بعد مرور 18 سنة على الانسحاب من غزة، ما تزال خطة "فك الارتباط الأحادية الإسرائيلية" تثير الجدل والنقاش لدى الأوساط الإسرائيلية، لاسيما مع تعاظم المقاومة الفلسطينية في غزة بعد الانسحاب.

وفي مثل هذا اليوم قبل 18 عاما، بتاريخ 15 آب/ أغسطس 2005، انسحب جيش الاحتلال من قطاع غزة الذي احتله عام 1967، وترك نحو 21 مستوطنة كانت جاثمة على 35 بالمئة تقريبا من مساحة القطاع البالغة 360 كيلومترا مربعا.



وتلا عملية الانسحاب الإسرائيلي من قطاع غزة، أحداث عدة، أبرزها الانتخابات الفلسطينية وأحداث الانقسام، وحصار وحروب على القطاع، وتنامي أعمال المقاومة. 

ويقول الباحث المختص بالشؤون الإسرائيلية، مصطفى إبراهيم، إن التسمية الحقيقية لهذه الخطة هي إعادة الانتشار، نظرًا لأنها خطوة منفردة من الاحتلال تهدف لفصل الضفة عن غزة، وترك الفلسطينيين يقودوا أنفسهم بأنفسهم، مع بقاء السيطرة الجوية والتحكم بالحدود والمعابر.

وأضاف إبراهيم أن الوضع في الضفة بالنسبة لخطة 2005 مختلف، إذ لم يكن للمستوطنات التي انسحب منها تأثيرا استراتيجيا كبيرا، إلا أنه عاد لها حاليا بسبب خصوصية مدينة ومخيم جنين الحالية، إضافة إلى سياسة تعزيز الاستيطان التي تتبعها حكومة الاحتلال الحالية.


سياسة التفكيك
ويوضح الكاتب إبراهيم أن "الخطة وإن أظهرت غزة كأنها منطقة محررة، فالقانون الدولي يؤكد أن الاحتلال باقٍ بصور مختلفة، وهو ما وضع أمام غزة عقبات كثيرة تفاقمت بعد انتخابات 2006 والحصار والانقسام".

وأشار إلى أن الاحتلال سعى لتفكيك القضية الفلسطينية والمجتمع الفلسطيني بفصله عن بعضه البعض، وهذه السياسة تعززت من خلال الإجراءات التي اتخذت وتفاقمت في عهد نتنياهو منذ أن تولى منصبه منذ عام 2009.
  
وأكد الكاتب مصطفى إبراهيم أن المقاومة كان لها دورا في تعجيل شارون لتنفيذ الخطة والتخلي عن المستوطنات، مضيفًا أن "هذا لم يأتي عبر اتفاق مع الاحتلال، ولم يأتي ضمن ما كان يتوقعه أبو مازن بوجود أفق سياسي، عندما كان رئيسا للوزراء في 2003".

ومع إقرار قانون "فك الارتباط"، الذي يسمح بالعودة للمستوطنات المخلاة عام 2005، يستبعد الكاتب إبراهيم إمكانية العودة إلى غزة أو اجتياحها، قائلا: إن الاحتلال يتبع مع غزة استراتيجية إبقائها ما بين الحياة واللا حياة.

ويشرح أن هذا يكون بالتحكم بجميع مقاليد الأمور، مع تنفيذ عدوان قاسي بين الفترة والأخرى من جهة، وتقديم "تسهيلات" اقتصادية من جهة أخرى، وهذا النهج ذاته المتبع في الضفة وحتى مع الفلسطينيين في الأراضي المحتلة عام 1948.
 


خطأ كبير
بينما يؤكد المختص في الشأن الإسرائيلي، سعيد بشارات، أنه يُنظر لدى الاحتلال إلى "مشروع فك الارتباط أو الانسحاب على أن بمثابة الخطأ الكبير من شارون، وهذا لأنه منح الفلسطينيين بقعة من الأرض استطاعوا أن يبنوا عليها كتلة مقاومة، لها وزنها حاليا في الصراع مع الاحتلال".

وأضاف بشارات أن النظرة الإسرائيلية الحالية إلى الخطة سلبية جدا، ومن المعروف أن المستوطنين حاولوا منع هذا الانسحاب، هذا إضافة إلى أن الحكومة الحالية تفكر بالعودة إلى غزة، لا سيما مع تواجد وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، ووزير ما يُسمى الأمن القومي، إيتمار بن غفير.

