تعيش إسرائيل حالة من التردد وعدم اليقين بشأن البدائل الممكنة لتقديم المساعدات الإنسانية في غزة، وذلك بعد حظرها عمل وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا).

وحسب المقال الذي نشرته الكاتبة عيناف حلبي في يديعوت أحرونوت اليوم الأربعاء، فإن انسحاب الأونروا يثير مخاوف حقيقية من حدوث فوضى إنسانية غير مسبوقة في القطاع.

وتسلط الكاتبة الدرزية الإسرائيلية الضوء على الخيارات الصعبة لإسرائيل لاستبدال الوكالة، التي توظف 13 ألف شخص في غزة، كما أنها تشكك في مدى فاعلية الحكومة الإسرائيلية في توزيع المساعدات على مئات الآلاف من النازحين، وتشير إلى عدد من السيناريوهات البديلة التي تحمل مخاطر وتحديات خاصة بها.

الفوضى المحتملة

تصف حلبي -في مقالها- سيناريو الفوضى بوصفه أكثر السيناريوهات الواقعية التي قد تحدث في حال انسحاب الأونروا من غزة. وتشير إلى أن هنالك أكثر من 600 شاحنة محملة بالمساعدات تنتظر الدخول، ولكن يبدو أن توقف الأونروا عن العمل قد يضعف الجهود، ويحول دون توزيعها بشكل منتظم وفعال، مما يعرض النازحين لمخاطر عديدة، خاصة مع تأخر هذه المساعدات في المستودعات.

وتضيف حلبي أن انسحاب الأونروا سيترك فراغا لا يسهل ملؤه، إذ تنقل عن أحد النازحين قوله: "إن الفوضى في التوزيع تزداد سوءا يوما بعد يوم، فعديد من المساعدات تباع في الأسواق، بينما يحصل النازحون فقط على بقاياها".

ومع انسحاب الأونروا، دعمت إسرائيل بعض المنظمات الإنسانية الأجنبية لسد الفراغ، منها "المطبخ المركزي العالمي" الذي قتلت إسرائيل 7 من موظفيه في غارة على سياراته في أبريل/نيسان الماضي.

وقالت الكاتبة إن عددا من هذه المنظمات يواجه تحديات كبيرة بسبب الظروف الأمنية التي تعوق نشاطها، وعدم قدرتها على سد كافة الاحتياجات.

وأشارت إلى منظمات أخرى مثل النداء الإنساني في المملكة المتحدة، التي توزع الطرود الغذائية عن طريق موظفيها من سكان غزة، بالإضافة إلى منظمة "أنيرا" الأميركية، التي توزع الطعام المطبوخ على النازحين في المواصي وخان يونس، فضلا عن استمرار عمل هيئة الإغاثة الإنسانية التركية (IHH) التي توزع المساعدات عن طريق متطوعين أتراك وسكان غزة.

ولكنها لا تنسى أن تشير إلى التهديدات الأمنية، خصوصا القصف الإسرائيلي الذي يجعل حياتهم في خطر حقيقي ويدفعهم للمغادرة، كما تتجاهل سعي إسرائيل لإضعاف حكومة حركة المقاومة الإسلامية (حماس) من خلال استهداف شخصياتها التي كانت تقوم بدور مهم في تنسيق توزيع المساعدات.

وتلفت الانتباه إلى أن بعض المنظمات تعترف بأن عددا من المواد يذهب بالفعل إلى الأسواق، مما يبرز عجز المنظمات عن توفير الأمن اللازم في عملية التوزيع.

وبالإضافة إلى المساعدات المستمرة التي تدخل غزة، يقدم تحالف من 6 دول بانتظام مساعدات جوية إلى غزة. وتقوم طائرات من الأردن ومصر والولايات المتحدة وبلجيكا وهولندا وفرنسا بإسقاط المساعدات التي تتكون عادة من مغذيات ووجبات جاهزة للأكل.

ولم تثبت هذه الطريقة فعاليتها، إذ قُتل عدد كبير من النازحين بإلقاء المساعدات مباشرة على خيامهم.

الحكومة العسكرية

وحسب الكاتبة، فإن أحد الخيارات المطروحة على طاولة الحكومة الإسرائيلية هو إقامة حكومة عسكرية مؤقتة، تتولى من خلالها القوات الإسرائيلية مسؤولية توزيع المساعدات.

ولكن هذا الخيار يواجه صعوبات كبيرة، أبرزها التكلفة الهائلة المقدرة بـ5 مليارات شيكل سنويا (نحو 1.33 مليار دولار)، بالإضافة إلى المخاطر الأمنية الكبيرة التي قد يتعرض لها الجنود، إذ إن "الاحتكاك اليومي مع سكان غزة سيعرضهم للخطر ويضعهم في مواجهة مباشرة مع السكان".

