قال الباحثة الإسلامية سميرة عبد المنعم، إن كثيرًا من الناس عن أخلاقها الإنسانية مراعاة مشاعر الناس وأحاسيسهم مما يزيد في الود والمحبة، ويؤلف بين قلوب أفراد المجتمع.
وأضاف مبارك، أن صلى الله عليه وسلم علمنا الكثير من المبادئ والآداب التي نُرَاعِي من خلالها صيانة مشاعر الناس ومراعاة أحاسيسهم، وذلك لأن جرح الجسد يظهر أثره فورًا وبشكل واضح على الإنسان، لكنّ جرح المشاعر يكون في النفس بعيدًا عن المشاهدة والعيان، وهو أشد إيلامًا وأقسى وقعًا، جراحاتُ السّنانِ لها التئامُ، ولا يُلْتامُ ما جَرَحَ اللسانُ.
أضافت "علي" أن السيرة النبوية زاخرة بالأمثلة والمواقف الدالة على مراعاة مشاعر الآخرين، ومنها:
عدم جرح السائل والمنِّ عليه، فكان النبي صلى الله عليه وسلم يراعي السائلين من أصحابه ولا يجرحهم بمنعم فيعطيهم ما عنده ففي حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه: ((مَا يَكُونُ عِنْدِي مِنْ خَيْرٍ فَلَنْ أَدَّخِرَهُ عَنْكُمْ)) رواه البخاري ومسلم، وإن لم يكن عنده أمره أن يبتع على حسابه فعَنْ سيدنا عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، أَنَّ رَجُلًا جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْأَلُهُ ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَا عِنْدِي شَيْءٌ، وَلَكِنِ ابْتَعْ عَلَيَّ، فَإِذَا جَاءَنِي شَيْءٌ قَضَيْتُهُ " فَقَالَ عُمَرُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَدْ أَعْطَيْتَهُ، فَمَا كَلَّفَكَ اللَّهُ مَالَا تَقْدِرُ عَلَيْهِ ، فَكَرِهَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَوْلَ عُمَرَ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَنْفِقْ وَلَا تَخَفْ مِنْ ذِي الْعَرْشِ إِقْلَالَا، فَتَبَسَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَعُرِفَ الْبِشْرُ فِي وَجْهِهِ لِقَوْلِ الْأَنْصَارِيِّ ، ثُمَّ قَالَ : " بِهَذَا أُمِرْتُ .
وتابعت: وإن كان السائل لا يستحق المال رده النبي صلى الله عليه وسلم ردا جميلا ولم يجرحه بقول فعن عبيد الله بن عدي بن الخيار قال: أَخْبَرَنِي رَجُلانِ أَنَّهُمَا أَتَيَا النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ وَهُوَ يُقَسِّمُ الصَّدَقَةَ، فَسَأَلاهُ مِنْهَا، فَرَفَعَ فِينَا الْبَصَرَ وَخَفَضَهُ، فَرَآنَا جَلْدَيْنِ فَقَالَ: ((إِنَّ شِئْتُمَا أَعْطَيْتُكُمَا وَلا حَظَّ فِيهَا لِغَنِيٍّ وَلا لِقَوِيٍّ مُكْتَسِبٍ))؛ رواه أحمد وغيره بإسناد صحيح. وعن حكيم بن حزام رضي الله عنه قال: سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَعْطَانِي، ثُمَّ سَأَلْتُهُ فَأَعْطَانِي، ثُمَّ سَأَلْتُهُ فَأَعْطَانِي، ثُمَّ قَالَ: ((يَا حَكِيمُ: إِنَّ هَذَا الْمَالَ خَضِرَةٌ حُلْوَةٌ، فَمَنْ أَخَذَهُ بِسَخَاوَةِ نَفْسٍ بُورِكَ لَهُ فِيهِ، وَمَنْ أَخَذَهُ بِإِشْرَافِ نَفْسٍ لَمْ يُبَارَكْ لَهُ فِيهِ، كَالَّذِي يَأْكُلُ وَلا يَشْبَعُ، الْيَدُ الْعُلْيَا خَيْرٌ مِنْ الْيَدِ السُّفْلَى))، قَالَ حَكِيمٌ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ لا أَرْزَأُ أَحَدًا بَعْدَكَ شَيْئًا، حَتَّى أُفَارِقَ الدُّنْيَا.
