علي جمعة: كن مع الله فى كل أحوالك واخضع له وأذكره باسمه القهار
تاريخ النشر: 5th, November 2024 GMT
قال الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، أنه عبر تاريخنا تجاوزنا كثير من المحن، وإتحدت القلوب وجعل الله المحن بوتقة تصهر القلوب وتؤلفها إليه - سبحانه وتعالى - ، لا تيأس واقرأ الأحداث واستشف الغيب من ورائها وكن على يقين ، وعليك أن تعمل لله وأن تترك لله ، وفى حالة هزيمتنا أو فى حالة نصرنا ينبغى أن نبقى مع الله، فعندما انهزم المسلمون فى أُحد رجعوا مجهدين جرحى، والنساء ثكلى، فماذا فعل فيهم النبى ﷺ ؟ هل أعطى لهم أجازة ؟! أبداً، هم أولئك الذين ضربوا وجرحوا، وانكسرت قلوبهم، أخرجهم مرة ثانية فى أدبار المشركين، فلحقوا بهم عند موضع يقال له حمراء الأسد، فدخل المشركون فزعى من أولئك المسلمين، يظنون أنهم سيلحقون بهم الهزيمة، لم يستطع المسلمون أن يشتبكوا معهم اشتباكاً شديداً لكنهم أرعبوهم.
وأضاف جمعة، فى منشور له عبر صفحته الرسمية بموقع التواصل الإجتماعي فيسبوك، كن أيها المسلم مع الله فى كل أحوالك، نصرا وهزيمة ، علوا وانكسارا ، اخضع لربك واذكر باسمه تعالى القهار؛ فإن إسمه تعالى "القهار" يزلزل الكائنات وينصر المؤمنين ويثبت القلوب ، اذكروا بإسمه تعالى "القهار" حتى يكشف عن هذه الأمة الغمة وحتى ينصر عباده المؤمنين.
فى سياق أخر.. قال الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، إنه قد انتهى ربيع الآخر، وقد كان مشايخنا -رحمهم الله- يحتفلون بمولد النبي المصطفى والحبيب المجتبى ﷺ في الربيعين، ونريد أن نستفيد من ميلاد المصطفى ﷺ ، وهو الذي أرسله ربه رحمةً للعالمين وهدىً للمتقين وإمامًا للمرسلين وخاتمًا للنبيين ﷺ ، وأن يكون لنا عبرة وعظة، نعيش حياته في حياتنا، ونعيش هَدْيه في أنفسنا.
وأضاف جمعة، فى منشور له عبر صفحته الرسمية بموقع التواصل الإجتماعي فيسبوك، أن أهل الله الذين أحبوا الله فذكروه كثيرا، وأحبوا رسوله فاتبعوا هَدْيه وقاموا بسنته: "تصحيح البدايات تصحيح للنهايات"، وإذا ما تأملنا مشكلاتنا فإننا نراها قد كثرت علينا وأحاطت بنا من كل جانب، وإذا أردنا أن نغير من أنفسنا فيجب علينا أن نبدأ البدايات الصحيحة، وأن نجعل البداية من الآن ... هذه اللحظة .. وفي كل لحظة.
يستهين كثير من الناس بما ألِفناه من شرع الله تعالى؛ من كثرة تكراره في حياتنا، أو التزامنا به دون أن نعرف الحكمة منه، أو أننا قد استهنا به لأننا قد حوَّلناه من عبادةٍ إلى عادة .. فتفلِتُ منا البدايات فتضيع منا النهايات، والله - سبحانه وتعالى - يأبى ذلك ورسوله والمؤمنون.
