الازدحـام المروري في المعبيلـة الجنوبيـة .. متـى ينتهـي ؟!
تاريخ النشر: 5th, November 2024 GMT
ضرورة فتح طرق جديدة تربط بين المناطق وتطوير التصميم الحالي التخطيط العمراني الجيد وتوزيع الأنشطة التجارية والسكنية أبرز الحلول تتحول شوارع المعبيلة الجنوبية، مع كل صباح ومساء، إلى شريان متصلب، يعوقه الازدحام المروري الخانق، فما إن تبزغ خيوط الفجر، حتى تبدأ رحلة العناء اليومية لسكان هذه المنطقة، الذين يجدون أنفسهم عالقين في سياراتهم لساعات طويلة، يحاولون شَقّ طريقهم وسط الزحام، بحثًا عن مخرج من هذا «الواقع».
فما أسباب هذه الأزمة المرورية الخانقة؟ وهل من حلول ومقترحات وممارسات فعّالة يمكن أن تُساهم في التخفيف منها؟ سنستعرض في هذا الاستطلاع ردود الأفعال المختلفة من الخبراء وقاطني المنطقة، من خلال رصد واقع الازدحام المروري في المعبيلة الجنوبية، والتعرف على أسبابه، واستعراض الحلول والمقترحات والممارسات التي يمكن أن تُساهم في التخفيف من حدة هذه الأزمة، مع التركيز على أهمية تكاتف جميع الجهات المعنية وأهالي المنطقة لإيجاد حلول جذرية ومستدامة لهذه المشكلة. الكثافة السكانية في الحديث عن المُشكلة يقول المهندس فدا بن أحمد البلوشي - عضو المجلس البلدي بولاية السيب: عناصر المرور الأساسية ثلاثة: هي السائق والمركبة والطريق، وعند دراسة كل عنصر وتحليل السلبيات الناتجة عنه، يمكننا الوصول إلى حلول لمعالجة هذه المشكلة، فبالنسبة لعنصر السائق، نجد العديد من السائقين لديهم قلة التزام بالقوانين المرورية رغم الجهود الحثيثة من الإدارة العامة المرور بوضع الإشارات التوضيحية، ويعود ذلك لقلة الوعي المروري لديهم، مما يؤثر سلبًا على انسيابية المرور على الطريق، ولعل من أبرز ظواهر عدم الالتزام هي، عدم الالتزام بالمسار وعدم استخدام الإشارات واستخدام الجوال، ويضيف: أما بالنسبة للطرقات، فهنالك مشكلات هندسية تؤثر على الانسيابية المرورية بالطرق، وزيادة عدد المركبات، وضعف شبكة الطرق بسبب زيادة في الكثافة السكانية في المعبيلة من المواطنين والمقيمين بالإضافة إلى عدم وجود وسائل نقل عامة كافية، وعدم وجود مداخل إضافية لاستيعاب الحركة المرورية المتجهة إلى مناطق المعبيلة المختلفة، في السنوات الأخيرة تم بناء عدد من الجامعات والكليات في المنطقة وساهمت في الاختناقات المرورية في المنطقة الثامنة. مؤكدا أن معالجة قضايا الازدحام وتطوير المعبيلة الجنوبية يتطلب تعاونًا قويًّا وتضافر الجهود بين الجميع، ونحث الجهات المعنية على الاستمرار في تطوير وتنفيذ الحلول المستدامة التي تعزز من جودة الحياة في المنطقة، مع ضرورة الاستماع إلى احتياجات وآراء المجتمع المحلي. وبالنسبة لسكان المنطقة، فإن مشاركتهم الفعالة وآرائهم تعد ركيزة أساسية في تحقيق التغيير الإيجابي، وندعو إلى دعم المبادرات التي تهدف إلى تحسين البيئة، وتبني سلوكيات النقل المستدام، والمساهمة في إيجاد مجتمع أكثر تماسكًا وحيوية. الاستجابة الحكومية وحول الدراسات التي يتم إجراؤها في هذا الشأن، أوضح المهندس قائلا: أعلنت بلدية مسقط عن طرح مناقصة في نوفمبر ٢٠٢٣ للخدمات الاستشارية في دراسة المرور بمحافظة مسقط من ضمنها ولاية السيب لمناطق المعبيلة الجنوبية، مستهدفة الشركات الدولية المتخصصة للتنافس، نظرًا لأهمية هذه الدراسة