وأكملت: فمن الخطأ الذي يقع فيه البعض تعنيف السائل وتغليظ القول له عندما يظن كذبه فصدق السائل وكذبه علمه عند الله فيعطى أو يمنع من غير إذلال أو إهانة بل يمنع إذلاله حتى مع العطاء ﴿ قَوْلٌ مَّعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِّن صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَآ أَذًى وَاللّهُ غَنِيٌّ حَلِيمٌ ﴾ [البقرة: 263].وعن أبي ذَرٍّ رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ثلاثة لا يُكَلّمهم الله يوم القيامة، ولا ينظر إِليهم، ولا يُزَكِّيهم، ولهم عذاب ألِيم) قال: فقرأها رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث مِرارٍ، قال أبو ذر: خابوا وخسروا من هم يا رسول الله؟ قال: (الْمُسْبِلُ والمَنَّانُ والمُنْفِقُ سلعته بالحلف الكاذب) رواه مسلم. قال ابن عثيمين: "المنان: الذي يَمن بما أعطى، إذا أحسن إلى أحد بشيء جعل يمن عليه: فعلتُ بك كذا، وفعلت بك كذا، و(المنّ) من كبائر الذنوب؛ لأن عليه هذا الوعيد، وهو مبطل للأجر لقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُم بِالْمَنِّ وَالأذَى} (البقرة:264)".
واختتمت: ومن حسن خلق الحبيب صلى الله عليه وسلم حينما يريد أن يغلق بابا حتى لا يسأله من لا يستحقه فيقع حرج في رده يغلقه بلطف فلا يتعرض للسائل ولا يصدر منه لفظ يفهم منه التعريض بالسائل أو أنه لايستحق ما طلبه ففي حديث سيدنا ابْنُ عَبَّاس رضي الله عنهماٍ: ((يَدْخُلُ الْجَنَّةَ... سَبْعُونَ أَلْفًا بِغَيْرِ حِسَابٍ ... فَخَرَجَ فَقَالَ هُمْ الَّذِينَ لَا يَسْتَرْقُونَ وَلَا يَتَطَيَّرُونَ وَلَا يَكْتَوُونَ وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ فَقَالَ عُكَاشَةُ بْنُ مِحْصَنٍ أَمِنْهُمْ أَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ نَعَمْ فَقَامَ آخَرُ فَقَالَ أَمِنْهُمْ أَنَا قَالَ سَبَقَكَ بِهَا عُكَّاشَةُ))؛ رواه البخاري ومسلم.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: افراد المجتمع
إقرأ أيضاً:
عضو مركز الأزهر العالمي للفتوى: العبادة يجب أن تكون في حدود القدرة دون تحميل
قال الشيخ السيد عرفة، عضو مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية، إن الشخص إذا لم يكن معتادًا على التسبيح مائة مرة يوميًا، فقد يجد صعوبة في الاستمرار عليه، حيث يبدأ بحماس في البداية، ثم يفقد قدرته على المواصلة، لذلك، من الأفضل أن يبدأ المسلم تدريجيًا بأذكار قليلة ثم يزيدها مع الوقت، بدلًا من أن يبدأ بكم كبير لا يستطيع الاستمرار عليه.
وأضاف السيد عرفة خلال حواره ببرنامج صباح البلد المذاع على قناة صدى البلد، إذا لم يكن الإنسان معتادًا على قراءته يوميًا، فمن الأفضل أن يبدأ بقراءة صفحة أو بضع صفحات بتدبر وفهم، بدلًا من أن يحمل نفسه قراءة أجزاء كبيرة قد لا يستطيع الالتزام بها على المدى الطويل.
واستشهد بحديث النبي صلى الله عليه وسلم حيث قال: "أكلفوا من العمل ما تطيقون"، ليؤكد أن الإسلام لا يدعو إلى التشدد في العبادات، بل إلى الالتزام بما يمكن للإنسان المواظبة عليه دون مشقة.
وتحدث عن موقف من سيرة النبي صلى الله عليه وسلم حين دخل المسجد ذات يوم، فوجد حبلًا مربوطًا بين ساريتين، فسأل عنه، فقيل له إنه للسيدة زينب، حيث كانت تمسك به أثناء الصلاة حتى لا تسقط من شدة التعب، فطلب النبي فكّه، وقال:"ليصلِّ أحدكم نشاطه، فإذا فتر فليجلس وليذكر الله"، في إشارة إلى أن العبادة يجب أن تكون في حدود الطاقة والقدرة، دون تحميل النفس ما لا تحتمل.