حكم زيارة أضرحة آل البيت ومقامات الصالحين
تاريخ النشر: 5th, November 2024 GMT
قالت دار الإفتاء المصرية، إن زيارة مقامات آل البيت والأولياء والصالحين هي من أقرب القربات وأرجى الطاعات، ومشروعة بالأدلة من الكتاب والسنة؛ مثل قول الله تعالى: ﴿قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى﴾ الشورى: 23.
وروى مسلمٌ أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قام يَوْمًا خَطِيبًا، فَحَمِدَ الله وَأَثْنَى عَلَيْهِ، وَوَعَظَ وَذَكَّرَ، وكان فيما قال: «وَأَنَا تَارِكٌ فِيكُمْ ثَقَلَيْنِ: أَوَّلُهُمَا كِتَابُ الله، فِيهِ الْهُدَى وَالنُّورُ، فَخُذُوا بِكِتَابِ الله وَاسْتَمْسِكُوا بِهِ» فَحَثَّ عَلَى كِتَابِ الله وَرَغَّبَ فِيهِ، ثُمَّ قَالَ: «وَأَهْلُ بَيْتِي؛ أُذَكِّرُكُمُ الله فِي أَهْلِ بَيْتِي، أُذَكِّرُكُمُ الله فِي أَهْلِ بَيْتِي، أُذَكِّرُكُمُ الله فِي أَهْلِ بَيْتِي».
وقال سيدنا أبو بكر الصديق رضي الله عنه فيما رواه البخاري: "وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَقَرَابَةُ رَسُولِ الله صلى الله عليه وآله وسلم أَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ أَصِلَ مِنْ قَرَابَتِي"، وقال أيضًا: "ارْقُبُوا مُحَمَّدًا صلى الله عليه وآله وسلم فِي أَهْلِ بَيْتِهِ"، وعلى هذا إجماع الفقهاء وعمل الأمة سلفًا وخلفًا بلا نكير، والقول بأنها بدعة أو شرك قول مرذول، وكذب على الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم، وطعن في الدين وحَمَلَتِه، وتجهيل لسلف الأمة وخلفها.
ندب زيارة مقامات آل بيت النبوة
وأوضحت الإفتاء أن زيارة مقامات آل بيت النبوة من أقرب القربات وأرجى الطاعات قبولًا عند الله تعالى؛ فإن زيارة القبور على جهة العموم مندوب إليها شرعًا؛ حيث حثَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم على زيارة القبور فقال: «زُورُوا الْقُبُورَ فَإِنَّهَا تُذَكِّرُ الْمَوْتَ» رواه مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، وفي رواية أخرى للحديث: فَإِنَّهَا تُذَكِّرُ الآخِرَةَ.
وأضافت الإفتاء وأَوْلى القبور بالزيارة بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قبور آل البيت النبوي الكريم، وقبورهم روضات من رياض الجنة، وفـي زيـارتهم ومودتهم برٌّ وصلة لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كما قال الله تعالى: ﴿قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى﴾ [الشورى: 23].
أدلة مشروعية زيارة قبور آل البيت
وقالت الإفتاء: زيارة قبور آل البيت والأولياء مشروعة بالكتاب والسنة وعمل الأمة سلفًا وخلفًا بلا نكير: فمن الكتاب الكريم: قوله تعالى:﴿قَالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلَى أَمْرِهِمْ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِمْ مَسْجِدًا﴾ [الكهف: 21]، فجعلت الآية بناء المسجد على قبور الصالحين التماسًا لبركتهم وآثار عبادتهم أمرًا مشروعًا.
قال الإمام البيضاوي: [لما كانت اليهود والنصارى يسجدون لقبور أنبيائهم تعظيمًا لشأنهم، ويجعلونها قبلة، ويتوجهون في الصلاة نحوها، واتخذوها أوثانًا، لعنهم الله ومنع المسلمين عن مثل ذلك ونهاهم عنه، أما من اتخذ مسجدًا بجوار صالح أو صلى في مقبرته وقصد به الاستظهار بروحه ووصول أثر من آثار عبادته إليه لا التعظيم له والتوجه فلا حرج عليه؛ ألا ترى أن مدفن إسماعيل في المسجد الحرام ثم الحَطِيم، ثم إن ذلك المسجد أفضل مكان يتحرى المصلي بصلاته، والنهي عن الصلاة في المقابر مختص بالمنبوشة؛ لما فيها من النجاسة] اهـ. نقلًا عن "فيض القدير" للعلامة المناوي، / 466، ط. المكتبة التجارية الكبرى.
ومن السنة النبوية الشريفة: أن النبيَّ المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم قام بزيارته قبر أمه عليها السلام؛ فقد روى الإمام أحمد ومسلم في "صحيحه" وأبو داود وابن ماجه، وغيرهم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم زار قبرَ أمه، فبَكَى وأبكى مَن حولَه، وأخبر أن الله تعالى أذن له في زيارتها، ثم قال: «فَزُورُوا الْقُبُورَ فَإِنَّهَا تُذَكِّرُ الْمَوْتَ».
