لاغوس، نيجيريا – قبل 3 سنوات، وجدت التلميذة النيجيرية أبيجيل باباتوندي صعوبة في قراءة كتبها المدرسية وكانت دوما بحاجة إلى مساعدة معلميها في نطق الكلمات الصعبة.

وحاليا، بعد أن أصبحت في الصف السادس الابتدائي، تقرأ باباتوندي (11 عاما) في منزلها دون مساعدة، وتطالع روايات عن الصداقة والمغامرة باستمرار، بالتزامن مع متابعة تعليمها في مدرسة عامة بضاحية إيجيجبو التي تسكنها الطبقة العاملة في مدينة لاغوس.

تقول المعلمة إنيولا أكانبي إن باباتوندي -التي تريد أن تصبح طبيبة- أصبحت أيضا أكثر نشاطا في الفصل، وأضافت "الآن، أصبحت تقفز كلما طلبت متطوعا ليقرأ في الفصل الدراسي".

وتقول باباتوندي "القراءة تحسن مزاجي.. وعندما يطرح المعلم سؤالا في الفصل، يمكنني الإجابة، لأنني قرأت في اليوم السابق، وبينما أسير على طول الطريق أقرأ اللافتات من حين لآخر".

تغيرت أحوال الفتاة بسبب وجود مكتبة جديدة في فصلها الدراسي جرى تركيبها في يناير/كانون الثاني 2022.

المكتبة البسيطة عبارة عن رف كتب مصنوع من قماش يتدلى على الحائط داخل الفصل، ويحتوي على 7 إلى 10 جيوب، كل منها يحتوي على ما بين 3 إلى 5 كتب بأحجام مختلفة.

أرفف الكتب مقدمة من مبادرة "المكتبات المعلقة"، وهي جزء من مشروع "الطفل الجديد"، وهي مجموعة تطوعية تقدم الإرشاد وتساعد في أنشطة محو الأمية بالإضافة إلى الخدمات الطبية والأدوية المجانية للأطفال في الأحياء ذات الدخل المنخفض، وتضم ما يقرب من 300 متطوع متخصص.

يتم تمويل المبادرة بشكل أساسي من خلال وقفية للكتب، ومساهمات من العائلة والأصدقاء والمتطوعين. ويوجد الآن نحو 50 مكتبة تضم قرابة 5 آلاف كتاب تتنوع بين الكتب الدراسية وكتب القصص، وتنتشر في أبوجا، العاصمة الفدرالية لنيجيريا، ومدن أخرى في 6 ولايات.

تلميذان يقرآن أمام المكتبة المعلقة في مدرسة بلاغوس (الجزيرة) سد الفجوة

في تقرير لعام 2022 أشارت منظمة اليونسكو إلى وجود أكثر من 20 مليون طفل خارج المدرسة في نيجيريا، وتعثرت جودة التعليم الأساسي في نيجيريا بسبب ضعف التمويل للمدارس الحكومية ونقص الاحتياجات الأساسية بالنسبة للأطفال الذين لا يزالون في المدرسة.

وتشير تقديرات مختلفة إلى أن ثلثي النيجيريين يعرفون القراءة والكتابة في المستوى التعليمي الأساسي لأن التعليم مجاني في هذا المستوى. ولكن في يناير/كانون الثاني الماضي، ادعى كريستيان موندويت، ممثل اليونيسف في نيجيريا، أن "75% من الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 7 و14 عاما لا يمكنهم قراءة جملة بسيطة أو حل مشكلة حسابية أساسية".

تعتقد سايي بولاجي مؤسسة حملة "مشروع تعليم طفل" أن هذه الأرقام قد تكون أقل من الحقيقة، وقالت "الـ20 مليونا هم من يتم احتسابهم، فماذا عن أولئك الذين لم يتم احتسابهم؟.. يتم الاهتمام بالأطفال خارج المدرسة، بينما يخطط الأطفال الموجودون في مقاعد الدراسة لتركها لأن مستوى التعليم آخذ في التدهور".

 

وتحاول مبادرة "المكتبة المعلقة" ملء هذه الفجوة في لاغوس منذ عام 2017.

وخلال خدمته الوطنية الإلزامية لمدة عام واحد في لاغوس، كان مؤسس مشروع "الطفل الجديد" يوسف شيتو، يمر بمدرسة باباتوندي في طريقه إلى العمل. في أحد الأيام، لاحظ أنه لا توجد مكتبة أو مساحة منظمة لحفظ الكتب في مجمع المدرسة المكون من 7 مبان.