صححوا البدايات، فيجب علينا أن نُصحح الوضوء ، وكثير من الناس يتعجب ما بال الوضوء وما بال مشكلاتنا التي نعيش فيها ليل نهار! ونُجيبه بكل بساطة: تصحيح البدايات تصحيح للنهايات؛ فالتفت إلى ذلك المعنى الكريم والنبي ﷺ يقول: (ابدأْ بِنَفْسِكَ ثُمَّ بِمَنْ يَلِيكَ) ، (كلُّكم راعٍ، وَكلكم مَسؤولٌ عن رَعيَّتِهِ) ، (وابدأْ بِمَنْ تَعولُ).
صححوا البدايات؛ ولذلك نرى السيدة نفيسة رضي الله تعالى عنها- وكانت من كبار العلماء المتصدرين- يرجع إليها الإمام الشافعي رضي الله تعالى عنه- وهو إمام مجتهد متبوع- فلما انتقل الشافعي قالت وهي تمدحه غاية المدح: "رحم الله الشافعي كان يُحسن الوضوء" ظن بعض القاصرين أنها تتعالى بعلمها عليه وحاشاها؛ فهي من العِترة الطاهرة .. وهي من العلماء العاملين .. وهي من الأتقياء الأصفياء الذين شهد لها الناس وألقى الله حبها في قلوبهم .. حاشاها أن تتعالى على إمام الأمة ومجتهدها، ولكنها كانت تشير إلى هذا المعنى : "كان رحمه الله تعالى يُحسن الوضوء"؛ وإذا كان يُحسن الوضوء فإنه تقبل صلاته فيصح عمله، فيرقى عند الله فيُقْبَلُ دعاؤه، فيخلص لله فيقبل إخلاصه ؛ وحينئذٍ رأينا كيف كان الإمام الشافعي بعد مماته نبراسًا للأمة.
صححوا البدايات فأحسنوا الوضوء؛ فإن إحسان الوضوء إنما هو من إحسان العمل، وإذا تعوَّد الإنسان إحسان العمل وعرف معانيه فإنه لن يتهرب ولن يتراخى في عمله ووظيفته، والنبي ﷺ كان يُعلمنا شيئًا يعرفه العالم والجاهل، الحضري والبدوي، وإذ به ينظم حياته كلها؛ والوضوء أمره سهل يسير كشأن الشريعة كلها، لم يفرضه الله حرجًا على المؤمنين ولا عَنَتًا عليهم، وإنما فرضه من أجل أن يطهرنا في الظاهر كما أمرنا أن نُطهر أنفسنا في الباطن؛ فنهانا - سبحانه وتعالى - عن الفحشاء والمنكر. {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ}، (اغسلوا وجوهكم) أمر حتم لابد منه في الوضوء ولا تصح الصلاة إلا بالوضوء ولا يصح الوضوء إلا بغسل الوجه، ولكن فيه إشارة : أن تُقابل الناس بوجهٍ طلق ، بوجهٍ نظيف ، بوجهٍ لا يُخفي حقدًا ولا حسدًا ولا غلاًّ ولا قصورًا ولا تقصيرًا، والنبي ﷺ في مراقي العمل الصالح يقول: (وَلَوْ أَنْ تَلْقَى أَخَاكَ بِوَجْهٍ طَلْقٍ) ، ويقول: (تَبَسُّمُكَ في وَجْهِ أَخِيكَ لَكَ صَدَقَةٌ). انظر إلى المعاني.
بداية الصلاة غسل الوجه {إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ} أي: واغسلوا أرجلكم { إِلَى الْكَعْبَيْنِ وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ } أي: فافهموا بدايتكم الصحيحة، وصححوا البدايات؛ فالأمر ليس أمر تطهر ظاهري، ولذلك جعل البدل من الماء التراب- الذي هو ضد الماء- أو من الصعيد الطيب- على ما اختلف فيه الفقهاء في تفسيرها لغةً- أي: كل ما صعد على الأرض من طيبٍ كما يقول الإمام مالك .
