سرايا - لا يبدو أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان جاد بشكل فعلي على الأرض للاستجابة لمطالب نظيره الرئيس السوري بشار الأسد، والانسحاب الكامل من الأراضي السورية، حيث يُكرّر أردوغان الرغبة في التطبيع مع حكومة الأسد، ولكنّه فيما يبدو لا يرغب سوى بمشهد مُصافحة علني أمام الكاميرات، أو من باب المُجاملة كما وصفه الرئيس الأسد، لا المُصارحة كما يُريدها الرئيس السوري.




وزير الخارجية التركي هاكان فيدان، أدرك رفض الحكومة السورية التطبيع مع بلاده، وعاد لنغمة بلاده القديمة بأن دمشق لا تُريد التفاوض مع المُعارضة لإنشاء إطار سياسي، وكأنّ المعارضة السورية لها ثقل أو وزن يدفع الدولة السورية للتفاوض معها، وهي التي فشلت على أرض الواقع عسكريًّا بإسقاط حكومة دمشق المركزية.
وقال فيدان في تصريحات لصحيفة “حرييت” التركية، الأحد، إن تركيا “تريد أن ترى النظام والمعارضة ينشئان إطارًا سياسيًّا يُمكّنهما الاتفاق عليه في بيئة خالية من الصراع”.



ولا يقول وزير الخارجية التركي أو يُعلن السبب الحقيقي لرفض دمشق ما وصفه بـ”التطبيع الكبير” مع بلاده تركيا، فنظيره وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أعلن توقّف التفاوض بين تركيا، وسورية، وشرح بأنه جاء بناءً على اختلاف في مواقف الطرفين إزاء الوجود العسكري التركي في شمال غرب سوريا، وذلك على الرغم من تكثيف أنقرة جُهودها خلال الأشهر الأخيرة بهدف تطبيع العلاقات مع دمشق، ما يعني هُنا أن دمشق التي لا تزال ترفض الأحضان التركية، وليس العكس.

 


أو كما يقول وزير الخارجية التركي أنه من الضروري أن “يكون الحوار الحقيقي مع المعارضة السورية” من أجل توفير بيئة آمنة ومستقرة للشعب السوري، موضحا أن رغبة أنقرة هي أن “يتوصّل الأسد إلى اتفاق مع معارضيه”، ورغبة أنقرة الحقيقية هي ليست أن يتوصّل الأسد إلى اتفاق مع مُعارضيه، بقدر ما ترغب بتطبيع مع دمشق، يمنع مخاوفها من استغلال الأكراد الفوضى في سورية.

 


وحذّر فيدان بالفعل من إمكانية إقدام حزب العمال الكردستاني “بي كي كي” وأذرعه في سوريا على استغلال “الفوضى” في ظل تواصل الغارات الإسرائيلية على مناطق مُتفرّقة من سورية.

 


ولا يبدو أن مخاوف دمشق من الأكراد تتقاطع مع مخاوف أنقرة، وذلك فيما يخص جر سورية إلى مزيد من عدم الاستقرار، فأنقرة كانت وفق الأدبيات السورية، أحد أهم عناصر التحريض على الدولة السورية، ودعم المعارضة، وبالتالي خلق بيئة من عدم الاستقرار عاشتها سورية على مدار سنوات الأزمة التي أشعلتها تركيا ودعم المعارضة السورية عسكريًّا تحت شعارات تحريضية، اعتبرتها دمشق واهية، وهدفها المس بوحدة وسلامة أراضي الجمهورية العربية السورية، ودعم التطرّف والإرهاب.

 


وتُوضع علامات استفهام حول سبب إصرار حكومة أردوغان على عدم الانسحاب من الأراضي السورية، رغم تأكيد تركيا التزامها بسيادة سورية، ووحدة أراضيها، ومع هذا قال لافروف وزير خارجية روسيا بأنّ أنقرة تعرض مُناقشة مسألة “سحب القوات في وقتٍ لاحق”، الأمر الذي تُريد دمشق توضيحه وفق لافروف، وهُنا وفق المراقبين تظهر أنقرة في مظهر المُماطلة والتسويف.

