2024 بغض النظر عمن سيفوز وذلك وفقاُ للتقرير الصادر عن مجموعة أوراسيا الاستشارية لتحليل المخاطر وذلك في ضوء عدد من المعطيات، الأول انها ستسهم في إعادة تموضع الولايات المتحدة في النظام الدولي ، الثاني ستشكل الانتخابات مرحلة نوعية جديدة بالنسبة لمسار العديد من الحروب الدائرة في المنطقة وكذا الحرب الروسية-الأوكرانية 
ومع اقتراب موعد الانتخابات، تتزايد حدة التنافس والاستقطاب بين المرشح الجمهوري والمرشحة الديمقراطية خاصة في الولايات المتأرجحة ورغم ان القضايا الاقتصادية هي التي غالبا ما تؤثر علي اراء الناخبين في الولايات المتحدة الامريكية 
من حيث المبدأ، فأن أولويات الناخب الأمريكي تختزل في الاقتصاد كونه المحرك الأساسي والمؤثر علي حياة المواطن ، والمهاجرين غير الشرعيين في قضية الإجهاض، فعلي سبيل المثال ، فقد تُظهر استطلاعات الرأي في الولايات المتأرجحة السبعة أن الاقتصاد يتصدّر أولويات الناخب الأميركي واهتماماته بنسبة (41 %)، متبوعًا بالهجرة (14 %)، فالإجهاض (13 %)، ثمّ الرعاية الصحية (8 %)، فالديمقراطية وتوحيد البلاد ونزاهة الانتخابات (7 %)وبالتالي فإن ترامب يتقدّم في ملفيّ الاقتصاد والهجرة، في حين تتقدّم هاريس في ملفات الإجهاض والرعاية الصحية والديمقراطية 
الا ان التغيرات المتلاحقة في الشرق الأوسط، سيكون لها تأثيرات كبيرة علي مجري الانتخابات الحالية وآراء الناخبين، فقد اظهر استطلاع للرأي ان غالبية الناخبين الأمريكيين يشعرون بأن احتمال التصاعد الصراع الدائر في الشرق الأوسط، فقد ابدي اكثر من 50% تخوفهم من اتساع الحرب في المنطقة، ووفقا لاستطلاع اجراؤه لاسوشيتد برس كما أن مركز (اه بي يورك نيور للأبحاث العامة   ( AB York) ، أظهر أن 4 من كل 10 أمريكيين يشعرون بالقلق من انجرار الولايات المتحدة في حرب في الشرق الأوسط 
واستناداً على ذلك، وحين تقترب الانتخابات وتفصلها ساعات عن حسم المعركة بين المرشح الجمهوري والمرشحة الديمقراطية، يصبح أي مجموعة من الناخبين لها تأثير علي ولاية قد تكون الحاسمة، وهو ما انعكس في مخاطبة الرئيس ترامب للجالية اللبنانية الامريكية بانه سيسعي إلي السلام في حال انتخابه في ولاية ميشيغان و اوهايو وبنسيلفانيا حيث الانتشار اللبناني ليس لاستمالتهم ولكن لمنع تصويتهم إلي هاريس.


وانطلاقاً من حقيقة مفاداها، أن الأمريكيون لا ينتخون مرشح لأنه نجح في إدارة ال لكنهم يعاقبون في حال فشلهم كما حدث مع جيمي كارتر جراء أزمة الرهائن منذ 40 عاما ، وبالرجوع إلي اخر السبعينات مع احتجاز 52 امريكي في طهران لمدة 444 يوما، بعد اندلاع الثورة الايرانية الخمائيني ، وفشل جيمي كارتر في عودتهم ، تلاحظ تغيير مجري الانتخابات لصالح رونالد ريجان ، وبالتالي هناك تقديرات و احتمالات لمعاقبة هاريس كونها جزء من الإدارة الحالية، فأي تصويت عقابي ضدها يصب لصالح ترامب اعتباراً من مبدأ الكلفة السياسية 
ومن ثم ما هي الأصوات التي ستحسم السباق؟
تشير كافة استطلاعات الرأي إلى تقارب كبير والفارق يظل بين نقطة أو نقطتين، فوفقا إلى News week     حيث يحقق ترامب 48.5% بينما هاريس 48.4% ، لذلك انتقل المرشحين بين الولايات المتأرجحة لحشد الناخبين على التصويت، وباستقراء الخلفية التاريخية للسبعة ولايات متأرجحة لمحاولة توقع اتجاهات التصويت، تبين ما يلي:  
ففي بنسيلفانيا التي تعد أكبر الولايات المتأرجحة والتي فار بها دونالد ترامب عام 2016 وعادت إلى الحزب الديمقراطي في 2020 نتيجة مشروعات البنية التحتية التي أطلقها جو بايدن، فهي تتميز بمكانة استراتيجية في الانتخابات الرئاسية الأميركية، حيث ستكون النتائج في هذه الولاية حاسمة في تحديد الفائز في الانتخابات، كونها تحظي ب 19 مندوبا في المجمع الانتخابي.
اما ميشيغان، فقد تعد معقل الحزب الديمقراطي ألا انه في 2016 تم ترجيح كفة جو بايدن وهو ما اثار العديد من التساؤلات حينها، غير ان الحزب الديمقراطي قد استعادها في 2020 وبالتالي تمثل هذه الولاية ذات الأغلبية العربية المسلمة نقطة فاصلة أخري في الانتخابات خاصة في ظل وجود انقسام بين الجالية العربية، حيث انه يوجد اتجاه متنامي يتعلق بالمقاطعة وعدم التصويت وبالتالي تواجه هاريس مشكلةً في كسب أصوات العرب والمسلمين الأميركيين بسبب دعم إدارة بايدن، للعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، غير إن خطابها في المؤتمر الوطني للحزب الديمقراطي جاء مخيّبًا لآمالهم.

