يثير انطلاق الانتخابات الرئاسية الأمريكية، اليوم الثلاثاء، تساؤلات عديدة حول مدى إمكانية تأثر مستقبل العلاقات بين الرباط وواشنطن بنتائجها، سيما بعد الاعتراف الأميركي في عهد الرئيس السابق دونالد ترامب لسيادة المغرب على الصحراء الغربية.

وبينما يترقب المغرب ما قد تسفر عنه نتائج هذه الانتخابات من تغييرات سياسية، سواء فازت بها المرشحة الديموقراطية كامالا هاريس أو المرشح الجمهوري دونالد ترامب، يتحدث العديد من المحللين السياسيين والخبراء في العلاقات الدولية بالمغرب عن إمكانية تأثير الرئاسيات على العلاقات الدبلوماسية بين البلدين.

"حياد إيجابي"

وفي تعليقه على الموضوع، يقول رئيس المرصد الدولي للدراسات الاستراتيجية، الحسين گنون، إن نتائج الانتخابات الأميركية "لن تؤثر بشكل كبير" على العلاقات المغربية الأمريكية، موضحا أنه "مهما كانت النتيجة سواء فاز ترامب أو هاريس، فإن "اعتراف الولايات المتحدة بمغربية الصحراء يبقى ثابتا نظرا للعلاقات التاريخية المتجذرة بين البلدين لكون المغرب أول دولة تعترف باستقلالية الولايات المتحدة".

ويوضح گنون، في تصريح لموقع "الحرة"، أنه في حال فوز ترامب فإن المغرب "قد يشهد تعزيزا في العلاقات الثنائية من خلال دعم المشاريع التنموية وفتح القنصلية في الأقاليم الجنوبية"، مشيرا إلى أن "الولايات المتحدة تعتبر المغرب نقطة انطلاق استراتيجية للاستثمار في أفريقيا مما يعزز من فرص التعاون بين البلدين".

أما في حال فوز هاريس، يؤكد الخبير في العلاقات الدولية أن نائبة الرئيس الأميركي الحالية "ستسير على نهج أسلافها في تعزيز التعاون الأمني والتجاري، خاصة أن المغرب يعد الشريك الوحيد في أفريقيا الذي لديه اتفاقية تجارة حرة مع الولايات المتحدة"، معتبرا أن هاريس ستكون ملتزمة بالحفاظ على مكتسبات العلاقة مع المغرب.

مستقبل الصحراء الغربية.. بين "الحذر" الديمقراطي و"الاعتراف" الجمهوري منذ وصول إدارة الرئيس، جو بايدن، إلى البيت الأبيض مطلع 2021، ظل ملف الصحراء الغربية كأحد أهم القضايا الإقليمية الموروثة عن إدارة الرئيس دونالد ترامب الذي أعلن قبل أسابيع عن مغادرة منصبه، عن اعتراف واشنطن بالسيادة المغربية على إقليم الصحراء الغربية، تزامنا مع استئناف الرباط لعلاقاتها الدبلوماسية مع إسرائيل.

وبغض النظر عما ستفرزه نتائج الانتخابات، يلفت گنون إلى أن "المغرب الرسمي يتبنى نهجا متوازنا من جميع الأطراف المتنافسة ولا يسعى إلى إظهار انحياز لطرف على حساب الآخر، بل يعتمد سياسة الحياد الإيجابي التي تتيح له التعامل بموضوعية مع كافة المستجدات"، مشددا على أن بلاده سترحب بأي نتيجة تفرزها الانتخابات وستسعى لمواصلة تعزيز علاقاتها الدبلوماسية مع الإدارة الجديدة مع التطلع إلى أن تسهم هذه النتائج في إعطاء دفعة جديدة للعلاقات وتحقيق المزيد من المكاسب بين البلدين.