 


وبالرغم من التقارير المُتناسلة سابقًا عن لقاءٍ مُتوقّع بين أردوغان والأسد، إلّا أنّ هذه اللقاء لم يحصل، حيث الجانب التركي في وضعيّة الانتظار، ولم يستلم من دمشق حتى الآن الرد الحاسم على الرسائل الإيجابية من الرئيس أردوغان”، وذلك بحسب ما نقلته صحيفة “حرييت”.

 


وبرغم اعتقاد البعض بأن موسكو ستُمارس نفوذها على الحكومة السورية، لا يبدو أن باستطاعة روسيا فرض التطبيع على سورية، دون تنفيذ شُروط الأخيرة المُتعلّق بانسحابٍ كاملٍ لتركيا من الأراضي السورية، هذا الاعتقاد كان يجول في رأس الرئيس التركي نفسه، حيث قال أردوغان خلال حديثه مع الصحفيين عائدًا من روسيا بعد قمّة “بريكس”: إن “تأثير روسيا على الحكومة السورية معروف”، كاشفًا عن طلبه من الرئيس الروسي ضمان رد بشار الأسد على دعوة بلاده، وتابع أردوغان مُتسائلًا: “هل سيطلب السيد بوتين من الأسد اتّخاذ هذه الخطوة؟ لندع الوقت يُجيب على ذلك”.

 


وتُبرّر تركيا بأنّ هدف وجودها في سوريا، هو “القضاء على الهجمات الإرهابية والتهديدات ضد أراضيها ولمنع إنشاء ممر إرهابي” قرب حدودها، في إشارة إلى المقاتلين الأكراد الذين يقودون قوات سوريا الديمقراطية، الذراع العسكرية للإدارة الذاتية الكردية، ولكن هذه التبريرات لا تفهمها دمشق، ولا تقبلها، فالأخيرة لا تقبل أساسًا بحُكم ذاتي للأكراد، إضافةً إلى دعمهم من قبل واشنطن، وبالتالي وجب على أنقرة بحسب دمشق الانسحاب، أو كما يتساءل الرئيس السوري في معرض حديثه عن رغبة أردوغان باللقاء معه، هل ستقوم تركيا بإلغاء أو إنهاء أسباب المُشكلة التي تتمثّل بدعم الإرهاب (المعارضة المسلحة)، وانسحاب (القوات التركية) من الأراضي السورية؟”، وهو ما يعتبره الأسد كما وصفه بجوهر المُشكلة.

 


بكُل حال، يبدو أن المُفاوضات بين أنقرة ودمشق توقّفت الآن، دمشق لم تطلب جديدًا، وأنقرة اعتقدت أنه يُمكن لها الحديث لاحقًا بمطالب سورية المُتعلّقة بالانسحاب التركي من أراضيها، ستعود أنقرة لاحقًا لطلب ود حكومة الرئيس السوري، بواقع استمرار مخاوفها من الأكراد، ومشاكلها مع اللاجئين السوريين، فسورية لم ترفض العناوين الرئيسية للتطبيع مع تركيا، ولكنّها بحثت في تفاصيله والمصداقية في تنفيذه، أمّا أنقرة فلعلّها تنتظر الآن ما سينتج عن انتخابات الرئاسة الأمريكية والرئيس الجديد، فإدارة بايدن كانت رفضت إمكانية تطبيعها مع حكومة الأسد، ودعت جميع الدول لعدم التطبيع معه.

 

 

رأي اليوم 

إقرأ أيضاً : رئيس أركان جيش الاحتلال: حان الوقت للتوصّل إلى صفقة تبادل أسرى إقرأ أيضاً : عباس يتحرك لدخول غزة عبر معبر رفح البري ويطالب السيسي بالحماية والدعم .. اليكم تفاصيل ما جرى في القاهرة إقرأ أيضاً : عنصرية تجاوزت الحدود .. “الكنيست” الإسرائيلي يُصادّق على قانون يسمح بطرد المعلمين العرب لتعاطفهم مع منفذي العمليات

