استضافت جيبوتي السبت والأحد الماضيين، فعاليات مؤتمر المراجعة الوزاري الثالث لشراكة تركيا-أفريقيا، الذي جمع وزير الخارجية التركي هاكان فيدان مع نظرائه من 14 دولة أفريقية.

ومن المقرر أن تعقد قمة الشراكة، التي تنظم كل 5 سنوات على مستوى القادة، في إحدى دول أفريقيا عام 2026.

وخلال مؤتمر صحفي مشترك، ضم إلى جانب فيدان كلا من وزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي في جيبوتي، محمود علي يوسف، ووزير الخارجية الموريتاني محمد سالم ولد مرزوك، ورئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي موسى فكي محمد، شدد فيدان على "أهمية توسيع وتعميق الشراكة مع الاتحاد الأفريقي".

وأكد فيدان، في كلمته أمام المشاركين، أن تركيا تواصل تعزيز حضورها في أفريقيا من خلال استثماراتها المتنامية التي تشمل فرصا في مجالات الأمن والاقتصاد والاجتماع والعمل الإنساني.

كما أشار إلى أن تركيا تعمل على تطوير شراكتها مع الاتحاد الأفريقي كركيزة أساسية في سياستها تجاه القارة، وهذا يعكس التزام أنقرة بدعم استقرار ونمو القارة الأفريقية.

شراكة اقتصادية

تولي تركيا اهتماما إستراتيجيا بتعزيز علاقاتها مع الاتحاد الأفريقي، الذي يمثل 55 دولة، بهدف بناء شراكة أكثر استدامة وعمقا على أسس مؤسساتية. فمنذ تصنيفها "شريكا إستراتيجيا" للاتحاد الأفريقي عام 2008، شهدت العلاقات بين الجانبين تطورا متسارعا يعكس الرؤية التركية لتوطيد الحضور في القارة.

واعتبارا من عام 2013، تم تغيير سياسة انفتاح تركيا على أفريقيا إلى "سياسة الشراكة الأفريقية"، حيث باتت أنقرة من بين الشركاء الإستراتيجيين التسعة للاتحاد الأفريقي.

وأشار وزير الخارجية التركي فيدان إلى امتلاك بلاده حاليا 44 سفارة و6 قنصليات عامة في أنحاء أفريقيا، بينما بلغ عدد السفارات الأفريقية في أنقرة 38، وأوضح أن الرئيس رجب طيب أردوغان يُعد من أكثر القادة الأجانب زيارةً لأفريقيا، حيث أجرى أكثر من 50 زيارة شملت 31 دولة أفريقية، ما يؤكد عمق الروابط الدبلوماسية المتبادلة.

الاستثمارات التركية المباشرة في أفريقيا تجاوزت قيمتها 7 مليارات دولار ( الأناضول)

وأوضح فيدان أن الاستثمارات التركية المباشرة في أفريقيا تجاوزت قيمتها 7 مليارات دولار، في حين نفذت الشركات التركية أكثر من 1800 مشروع بقيمة إجمالية تقارب 85 مليار دولار، وهذا يعكس التزام تركيا بتنمية البنية التحتية وخلق فرص العمل في القارة.

وأضاف: "هدفنا هو توسيع وتعميق تعاوننا مع الاتحاد الأفريقي"، موضحا أن تركيا تعمل بتعاون وثيق مع جميع الجهات المعنية لتنفيذ خطة العمل المشتركة التي أُقرت في القمة الثالثة عام 2021.

وشهدت العلاقات التجارية بين تركيا وأفريقيا نموا هائلا على مدى العقدين الماضيين، إذ ارتفعت صادرات تركيا إلى القارة من 2.1 مليار دولار عام 2003 إلى 22 مليار دولار في 2023.

وفي المقابل، بلغت واردات تركيا من أفريقيا 15 مليار دولار، ما يعكس توجه البلدين نحو شراكة تجارية متوازنة.