من النواحي الفنية والعملية في مجال الطرق والنقل العام بمحافظة مسقط، وتم رفع عدة توصيات ومقترحات للجهات المختصة من قبل أعضاء المجلس البلدي ممثلي ولاية السيب بخصوص معالجة الاختناقات وتنظيم الحركة المرورية. وأضاف: مع ذلك، نحتاج دراسة موسعة للحركة المرورية وتنفيذ المناقصات المسندة حيث لاحظنا التأخر في تنفيذ المخططات المعتمدة منها ازدواجية شارع نزهة، ومن الضروري جدًّا توظيف تكنولوجيا وتقنيات العصر، كالذكاء الاصطناعي و«الدرونز» لحل المشكلات والاختناقات المرورية لدينا، بالإضافة إلى التوسع في تطبيق نظام العمل المرن ونظام العمل عن بعد ووضع فروقات أو تباين في الوقت بالنسبة لقدوم الموظفين إلى أعمالهم وعودتهم لمنازلهم، كنظام الحزم أو الدفعات Batches والأسلوب نفسه من الممكن تطبيقه على المدارس والجامعات، مما سيساعد في توزيع الحركة المرورية بشكل أفضل والتخفيف من الاختناقات المرورية.» فتح طرق جديدة ويعبّر زاهر الشقصي عن رأيه قائلا: «أحد أبرز أسباب الازدحام المروري في المعبيلة الكثافة السكانية والعمرانية العالية، إذ يسكن العديد من القادمين من شمال وجنوب الباطنة، والظاهرة، والبريمي في المعبيلة، كونها أول منطقة في مسقط، مما يزيد الضغط على البنية الأساسية، بالإضافة إلى ذلك، تُعد المناطق التجارية الجديدة في مسقط سببًا آخر للازدحام، حيث تضم عددًا هائلا من الشقق السكنية التي تستوعب أعدادًا كبيرة من السكان، على عكس البيوت التقليدية التي كانت تسكنها عائلة واحدة. كما أن وجود المؤسسات الأكاديمية الجديدة، مثل الكليات والجامعات، والمراكز التجارية، يساهم في زيادة حركة المرور». وحول التصميم الحالي أشار الشقصي إلى أنه لم يعد يفي بالغرض، خاصة مع الطفرة السكانية الكبيرة التي شهدتها المنطقة، وهناك العديد من المناطق بحاجة إلى تطوير، مثل الطريق الذي يربط المعبيلة بالخوض، حيث لا يوجد سوى خمسة مخارج فقط للانتقال من مناطق شمال خط الغاز إلى جنوبه، هذه المخارج هي: المعبيلة الثامنة، وشارع الصناعية، وشارع إشارات المرور، وشارع النور، والشارع الذي يقابل «مسقط مول» الذي سيأخذك إلى الخط السريع. هذا الأمر يتسبب في ازدحام كبير جدا، خاصة في ساعات الذروة، من بعد العصر إلى الليل، وكذلك في فترة الصباح. ويقترح الشقصي ضرورة فتح طرق جديدة تربط بين المناطق المختلفة، خاصة أن الطرق موجودة بالفعل، ولكن ينقصها الربط بينها، ويرى أن هذا الأمر من شأنه أن يخفف الضغط على المخارج الخمسة الحالية، وأهمية العمل على ازدواجية هذه الطرق الخمس، أسوة بما تم في المعبيلة الثامنة، بالإضافة إلى إنشاء مخارج جانبية في التقاطعات والدوارات. من ناحيته يرى الشقصي أنه لا نحتاج إلى تطبيق حلول عالمية، بل نحتاج إلى حلول محلية بسيطة وذكية تتناسب مع احتياجات سكان المنطقة. فيقول: «نحتاج إلى إعادة تهيئة شاملة للبنية الأساسية، تشمل معالجة مشاكل الأودية ومجاري الفيضانات، ومن ثم إنشاء الطرق وتوفير الخدمات الأساسية، كما نشاهد حاليًّا في مدينة السلطان هيثم، بالإضافة إلى الحلول الهندسية، يجب التركيز على التوعية والتثقيف المروري، على الرغم من صعوبة ذلك في منطقة مثل المعبيلة، حيث تتداخل ثقافات القيادة المختلفة، بسبب وجود أعداد كبيرة من الوافدين من مختلف البلدان، خاصة في المناطق الصناعية.» ودعا في ختام