جريدة الرؤية العمانية:
2025-03-17@01:52:29 GMT

الأحياء التخليقية..نماذج واقعية

تاريخ النشر: 5th, November 2024 GMT

الأحياء التخليقية..نماذج واقعية

 

 

 

أ.د.حيدر أحمد اللواتي **

 

ذكرنا في مقالنا السابق أن علوم الأحياء التخليقية تسعى إلى تخليق كائنات حية جديدة، بعضها غير متواجد في الطبيعة. ولتوضيح تأثير الأحياء التخليقية، أعرضُ في هذا المقال بعض المنتجات المُسوَّقة القائمة على العلم الجديد.

هناك عدد من المنتجات المُسوَّقة القائمة على تقنيات حيوية، ويتم فيها استخدام كائنات حية كمصانع لإنتاج مواد معينة، لها تطبيقات عملية، فمن المنتجات المُسوَّقة، هناك البيوبلاستيك والذي تم إنتاجه من خلال عمل تغييرات جينية وهندسة نوع معين من البكتريا لتقوم بإنتاج مواد مصنعة، إذ تقوم بتصنيع مادة polyhydroxybut (PHB) والتي يتم تصنيعها عادة من المشتقات البترولية.

كما قامت شركة DuPont الأمريكية بتصنيع مادة 1,3- propandiol باستخدام بكتريا مصنعة جينيًا؛ حيث تم جمع ودمج الخارطة الجينية لثلاث من الكائنات الدقيقة وتغيير 26 موضعًا فيها، وذلك بهدف تغيير السكر من القمح إلى المادة المذكورة، وتستخدم هذه المادة المذكورة لتصنيع سجاد صديق للبيئة، ومن الواضح أن البكتريا التي تم تصنيعها لإنتاج هذه المادة فريدة من نوعها؛ فهي كائن حي تم تصنيعه في المختبرات وتم إجراء تغييرات كبيرة جدًا في الخارطة الجينية بحيث لا نجد له شبيهًا في الطبيعة على الإطلاق؛ فالمادة التي تنتجها هذه البكتيريا كُنَّا ننتجها من مشتقات النفط.

وفي الصين، تم تخليق كلاب بوليسية مُهندَسة جينيًا؛ حيث تم تغيير جيناتها لتصبح كلابًا تمتلك كتلة مُضاعفة من عضلات قوية، ولذا لديها القدرة على القيام بالمهام القتالية على أكمل وجه. لكن التأثير الأكبر للأحياء التخليقية والذي يسير بخطى متسارعة، نجده في مجال الغذاء؛ فهناك الفِطْر الذي يُقاوم تغير اللون إلى البني؛ إذ من المعروف أن الفطر الأبيض بعدما يتم تقطيعه فإنه يتحول إلى اللون البني، كنتيجة لعمليات الأكسدة، لكن بعض العلماء قاموا بإعادة هندسة الفِطْر بهدف إبطاء عملية تغير اللون إلى البني وذلك لأغراض تجارية.

وسمحت النرويج مُؤخرًا باستخدام نبات الكانولا المُهندَس جينيًا، بحيث إن الزيت المُستخلَص من هذا النبات، يحتوي على كميات كبيرة من مادة "أوميجا 3"، وسوف يتم استخدام هذا الزيت لإطعام أسماك السالمون للحصول على أسماك ذات جودة عالية، وبصورة اقتصادية.

وفي فلوريدا بالولايات المتحدة، جرى تعديل الخارطة الجينية لأصناف من البعوض لمنع نقل الأمراض، وتم إطلاقها على نطاق محدود؛ بغرض إجراء مزيد من الدراسات على الآثار المترتبة على البيئة وعلى الإنسان.