غرس والد شيتو فيه حب قراءة الصحف في سن مبكرة، لذلك قرر أن ينقل حبه للكتب، قائلا للجزيرة الإنجليزية إن المبادرة هي فرصة لتغيير جيل، ويبدو أن الخبراء يتفقون معه في ذلك.

حل بسيط لمشكلة معقدة

ترى كيمي أوجونسانيا مديرة مشروع بمركز تعليمي إلكتروني في لاغوس "إنه حل مبتكر لمشكلة عميقة في مجتمعنا"، وأضافت "الكثير من العوامل من قبيل نقص مواد القراءة تعد من أسباب انخفاض معدل ثقافة القراءة. لا توجد مكتبات في كثير من المدارس ولم يتبق منها سوى فصول دراسية خالية".

يعيش أكثر من نصف سكان نيجيريا الذين يقدر عددهم بنحو 200 مليون نسمة على أقل من دولارين يوميًا، وفقًا للمكتب الوطني للإحصاء. بالنسبة للكثيرين منهم، فإن أجورهم الضئيلة بالكاد تستطيع توفير ما يكفي من الطعام، مما يجعل توفير الكتب لأطفالهم أمرا صعبا.

تقول بولاجي "هناك بعض العائلات لم تأكل منذ أيام، وطلب الاستثمار في شراء الكتب المدرسية لأطفالهم سيجعل المرء يبدو غبيًا".

أحد منسقي مبادرة المكتبة المعلقة تزور مدرسة في لاغوس بعد تركيب مكتبة (الجزيرة)

وترى أوجونسانيا أن المكتبات المعلقة يمكن أن تساعد الأطفال من الأسر ذات الدخل المنخفض في المدارس على تحسين درجاتهم الدراسية والحصول على رؤية أوسع للعالم، وقالت "القارئ قائد.. سيكون للقارئ دائما عقلية واسعة، وسيؤثر كل هذا غالبا على التقدم الأكاديمي".

مغير الحياة

لكن الخبراء قالوا إن هناك المزيد الذي يتعين القيام به بمبادرات مثل هذه، لاستهداف الأطفال خارج المدارس أيضا، وتقول بولاجي "المدرسة مجرد مبنى، يمكن للطفل التعلم في أي مكان.. يمكننا توفير هذه المكتبة المتنقلة لأطفال الشوارع وتعليمهم كيفية القراءة والكتابة".

وفقا لشيتو، هناك خطط لتوسيع المبادرة لتشمل مجتمعات وولايات أخرى، ووضع خطة لاستبدال الكتب الممزقة والمفقودة، ولكن هناك تحديات مالية ولوجستية يجب حلها من أجل تحقيق ذلك.

بالنسبة لباباتوندي، التي تعيش مع والدها -الذي يعمل جزارا نهارا وحارس أمن ليلا- كانت المكتبة بمثابة تغيير في حياتها. في النهار، تختار أي كتاب متوفر في المكتبة وتقرؤه، لأنه لا يُسمح لها بإخراج الكتب من المدرسة.

غالبا ما يكون كتابها المفضل "من دون ملعقة فضية"، من تأليف إيدي إيروه، وهي قصة صبي ولد في ظروف الفقر، ويُتهم خطأً بالسرقة في المنزل الذي يعمل فيه خادما منزليا لدفع رسوم مدرسته.

خلال الفترات الحرة اليومية التي تبلغ 15 دقيقة في فصلها، تندفع باباتوندي إلى المكتبة المعلقة بجانب السبورة، وتركض للحصول عليها قبل أي شخص آخر، وفي طريق عودتها إلى مقعدها، كانت تقلب الصفحات وتقرأ.

المصدر: الجزيرة

إقرأ أيضاً:

محمد جبريل.. قامة أدبية أثرت المكتبة العربية بـ 50 كتاباً

رحل أمس عن عالمنا الروائي والقاص المصري محمد جبريل، ابن مدينة الإسكندرية، بعد معاناة شديدة مع المرض، عن عمر ناهز 87 عاما، ويعتبر من القامات الأدبية المرموقة ليس في مصر فقط، وإنما على الصعيد العربي، وقد عُرف عن جبريل إخلاصه لمشروعه كأديب ولعمله بالصحافة، دون أن يطغى جانب على الآخر، ونجح في رفد المكتبة العربية بالعديد من الإصدارات، التي تجاوزت 50 كتاباً.