ويذكر أن سموتريتش كان أحد أعضاء "عصابة الخمسة"، الذين اعتقلوا واتهموا خلال تنفيذ خطة الانفصال عن غزة في 2005، "بالتآمر على تنفيذ جريمة، تشكيل خطر على حياة بشر والتمرد"، بحسب صحيفة هآرتس.


سموتريتش في المحكمة بعد اعتقاله عام 2005. مصدر الصورة: موتي كيمشي

ويؤكد بشارات أن خطة الانسحاب من طرف واحد "لم تكن أبدا خطة سلام ولا علاقة لها بالسلام، إنما جاءت بضغط المقاومة في قطاع غزه والضفة الغربية، إذ أصبحت الخسارة أكثر من الربح بالنسبة للاحتلال، ويظهر هذا بأن الخطة الأصلية كانت تتضمن الانسحاب من 17 مستوطنة في الضفة، إلا أن عملية اجتياح الضفة (خطة "السور الواقي" بالمسمى الإسرائيلي) والتنسيق الأمني الذي حدث من قبل السلطة غيّر من المخططات".

ويذكر أنه في عام 2003 اقترح شارون، خطة تفكيك المستوطنات وانسحاب الاحتلال من قطاع غزّة، ثم في 6 حزيران/ يونيو عام 2004، صوّتت حكومة الاحتلال لصالح الخطة التي طرحها شارون.

فصل اليمن
وعلى المستوى السياسي الإسرائيلي، يرى بشارات أن الخطة فصلت اليمين لدى الاحتلال إلى "يمين وسط" و"يمين متطرف"، وتمثل الأول بحزب "كاديما" الذي أسسه شارون، ويتمثل الثاني حتى الآن بحزب "الليكود" ونتنياهو، الذي يريد تغير نظام الحكم الحالي من خلال التعديلات القضائية.

ويرى أن الخطة بشكل عام كانت خسارة للاحتلال، قائلا: "تراجع الاحتلال ومجرد التراجع إلى الخلف والانسحاب هو خسارة، أما بناء كتلة مقاومة كبيرة في المكان الذي انسحب منه هو هزيمة وخسارة أكبر".

ويشير إلى أن الاحتلال "لا يفهم إلا منطلق القوة، وإن تم استخدامها بشكل متواصل وأصبحت الخسارة بالنسبة له أكبر من الربح، فإنه ينحسب وتراجع وإن كان ذلك يتعارض مع أمنه".




البنية الفلسطينية
أمّا المحلل السياسي، أكرم عطا الله، فيؤكد أن خطة فك الارتباط كانت مترافقة مع كثير من الأحداث البارزة مثل الانتخابات الفلسطينية، وما تبعها من صراع داخلي فلسطيني، لذلك هي مهدت لتغير كبير في بنية السياسة الفلسطينية، كما أنها "أثرت على طبيعة العلاقات بين الفصائل، باعتبار شعور السلطة بالهزيمة وشعور حركة حماس بالنصر وانسحاب الاحتلال، وهو ما انتهى بالانقسام المستمر حتى الآن".

وأضاف أن "شارون أراد بالخطة التهرب من مسؤولية انغلاق الأفق السياسي، لكن الأمر المهم هو أن "إسرائيل" شعرت بخطأ احتلال غزة من اليوم الثاني لقيام الاحتلال، وبالتالي سعت للتخلص منها، وكل اتفاقية أوسلو جاءت للتركيز على غزة وإن تضمنت أريحا شكليا".

وعن الاستفادة الإسرائيلية من الخطة، يشرح عطا الله أن المشهد أمام العالم أصبح أن "إسرائيل" لم تعد تحكم قطاع غزة، وتخلصت من أغلبية عربية ترهقها في إطار التعداد الديموغرافي، إذ كانت تتجه لمعادلة "أقلية تحكم أغلبية وهذا صعب تفهمه وقبوله عالميا، إذ أن الأعداد الإسرائيلية لم تكن تساوي حتى تنامي الأعداد الفلسطينية".

تعزيز الاستيطان
ويشير المحلل عطا الله إلى أن الاستفادة الحقيقة أيضا كانت بالفصل بين غزة والضفة، وهذا لم يكن ليحصل لولا خطة الانسحاب، التي استدرجت حماس للانتخابات ودخلتها مدعومة بميل المزاج الشعبي لها، على عكس الانتخابات الرئاسية وانتخابات عام 1996.