المصدر: وكالة أنباء سرايا الإخبارية

كلمات دلالية: الرئيس الرئيس باب الرئيس الرئيس الحكومة الدولة تركيا سوريا الدولة تركيا تركيا روسيا القوات الرئيس موسكو الحكومة روسيا الرئيس روسيا روسيا الحكومة الرئيس بوتين تركيا سوريا الرئيس تركيا الرئيس بايدن روسيا القاهرة سوريا تركيا اليوم المعلمين الحكومة الدولة بايدن غزة الاحتلال باب السيسي بوتين رئيس الرئيس القوات موسكو من الأراضی السوریة الرئیس السوری وزیر الخارجیة یبدو أن

إقرأ أيضاً:

لماذا باتت السويداء عقدة للإدارة السورية الجديدة؟

تصدرت محافظة السويداء السورية المشهد السوري في الآونة الأخيرة، مع تصاعد المشكلة القائمة بين بعض الفصائل الدرزية المسلحة وقادة روحيين في المحافظة من جهة، وحكومة دمشق من جهة أخرى.

تعد السويداء المحافظة السورية الوحيدة التي تقطنها غالبية من الطائفة الدرزية، وتتلخص مشكلة المحافظة في مطالبة بعض الفصائل الدرزية بأن تتمتع بنوع من الإدارة اللامركزية أو حتى الحكم الذاتي. وفي التقرير التالي نستعرض كيف بدأت المشكلة وكيف تطورت وإلى أين وصلت.

(الجزيرة) السويداء ساحة للفصائل المسلحة

شهدت محافظة السويداء على الصعيد الأمني تطورات متباينة على مدى السنوات الماضية، حيث بدأت بحراك متواضع في إطار الثورة السورية، لتتطور لاحقًا إلى تشكيل فصائل مسلحة رفضًا لتجنيد أبناء المحافظة في الحرب، قابلها النظام السابق بتشكيل مليشيات موالية له لمواجهتها.

في عام 2013 تأسست حركة رجال الكرامة على يد الشيخ وحيد البلعوس -الذي اغتيل في 2015- في إطار معارضة تجنيد الشبان الدروز ورفض مشاركتهم في الحرب السورية، ورفع مؤسس الحركة حينها شعار "دم السوري على السوري حرام"، إضافة لحماية الدروز من الاعتقالات والضغط لأجل الإفراج عن المعتقلين.

شهدت الحركة عدة انشقاقات، حيث انبثقت عنها حركة "شيخ الكرامة"، على يد ليث وفهد من أبناء الشيخ وحيد البلعوس، وحملت خطابا معاديا بشكل أوضح للنظام السابق وروسيا، وشاركت أيضًا في الهجوم على مجموعات محلية تعمل بتجارة المخدرات والخطف وتتبع لقوات النظام الأمنية.

صورة للشيخ وحيد البلعوس (يمين) الذي أساس حركة رجال الكرامة عام 2013 (ناشطون)

ولاحقا، تأسس تجمع أحرار جبل العرب بالتنسيق بين بعض رجال الدين في السويداء، حيث يعرف قائده الشيخ سليمان عبد الباقي بقربه من الشيخ حكمت الهجري، أحد أبرز شيوخ العقل في المحافظة.

إعلان

شارك تجمع أحرار الجبل حركة "شيخ الكرامة" في حملاتها ضد المجموعات الأمنية للنظام السابق، وأسهم في حماية المظاهرات السلمية وكان قائده سليمان عبد الباقي من المؤسسين لحراك ساحة الكرامة.

في المقابل، عمل النظام السابق على مواجهة الوضع الأمني الاستثنائي في السويداء بتشكيل مجموعات مسلحة بدعم من أفرعه الأمنية وإيران، إلى جانب مليشيا "الدفاع الوطني" و"كتائب البعث" و"نسور الزوبعة" التابعة لـ"الحزب القومي السوري" التي كانت موجودة بالفعل.

وشملت هذه المجموعات الجديدة "حركة قوات الفجر" بقيادة راجي الفلحوط و"قوات الفهد"، وقوات تابعة لفرع الأمن العسكري في المحافظة، والمخابرات الجوية وفرع أمن الدولة ومكتب أمن الفرقة الرابعة.