"الحفاظ على المكتسبات"

ويشير أستاذ القانون الدولي والعلاقات الدولية بجامعة محمد الأول بوجدة، خالد الشيات، في تصريح لموقع "الحرة"، إلى أن العلاقات المغربية الأميركية "قد تم تشبيكها وتعزيزها عبر جهود دبلوماسية متعددة"، مؤكدا أن "اعتراف الإدارة الأميركية بمغربية الصحراء في السنوات الأخيرة دون التراجع عنه يعكس ارتباط هذه القضية بالعمق الأمريكي وليس بالتحولات السياسية الحزبية".

وبحسب الشيات، فإن أي تغيير في الإدارة الأمريكية الجديدة، سواء من الديمقراطيين أو الجمهوريين، "لن يؤثر بشكل كبير على موقف الولايات المتحدة تجاه المغرب"، ويعزو ذلك إلى "الروابط التاريخية والتجارية القوية التي تجمع بين البلدين والتحديات الجيوسياسية التي تواجهها الولايات المتحدة من قوى مثل روسيا والصين"، مردفا "مما يجعل دعم المغرب عنصرا أساسيا في الاستراتيجية الأميركية في المنطقة".

وفي المقابل، ينبه الشيات إلى أن "أي تراجع عن الاعتراف بمغربية الصحراء قد يؤدي إلى تقارب المغرب مع دول أخرى مما يهدد المصالح الأمريكية"، مضيفا أن الإدارة الأمريكية الجديدة ستسعى إلى الحفاظ على المكتسبات التي حققها المغرب، خاصة في ظل التحديات التي تواجهها الولايات المتحدة على الساحة الدولية.

بين ترامب وهاريس

ومن جهته، يعتبر رئيس مركز "أوميغا" للأبحاث الاقتصادية والجيوسياسية، سمير شوقي، أن المغرب "لا يشكل استثناء ضمن متابعة العالم أجمع للانتخابات الأميركية بترقب كبير باعتبارها اللاعب رقم واحد في الرهانات الجيوسياسية"، مشيرا إلى أن بلاده تحتفظ في ذاكرتها بمعطيين أساسيين يتعلقان بتعامل الإدارة الأمريكية مع هذه القضية سواء تحت جبة الديموقراطيين أو الجمهوريين.

ويوضح شوقي في حديثه لموقع "الحرة"، أن الديمقراطيين في ولاية أوباما "لم يكونوا واضحين بشكل تام" مع المغرب "عبر تصريحات كلينتون الودية، بينما دعمت الإدارة تحقيقا أمميا حول حقوق الإنسان في الصحراء، أما ترامب فقد اعترف بوضوح بمغربية الصحراء ثم جاءت إدارة بايدن ونائبته هاريس لتعيد عقارب الساعة للخلف حيث لم تعتمد موقف ترامب بل أعادة الأمور لمنطقة رمادية".

وفي هذا الصدد، يؤكد شوقي أن "هناك ترقبا لعودة ترامب لإنجاز ما سبق وتعهد به وهو افتتاح قنصلية بمدينة الداخلة بالصحراء لتسهيل تدفق الاستثمارات الأميركية بهذه المنطقة"، لافتا إلى أن "هاريس لن تكون إلا نسخة من ولايتي أوباما وبايدن أي تبني المنطقة الرمادية".

انتظارات المغرب

ويرى أستاذ العلوم السياسية بجامعة فاس، إسماعيل حمودي، أن المغرب يتطلع إلى "ثلاثة انتظارات رئيسية" من الإدارة الأميركية المقبلة، سواء فازت بها كمالا هاريس أو دونالد ترامب.

Sorry, but your browser cannot support embedded video of this type, you can download this video to view it offline.

ويعتبر أن الأولوية القصوى تتمثل في تفعيل الاعتراف الأمريكي بالسيادة المغربية على الصحراء، موضحا أن بلاده "تتطلع مرحلة جديدة تعزز هذا الاعتراف، وتؤكد على دعم الحكم الذاتي كخيار رئيسي، مما يسهم في إنهاء الصراع السياسي حول هذه القضية ويحولها إلى مكسب ثابت للمغرب".