حديثه إلى ضرورة الاهتمام بمنطقة المعبيلة، وتحديث بنيتها الأساسية بشكل مستمر، والاهتمام بتجميل الطرق بزراعة الأشجار، وتحديث منطقة المعبيلة الصناعية، وتنظيمها، وتطويرها، وتشجيرها، وإضافة الإنارات واللوائح الإرشادية. تخطيط وتصميم جيد من جانبه يقول علوي المشهور- خبير في التخطيط الحضري: لا يمكن فصل أسباب الازدحام المروري في المعبيلة عن ولاية السيب بشكل عام، حيث يبلغ عدد سكان الولاية أكثر من نصف مليون نسمة، وتشكل المعبيلة جزءًا كبيرًا من هذا العدد، وتتميز ولاية السيب بطابعها السكني، مما يؤدي إلى هجرة يومية من المعبيلة إلى مناطق أخرى، خاصة في أوقات الذروة، للذهاب إلى العمل والعودة منه، مما يسبب ازدحامًا شديدًا، ويعيش في ولاية السيب، وخاصة المعبيلة، عدد كبير من العمانيين من الطبقة المتوسطة، الموظفين في القطاعين العام والخاص، نظرًا لكونها الولاية الأكثر سكانًا في سلطنة عمان، فإن الازدحام المروري فيها أمر متوقع، خاصة مع عدم وجود تكامل في الخدمات داخل المعبيلة، مما يجبر السكان على الخروج منها لقضاء احتياجاتهم». ويؤكد افتقار تصميم الطرق في المعبيلة إلى التخطيط الجيد الذي يتناسب مع عدد سكانها الكبير. يقول: إذا قارنا ولاية السيب بولاية بوشر، سنجد أن الأخيرة تتمتع بطرق أوسع، وجسور، وتنوع في الاستخدامات، وأحياء متقاربة صالحة للمشي، مما يجعل السيارة ليست وسيلة النقل الوحيدة. بينما في المعبيلة، لا توجد فيها خيارات للمشي، ويعاني النقل العام من الضعف، وتُعدّ الأحياء ضواحي سكنية فقط، مما يجعل السيارة الخيار الوحيد لقضاء الاحتياجات اليومية، ويزيد من الازدحام. «ويرى أن توسعة الشوارع والطرق لا تعدّ الحل الأمثل للازدحام المروري؛ لأنه سيزيد من جاذبية السيارة، ويشجع على شرائها. فمن أفضل الممارسات العالمية هي توفير نقل عام بمختلف أشكاله، وإنشاء مسارات للدراجات والمشاة. كما يُمكن الاستغناء عن بعض الرحلات اليومية، مثل رحلات طلبة الجامعات والمدارس، بتوفير سكن لهم داخل الحرم الجامعي أو بالقرب من المدارس، إضافة إلى ذلك أن الكثافة السكانية لا تُمثل المشكلة بحد ذاتها، بل يُمكن أن تكون جزءًا من الحل، من خلال مفهوم «أنسنة المدن»، الذي يجعل المدينة صالحة لإقامة الإنسان، وذلك بتوفير النقل العام، وتهيئة المدينة للمشي، وتوفير المساحات الخضراء، ومنع توسع المدينة، وتقليل الحاجة إلى استخدام السيارات. حلول مقترحة ويؤكد خليل البلوشي أحد سكان المعبيلة على ضرورة تطوير التصميم الحالي للطرق في المعبيلة بشكل عاجل، حيث لا يوجد تصميم حديث للطرق منذ فترة طويلة جدًا، والطرق تكاد تكون نفسها منذ عقد كامل، رغم الزيادة السكانية المهولة التي شهدتها المنطقة، وتُعد توسعة الطرق، خاصة في المداخل والمخارج، من أهم الحلول المقترحة، كونها ضيقة جدًا ولا تستوعب حركة المرور الحالية. كما يجب إعطاء الأولوية في الأراضي والعقارات السكنية لأهالي المعبيلة فقط، لتقليل حركة التنقل من وإلى المنطقة، وبالتالي تخفيف الازدحام المروري، في حين يُعدّ العمل عن بعد عاملا مساعدًا لتخفيف الازدحام، خاصة في الفترة الصباحية، حيث أن عددًا كبيرًا من سكان المنطقة يقيمون هنا مؤقتًا للعمل والدراسة. ويقول: يُعدّ التخطيط العمراني الجيد، وتوزيع الأنشطة التجارية والسكنية، من الحلول المهمة للتقليل من