في عام 2022، تعرضت القوات والمليشيات الموالية للنظام السابق وإيران لضربات متتالية على يد فصيلي "شيخ الكرامة" و"أحرار الجبل".

خلاف بعد اتفاق

في السادس من ديسمبر/كانون الأول 2024، أعلنت فصائل السويداء المعارضة تشكيل غرفة عمليات موحدة مع فصائل درعا والقنيطرة باسم "غرفة عمليات الجنوب" للمساهمة في تحرير المحافظات الجنوبية الثلاث من قوات النظام السابق، بالتنسيق مع إدارة العمليات العسكرية التي كانت قد وصلت إلى مشارف حمص في إطار معركة "ردع العدوان".

بعد سقوط النظام وتولي هيئة تحرير الشام السلطة في دمشق، أجرت اتصالات مع الدروز من خلال إرسال موفدين إلى السويداء للحوار مع شيوخ العقل لا سيما حكمت الهجري، وأصدر الهجري بيانا دعا فيه السلطة الجديدة إلى اتباع خريطة طريق لبناء دولة مدنية.

ومع صدور تصريحات رسمية من قائد الإدارة السورية الجديدة آنذاك أحمد الشرع تؤكد ضرورة حل الفصائل المسلحة وتسليم سلاحها للدولة، رفض الهجري ذلك، مشترطا بناء الدولة وكتابة دستور وقال "تسليم السلاح أمر مرفوض نهائيا لحين تشكيل الدولة وكتابة الدستور لضمان حقوقنا".

إعلان

بالتوازي مع تصريحات الهجري، وفيما يبدو استدراكا على الرئاسة الروحية، أعلن كل من فصيل "لواء الجبل" و"رجال الكرامة"، استعدادهما "للاندماج ضمن جسم عسكري يشكل نواة لجيش وطني جديد"، بعد الإطاحة بنظام بشار الأسد.

وشدد الإعلان، الذي طرح خريطة طريق لـ"بناء وطن قائم على العدالة وسيادة القانون"، على أن حمل السلاح كان "دفاعًا عن أهل السويداء بكافة أطيافهم"، وأنه "وسيلة اضطرارية وليس غاية"، وأكد أن دمشق "ستبقى العاصمة الأبدية" لسوريا، في تأكيد على عدم القبول بأي مشروع للانفصال.

تطور الخلاف حول الإدارة والأمن

في الاتصالات التي أجرتها السلطات الجديدة مع قادة الدروز في السويداء طرح الهجري اسم محسنة المحيثاوي لتعيينها كمحافظة للسويداء، وبعد تداول قرار تعيينها بشكل رسمي لأيام خرجت في تصريحات نفت خلالها هذا التعيين وأكدت أن الأمر لا يزال قيد التداول.

وبعد يوم من تداول قرار التعيين، شهدت المحافظة تطورا أمنيا سيكون له ما بعده، حيث قامت فصائل مسلحة في السويداء بمنع رتل تابع للأمن العام كان متجها إلى مركز المحافظة قادما من دمشق، بتوجيه من الرئيس الروحي للدروز حكمت الهجري، مما اضطر الرتل إلى التجاوب والعودة إلى دمشق.

وفي تعليقه على الحادثة، قال الهجري إن منع الرتل كان سببه عدم التنسيق بين القيادة في دمشق وغرفة العمليات المشتركة في السويداء، مؤكدا في تصريحات منفصلة أن الاتفاق مع دمشق كان على الحفاظ على الإدارة المدنية القائمة في المحافظة كما هي.

وفي إجراء بدا على أنه محاولة من إدارة أحمد الشرع لاستيعاب الخصوصية التي تتمتع بها محافظة السويداء، قام الشرع بالتنسيق مع الرئاسة الروحية بتعيين مصطفى البكور مبعوثا للإدارة السورية إلى المحافظة مكلفا بإدارة شؤونها، ريثما يتم حسم الملفات العالقة.

