حين تقاوم الكلمة السلاح في لبنان
تاريخ النشر: 15th, August 2023 GMT
ليس من المبالغة القول إن الميليشيا الإيرانية ترى في لبنان دولة أقل قيمة وأصغر مساحة وأضعف إرادة من أن تحتويها، وهي في ذلك لا ترى في لبنانيتها إلا مجرد غطاء مؤقت.
كلما اعترض لبناني على ما يرتكبه حزب الله من حماقات يُتهم بالطائفية
الضاحية التي هي عاصمة الحزب من أكثر مناطق بيروت ولبنان رثاثة وتخلفاً
يتعامل حزب الله مع اللبنانيين باعتبارهم مواطنين تحت الوصاية، وليس مفاجئاً أن يعتبرهم شعباً لم ينضج بعد.
وكلما اعترض لبناني على ما يرتكبه حزب الله من حماقات، هي في حقيقتها جرائم وطنية وإنسانية، يُتهم بالطائفية ويُحال موقفه إلى موقع يراد من خلاله الزج بالطائفة الشيعية في صراع لا علاقة لها به.
فهذه الميليشيا تختبئ وراء ستار الطائفة والمذهب، فيما هي في حقيقتها مجرد عصابة إيرانية وظفت وجودها المسلح في خدمة أهداف سياسية ليست وطنية، بل العكس هو الصحيح، إذ إن كل ما تفعله يصب في مجرى تمزيق لبنان وتحطيم إرادة شعبه وإنهاء سيادته.
ما حدث مؤخراً في قرية الكحالة، قرب بيروت، ما هو إلا جزء من مسلسل طويل، مادته سلاح غير شرعي يقصي الدولة عن وظيفتها ويقزمها ويضعفها ويصنع منها تابعاً ذليلاً فتبدو عاجزة عن الدفاع عن أمن مواطنيها الذين صاروا يعلنون وبلسان صريح أن الابتزاز بالمقاومة هو سلاح مهزوم لن تنصره الأكاذيب.
بالنسبة إلى حزب الله فإن اللبنانيين لا يحق لهم أن يقولوا كلمة في ما يتعلق بتصرفاته ولا بمصيرهم في ظل سلاحه الفالت، فهو فوق النقد وهو يعرف ما لا يعرفه اللبنانيون كلهم عن حقيقة أوضاعهم.. وليس أمامهم سوى أن ينصاعوا له وإلا سيحدث ما لا تُحمد عقباه، تلك هي لغة القوة التي يُراد تطبيعها.
في خيال حسن نصرالله ومن والاه أن كل بقعة في لبنان سيكون عليها أن تتحول إلى صورة من ضاحية بيروت الجنوبية، هناك حيث يتربع الحزب على عرش سلطة، ليس لها مكان وزمان محددان، فهي سلطة مستلهمة من قوة الولي الفقيه الذي هو ممثل الإمام الغائب.
واقعياً فإن الضاحية التي هي عاصمة الحزب من أكثر مناطق بيروت ولبنان رثاثة وتخلفاً وهي نموذج لفوضى المناطق العشوائية الفقيرة.. لذلك فإن الحلم بتعميمها على لبنان لا يعني سوى إشاعة المزيد من الفوضى والخراب في لبنان الذي لا أعتقد أنه في حاجة إلى جرعة من ذلك النوع ليموت.
نحن هنا نتحدث عن شعب قهرته أوضاعه المعيشية التي هي من صنع طبقة فاسدة يقف زعماء حزب الله في مقدمتها إذا لم يكونوا السد المنيع الذي يحمي تلك الطبقة ويحول دون تقديم أفرادها إلى القضاء.
حين وضع حزب الله أعضاءه فوق القانون اللبناني فإنه أشهر في الوقت نفسه سيف قانونه على الآخرين، وهكذا صار قانون حزب الله فوق قانون الدولة اللبنانية الذي فشل قضاؤه في استدعاء مجرمين من حزب الله لينالوا قصاصهم العادل وليست حادثة تفجير مرفأ بيروت ببعيدة.
