بأعين خبراء وسياسيين.. هذا ما يبحث عنه التونسيون في العلاقات مع رئيس أميركا الجديد
تاريخ النشر: 5th, November 2024 GMT
تتجه أنظار التونسيين إلى الولايات المتحدة، الثلاثاء، حيث يتوجه الأميركيون إلى صناديق الاقتراع لانتخاب رئيس للبلاد.
وفي انتظار ما ستفضي إليه نتائج الانتخابات بين الرئيس السابق ومرشح الحزب الجمهوري دونالد ترامب ونائبة الرئيس الحالي ومرشحة الحزب الديمقراطي كامالا هاريس، تختلف انتظارات وتطلعات التونسيين بشأن أفق الصلات بين بلدهم والولايات المتحدة.
وتربط تونس والولايات المتحدة علاقات دبلوماسية تعود إلى أكثر من 200 سنة، وبالضبط لعام 1799 حين وقع البلدان أول اتفاق صداقة وتجارة، أفضت لتأسيس أول قنصلية أميركية في تونس سنة 1800.
دعم العمل الدبلوماسيفي حديثه عن أفق العلاقات السياسية بين تونس والولايات المتحدة، يؤكد الأمين العام لحزب "مسار 25 جويلية/يوليو" الداعم للسلطة، محمود بن مبروك، أن صلات البلدين موغلة في القدم وهي علاقة تقليدية تعود لأكثر من 227 سنة واتسمت طوال هذه المرحلة بدعم أواصر التعاون بين البلدين.
ويضيف بن مبروك لـ"الحرة" أن تونس "تتطلع إلى دعم العمل الدبلوماسي مع أميركا في إطار الاحترام التام للسيادة الوطنية لكل بلد"، فضلا عن "تطوير العلاقات الاقتصادية ودعم الانتقال الديمقراطي" الذي شهدته تونس عقب الثورة التونسية في 2011.
وشدد، في السياق ذاته، على "أهمية فتح آفاق جديدة بين البلدين تقوم على دعم جهود تونس الرامية إلى تطوير الحوكمة الشاملة والأمن والازدهار وحقوق الإنسان ودفع العلاقات مع شركائها بالمنطقة"، مؤكدا أن هذه السياسة ترتكز على "احترام إرادة الشعوب في تقرير مصيرها ورفض أي تدخل خارجي في شؤونها الداخلية".
وسبق للسفير الأميركي بتونس، جوي هود، أن أشاد، في حوار أجراه في 30 أغسطس مع صحيفة "الشارع المغاربي" التونسية، العلاقات بين تونس وأميركا، مؤكدا أن الإدارة الأميركية "تتفهم وتدعم أي حكومة تصر على سيادتها وتضعها كأولوية مطلقة من منطلق الحفاظ على مصالحها".
رهان اقتصاديوبشأن العلاقات الاقتصادية بين تونس والولايات المتحدة، تشير إحصائيات رسمية إلى أن حجم المبادلات التجارية بين البلدين فاق مليارا و300 مليون دولار في عام 2023، لتحل الولايات المتحدة في الرتبة الخامسة ضمن قائمة المستثمرين في تونس بالعام نفسه بقيمة تناهز 18.5 مليون دولار.
في هذا السياق، يرى الخبير الاقتصادي، ماهر بالحاج، أنه بصرف النظر عن الفائز في الانتخابات الرئاسية الأميركية فإن "ما يطمح له التونسيون هو تعزيز التبادل التجاري، ودفع الاستثمار وتسهيل نفاذ المنتوجات التونسية إلى الأسواق الأميركية".
ويوضح في حديثه لـ "الحرة" أن الولايات المتحدة باتت من أكبر الأسواق المستوردة للمنتوجات التونسية، بما فيها الحرف اليدوية وزيت الزيتون والمواد الإلكترونية والملابس، وهو "ما من شأنه أن يخلق آلاف فرص العمل في تونس ويدعم المبادرات الخاصة ويحفز الشركات الصغرى والمتوسطة".
وسبق للسفير الأميركي بتونس جوي هود أن أكد، في تصريح لوسائل إعلام محلية في أغسطس، أن المبادرات الأميركية ساعدت على إنشاء أكثر من 80 ألف موطن شغل في تونس على مدى العقد الماضي، فيما تواصل العمل مع الشركات الصغيرة تستثمر في انتقال البلاد في مجال الطاقة وتنمية القطاع الخاص.
وفي ما يتعلق بالقطاع السياحي، فيؤكد الخبير الاقتصادي ماهر بالحاج أن تونس تتطلع إلى رفع نسق استقطاب السياح الأميركيين الذين بلغ عددهم في السداسي الأول من هذا العام 22 ألف سائح.