وفي خطوة عمقت الخلافات، رفض شيخ عقل الدروز حكمت الهجري فتح مراكز لتسوية أوضاع عناصر الجيش والأمن السابقين في المحافظة، على غرار ما جرى في سائر المحافظات السورية.

إعلان

ورغم ذلك، تمكن البكور من حلحلة بعض الملفات، مثل تفعيل الشرطة في المحافظة بمختلف أقسامها، كما وعد السكان بتلبية مطالبهم المختلفة، ما خلق ارتياحا شعبيا في السويداء إزاء مهمته.

عمقت ما قيل إنها عمليات تسريح بعض الموظفين، ومراوحة الأمور مكانها من حيث الإدارة والخدمات، من تعقيد المشهد في السويداء، مما جعل تيارا من أهالي المحافظة، وعلى رأسهم اللجنة السياسية للحراك الشعبي التي قادت تظاهرات عام 2024 يجنح نحو المطالبة بإدارة ذاتية، في مقابل تيار لا يزال متمسكا بالانضواء تحت كنف المركز في دمشق.

تدخل إسرائيلي

لطالما عبر الهجري عن شكوك تجاه الإدارة الجديدة، رغم تأكيده مد اليد للتنسيق والتعاون، إلا أنه لم يخف رغبته بأن تحظى المحافظة بنوع من الإدارة اللامركزية، وطالب بتدخل دولي للإشراف على العملية الانتقالية في سوريا.

وفي 23 فبراير/شباط الماضي، وجه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو تحذيرات للإدارة الجديدة في سوريا، وطالب بجعل جنوب سوريا "منزوع السلاح بالكامل".

وأكدا نتنياهو بأن تل أبيب لن تسمح لقوات الإدارة الجديدة بالانتشار جنوب العاصمة دمشق، وقال "لن نتسامح مع أي تهديد للطائفة الدرزية في جنوب سوريا".

تزامنت هذه التهديدات مع تشكيل مجلس عسكري من فصائل مغمورة في السويداء يطالب بحكم ذاتي، رجح بعض المراقبين أن عدد مقاتليها لا يتجاوز ألف مقاتل، فيما ذكرت تقارير أن معظم هؤلاء هم ضبّاط وجنود من النظام السابق بعضهم كانوا على رأس عملهم حتى سقوط النظام.

لقيت التهديدات الإسرائيلية بالتدخل رفضا شعبيا في عموم سوريا وتحديدا في محافظة السويداء التي شهدت مظاهرات شاركت فيها فعاليات نقابية ومهنية وأهلية، احتجاجا وتنديدا بالتصريحات الإسرائيلية الأخيرة ورفضا للتدخل بشؤون سوريا الداخلية.

View this post on Instagram

A post shared by الجزيرة (@aljazeera)

إعلان تخوف وتوتر

أثارت تهديدات إسرائيل ومزاعمها بحماية الدروز، إلى جانب إعلانها تقديم تسهيلات لهم لدخول الجولان المحتل للعمل فيه، مخاوف من محاولات تأجيج القلاقل والتوترات في السويداء. واعتُبرت هذه التحركات محاولة لاستغلال الأوضاع المعيشية الصعبة التي تعيشها البلاد لصالح أجندات سياسية.

وفي سياق التداعيات المرتبطة بالتحريض الإسرائيلي، شهدت بلدة جرمانا في ريف دمشق -التي يقطنها مزيج من الدروز وممثلين عن طوائف أخرى، وتنتشر فيها فصائل مسلحة أبرزها "درع جرمانا"- حادثة أمنية في 28 فبراير/شباط الماضي، إذ أطلق حاجز تابع لـ"درع جرمانا" النار على عنصر من الأمن السوري العام، مما أدى إلى مقتله، وأثار توترات كبيرة في المنطقة.

استغلت إسرائيل هذا التصعيد عبر تصريحات تحريضية جديدة، حيث زعمت أن نتنياهو أمر الجيش بالاستعداد لحماية جرمانا والدروز.