وارتفع إجمالي حجم التجارة بين الجانبين من 5.4 مليارات دولار في عام 2003 إلى 35 مليار دولار في 2023، واقترب حجم التبادل التجاري في الأشهر التسعة الأولى من هذا العام من 27 مليار دولار، منها 15.8 مليار دولار صادرات تركية و11.1 مليار دولار واردات أفريقية.

وخلال كلمته في النسخة الثالثة من منتدى الاقتصاد والأعمال التركي-الأفريقي عام 2021، وضع أردوغان هدفا إستراتيجيا لتركيا يتمثل في زيادة حجم التبادل التجاري مع أفريقيا إلى 50 مليار دولار في المرحلة الأولى، ثم إلى 75 مليار دولار.

نمو تجاري

وشهدت الاستثمارات التركية في القارة نموا لافتا، وتجاوزت قيمتها السوقية 10 مليارات دولار، وأسهمت في توفير نحو 100 ألف فرصة عمل في أفريقيا.

وعلى صعيد آخر، تُعد الثروات الطبيعية الغنية في أفريقيا دافعا رئيسا لتعزيز التعاون في مجالات الطاقة، إذ وقعت تركيا اتفاقيات تعاون في قطاعات الهيدروكربونات والتعدين مع نحو 20 دولة أفريقية.

ويحتل التعاون العسكري والدفاعي مكانة بارزة ضمن أولويات تركيا في أفريقيا، حيث تقدم تدريبات عسكرية وتبيع معدات دفاعية للعديد من دول القارة، مركزة بشكل خاص على تعزيز قدرات الدول في غرب أفريقيا في مكافحة الإرهاب، في ظل تصاعد التهديدات الإرهابية.

وترى تركيا في أفريقيا شريكا إستراتيجيا وطرفا أساسيا في سياساتها الخارجية، وتهدف إلى تحويل هذه العلاقة إلى شراكة طويلة الأمد تحقق المصالح المشتركة وتواجه التحديات التي تعيق التنمية والاستقرار في القارة.

تحديات وعوائق

وأكد الباحث الاقتصادي عثمان إيبيك على الأهمية المتزايدة للعلاقات بين تركيا وأفريقيا، مشيرا إلى أن القارة الأفريقية تمثل فرصة اقتصادية كبيرة بفضل اقتصاداتها سريعة النمو ومواردها الطبيعية الغنية.

وأضاف أن تطوير هذه العلاقات على أسس مستدامة تقوم على الاحترام المتبادل يمكن أن يعزز من مكانة تركيا في الساحة الدولية ويساهم في تنمية الدول الأفريقية.

وأوضح الباحث في حديثه للجزيرة نت، أن عدم الاستقرار السياسي والأمني يمثل أحد أبرز التحديات التي تعوق تطور العلاقات الاقتصادية والتجارية بين تركيا وأفريقيا.

وأشار إلى أن العديد من الدول الأفريقية تواجه تهديدات مثل الصراعات الداخلية، والإرهاب، والانقلابات العسكرية، وهذا يؤدي إلى بيئة استثمارية غير مستقرة ويضعف الثقة لدى المستثمرين والشركات التركية الراغبة في التوسع في القارة.

وأضاف أن هناك تحديات أخرى متعلقة بالبنية التحتية الضعيفة في بعض المناطق الأفريقية، خاصة فيما يتعلق بالنقل والشحن، وهو ما يرفع تكاليف الاستثمار ويحد من قدرة تركيا على تعزيز حضورها الاقتصادي هناك.

وأكد أن الشركات التركية، رغم رغبتها في الاستثمار في قطاعات مثل البناء والطاقة والصناعات التحويلية، تحتاج إلى بيئة عمل أكثر استقرارا وتكاملا من الناحية اللوجستية.

