في بلد يعاني الأمية وتدهور التعليم.. كيف تغير المكتبات المعلقة حياة أطفال نيجيريا؟
تاريخ النشر: 15th, August 2023 GMT
لاغوس، نيجيريا – قبل 3 سنوات، وجدت التلميذة النيجيرية أبيجيل باباتوندي صعوبة في قراءة كتبها المدرسية وكانت دوما بحاجة إلى مساعدة معلميها في نطق الكلمات الصعبة.
وحاليا، بعد أن أصبحت في الصف السادس الابتدائي، تقرأ باباتوندي (11 عاما) في منزلها دون مساعدة، وتطالع روايات عن الصداقة والمغامرة باستمرار، بالتزامن مع متابعة تعليمها في مدرسة عامة بضاحية إيجيجبو التي تسكنها الطبقة العاملة في مدينة لاغوس.
تقول المعلمة إنيولا أكانبي إن باباتوندي -التي تريد أن تصبح طبيبة- أصبحت أيضا أكثر نشاطا في الفصل، وأضافت "الآن، أصبحت تقفز كلما طلبت متطوعا ليقرأ في الفصل الدراسي".
وتقول باباتوندي "القراءة تحسن مزاجي.. وعندما يطرح المعلم سؤالا في الفصل، يمكنني الإجابة، لأنني قرأت في اليوم السابق، وبينما أسير على طول الطريق أقرأ اللافتات من حين لآخر".
تغيرت أحوال الفتاة بسبب وجود مكتبة جديدة في فصلها الدراسي جرى تركيبها في يناير/كانون الثاني 2022.
المكتبة البسيطة عبارة عن رف كتب مصنوع من قماش يتدلى على الحائط داخل الفصل، ويحتوي على 7 إلى 10 جيوب، كل منها يحتوي على ما بين 3 إلى 5 كتب بأحجام مختلفة.
أرفف الكتب مقدمة من مبادرة "المكتبات المعلقة"، وهي جزء من مشروع "الطفل الجديد"، وهي مجموعة تطوعية تقدم الإرشاد وتساعد في أنشطة محو الأمية بالإضافة إلى الخدمات الطبية والأدوية المجانية للأطفال في الأحياء ذات الدخل المنخفض، وتضم ما يقرب من 300 متطوع متخصص.
يتم تمويل المبادرة بشكل أساسي من خلال وقفية للكتب، ومساهمات من العائلة والأصدقاء والمتطوعين. ويوجد الآن نحو 50 مكتبة تضم قرابة 5 آلاف كتاب تتنوع بين الكتب الدراسية وكتب القصص، وتنتشر في أبوجا، العاصمة الفدرالية لنيجيريا، ومدن أخرى في 6 ولايات.
تلميذان يقرآن أمام المكتبة المعلقة في مدرسة بلاغوس (الجزيرة) سد الفجوةفي تقرير لعام 2022 أشارت منظمة اليونسكو إلى وجود أكثر من 20 مليون طفل خارج المدرسة في نيجيريا، وتعثرت جودة التعليم الأساسي في نيجيريا بسبب ضعف التمويل للمدارس الحكومية ونقص الاحتياجات الأساسية بالنسبة للأطفال الذين لا يزالون في المدرسة.
وتشير تقديرات مختلفة إلى أن ثلثي النيجيريين يعرفون القراءة والكتابة في المستوى التعليمي الأساسي لأن التعليم مجاني في هذا المستوى. ولكن في يناير/كانون الثاني الماضي، ادعى كريستيان موندويت، ممثل اليونيسف في نيجيريا، أن "75% من الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 7 و14 عاما لا يمكنهم قراءة جملة بسيطة أو حل مشكلة حسابية أساسية".
تعتقد سايي بولاجي مؤسسة حملة "مشروع تعليم طفل" أن هذه الأرقام قد تكون أقل من الحقيقة، وقالت "الـ20 مليونا هم من يتم احتسابهم، فماذا عن أولئك الذين لم يتم احتسابهم؟.. يتم الاهتمام بالأطفال خارج المدرسة، بينما يخطط الأطفال الموجودون في مقاعد الدراسة لتركها لأن مستوى التعليم آخذ في التدهور".
وتحاول مبادرة "المكتبة المعلقة" ملء هذه الفجوة في لاغوس منذ عام 2017.
وخلال خدمته الوطنية الإلزامية لمدة عام واحد في لاغوس، كان مؤسس مشروع "الطفل الجديد" يوسف شيتو، يمر بمدرسة باباتوندي في طريقه إلى العمل. في أحد الأيام، لاحظ أنه لا توجد مكتبة أو مساحة منظمة لحفظ الكتب في مجمع المدرسة المكون من 7 مبان.
غرس والد شيتو فيه حب قراءة الصحف في سن مبكرة، لذلك قرر أن ينقل حبه للكتب، قائلا للجزيرة الإنجليزية إن المبادرة هي فرصة لتغيير جيل، ويبدو أن الخبراء يتفقون معه في ذلك.