كما ترى حلبي أن هذا الخيار قد يؤدي إلى زيادة الضغوط الدولية على إسرائيل، مما قد يجعل من الصعب عليها تطبيق هذا السيناريو، خصوصا أن المجتمع الدولي غالبا ما يعارض إقامة حكومات عسكرية على أراض محتلة.

وتقول حلبي إن إسرائيل جربت خيار التعاون مع العشائر والعائلات الكبيرة في غزة كبديل آخر، ولكنها تؤكد أن "هذه الجهود لم تصل إلى نتائج ملموسة بسبب تهديدات حركة حماس، التي تنظر إلى هذه الخطوات على أنها محاولة لزرع نفوذ إسرائيلي بطرق ملتوية".

وفي حين تتجاهل حلبي أن عددا من وجهاء العشائر رفضوا التعاون مع إسرائيل من تلقاء ذاتهم، فإنها تعتبر أن هذه العشائر "عائلات إجرامية أحيانا، حيث إنها مدججة بالسلاح وتتمتع بنفوذ كبير، مما قد يجعل منها شريكا صعب التعامل معه"، حسب الكاتبة.

دور محتمل للسلطة الفلسطينية

وفي المقابل، تشير الكاتبة إلى أن مصر، بوصفها وسيطا إقليميا، تواصل دعم فكرة استعادة السلطة الفلسطينية السيطرة على قطاع غزة. وترى القاهرة أن هذا السيناريو يمكن أن يحقق استقرارا مستداما في غزة ويعيد تنظيم عمليات توزيع المساعدات.

لكن العقبة الرئيسية تكمن في استمرار الخلاف بين حركتي فتح وحماس، إذ إن "الاتفاق الوطني بين الطرفين لم يتحقق حتى الآن، مما يجعل من غير الواضح إذا ما كان هذا الخيار قابلا للتطبيق فعليا".

ومع ذلك، فإن السلطة الفلسطينية مهتمة باستعادة السيطرة على غزة، رغم الوضع الاقتصادي المتردي الذي تعيشه، إذ يرى مسؤولوها أن العودة إلى غزة قد تمكنهم من فرض النظام وتحقيق الأمن في القطاع. إلا أن إسرائيل تخشى أن يؤدي هذا إلى عودة نفوذ حماس تدريجيا، وهو أمر لا ترغب فيه تل أبيب بأي شكل.

ختاما، رغم أن حلبي ترى أن هذه الخيارات المتاحة أمام إسرائيل قد تتغير مع تطور الأوضاع، لكنها تؤكد حالة الحيرة الإسرائيلية في اتخاذ قرار واضح بشأن بدائل الأونروا في غزة، إذ إن "كل خيار يحمل تحديات خاصة به، فضلا عن الضغوط الدولية المتوقعة التي قد تواجهها إسرائيل في حال اتخاذها خطوات مثيرة للجدل مثل إقامة حكومة عسكرية".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات الجامعات انسحاب الأونروا توزیع المساعدات فی غزة

إقرأ أيضاً:

إسرائيل ترسل 10 آلاف طرد من المساعدات الغذائية للدروز في سوريا

أعلنت إسرائيل عن إرسال 10,000 طرد من المساعدات الغذائية إلى الطائفة الدرزية في سوريا، في إطار سعيها إلى بناء علاقات مع الأقلية لتشكيل المرحلة الانتقالية المضطربة في البلاد.

اعلان

وقالت وزارة الخارجية الإسرائيلية، يوم الخميس، إن العملية تمت خلال الأسابيع الماضية بالتنسيق مع قادة محليين من الطائفة الدرزية، حيث تم تسليم معظم المساعدات إلى منطقة السويدا ذات الأغلبية الدرزية في جنوب سوريا. 

وأصدرت الوزارة مقطع فيديو يظهر محتويات صناديق المساعدات الغذائية، بالإضافة إلى عمال يقومون بتحميل الطرود على الشاحنات.

وتدعي إسرائيل، أن هذه المساعدات تهدف إلى دعم أقلية تواجه تحديات في بلد يحكمه الإسلاميون الآن.

Relatedالشرع: سوريا غير قابلة للتقسيم وليست حقلاً للتجاربهجوم إسرائيلي على ميناء طرطوس شمال غربي سورياالمجتمع الدرزي في سوريا يطالب بضمان دور فاعل للأقليات في الحكم الجديد

ومع ذلك، يرفض العديد من أفراد الطائفة الدرزية هذه المبادرات، بينما يتهم محللون إسرائيل بالسعي لإضعاف سوريا وتقسيمها بعد الإطاحة بالرئيس بشار الأسد.