وأشار إيبيك أيضا إلى أن القيود التنظيمية والبيروقراطية المعقدة في بعض الدول الأفريقية تشكل عائقا أمام تنفيذ المشاريع وإبرام الاتفاقيات، حيث تجد الشركات الأجنبية صعوبة في الحصول على التصاريح اللازمة والإجراءات القانونية المرتبطة بالاستثمار.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات مع الاتحاد الأفریقی ملیارات دولار ملیار دولار فی أفریقیا فی القارة دولار فی إلى أن

إقرأ أيضاً:

تركيا تعتزم تجديد عرضها للوساطة بين روسيا وأوكرانيا

يعتزم وزير الخارجية التركي هاكان فيدان تكرار عرض بلاده استضافة محادثات سلام بين أوكرانيا وروسيا في اجتماع للزعماء الأوروبيين في لندن غدا الأحد، والتأكيد أيضا على التزام أنقرة بسلامة أراضي أوكرانيا وسيادتها.

ونقلت وكالة رويتر -اليوم السبت- عن مصدر تركي مطلع قوله "من المتوقع أن يؤكد فيدان أن تركيا، مستعدة لتولي هذا الدور في الفترة المقبلة، ويدعو جميع الأطراف إلى التركيز بشكل مشترك على الأمن والاستقرار الإقليمي الدائم، فضلا عن الرخاء الاقتصادي".

يذكر أن تركيا العضو في حلف شمال الأطلسي (الناتو) استضافت محادثات أولية بين الجانبين بعد أشهر من الغزو الروسي لأوكرانيا عام 2022، مما ساعد في تأمين اتفاق للمرور الآمن لصادرات الحبوب في البحر الأسود. وقالت إن أي محادثات سلام مستقبلية يجب أن تشمل البلدين.

وفي حين دعت أنقرة مرارا إلى وقف إطلاق النار منذ عام 2024، رحبت بالمبادرة الأميركية لإنهاء الحرب، والتي خرجت عن مسارها بسبب جدال علني بين الرئيسيين الأميركي دونالد ترامب، والأوكراني فولوديمير زيلينسكي أمس الجمعة.

وتتمتع تركيا، وهي دولة ساحلية على البحر الأسود مثل أوكرانيا وروسيا، بعلاقات جيدة مع كلا البلدين منذ بداية الحرب. وقد قدمت لكييف الدعم العسكري، في حين رفضت المشاركة في العقوبات الغربية ضد موسكو.

إعلان

وزار زيلينسكي تركيا الشهر الماضي، وقال نه يرى تركيا كضامن أمني مهم لأوكرانيا، وفي اليوم نفسه الذي التقى فيه ممثلون عن الولايات المتحدة وروسيا لإجراء محادثات -دون مشاركة كييف- في الرياض بهدف إنهاء الحرب.

ويوم الاثنين، أجرى وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أيضًا محادثات في أنقرة. ويوم الخميس، اجتمعت وفود من الولايات المتحدة وروسيا في إسطنبول لإجراء محادثات تهدف إلى معالجة القضايا الثنائية المتعلقة بعمليات سفارتيهما.

مقالات مشابهة

  • 9 تحديات كبيرة تواجه القيادة الجديدة للاتحاد الأفريقي
  • قمة تاريخية في أنقرة.. تركيا وبريطانيا تجتمعان من أجل سوريا
  • مشاورات تركية-بريطانية في أنقرة لبحث التطورات في سوريا
  • تركيا أكبر مخاوف إسرائيل حاليًا
  • مصر تعزز مكانتها الاقتصادية ضمن قائمة أكبر 10 دول أفريقية في احتياطي الذهب
  • تركيا تدخل من جديد في استضافة محادثات سلام بين أوكرانيا وروسيا
  • تركيا تعتزم تجديد عرضها للوساطة بين روسيا وأوكرانيا
  • كيا الشرق الأوسط وأفريقيا تعلن عن عقد شراكة مع ريوت جيمز في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا
  • الإطار: بعد حل حزب الـpkk يجب إخراج القوات التركية من شمال العراق
  • حاتم باشات: مصر واجهت التهجير بشجاعة.. القاهرة استعادت ريادتها الإفريقية.. وإسرائيل تقوم بدور خبيث بالقارة السمراء | حوار