ويضيف أن قطاعات أخرى كالصناعة والفلاحة في تونس "تحتاج إلى مزيد الدعم" لمواجهة الصعوبات التي عاشتها بعد الثورة التونسية في 2011، و"يمكن للحكومة التونسية أن تعمل مع الجانب الأميركي للتعاون في هذه المجالات"، وفقه.
دعم أمني وعسكري"رغم تقليص المساعدات الاقتصادية، فإن الدعم الأميركي لتونس على المستويين الأمني والعسكري يأخذ نسقا تصاعديا مما يعكس العلاقات المتميزة التي تجمع البلدين، ولعل خير دليل على ذلك هو استضافة تونس لفعاليات التمرين البحري فينكيس إكسبرس 24، بقيادة أميركية التي انطلقت الثلاثاء 5 نوفمبر"، هذا ما يراه الخبير الأمني علية العلاني، في تقييمه للعلاقات التونسية الأميركية.
ويقول العلاني لـ"الحرة" إن "تغير القيادة الأميريكية في أعقاب الانتخابات الرئاسية لن يغير من سياستها الخارجية تجاه تونس بمواصلة دعمها في مجابهة الكثير من التحديات من بينها مكافحة الإرهاب وتعزيز الأمن الحدودي ومقاومة الهجرة غير النظامية إلى جانب تبادل الخبرات في مجال الأمن السيبراني".
ويذكّر بأن واشنطن كانت قد منحت تونس في 2015 صفة "حليف أساسي خارج حلف شمال الأطلسي (الناتو)"، وذلك في إطار تعزيز التعاون العسكري لمحاربة الإرهاب.
وعن أفق هذا التعاون والانتظارات منه، يؤكد المتحدث أن "حالة الاستقرار العام الذي أضحت عليه تونس في عهد الرئيس قيس سعيد، فضلا عن الموقع الاستراتيجي الذي يميزها كبلد مغاربي ويجعلها بوابة لأفريقيا، يجعلها محل اهتمام أميركي ومن المنتظر أن يتم تعزيز التعاون من خلال تدعيم المؤسستين العسكرية والأمنية التونسية لوجستيا.
كما يشير إلى تطلع تونس في ظل تركيزها على الإصلاحات الاقتصادية بدل الإنفاق العسكري إلى رفع الولايات المتحدة في حجم المساعدات التكنولوجية والمالية التي كانت تخصصها خلال المرحلة المقبلة.
وبحسب معطيات صادرة عن السفارة الأميركية بتونس، فإن المساعدات العسكرية والأمنية التي قدمتها الولايات المتحدة السنة الماضية لتونس بلغت قيمتها 160 مليون دولار، كما ساعدت على إنشاء مركز تكوين بمحافظة بنزرت (شمال) وقيمته في حدود 20 مليون دولار، فضلا عن تقديم ما قيمته 110 ملايين دولار للقوات المسلحة التونسية في شكل مراكب بحرية طولها 65 قدما، بالإضافة إلى 6 طائرات شحن.
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: والولایات المتحدة الولایات المتحدة ملیون دولار فی تونس
إقرأ أيضاً:
ماذا وراء عمليات الإقالة المتكررة لمنصب رئيس الحكومة التونسية؟
أثار القرار المفاجئ من الرئيس التونسي قيس سعيّد بإقالة رئيس الحكومة كمال المدوري، ردودا واسعة، خاصة أنه جاء بعد وقت قصير من حضوره أعلى اجتماع أمني وهو مجلس الأمن القومي.
وتعد هذه الإقالة الثالثة لرئيس الحكومة منذ 2021، وهو ما يطرح التساؤلات عن دلالات ذلك، وتحديدا أنا الاختيار لهذا المنصب يكون من الرئيس سعيّد نفسه، والذي بدأ مساره باختيار رئيسة الحكومة نجلاء بودن والتي لم تتجاوز العام في مهامها، لتأتي إقالتها المفاجئة، ويحل مكانها أحمد الحرشاني، والذي وجد نفس المصير تاركا المنصب وراءه لكمال المدوري الذي ظل 7 أشهر رئيسا للحكومة.
وأفاق التونسيون فجر الجمعة الماضي، على خبر الإقالة وتعيين رئيسة جديدة للحكومة كانت تشغل منصب وزيرة للتجهيز والإسكان وهي سارة الزعفراني، ودون أي توضيحات رسمية عن أسباب الإقالة والتعيين الجديد.
"هشاشة النظام"
تواترت الإقالة الحكومية في تونس وتداول على المنصب 4 أسماء منذ قرارات يوليو/ تموز، ومن قبل ذلك ومنذ تولي سعيد الحكم في 2019، تمت إقالة إلياس الفخفاخ، وهشام المشيشي لتكون الحصيلة منذ دخول سعيد قصر قرطاج ست حكومات.