الازدحام المروري. ومن الغريب أنه لا يوجد تطبيق لمفهوم «أنسنة المدن» في منطقة المعبيلة، رغم أنها من المناطق الحديثة نسبيًا في المحافظة، وأن هذا المفهوم يُعدّ من الحلول الجذرية لمشكلة الازدحام، حيث إن توفير الخدمات في منطقة جغرافية صغيرة يُقلل من الحاجة إلى استخدام السيارات، ويشجع على استخدام الدراجات والمشي، مما يُساهم في تغيير نمط الحياة العام، وليس فقط التقليل من الازدحام المروري. موضحا أن الازدحام المروري أصبح ظاهرة تؤرق الجميع، وتؤثر على الصحة النفسية لسكان المنطقة. لذلك، يجب التكاتف من الجميع للحد من تفاقم هذه المشكلة، والعمل على تقليلها، بل والقضاء عليها. إن تجارب دول الجوار، مثل قطر في استضافتها لكأس العالم، تُثبت أن القضاء على الازدحام المروري ممكن، ويتطلب تكاتف جميع الجهات، الحكومية والخاصة، وأهالي المنطقة، ونتمنى أن نرى بوادر تغيير في القريب العاجل فيما يخص هذه القضية. |
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: الازدحام المروری فی المعبیلة الجنوبیة الکثافة السکانیة بالإضافة إلى سکان المنطقة حرکة المرور فی المعبیلة ولایة السیب خاصة فی سکان ا
إقرأ أيضاً:
دار الإفتاء: بر الوالدين لا ينتهي بعد الوفاة وهذه طرق تحقيقه
أوضحت دار الإفتاء المصرية أن بر الوالدين لا يقتصر على حياتهما فقط، بل يمتد إلى ما بعد وفاتهما.
جاء ذلك ردًا على سؤال ورده من أحد المتابعين، والذي استفسر فيه: "كيف أبرُّ والديَّ بعد وفاتهما؟".
في إجابتها، أشارت دار الإفتاء إلى أن السنَّة النبوية الشريفة أكدت على استمرارية البر والإحسان للوالدين بعد وفاتهما، مستشهدة بحديث للنبي ﷺ الذي يوضح ذلك، فقد روى الصحابي مالك بن ربيعة الساعدي رضي الله عنه قائلاً: "بينما نحن عند النبي ﷺ، إذ جاءه رجل من بني سلمة وقال: يا رسول الله، هل بقي من بر أبويَّ شيء أبرُّهما به بعد موتهما؟"، فأجابه النبي ﷺ قائلاً: "نعم، الصلاة عليهما، والاستغفار لهما، وإيفاء بعهودهما من بعد موتهما، وإكرام صديقهما، وصلة الرحم التي لا توصل إلا بهما".
وأكدت الدار أن هذا الحديث النبوي يبين بوضوح أن البر لا ينتهي بوفاة الوالدين، بل يستمر من خلال مجموعة من الأعمال التي يمكن أن يقدمها الأبناء.
هل يوجد عدد معين للصلاة على النبي حتى يستجاب دعائي؟.. الإفتاء ترد هل النوم عذر لترك صلاة الفجر وأدائها في الصباح.. أمين الفتوى يجيبوشملت هذه الأعمال الدعاء للوالدين بالرحمة والمغفرة، والحرص على تقديم الصدقات عنهما، وهبة ثواب الأعمال الصالحة إليهما، مثل قراءة القرآن أو أداء الحج أو العمرة، وزيارة قبرهما والدعاء عنده.
كما شددت دار الإفتاء على أهمية صلة الرحم المرتبطة بالوالدين بعد وفاتهما، مثل التواصل مع الأقارب من جهة الأب والأم، وإكرام أصدقائهما، وإنجاز الوصايا التي تركاها، والوفاء بالعهود التي أبرماها خلال حياتهما.
وأوضحت أن هذه الأعمال تعد صورة من صور الوفاء للوالدين، وتعكس استمرار البر بهما حتى بعد رحيلهما.
واختتمت دار الإفتاء بيانها بتذكير المسلمين بأن البر بالوالدين هو من أعظم القربات إلى الله، وأن استمراريته بعد الوفاة يعكس صدق الحب والوفاء لهما.
وأشارت إلى أن الإحسان للوالدين، سواء في حياتهما أو بعد مماتهما، يُعدّ طريقًا لنيل رضا الله عز وجل وتحقيق البركة في الدنيا والآخرة.