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: زيارة مقامات آل البيت الأولياء والصالحين مقامات آل البيت الإفتاء صلى الله علیه وآله وسلم الله تعالى آل البیت
إقرأ أيضاً:
محبة النبي لمعاوية.. دروس في العبادة والذكر
في لحظة من لحظات الحب والود بين النبي محمد صلى الله عليه وسلم وصحابي جليل، يبرز حديث يُعتبر من أروع الأمثلة على العلاقة الإنسانية الروحية بين النبي وأصحابه، الحديث الذي نقله لنا معاذ بن جبل رضي الله عنه، حيث كان النبي صلى الله عليه وسلم يعبر عن محبته له ويوجهه إلى دعاء عظيم، يعد من أهم الأدعية التي يمكن للمسلم أن يدعو بها بعد كل صلاة، في السطور التالية نتناول هذا الحديث ونتعرف على مغزاه العميق في توجيه العبادة وضرورة الذكر والشكر في حياة المسلم.
نص الحديث
قال معاذ بن جبل رضي الله عنه: "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ بيدي، وقال: يا معاذ، والله إني لأحبك، والله إني لأحبك، فقال معاذ: "أوصيك يا معاذ لا تدعَنَّ في دبر كل صلاة أن تقول: اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك". (رواه أبو داود).
من خلال هذا الحديث، يظهر لنا جانب إنساني عميق في حياة النبي صلى الله عليه وسلم مع صحابته. محبته لمعاوية رضي الله عنه لم تكن مجرد كلمات عابرة، بل كانت مشاعر صادقة تشبع قلوب الصحابة بالثقة والمودة. ما يلفت الانتباه في الحديث هو تكرار النبي صلى الله عليه وسلم لعبارة "إني لأحبك"، وهو ما يعكس عمق المحبة التي كان يكنها لأصحابه، ويحثهم على الاهتمام بالله سبحانه وتعالى في جميع تفاصيل حياتهم.
المحبة التي أعلنها النبي صلى الله عليه وسلم هي محبة مبنية على التقوى والصلاح، محبة تمحورت حول الخير والدعوة إلى الله، واهتمت في المقام الأول بتوجيه الصحابة إلى عبادة صحيحة تضمن لهم رضا الله عز وجل.
الدعاء المبارك: "اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك"
بعد أن عبّر النبي صلى الله عليه وسلم عن محبته لمعاوية، جاء التوجيه الهام في صورة دعاء بسيط ولكنه عميق، يدعو فيه المسلم إلى ما يضمن له النجاح في عبادته وحياته اليومية. الدعاء الذي أوصى به النبي صلى الله عليه وسلم معاذًا في دبر كل صلاة يحمل معانٍ كبيرة ومهمة:
الذكر: أول جزء في الدعاء هو طلب العون على ذكر الله. الذكر يعتبر من أهم وسائل التقرب إلى الله، ويمنح القلب السكينة والطمأنينة. الذكر في الإسلام لا يقتصر على ترديد الكلمات فقط، بل هو حالة من الارتباط الروحي المستمر بالله، وتحقيق مراقبته في كل وقت وحين. وعندما يطلب المسلم من الله أن يعينه على ذكره، فهو يطلب منه أن يكون اللسان والقلب في حالة من التذكر المستمر لأسمائه الحسنى وصفاته العلى.
الشكر: في الدعاء، يطلب معاذ رضي الله عنه أن يعينه الله على شكره. الشكر لله هو الاعتراف بنعمه على الإنسان، ويعني أن المسلم يعترف بكل ما وهبه الله له، ويعبر عن امتنانه بتسخير هذه النعم في طاعة الله. الشكر لا يتوقف فقط على التحدث بالكلمات، بل يتحقق من خلال استخدام هذه النعم فيما يرضي الله، والقيام بأداء الواجبات الدينية على أكمل وجه.
حسن العبادة: دعاء معاذ رضي الله عنه يحتوي أيضًا على طلب العون في تحسين العبادة. حسن العبادة يعني أن تكون العبادة متقنة، خالصة لوجه الله، بعيدة عن الرياء والتفاخر. المسلم الذي يحرص على تحسين عباداته هو من يسعى دائمًا لزيادة قربه من الله، ويعمل على أداء الصلاة والصيام والزكاة وغيرها من العبادات بأفضل صورة.
العبرة من الحديث
هذا الحديث يحمل دروسًا عظيمة للمسلمين في مختلف جوانب حياتهم. من أولى هذه الدروس أهمية الحفاظ على ذكر الله، خاصة بعد أداء الصلوات. كما يعكس الدعاء الحاجة المستمرة إلى العون الإلهي في كل جوانب العبادة، حيث لا يستطيع الإنسان بمفرده أن يؤدي عبادة مثالية بدون توفيق الله ورعايته.
كذلك، فإن محبة النبي صلى الله عليه وسلم لصحابته وتوجيهاته في حياتهم اليومية لا تقتصر على معاذ بن جبل فقط، بل هي دروس لكل مسلم. محبة النبي صلى الله عليه وسلم ليست مجرد كلام، بل هي توجيه عملي لتحسين الحياة الروحية والأخلاقية.
حديث معاذ بن جبل رضي الله عنه يعد من الأحاديث التي تؤكد على أهمية الذكر والشكر وحسن العبادة في حياة المسلم. هذا الدعاء المبارك الذي أوصى به النبي صلى الله عليه وسلم يعتبر بمثابة منارة لكل مسلم يسعى لتطوير عباداته وتقوية علاقته بالله. وقد تظل كلمات النبي صلى الله عليه وسلم في محبته وحرصه على توجيه الصحابة إلى الأفعال التي تقربهم إلى الله، درسًا خالدًا لنا جميعًا في زمننا هذا.