حل بسيط لمشكلة معقدةترى كيمي أوجونسانيا مديرة مشروع بمركز تعليمي إلكتروني في لاغوس "إنه حل مبتكر لمشكلة عميقة في مجتمعنا"، وأضافت "الكثير من العوامل من قبيل نقص مواد القراءة تعد من أسباب انخفاض معدل ثقافة القراءة. لا توجد مكتبات في كثير من المدارس ولم يتبق منها سوى فصول دراسية خالية".
يعيش أكثر من نصف سكان نيجيريا الذين يقدر عددهم بنحو 200 مليون نسمة على أقل من دولارين يوميًا، وفقًا للمكتب الوطني للإحصاء. بالنسبة للكثيرين منهم، فإن أجورهم الضئيلة بالكاد تستطيع توفير ما يكفي من الطعام، مما يجعل توفير الكتب لأطفالهم أمرا صعبا.
تقول بولاجي "هناك بعض العائلات لم تأكل منذ أيام، وطلب الاستثمار في شراء الكتب المدرسية لأطفالهم سيجعل المرء يبدو غبيًا".
أحد منسقي مبادرة المكتبة المعلقة تزور مدرسة في لاغوس بعد تركيب مكتبة (الجزيرة)وترى أوجونسانيا أن المكتبات المعلقة يمكن أن تساعد الأطفال من الأسر ذات الدخل المنخفض في المدارس على تحسين درجاتهم الدراسية والحصول على رؤية أوسع للعالم، وقالت "القارئ قائد.. سيكون للقارئ دائما عقلية واسعة، وسيؤثر كل هذا غالبا على التقدم الأكاديمي".
مغير الحياةلكن الخبراء قالوا إن هناك المزيد الذي يتعين القيام به بمبادرات مثل هذه، لاستهداف الأطفال خارج المدارس أيضا، وتقول بولاجي "المدرسة مجرد مبنى، يمكن للطفل التعلم في أي مكان.. يمكننا توفير هذه المكتبة المتنقلة لأطفال الشوارع وتعليمهم كيفية القراءة والكتابة".
وفقا لشيتو، هناك خطط لتوسيع المبادرة لتشمل مجتمعات وولايات أخرى، ووضع خطة لاستبدال الكتب الممزقة والمفقودة، ولكن هناك تحديات مالية ولوجستية يجب حلها من أجل تحقيق ذلك.
بالنسبة لباباتوندي، التي تعيش مع والدها -الذي يعمل جزارا نهارا وحارس أمن ليلا- كانت المكتبة بمثابة تغيير في حياتها. في النهار، تختار أي كتاب متوفر في المكتبة وتقرؤه، لأنه لا يُسمح لها بإخراج الكتب من المدرسة.
غالبا ما يكون كتابها المفضل "من دون ملعقة فضية"، من تأليف إيدي إيروه، وهي قصة صبي ولد في ظروف الفقر، ويُتهم خطأً بالسرقة في المنزل الذي يعمل فيه خادما منزليا لدفع رسوم مدرسته.
خلال الفترات الحرة اليومية التي تبلغ 15 دقيقة في فصلها، تندفع باباتوندي إلى المكتبة المعلقة بجانب السبورة، وتركض للحصول عليها قبل أي شخص آخر، وفي طريق عودتها إلى مقعدها، كانت تقلب الصفحات وتقرأ.
المصدر: الجزيرة
إقرأ أيضاً:
جامعة قناة السويس تناقش مشروعات محو الأمية وبرامج التدريب والقوافل المجتمعية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
أكد الدكتور ناصر مندور، رئيس جامعة قناة السويس، أن الجامعة مستمرة في دعم المشروعات القومية لتحقيق التنمية المستدامة، مشيرا إلى أهمية تفعيل مشاركة الطلاب في مشروع محو الأمية وتعليم الكبار.
وأوضح مندور، أن الجامعة ستقدم حوافز للطلاب كتشجيع لهم، مع تخصيص مساحة على الموقع الإلكتروني للجامعة لتعريفهم بأهمية المشروع وأهدافه، كما سيتم إتاحة التسجيل الإلكتروني للدارسين الأميين عبر تطبيق إلكتروني متكامل يربط بين قاعدة بيانات الجامعة والهيئة القومية لمحو الأمية وتعليم الكبار.
جاءت تلك التوجيهات على رأس جدول أعمال مجلس شؤون خدمة المجتمع وتنمية البيئة بجامعة قناة السويس بإشراف عام الدكتورة دينا أبو المعاطي، نائب رئيس الجامعة لشؤون خدمة المجتمع وتنمية البيئة، وبحضور وكلاء الكليات لشؤون خدمة المجتمع وتنمية البيئة ومديري عموم القطاع.