 ويوضح أن خطة الانسحاب ساهمت في تعزيز الاستيطان بعد ذلك في الضفة، من خلال تسوقها عالميا واستغلال الانقسام بشكل خبيث بعبارة أن "الأماكن التي تنسحب إسرائيل منها تتحول إلى مناطق سيطرة للإرهابيين"، قائلا إن هذا "أطلق يد الاحلال وعزز دعايته في العالم وساهم في تشريع الاستيطان".

وينوه عطا الله إلى الاحتلال يدير سياسته وقفا لمصالحه الداخلية فقط، ولا يأخذ بعين الاعتبار حتى الانتقادات الأمريكية، لذلك فإن أي إدانة دولية للاستيطان وإقرار قانون "فك الارتباط"، لا تكفي إذا لم تكن مقرونة باستغلال عوامل الضغط عليه، نظرا لأن الإدانة تأتي فقط لتبرئة الذمة والضمير العالمي.

ويُحاصر الاحتلال قطاع غزة برا وبحرا وجوا منذ عام 2006، وبشكل مُشدد منذ عام 2007، بعد وصول حماس للسلطة، كما أنه صعد من عدوان في سن مناسبات دموية منذ عام 2009 وصولا إلى 2022.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات الانسحاب غزة فك الارتباط الاحتلال نتنياهو شارون غزة نتنياهو الاحتلال شارون الانسحاب سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة قطاع غزة فی الضفة منذ عام من قطاع إلى أن

إقرأ أيضاً:

ارتفاع عدد الشهداء الفلسطينيين في العدوان الإسرائيلي المستمر على قطاع غزة إلى 41586 شهيدًا

المناطق_متابعات

ارتفع عدد الشهداء الفلسطينيين في عدوان الاحتلال الإسرائيلي المستمر على قطاع غزة لليوم 358 على التوالي إلى 41586 شهيدًا، ونحو 96210 جرحى، معظمهم من النساء والأطفال.

وأفادت وزارة الصحة الفلسطينية، باستشهاد 52 فلسطينيًا وإصابة 118 بجروح مختلفة بعضها خطيرة، وارتكاب أربع مجازر ضد العائلات الفلسطينية، خلال الساعات 48 الماضية، في قصف الاحتلال الإسرائيلي المستمر على قطاع غزة، مؤكدة وجود عشرات الشهداء تحت ركام المنازل المدمرة في كافة مناطق القطاع، لم يتم انتشالهم لعدم توفر الإمكانيات والوقود اللازم لتشغيل المعدات.

أخبار قد تهمك استشهاد 8 فلسطينيين في قصف للاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة 28 سبتمبر 2024 - 11:06 صباحًا شهيد وجرحى في قصف للاحتلال الإسرائيلي على محيط مستشفى شهداء الأقصى في غزة 27 سبتمبر 2024 - 8:27 صباحًا

مقالات مشابهة

  • ارتفاع عدد الشهداء الفلسطينيين في العدوان الإسرائيلي المستمر على قطاع غزة إلى 41586 شهيدًا
  • أربعة شهداء في قصف للاحتلال الإسرائيلي على وسط قطاع غزة
  • فلسطين.. قوات الاحتلال الإسرائيلي تقتحم مخيم بلاطة شرق نابلس
  • فلسطين.. إصابات جراء استهداف الاحتلال خيام النازحين في مواصي برفح الفلسطينية
  • نتنياهو وغالانت يدرسان تطبيق خطة الجنرالات في غزة
  • «الصحة الفلسطينية» تعلن ارتفاع عدد شهداء غزة إلى 41534 شهيدًا
  • الصحة الفلسطينية: الاحتلال أرسل حاوية تحتوي على 88 جثة دون أي بيانات أو معلومات
  • الاحتلال يُخلّف دمارا هائلا في البنية التحتية عقب انسحابه من جنين
  • الصحة الفلسطينية: الاحتلال يقوم بنبش القبور وسرقة الجثامين وزجها إلى قطاع غزة
  • المقاومة الفلسطينية تستهدف تحشيدات العدو الإسرائيلي شرق مدينة خان يونس جنوب قطاع غزة بقذائف الهاون من العيار الثقيل