كل المعطيات والأدلة والقرائن والشهادات تؤكد مسؤولية الحزب عن ذلك التفجير، كان القضاء شجاعاً حين سمى القتلة بأسمائهم وطالب بمحاكمتهم، يكفيه أنه قال كلمة الحقيقة في الوقت المناسب.. أما ما تبقى فإنه جزء من الحكاية اللبنانية الكئيبة، فلا أحد في الدولة اللبنانية قادر على اختراق السد والوصول إلى مبتغاه.
ليس من المبالغة في شيء القول إن الميليشيا الإيرانية، وهي قوة عابرة للحدود، ترى في لبنان دولة أقل قيمة وأصغر مساحة وأضعف إرادة من أن تحتويها، وهي في ذلك لا ترى في لبنانيتها إلا مجرد غطاء مؤقت، يمكن إزاحته حين تزول الدولة اللبنانية ويظهر لبنان كما تتوهمه إمارة إيرانية.
كانت سخرية علنية من أوجاع اللبنانيين وهم يتلقون الصدمة التي انطوت عليها أحداث "الكحالة"، بالنسبة إلى أعضاء ميليشيا حزب الله وأنصارهم فإن كل صيحة استنكار وغضب وألم واستغاثة يطلقها اللبنانيون في وجه الميليشيا وسلاحها وسلوكها المستهتر إما أن تكون تعبيراً عن حالة الدلع التي يجب أن تنتهي أو أنها تتم بالتنسيق مع العدو.. وإسرائيل هي العدو الجاهز وإلا فهي أمريكا، ألم يكن محتجو أكتوبر (تشرين الأول) 2019 الذين نادوا بإنهاء ولاية حزب الله أبناء للسفارة الأمريكية؟
هنا يتاجر حزب الله بالوطنية متناسياً عن عمد أنه أول من أسقط الوطنية من حسابه، فهو ليس في حاجة إلى أن يقوم خصومه بالبحث عن مثالبه في هذا المجال.. ذلك ما يعرفه اللبنانيون كلهم وهم يدركون جيدا أنهم ما لم يقاوموا بالكلمة التي يجب أن تصل إلى العالم سلاح حزب الله فإنهم ولبنانهم سيذهبان إلى العدم.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: التغير المناخي محاكمة ترامب أحداث السودان النيجر مانشستر سيتي الحرب الأوكرانية عام الاستدامة حزب الله
إقرأ أيضاً:
غارات إسرائيلية على بيروت وحزب الله يصد محاولات التقدم في قرية الخيام
بيروت."وكالات":
شنت إسرائيل سلسلة غارات منذ فجر اليوم على بيروت وضاحيتها الجنوبية، ما أدى إلى استشهاد ما لا يقل عن 11 شخصا وتدمير مبنى سكني بصورة تامة بحسب السلطات اللبنانية، فيما يواصل حزب الله التصدّي لمحاولات التقدّم الاسرائيلية في بلدات شرق الجنوب اللبناني .
وتتواصل الاشتباكات بين مقاتلي حزب الله والجيش الإسرائيلي في بلدة الخيام القريبة من الحدود في جنوب لبنان والتي تعتبرها اسرائيل "بوابة استراتيجية" كما أفادت الوكالة الوطنية اللبنانية للإعلام الرسمية اليوم، مع محاولات للجيش الاسرائيلي لتسجيل تقدم فيها.
على محور آخر، أفادت الوكالة عن "اشتباكات عنيفة" بين مقاتلي حزب الله والجيش الاسرائيلي عند منطقة البياضة في القطاع الغربي لجنوب لبنان، ذات الموقع "الاستراتيجي" أيضا والتي تبعد نحو 7 كلم من الحدود.
وأفاد مصدر أمني لبناني بأن "قياديا كبيرا" في حزب الله تم استهدافه في الغارة الإسرائيلية التي طاولت فجر اليوم حيا مكتظا في منطقة البسطة في بيروت.