مساعدات غذائية من إسرائيل إلى الدروز في سورياAP Photoسياسة إسرائيل في سوريا

وبعد الإطاحة بالأسد، سيطرت إسرائيل على منطقة عازلة في جنوب سوريا، وقامت بسلسلة من الغارات الجوية لتدمير القدرات العسكرية السورية. كما أصدرت أوامر بعدم عمل القوات الأمنية التابعة للحكومة السورية الجديدة جنوب العاصمة دمشق.

وتزعم إسرائيل، أن تصرفاتها في سوريا تهدف إلى حماية مواطنيها من الجماعات المدعومة من إيران، والتي كانت متحالفة مع نظام الأسد، وكذلك من الحكومة الجديدة التي يقودها زعيم سابق لتنظيم القاعدة قطع صلته بالتنظيم قبل عدة سنوات.

Go to accessibility shortcutsشارك هذا المقالمحادثة مواضيع إضافية فيديو مثير للجدل لرئيس لجنة الأمن القومي بالكنيست الإسرائيلي يدعو فيه للسيطرة على سوريا والأخير ينفي قصف إسرائيلي يستهدف مبنى سكنيا في مشروع دمر بالعاصمة السورية بعد قسد.. الشرع يتوصّل إلى اتفاق أوّلي مع وجهاء السويداء وهذه بنوده سورياإسرائيلالمساعدات الإنسانية ـ إغاثةاعلاناخترنا لكيعرض الآنNext بالزي العسكري.. بوتين يأمر قواته بأن تلحق بـ "العدو المتحصن في كورسك هزيمة ساحقة وبأسرع وقت" يعرض الآنNextعاجل. قصف إسرائيلي يستهدف مبنى سكنيا في مشروع دمر بالعاصمة السورية يعرض الآنNext ترامب يثير الجدل بعد استخدامه مصطلح "فلسطيني" كإهانة لشومر يعرض الآنNext في ظل التقارب بين واشنطن وموسكو.. وزراء دفاع أوروبا يناقشون استراتيجية جديدة لدعم أوكرانيا يعرض الآنNext حرب التعريفات.. كندا تفرض رسوما جمركية على الواردات الأمريكية ردا على رسوم ترامب اعلانالاكثر قراءة بعد قسد.. الشرع يتوصّل إلى اتفاق أوّلي مع وجهاء السويداء وهذه بنوده برج إيفل مغطى بحجاب إسلامي.. فيديو دعائي يثير جدلاً واسعاً في فرنسا "جعلتم حياتي بائسة".. نتنياهو ينفجر غضبًا أمام المحكمة والقاضي يحذّره: "اخفض صوتك" من بين الأعنف خلال 40 عاما: زلزال قوي يهز نابولي ليلا دعماً للتنوع في كرة القدم.. الأمير ويليام يترك البروتوكول جانباً ويدخل عالم التحكيم اعلان

LoaderSearchابحث مفاتيح اليومدونالد ترامبإسرائيلالصراع الإسرائيلي الفلسطيني محادثات - مفاوضاتفولوديمير زيلينسكيسورياروسياوقف إطلاق النارواشنطنفلاديمير بوتينالإسلامالسعوديةالموضوعاتأوروباالعالمالأعمالGreenNextالصحةالسفرالثقافةفيديوبرامجخدماتمباشرنشرة الأخبارالطقسآخر الأخبارتابعوناتطبيقاتتطبيقات التواصلWidgets & ServicesAfricanewsعرض المزيدAbout EuronewsCommercial ServicesTerms and ConditionsCookie Policyسياسة الخصوصيةContactWork at Euronewsتعديل خيارات ملفات الارتباطتابعوناالنشرة الإخباريةCopyright © euronews 2025

مقالات مشابهة

  • محمد رجب يعلن لأول مرة: تزوجت دانا حلبي من سنة ونصف
  • الأونروا: افتتحنا 130 مقرا مؤقتا بغزة لتعليم نحو 47 ألف طفل
  • رئيس الوزراء البريطاني: المساعدات العسكرية إلى أوكرانيا يجب ألا تتوقف
  • كاتس: إسرائيل ستبقى في المواقع الخمسة التي أنشأتها في جنوب لبنان
  • مقترح أوروبي بمضاعفة المساعدات العسكرية لأوكرانيا
  • باكستان تطالب بمحاسبة إسرائيل على جرائم الحرب ضد الفلسطينيين
  • رئيس دفاع النواب.. قطع المعونة العسكرية الأمريكية لا يمس اتفاقية السلام مع إسرائيل
  • لجنة تحقيق أممية تتهم إسرائيل بارتكاب "أعمال إبادة" في غزة
  • إسرائيل ترسل 10 آلاف طرد من المساعدات الغذائية للدروز في سوريا
  • حركة الفصائل الفلسطينية تحذر من “مجاعة جديدة” بغزة جراء الحصار الإسرائيلي