ويتابع حمودي حديثه لموقع "الحرة" موضحا أن المغرب "يأمل في أن تعزز الإدارة الأميركية الجديدة من دعمها لدوره الإقليمي في محيطه الجيوسياسي"، مشيرا إلى أن ذلك يتضمن دعم المشاريع الكبرى مثل خط الغاز بين نيجيريا والمغرب وتعزيز المبادرات الأطلسية مما يسهم في تأمين المصالح الأميركية في المنطقة ويعزز من الاستقرار والتنمية في المغرب.

ويضيف المحلل السياسي أن بلاده "تنتظر أيضا دعم الاستقرار والتنمية من خلال تعزيز الحضور الاقتصادي الأمريكي على أراضيه خاصة في الأقاليم الجنوبية"، مؤكدا أن "المغرب يطمح إلى حضور اقتصادي قوي للشركات الكبرى للقطاع الخاص الأمريكي في الصحراء".

المصدر: الحرة

كلمات دلالية: الولایات المتحدة الصحراء الغربیة بمغربیة الصحراء دونالد ترامب بین البلدین أن المغرب أن بلاده إلى أن

إقرأ أيضاً:

مجرّد محاولة لفهم شخصية ترامب

على الرغم من أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب يتمتّع بمميزّات الجرأة والوضوح، إلّا أن مميّزات الشخصية تثير جدلاً واسعاً، لدى أوساط سياسية ومراقبين؛ نظراً لأن فترته الحالية تنطوي على تداعيات واسعة باعتباره شخصية يصعب التنبؤ بخطواتها بشأن الأوضاع الدولية المضطربة، وحتى بشأن مستقبل الولايات المتحدة والنظام العالمي.

هذه الفترة من وجود ترامب على رأس الإدارة الأميركية تختلف عن فترته الأولى بين العامين 2017-2021.

تتّسم شخصية ترامب بطابع دكتاتوري، فهو ليس فقط دكتاتورياً على الولايات المتحدة وحسب، بل إنه يتصرّف باعتباره دكتاتور العالم. وعلى المستوى الأميركي الداخلي، يحظى بسلطات شبه مطلقة، فهو يهيمن على الإدارة التنفيذية، وحزبه «الجمهوري» يهيمن على الحياة التشريعية، وقد اتّخذ جملة من الإجراءات لاستبدال السلطة القضائية بما ينسجم وسياساته ورغباته.

تمنحه هذه الهيمنة على السلطات الثلاث صلاحيات واسعة، لا رادّ لها في ظل ضعف الحزب الديمقراطي، وغياب الحدّ الأدنى من المعارضة الفاعلة بحيث يستطيع إعادة تكييف السياسات الداخلية بما ينسجم وهدفه المعلن وهو استعادة دور أميركا، وتجديد «عهد النهضة».

«أميركا أوّلاً»، شعاره وهدفه الأثير، جعله يفكر أن بإمكانه أن ينجح في ابتزاز العالم وإخضاعه، لخدمة ذلك الشعار حتى لو أدّى ذلك، إلى اختلالات محدودة ومؤقّتة حسب اعتقادية فيما يتعلق بالأوضاع الداخلية.

لتحقيق ذلك الشعار/ الهدف، يعتمد ترامب سياسة الصفقات التجارية عَبر استخدام القوة الدبلوماسية، وإن لم تنفع فعَبر استخدام القوة العسكرية والاقتصادية الهائلة.

أميركا ينبغي أن تكون الرابحة في كل الصفقات، فهو حين يرفع شعار السلام في أوكرانيا مثلاً، فإنه لا يسعى وراء ذلك من أجل مصلحة أوكرانيا أو روسيا، أو حتى الأوروبيين، بل إنه يسعى لنهب ثروات الأوكرانيين، وإضعاف الأوروبيين من أجل إخضاعهم لمصالحه. لا يمكن بناءً على ذلك، أن تكون أميركا وسيطاً نزيهاً في أيّ صفقة خارجية سواء في أوكرانيا أو الشرق الأوسط أو أيّ مكانٍ آخر.