وقال المصدر الذي لم يشأ كشف هويته إن "الضربة الإسرائيلية في البسطة كانت تستهدف شخصية قيادية في حزب الله"، من دون أن يؤكد إن كان المستهدف قتل أم لا.
واستيقظ سكان العاصمة اللبنانية على وقع ثلاثة انفجارات ضخمة عند الفجر، وأدت الضربات إلى تدمير مبنى سكني بالكامل في منطقة البسطة المكتظة في قلب بيروت.
كذلك استهدفت ضربات ضاحية بيروت الجنوبية، معقل حزب الله، غداة غارات عنيفة على هذه المنطقة وعلى جنوب لبنان وشرقه.وفي الشياح أحد الاحياء المستهدفة، تحول مبنى الى ركام من الحديد والحجارة، تحوطه واجهات مدمرة ونوافذ محطمة. وفي الحدث، التهمت النيران عددا من المباني.
وقال الجيش الاسرائيلي في بيان إنه استهدف في الضاحية الجنوبية "مراكز قيادة لحزب الله وبنى تحتية اخرى".
كذلك، قصفت اسرائيل قرى وبلدات في جنوب لبنان، وخصوصا الخيام التي يسعى الجيش الإسرائيلي الى السيطرة عليها لتسهيل تقدمه في المنطقة، بحسب الوكالة الوطنية للاعلام الرسمية.
وأوردت الوكالة الوطنية اللبنانية للإعلام الرسمية اليوم "استمرت الاعتداءات الاسرائيلية على بلدة الخيام، طوال الليل حتى الصباح ، ويكاد يستعمل العدو شتى أنواع الأسلحة في عملية توغله ومحاولة سيطرته على البلدة" التي تقع في القطاع الشرقي من جنوب لبنان وتبعد نحو ستة كيلومترات من الحدود.
وقالت الوكالة إن الجيش الاسرائيلي يحاول "في خطته للتقدم البري في البلدة، تطويقها من جميع الجوانب والمحاور، مع غطاء جوي وبري واسع"، في موازاة عمليات تفخيخ لمبان ومنازل.
ويحاول حزب الله من جهته التصدّي لمحاولات التقدّم الاسرائيلية في البلدة، فقد أعلن خلال اليوم الماضيين أنه قصف لنحو 20 مرة تجمّعات لجنود اسرائيليين في الخيام وعند أطرافها.
وأشارت الوكالة الوطنية إلى أن محاولات تقدّم الجيش الاسرائيلي باتجاه البلدة ترافقت مع تكثيف القصف الجوي والمدفعي منذ الخميس.
وتحدّثت الوكالة الثلاثاء عن "رصد تحرك" لدبابات اسرائيلية شمال البلدة التي "تعتبرها إسرائيل بوابة استراتيجية تمكنها من التوغل البري السريع".
في غضون ذلك كرر وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن اليوم "التزام" الولايات المتحدة التوصل الى "حل دبلوماسي في لبنان"، وذلك خلال مباحثات هاتفية مع نظيره الإسرائيلي يسرائيل كاتس.
وقال متحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) إن أوستن "جدد التأكيد على التزام الولايات المتحدة حلا دبلوماسيا في لبنان يمكّن المدنيين الإسرائيليين واللبنانيين من العودة الآمنة إلى ديارهم على جانبي الحدود".
كذلك حضّ أوستن "الحكومة الاسرائيلية على مواصلة اتخاذ اجراءات بهدف تحسين الوضع الإنساني المزري في غزة، كما جدّد التأكيد على التزام الولايات المتحدة في ما يتّصل بتأمين الإفراج عن جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون".
وبعد عام من القصف المتبادل بين الحزب وإسرائيل عبر الحدود، أعلن الجيش الإسرائيلي أواخرسبتمبر نقل مركز ثقل عملياته العسكرية إلى جبهته الشمالية مع لبنان حيث يشن مذّاك حملة غارات جوية مدمرة تتركز على معاقل حزب الله في ضاحية بيروت الجنوبية وفي شرق لبنان وجنوبه. وباشر بعد ذلك عمليات برية في جنوب لبنان.