لكن التغيير الأهم بلا شك نراه في مجال زراعة اللحوم وتطويرها في المختبرات، والفكرة التي تقوم عليها هذه البحوث، أن يتم أخذ خلية حية من حيوان حي كالبقرة مثلًا أو الدجاجة، ومن ثم زراعتها في المختبر، بحيث تتحول إلى قطعة لحم تُماثِل لحم البقر أو الدجاج؛ بل يمكن أيضًا زراعة الأسماك بهذه الطريقة لتُنتِج لنا أسماكًا لم تسبح في البحر طيلة حياتها! وقد قطعت هذه الأبحاث شوطًا كبيرًا، وهناك عدد من المنتجات التجارية المُتدَاوَلة في الأسواق والتي تقوم على هذه التقنيات. ففي سنغافورة مثلًا، يتم تسويق مُنتجات لقطع الدجاج التي تم زراعتها مخبريًا، بعدما أخذ خلايا من دجاج حي.

إنَّ محاولة زراعة اللحوم مِخبريًا واستخدامها كبديل للحوم المواشي، واتساع استخدام هذه التقنيات والمنتجات، ربما سيكون لها بعض الآثار؛ فالشركات المُنتِجة لهذه المنتجات تسعى جاهدة إلى تغيير ثقافة المجتمعات، ليس فقط بدفعها لقبول منتجاتها؛ بل بنشر ثقافة وقيم جديدة في المجتمعات، وذلك من خلال تبني أفكار مفادها أن تربية الدواجن والمواشي بهدف الحصول على لحومها يعد "أمرًا غير أخلاقي"، وأن قتل الحيوانات "خُلق سيئ" و"جريمة أخلاقية"- حسب معتقداتهم- وقد تمر مثل هذه الدعاوى على بعض الأفراد في مجتمعاتنا، وربما تنعكس على توجهاتهم الفكرية أيضًا، خاصة وأنه من المتوقع مع تطور التقنية، أن تنخفض بشكل كبير كُلفة إنتاج هذا النوع من اللحوم؛ وذلك لأنها لا تحتاج إلى مساحات واسعة لرعي الحيوانات وتربيتها؛ بل يمكن إنتاجها في مختبرات صغيرة، إضافة إلى أنها محمية من انتشار البكتيريا والفيروسات فيها.

وإذا كانت الأمثلة التي سُقناها حول بعض المنتجات المرتبطة بالأحياء التخليقية والتي جرى تداولها في الأسواق أو سيجري تداولها قريبًا، أثارت بعض الفضول أو القلق لدى القارئ الكريم، فإنَّني أدعوه لقراءة المقال المُقبل، والذي سنعرضُ فيه ما يحدث في مختبرات الأبحاث.. فما خفي أعظم بكثيرٍ!

وللحديث بقية،،،

سلسة من المقالات عن تاريخ علوم الحياة وحاضرها وفلسفتها والتقنيات القائمة عليها.

 

** كلية العلوم، جامعة السلطان قابوس

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

الحربٌ التقنية الباردة تشتعل.. OpenAI تدعو رسميًا إلى حظر DeepSeek

شنت شركة OpenAI هجوما على شركة DeepSeek، ودعت إلى حظر استخدام نماذج الذكاء الاصطناعي من شركة DeepSeek الصينية في القطاعات الحساسة.

وقالت إن شركة DeepSeek المنافسة «مدعومة من دولة الصين» و«خاضعة لسيطرتها»، وذلك في خطاب رسمي أرسلته إلى مكتب سياسات العلوم والتكنولوجيا.

وأوضحت OpenAI في خطابها، الذي وقّعه كريس لاهين، نائب الرئيس للشؤون العالمية في الشركة، أن نماذج DeepSeek الصينية تشكل خطرا أمنيا كبيرا، داعية إلى حظرها في المؤسسات الحكومية والعسكرية والاستخباراتية.بحسب موقع «البوابة التقنية»

وأوصت الشركة في خطابها بحظر المعدات الصينية، مثل رقاقات Huawei Ascend، والنماذج التي تنتهك خصوصية المستخدم، أو تعرض الأمن القومي للخطر، وفقا لما جاء في الخطاب.

وأشار الخطاب إلى أن الولايات المتحدة تقود العالم في مجال الذكاء الاصطناعي، لكنها تواجه منافسة شديدة من الحزب الشيوعي الصيني، الذي يسعى إلى تجاوزها بحلول عام 2030.