وخلال المجلس، أوضحت الدكتورة دينا أبو المعاطي، أن المناقشات شملت تشكيل لجان خاصة بمحو الأمية داخل كل كلية، وتتكون هذه اللجان من وكيل الكلية لشؤون خدمة المجتمع وتنمية البيئة ووكيل الكلية لشؤون التعليم والطلاب، بالإضافة إلى منسق محو الأمية وممثلين عن الأقسام المختلفة.
وأضافت أن الجامعة ستنظم مسابقة لاختيار أفضل كلية مشاركة في المشروع وتكريمها بنهاية كل دورة امتحانية، مع تخصيص أسبوع بالفصل الدراسي الأول لعقد لقاءات تعريفية وتشجيعية للطلاب لتوضيح دورهم وأهمية المشاركة.
كما ناقش المجلس أهمية إقامة شراكات فعالة مع الجمعيات الأهلية والنقابات المهنية ومديرية التربية والتعليم ومكاتب التضامن الاجتماعي؛ بهدف توسيع قاعدة المستفيدين من المشروع.
وأكدت دينا أبو المعاطي أن الجامعة ستعقد دورات تدريبية للطلاب لاكتساب المهارات الأساسية لتعليم الكبار وطرق التدريس الملائمة لهم، وتم اقتراح التعاون مع المؤسسات المجتمعية لمحو أمية العمالة داخل المؤسسات الحكومية، بالإضافة إلى تخصيص جهود لمسح شامل لأميي ذوي الاحتياجات الخاصة، حيث سيتولى قسم التربية الخاصة بكلية التربية توفير الترجمة إلى لغة الإشارة وطريقة برايل.
وخلال الاجتماع، استعرض المجلس تقرير القوافل المجتمعية المنفذة ضمن مبادرتي "حياة كريمة" و"بداية"، كما استعرض التقرير الخاص بالقوافل المجتمعية التي نفذتها الجامعة خلال الفترة من 18 نوفمبر وحتى 11 ديسمبر، والتي استهدفت تعزيز الخدمات الصحية والاجتماعية والتعليمية للمجتمعات الأكثر احتياجا والتي شملت:
قافلة شاملة إلى قرية الزغابة ضمن مبادرة "حياة كريمة"، حيث استفاد منها 505 مواطن، من خلال تقديم خدمات طبية وتوعوية متكاملة.
قافلة طبية إلى حي عتاقة بمحافظة السويس ضمن المبادرة ذاتها، واستفاد منها 701 مستفيد.
قافلة إلى المدرسة الفكرية ضمن مبادرة "حياة كريمة"، واستهدفت 387 مستفيد.
قافلة إلى قرية نفيشة بمحافظة الإسماعيلية ضمن مبادرة "بداية"، حيث استفاد منها 744 مواطن.
قافلة طبية (حملة طرق الأبواب) إلى قرية البياضية ضمن مبادرة "بداية"، واستهدفت 100 مستفيد.
قافلة لمركز الخدمات الطلابية لذوي الإعاقة ضمن مبادرة "بداية"، والتي استفاد منها 192 طالبا وطالبة.
وعلى صعيد البرامج التدريبية، أوضح المجلس أن الجامعة نظمت 22 دورة تدريبية خلال شهر نوفمبر، استفاد منها 1210 متدربين.
كما اعتمد المجلس خطة جديدة للقوافل الاستثنائية بالتعاون مع مديرية التربية والتعليم بالإسماعيلية، وذلك لتكثيف الجهود المبذولة لنشر الوعي الصحي والاهتمام بالصحة العامة خلال عام 2025.
وتناول الاجتماع تقرير إدارة قطاع خدمة المجتمع حول الأنشطة التوعوية التي نظمها خلال الشهر ذاته، حيث تم عقد 64 فعالية متنوعة شملت ندوات، وورش عمل، ولقاءات حوارية وزيارات مجتمعية، واستفاد منها 3321 مشارك.
كما ناقش المجلس تقرير البرامج التخصصية المقدمة لخريجي كلية الزراعة، والتي تضمنت دورة تدريبية حول أساسيات مقاولات اللاندسكيب بواقع 24 ساعة تدريبية على مدار خمسة أسابيع.
واستعرض البرنامج التدريبي الذي نظمه معهد كونفوشيوس بالتعاون مع جامعة بكين للغات والثقافة عبر تقنية الفيديو كونفرانس، واستهدف معلمي المدارس الابتدائية والإعدادية على مستوى الجمهورية.
وفي ختام الاجتماع، استعرض المجلس تقرير الإدارة العامة للخدمات الطبية، والذي تناول مشاركة الفريق الطبي في القوافل المخطط لها خلال النصف الأول من عام 2025، حيث تسعى الجامعة إلى استمرار تقديم خدمات صحية متكاملة ودعم المجتمعات الأكثر احتياجا ضمن جهودها المجتمعية المستمرة.