إذن {مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ}.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: المحن القهار الله تعالى ن الوضوء إ ل ى ال
إقرأ أيضاً:
حكم قراءة القرآن مصحوبا بالموسيقى.. دار الإفتاء تجيب
قالت دار الإفتاء المصرية، إن القيام بعمل مقاطع لآيات من القرآن الكريم مصحوبة بأي نوع من أنواع الموسيقى أو الاستماع إليها أو الترويج لها أو الإسهام في نشرها من أشد الكبائر المقطوع بحرمتها شرعًا.
عباس شومان: الأبحاث العلمية أثبتت ما أكده القرآن قبل 14 قرنًا أسامة الجندي: غض البصر في القرآن لـ«الذكر والأنثى» حماية للمجتمع من الفتنوتابعت دار الإفتاء في فتوى لها: وقد نفى الله الهزل عن القرآن ونزهه عنه بقوله تعالى: ﴿إِنَّهُ لَقَوْلٌ فَصْلٌ وَمَا هُوَ بِالْهَزْلِ﴾ [الطارق: 13، 14]، واللهو مرادف الهزل، فيجب تنزيه القرآن عنه.
وحذَّرت دار الإفتاء المصرية عموم الناس من تتبع مقاطع قراءة القرآن الكريم مصحوبةً بالموسيقى أو الترويج لها، فهذا الأمر ممنوعٌ شرعًا؛ لما فيه من الاطلاع على المنكر وتهوينِ شأنِ القرآن في القلوب، والأصل إماتة المنكر بالإعراض عنه، والبعد عن الانشغال باللغو الممنوع؛ وقد وصف الله عباده المؤمنين بقوله: {وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ} [المؤمنون: 3]، كما أنَّ في متابعة تلك المقاطع المسيئة إعانةً على إذاعة الباطل والمنكر ومساعدةً له في الانتشار بكثرة عدد مرات المشاهدات.
وحثَّت دار الإفتاء المصرية جموع المسلمين على ضرورة المبادرة إلى الإبلاغ عن هذه القنوات باعتبارها قنوات تدعو إلى الكراهية وتتضمن الإساءة إلى الأديان؛ فهذا يُعدُّ من القيام بواجبنا تجاه كتاب ربنا القرآن الكريم، كما أنَّه من الإعانة على إزالة المنكر.
وقد أكَّدت دار الإفتاء المصرية في بيان سابق أنَّ قراءة القرآن الكريم بمصاحبة المعازف والآلات الموسيقية أمرٌ محرمٌ شرعًا بإجماع الأمة، لما في ذلك من التهاون والتلاعب بمكانة القرآن الكريم وقدسيته، كما أنَّ فيه انتقاصًا لشأن القرآن الكريم في نفوس الناس، وأن من حق القرآن الكريم أن يُسمع في جوٍّ من السكينة والاحترام بما يليق بقدسيته وجلاله؛ قال الله تعالى: {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} [الأعراف: 204]، وتؤكد دار الإفتاء المصرية أن كل محاولات الاعتداء على القرآن الكريم قد باءت بالفشل وارتدت على صاحبها بالخيبة والخسران، وازداد القرآن الكريم نورًا وانتشارًا بحفظ الله تعالى له وتمسك المسلمين به.
ونبَّهت دار الإفتاء المصرية إلى أنَّ تحسين الصوت بالقرآن الكريم أمرٌ مستحبٌّ شرعًا؛ ففي الحديث الشريف أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يَتَغَنَّ بِالقُرْآنِ»، والضابط في ذلك: مراعاة شرط الأداء المعتبر، وعدم الإخلال بالقراءة الصحيحة من حيث مخارج الحروف وأحكامها المتلقاة بالسند المتصل من أهل الإقراء إلى سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
وتُهيب دار الإفتاء المصرية بالجميع إلى ضرورة المحافظة على قدسية القرآن الكريم وعدم المساس بها حتى تتحقق الغاية التي من أجلها نزل القرآن الكريم؛ فهو كتاب هداية أنزله الله تعالى على رسوله الكريم هدًى للناس وبيناتٍ من الهدى والفرقان.