ولكن المشكلة انتهت ببيان من وجهاء البلدة أكد أن الحادث الأليم وقع على يد "مجموعة غوغائية غير منضبطة لا تنتمي إلى عرفنا، ولا إلى عاداتنا أو تقاليدنا"، وشاركت فصائل درزية من السويداء في جهود التهدئة، التي أدت في نهاية المطاف إلى دخول قوات الأمن العام السوري إلى البلدة وإزالة الحواجز التي كانت تقيمها المجموعات المسلحة.

ولم تمض أيام على مشكلة جرمانا حتى أقدم أشخاص غير معروفين على رفع علم إسرائيل في إحدى ساحات السويداء، ليسارع الأهالي لاحقا إلى إنزال العلم وإحراقه، بحسب مقاطع مصورة نشرت عبر وسائل التواصل الاجتماعي.

وفي 6 مارس/آذار الجاري، أقدم عشرات المتظاهرين في مدينة السويداء على إنزال العلم السوري من أعلى مبنى المحافظة، ورفعوا علم الطائفة الدرزية وصور الشيخ حكمت الهجري وأيضا الشيخ موفق طريف الرئيس الروحي للطائفة في إسرائيل، مطلقين هتافات تأييد لهما، وهو ما أدانه عدد من المثقفين والناشطين الدروز، مؤكدين أن المتظاهرين لا يمثلون إلا أنفسهم.

إعلان ضغوط شعبية

أدت مجمل التطورات الأخيرة على الصعيد الدرزي في سوريا، وخاصة التدخل الإسرائيلي، إلى تعالي بعض الأصوات المحذرة من الانسياق خلف المشروع الإسرائيلي، فقد حذر الزعيم الدرزي اللبناني وليد جنبلاط في 2 مارس/آذار الجاري أحرار سورية من المكائد الإسرائيلية.

وقال جنبلاط "إذا كانت قلة قليلة تريد جرّ سورية الى فوضى، فلا أعتقد أن الذين وحدّوا سورية سيستجيبون لدعوة نتنياهو"، في إشارة إلى دور الدروز في إطلاق الثورة السورية ضد الاحتلال الفرنسي بقيادة سلطان باشا الأطرش.

وتصاعدت الانتقادات من المثقفين الدروز السوريين لشيخ العقل حكمت الهجري، حيث عبر الناشط السياسي ماهر شرف الدين عن اعتراضه على طريقة الهجري ومن حوله في إدارة شؤون السويداء، وحذر من أن الاستمرار بالتفرد بإدارة الأمور وما سماها "المواقف المواربة" سيقود إلى مزيد من تفكك المحافظة.

من جهتها، وجهت الناشطة حنان معروف من السويداء انتقادات شديدة للهجري، وقالت إنه يقود المحافظة إلى مزالق خطيرة، وطالبته بالكف عن الاستقواء بالخارج والتراجع عن الطريق التي يسلكها والتي ستجر السويداء وسوريا بشكل عام إلى الهاوية والاحتلال.

وفي ما يبدو ردا على هذه الانتقادات، أكد الهجري في عبارات فضفاضة دون التطرق لخطر التهديدات الإسرائيلية وموقفه منها، أن مشروعهم "وطني يعتمد على وحدة سوريا أرضا وشعبا".

مقالات مشابهة

  • هل ينهي حل حزب العمال الوجود التركي في العراق؟
  • لوموند: تركيا شريك لا غنى عنه لأوروبا الضعيفة
  • صدمة بعد الإفطار.. كلاب ضالة تنهش طفلة سورية حتى الموت في تركيا
  • تركيا وسياسة انتهاز الفرص.. لماذا عرضت أنقرة إرسال جنودها إلى أوكرانيا؟
  • لماذا باتت السويداء عقدة للإدارة السورية الجديدة؟
  • رئيس الوزراء البولندي دونالد توسك يزور تركيا
  • أردوغان يدعو لإشراك تركيا في “ضمان أمن أوروبا”
  • فرص نجاح تركيا بلعب دور الوسيط بين روسيا وأوكرانيا مجددا
  • أنقرة تدعم دمشق في قتالها ضد "فلول الأسد"
  • دمشق.. القوات السورية تنجح في بسط سيطرتها الكاملة على مدينة طرطوس