أما ولاية ويسكونسن، فقد تتشابه مع ميشيغان فقد خسرها الديمقراطيين في انتخابات 2026 وتم استعادتها في 2020 وولاية جورجيا التي يسيطر علي سكان أمريكيين من اصل أفريقي وهو ما يمثل افضلية لصالح كاملا هاريس إلا ان هناك جانب يؤيد مشروع ترامب الذي ينص علي ألغاء الضمانة الفيدرالية للإجهاض وبالتالي ستشكل هي الآخري نقطة حاسمة في ظل الصراع الدائر في المنطقة اخذا بالاعتبار أم
في حين ان  كارولينا الشمالية الولاية المتأرجحة التي لم تصوت لصالح الحزب الديمقراطي منذ 2008، إلا انها قد انتخبت حاكم ديمقراطي عام 2017 وقد استغل ترامب الاثار المدمرة لإعصار هيلين الذي تسبب في مقتل 63 شخصاً للتشكيك في سياسات الديمقراطيين واهتمامهم بالولاية.
اما سادس ولاية متأرجحة هي اريزونا المتاخمة للحدود مع المكسيك ، فهي تعد ولاية جمهورية بالأساس لكنها ايدت الديمقراطيين في انتخابات 2020 ومع ذلك هناك فرصة لترامب للفوز بها نتيجة تركيزه على ملف الهجرة الغير الشرعية وهو ما يساهم بحد كبير في تغيير قواعد اللعبة 
ومنذ 2004 لم تصوت ولاية نيفادا لصالح أي مرشح جمهوري غير ان المحافظين يعتقدون أن بإمكانهم الفوز خلال الاعتماد علي تصويت سكان أمريكا اللاتينية الذين ينفصلون بشكل متزايد عن المعسكر الديمقراطي

بعد استعراض جميع المعطيات المذكورة عاليه، فهناك صعوبة في وضع تقديرات تتعلق بحسم كفة مرشح علي غيره فالاحتمالات متقاربة إلي حد كبير وبالتالي أي تقدم لاحداهما سيحسم الانتخابات، كما يبدو أنه لم يكن هناك اقتناع كامل بأي من المرشحين أو برامجهم. ومع ذلك، يمكن القول إن التصويت في الانتخابات الأمريكية يعد تصويتًا عقابيًا، يهدف إلى منع مرشح معين من الفوز على آخر.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: الولایات المتأرجحة الحزب الدیمقراطی الولایات المتحدة فی الشرق الأوسط فی الانتخابات فی الولایات وهو ما

إقرأ أيضاً:

فرضيات انهيار دول الشرق الأوسط

د. عمرو محمد عباس محجوب

منذ ١٩٥٦ عندما أمم جمال عبد الناصر قناة السويس وبدأ مشروعه الوطني في بناء السد العالي المائي للتحكم في الزراعة وتوسعها وزيادة الإنتاج الكهربائي وانجز الإصلاح الزراعي. حدث العدوان الثلاثي عام ١٩٥٦ في قناة السويس وكانت اول مواجهة تحذيرية في وجه بناء الدولة المستقلة من اكبر الدول العالمية من إنجلترا وفرنسا واسرائيل. هذه الحرب كانت ايضاً تسليم وتسلم قيادة العالم لأمريكا التي تدخلت لإيقاف العدوان. وبدات الناصرية كنظرية ومنهج في الانتشار في العالم العربي وفي أنحاء العالم. وبدأت في إبراز القوة والقدرة من إنشاء الصناعات الثقيلة، الحديد والصلب،صناعة السيارات، الأدوات الكهربائية، الغزل والنسيج وصناعة الملابس، صناعة السكر والأسمنت، الثورة العلمية والأبحاث والدراسات، ثورة السينما والمسرح والاداب والفنون وغيرها وغيرها.