وكما هو معروف عن معظم الأدباء والكتاب، أن مكتبة الأسرة خاصة، تترك بصمة جلية في تكوين شخصياتهم، وتطوير وعيهم الثقافي، هكذا نشأ الأديب محمد جبريل، في كنف أب مترجم وقارئ، لديه مكتبة خاصة عامرة بالكتب المتنوعة، ومنها الكتب الأدبية، فمنذ طفولته قرأ جبريل العديد من الإصدارات المتوفرة في مكتبة والده، حتى اعتبر هذه المكتبة سببا رئيسيا في نشأة ميوله الأدبية، وتكوين موهبته الإبداعية.
 انخرط جبريل في العمل الصحافي عام 1959، وعمل محرراً بجريدة الجمهورية، برفقة الراحل رشدي صالح، ثم انتقل للعمل بجريدة المساء، وفي منتصف الستينات تسلم منصب مدير لتحرير مجلة "الإصلاح الاجتماعي" الشهرية، وكانت تهتم بشؤون الثقافة وبالقضايا الثقافية، وعمل فيها لمدة عامين تقريباً.
تدرج الراحل في عدة مناصب، فشغل منصب خبير بـ"المركز العربي للدراسات الإعلامية للسكان والتنمية والتعمير"، ثم انتقل إلى سلطنة عمان، وتم تعيينه رئيسا لتحرير جريدة الوطن، حيث استمر مدة 9 سنوات، ثم شغل منصب رئيس القسم الثقافي بصحيفة المساء.
لاحظت الناشرة فدوى البستاني، أهمية أعمال جبريل الأدبية وتميزها، فتبنت نشرها بعد أن آمنت بعالمية هذه الأعمال، وتم نشر العديد من الكتب عن محمد جبريل وأدبه حتى بلغت 13 كتاباً، كما تم نشر عدد من قصصه القصيرة في ملحق الجمعة الأدبي بجريدة الأهرام في مصر، وكانت بعض أعماله محور دراسة ومناقشة في جامعات، السوربون ولبنان والجزائر، وقد رشحه بعض المثقفين المصريين لنيل جائزة نوبل في الأدب.
وكان محمد جبريل غزير الإنتاج، فكتب أكثر من 9 مجموعات قصصية، كانت مجموعة "تلك اللحظة" أولها عام 1970، ومجموعة "ما لا نراه" عام 2006 وعلى صعيد الأعمال الروائية، كتب أكثر من 45 رواية، منها الأسوار عام 1972، و"ديليت" عام 2018، وصدر له أيضا كتابان في أدب المقال، "مصر من يريدها بسوء" عام 1986 و"قراءة في شخصيات مصرية، عام 1995، كذلك أثرى المكتبة العربية بعدة كتب ودراسات مهمة، منها "مصر في قصص كتابها المعاصرين" عام 1973، و"سقوط دولة الرجل" عام 2007.
وتناولت عدة كتب ودراسات أدب محمد جبريل، منها "الفن القصصي عند جبريل، مجموعة باحثين" عام 1984، و"روائي من بحري" لحسني سيد لبيب، 2001م.
تزوج جبريل من الكاتبة والناقدة زينب العسال، وله أيضا من زوجته الأولى ابنان، هما "أمل" و"وليد".

مقالات مشابهة

  • وفد من المكتبة الوطنية الفرنسية يزور «بيت الحكمة»
  • وزير التعليم يزور مدرسة «كومينيوس» للتعليم الأساسي في ألمانيا
  • وزير التعليم يزور مدرسة كومينيوس ببرلين للتعرف على أفضل ممارسات الدمج التعليمي
  • وزير التعليم يزور مدرسة «كومينيوس» في برلين للتعرف على أحدث الأساليب التعليمية
  • وزير التعليم يزور مدرسة "كومينيوس" للتعرف على أحدث الأساليب والممارسات التعليمية بألمانيا
  • وزير التعليم يزور مدرسة كومينيوس في برلين لمتابعة نظام الدمج
  • محمد جبريل.. قامة أدبية أثرت المكتبة العربية بـ 50 كتاباً
  • هيئة المكتبات ووزارة التعليم تُطلقان مبادرة “تفعيل المكتبات المدرسية”
  • بدء توزيع الكتب على المؤسسات المشاركة في تحدي القراءة العربي
  • ارتفاع نسبة الأمية إلى 65%.. التعليم على حافة الانهيار في اليمن