وفي قراءة خاصة لدلالات الإقالة المفاجئة قال المحلل السياسي الأمين البوعزيزي إن "تعدد قرارات الإقالة دليل على هشاشة منظومة 25 يوليو/ تموز، التي اكتفى مقاوموها بمناكفة واجهتها السياسية التي تم تكثيفها في شخص سعيد المفتقد لأي ماض سياسي ولأي خبرة تسييرية"، وفق قوله.
وأكد البوعزيزي في حديث لـ"عربي21" أنّ "قيس سعيد مجرد واجهة لما جرى في 25 يوليو، ففي ظاهر الأمر يمسك بكل مفاصل القرار بيديه، لكنه يطل على التونسيين بخطاب العاجز المنفلتة منه الأمور، وهذا دليل أنه ليس من ينفذ القرارات والخيارات هو فقط يملك الشعارات والتهديدات".
وتابع البوعزيزي: "وكأن سلطة خفية تحتكر كل الخيارات الاقتصادية، وتمكنه فقط من سلطة التنكيل بمعارضي الإجهاز على التجربة الديمقراطية التي تم وأدها، فظاهر الأمور أنه من يعزل الوزراء لكن هل فعلا هو من يختارهم؟".
"مؤشر خطير"
ولا تتوقف قرارات الإقالة مع الرئيس سعيد عند منصب رئيس الحكومة فقط، بل إنها متكررة ومستمرة عند الوزراء وفي مناصب حساسة، فقد طالت مرات عديدة حقائب الداخلية، والخارجية، والدفاع، والمالية، والفلاحة، والنقل، والتجهيز وغيرها، واشتركت جميعها في عنصر المفاجأة، ودون أي توضيحات رسمية وهو ما يطرح نقاط استفهام عديدة مازالت عالقة.
وقال نائب الأمين العام لحزب "العمل والإنجاز" أحمد النفاتي: "يواصل رئيس الجمهورية منذ توليه السلطة، وخاصة منذ فرضه تغيير النظام السياسي، إحكام قبضته على جميع السلطات دون أي توازن أو رقابة حقيقية، فتواتر الإقالات والتعديلات الحكومية المتلاحقة يؤكد غياب أي رؤية واضحة أو فريق عمل مستقر قادر على تنفيذ سياسات ناجعة".
ورأى النفاتي في قراءة خاصة لـ"عربي21" أن "الرئيس الحالي اختار نظاما رئاسيا مطلقا، حيث لم يعد لرئيس الحكومة أي دور فعلي، بل أصبح مجرد كاتب دولة لدى رئيس الجمهورية دون صلاحيات حقيقية، ما يقوض مبدأ الفصل بين السلطات ويجعل كل مفاصل القرار بيد شخص واحد".
وشدد النفاتي على أن "عدم الاستقرار الحكومي، إلى جانب التعديلات الوزارية المتكررة، جعل من الرئيس الحالي أكثر رئيس قام بتغييرات في تركيبة الدولة، وهذا مؤشر خطير على الوضع العام، سواء اقتصاديا، اجتماعيا أو سياسيا".
ورأى أن "غياب الاستقرار وضبابية التوجهات يضرب مناخ الاستثمار في العمق، ويفقد الدولة مصداقيتها أمام شركائها الاقتصاديين والمجتمع الدولي".
وأردف قائلا: "للتأكيد على خطورة هذا النهج، نشير إلى أن الحبيب بورقيبة، خلال 30 سنة من الحكم، عيّن خمسة رؤساء حكومة، بينما زين العابدين بن علي، في 23 سنة، عيّن ثلاثة فقط، في المقابل، سعيد، في أقل من ست سنوات، عيّن ستة رؤساء حكومة، وغير أغلب مستشاريه على مستوى القصر مما يعكس حالة غير مسبوقة من الارتباك في إدارة الدولة".
وختم النفاتي بالقول: "لا يمكن الحديث عن إصلاح سياسي حقيقي في ظل الزج بأغلب قيادات المعارضة في السجون، وفي غياب أي مناخ للحوار الوطني، تونس اليوم بحاجة إلى جميع أبنائها، وإلى خطاب يوحّد التونسيين لا يفرّقهم، خطاب يقبل الاختلاف دون تخوين، ويؤمن بأن التنوع السياسي هو أساس الديمقراطية وليس تآمرا على أمنها".
يشار إلى أنه ومنذ أكثر من سنتين تواترت الملاحقات القضائية ضد عشرات المعارضين السياسيين، ما زاد من توتر الوضع السياسي ويحاكم العشرات في أبرز قضية وهي "التآمر على أمن الدولة"، وتصل عقوبتها للإعدام، كما تواجه البلاد صعوبات اقتصادية يصفها الخبراء بالحادة والمهددة لاستقرار البلاد ولها تأثيرات اجتماعية سلبية للغاية.