عندما نتحدث عن دول الرؤية التي استطاعت تحويل هزيمتها إلى نجاح واستقلال من ألمانيا واليابان وكوريا الجنوبية وهكذا، فقد كانت مصر الناصرية احد هذه الدول. لكن الفرق بين تلك الدول التي وقعت تحت سيطرة الولايات المتحدة (في شكل وجود عسكري وتدخلات سياسية) لكن سمحت لها بالتطور العلمي والتكنولوجي ضمن السياق الامبريالي. هكذا نرى ان مصر تمت تصفية قدرتها وقوتها على ان تتطور وتصبح دولة زراعية صناعية مستقلة، وأصبح عليها فيتو ووضعت حولها كمية من الفخاخ والشراك من الإمبريالية والقوى الغربية واسرائيل ومن دول الخليج الغنية مع وجود التهديد الدائم من الاخوان المسلمين المتحالفين مع الإمبريالية واسرائيل.

في الشرق الأوسط ودولها التي ارادت النهوض من مصر، الجزائر، العراق، ليبيا، السودان وسوريا وايران كانت أسباب التدخلات والتعويق مختلفة عن باقي العالم. لكل الدول التي ارادت بناء دولتها المستقلة منذ الخمسينات تم زرع دولة وتنظيم. منذ نهايات القرن الثامن عشر بدات نقاشات إنشاء وطن اليهود، ١٩١٧ صدر وعد بلفور وفي ١٩٢٢ أسقطت الدولة العثمانية وفي ١٩٢٨ انشأ تنظيم الاخوان المسلمين تحت رعاية الإنجليز وفي ١٩٤٨ انشات دولة اسرائيل. هذه الدولة والتنظيم هي التي تقف ضد بناء أي دولة مستقلة تنموية وقد افشلت المشروع الناصري والمشروع البعثي وبدايات مشاريع أخرى.

في كل الدول التي رغبت في بناء الدولة والاستقلال في الشرق الأوسط فقد أصبحت تواجه اماً باسرائيل مباشرة في مصر، سوريا، لبنان، العراق، ايران او غير مباشر في ليبيا والسودان. وفي كل الدول تم إنشاء تنظيم الاخوان المسلمين لكي تعمل ضد بناء الدولة المستقلة، بل اثبتت أنها في السودان قد دمرت كل مأتم بنائه من سكك حديد ومشروع الجزيرة وخدمة مدنية وجيش وشرطة وفصلت الجنوب وغيرها.

منذ ١٩٧٩ بدات امريكا والغرب دعم المنظمات الجهادية في افغانستان واستمرت حتى الآن، وبالتعاون بين امريكا ونتنياهو تم وضع لستة السبعة دول التي يجب تدميرها عن طريق دعم الإسلام المتطرف والسياسي للتدخل. ومن محمد مرسي في مصر ومحمد الجولاني في سوريا فقد مدت يدها للكيان الصهيوني وجرت معها تنظيم حماس التي سحبها خالد مشعل - بعد استشهاد يحي السنوار وهنية- المتحالف مع الدول العربية المطبعة التي خلعت مفاهيم القوة البناء والتنمية والاستقلال.

لقد تغيرت موجبات الرؤية من العمل المفهومي إلى التخلص من أسباب الخزي والخذلان والتعويق التي زرعت في العالم العربي. ان الاتجاه العام الهابط للإمبريالية في اقتصادها وسياستها وهيمنتها (أي ضعف الأمة الأمريكية كما أشار بوتين كعامل مهم لقيام روسيا قوية)، عامل مشجع على العمل في تغيير معادلات وجود اسرائيل في فلسطين (٢٤٪؜ فقط في اسرائيل يرون إسرائيل قوية) ضعيفة او قابلة للعيش مع الفلسطينيين او نهايتها بالكامل. العامل الثاني هو اجتثاث تنظيم الاخوان المسلمين فكرياً وتنظيمياً واتحاد الشعوب حول موقفها. جزء من هذا هو تفكيك الظاهرة الأردوغانية التي بنت مجدها وقوتها من تبني تنظيمات الاخوان المسلمين وضخت فيها أموالها المنهوبة تحت دعاوي اعادة الإمبراطورية العثمانية.

Dr. Amr M A Mahgoub
omem99@gmail.com
whatsapp: +249911777842  

مقالات مشابهة

  • فرضيات انهيار دول الشرق الأوسط
  • الولايات المتحدة تعقد صفقة مع الشركة المصنعة للطائرة التي رصدت السنوار
  • الشرع: أعدنا المشروع الإيراني 40 سنة إلى الوراء
  • WP: نظام جديد بدأ بالتشكل في الشرق الأوسط.. هؤلاء الرابحون
  • لجنة أمن ولاية الخرطوم توجه بتنفيذ حملة لازالة مخلفات الحرب في المناطق التي تم تطهيرها ببحري
  • رغم مشكلات الإنفاق.. أوروبا تستبق ولاية ترامب بتكثيف جهود دعم أوكرانيا عسكريًا
  • رغم مشكلات الإنفاق.. أوروبا تستبق ولاية ترامب بتكثيف جهود دعم أوكرانيا عسكريا
  • مخطط تقسيم الشرق الأوسط
  • الرئيس السيسي: التحديات التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط تتطلب تضافر الجهود وتعزيز التعاون
  • إسرائيل وخطة الهيمنة على الشرق الأوسط