DeepSeek نماذج الذكاء الاصطناعي الأمريكية

وترى الشركة أن خطة العمل الجديدة لإدارة الرئيس ترامب في مجال الذكاء الاصطناعي يمكن أن تضمن تفوق النماذج الأمريكية المبنية على المبادئ الديمقراطية على تلك التي تعتمدها الصين، التي وصفتها بـ«الاستبدادية».

وشهد قطاع الذكاء الاصطناعي حالة من الجدل بعد أن قدّم نموذج DeepSeek-R1 أداءً مماثلًا تقريبًا لنماذج ChatGPT في اختبارات الاستدلال، ولكن بتكلفة أقل بكثير، بل إنه كان مجانيًا عند استخدامه عبر المتصفح.

وأدى ذلك إلى تراجع أسهم الشركات المستثمرة في الذكاء الاصطناعي بنحو كبير، قبل أن تستعيد السوق توازنها لاحقًا.

OpenAI حرب الذكاء الاصطناعي

وأُثيرت تساؤلات حول سرعة تطور DeepSeek، إذ شكك بعض الخبراء في كون نماذجها قد اعتمدت على منهجية تدريب مبتكرة أو أنها«استخلصت» بيانات تدريبية من OpenAI بما يخالف شروط الاستخدام، ولكن ذلك لم يتم تأكيده إلى الآن.

وحذّرت OpenAI من خطورة بناء بنية تحتية حيوية على نماذج مثل DeepSeek، مشيرةً إلى احتمال توجيه الحزب الشيوعي الصيني النموذج لتنفيذ عمليات تلاعب ضارة.

وفي سياق متصل، أكّدت OpenAI أن العالم على أعتاب مرحلة الذكاء الاصطناعي العام (AGI)، وهي أنظمة ذكاء تمتلك قدرات إدراكية شبيهة بالبشر. وشددت الشركة على ضرورة ضمان حرية الوصول إلى هذا التطور، بعيدًا عن القيود البيروقراطية والقوانين المفرطة التي تعوق التقدم.

وأضاف سام ألتمان، الرئيس التنفيذي لـ OpenAI، قائلًا: «إننا على أعتاب قفزة ضخمة نحو عصر الذكاء، وعلينا ضمان أن يكون الوصول إلى الذكاء الاصطناعي العام متاحًا للجميع، دون أن تفرض القوى الاستبدادية قيودًا عليه أو تعرقله القوانين المرهِقة»، على حد تعبيره.

اقرأ أيضاًذاكرة المستخدمين.. ميزة جديدة تطلقها شركة OpenAI في ChatGPT

ينافس «كروم».. OpenAI تسعى لإنشاء متصفحها الخاص

لمحبي الذكاء الاصطناعي.. OpenAI تتيح تطبيق ChatGPT مجانا

مقالات مشابهة

  • بين الابتكار والسيطرة.. هيمنة الذكاء الاصطناعي الصيني
  • ارتفاع أسعار المنتجات الأميركية بسبب الحرب التجارية التي أطلقها ترمب
  • اليمن: القصف الأمريكي يستهدف الأحياء السكنية ويوقع ضحايا من الأطفال والنساء
  • تحالف الأقوياء.. ما واقعية جمع أبرز قادة العراق بكيان واحد؟
  • «يضاهي ChatGPT».. جوجل تطرح أحدث برنامج ذكاء اصطناعي Gemma 3
  • الحربٌ التقنية الباردة تشتعل.. OpenAI تدعو رسميًا إلى حظر DeepSeek
  • روان آل ثنيان: شارع الأعشى يعيد إحياء ذكريات الرياض بطريقة واقعية
  • شرطة الشارقة تكشف حقيقة صادمة عن التسول بتجربة واقعية (فيديو)
  • بتجربة واقعية.. شرطة الشارقة تكشف حقيقة صادمة عن التسول
  • WP: الخطة العربية لإعمار غزة واقعية ويجب التعامل معها بجدية