ومن أجل تحقيق شعاره «أميركا أوّلاً»، يبدي استعداداً لتجاوز كل الأدوات السابقة، التي اشتغلت عليها الإدارات الأميركية، سواء تعلّق الأمر بالأمم المتحدة ومؤسّساتها، أو بـ»الناتو»، أو بأيّ اتفاقيات وعهود سابقة، يرى أنها أضعفت بلاده وجاءت على حساب خزينتها ومكانتها.

يترتّب على الأوروبيين أن يتحمّلوا تكاليف أمنهم، إذ لا يمكنهم الاعتماد على أميركا ودافعي الضرائب الأميركيين حتى لو أنهم ارتضوا خلال عقود بأن يكونوا تابعين للسياسة الأميركية.

لا شيء مقدّساً بالنسبة لترامب بما في ذلك التحالفات الإستراتيجية، والقوانين الدولية، وأيّ قيودٍ أخرى يعتقد ترامب أنها أضعفت بلاده، وساهمت في تراجع مكانتها ودورها.

الحلفاء ينبغي أن يتكيّفوا مع المصالح الأميركية، وفي خدمتها، وإلّا فإنهم يصبحون أعداء، أو أعداء محتملين، وعليهم أن يدفعوا ضريبة سياساتهم المستقلّة.

لا يسعى ترامب إلى بناء شراكات مع أحد، والواهمون فقط من يعتقدون أنّهم يمكن أن يتقاسموا المصالح، حتى بالنسبة لثرواتهم الخاصة.

أميركا لا تقبل الشراكة مع أحد، وعلى الكلّ أن يطيع الأوامر من دون نقاش، يستوي في ذلك القوى العظمى والقوى الثانوية، لا يُستثنى من هذا القانون أحد، وأفضلهم بالنسبة لترامب هو من يقبل أن يكسب رضا الإدارة الأميركية من موقع الإدارة التنفيذية.

فلتتدبّر أوروبا أمورها بنفسها، ولكن ليس من دون أن تدفع الضريبة وبأثر رجعي، وعلى كندا، والمكسيك، وبنما، والدنمارك، أن تخضع لرغبات ترامب، تحت ضغط العقوبات والرسوم والجمارك، وإن لم تنفع هذه الوسائل فهو لا يتورّع عن استخدام القوّة.

لا يمكن استثناء الشرق الأوسط من هذه المعادلة، إذ يترتّب على كل ما يتحرّك في إطاره، أن يفهم الدرس مبكّراً وإلّا.

بهذا المعنى، تتغيّر طريقة التعامل مع الدولة العبرية، التي نجحت خلال العقود السابقة في أن تجيّر القدرات والدعم الأميركي لصالح سياساتها وأهدافها، ما أمكنها من أن تلعب دوراً شبه مستقل، الأمر الذي جعل بتسلئيل سموتريتش وإيتمار بن غفير وحتى بنيامين نتنياهو يتبجحون خلال وقت سابق بأنهم دولة مستقلة وليست، النجمة الـ(51) في العلم الأميركي. صمتت هذه الأصوات بعد دخول ترامب إلى البيت الأبيض، وأصاب أصحابها قلق عميق من أن يدخلوا في تحديات لإدارة الأخير.

لاحظ الجميع أن السياسة الإسرائيلية في الأسابيع الأخيرة تأخذ بعين الاعتبار الاقتراحات التي يتقدم بها الوسيط الأميركي ستيف ويتكوف بشأن صفقة التبادل.

عبّر الإسرائيليون عن قلقهم وامتعاضهم من اللقاءات المباشرة التي أجراها المبعوث الأميركي آدم بولر مع حركة «حماس»، لكنهم آثروا الصمت حتى من دون عتاب.

دولة الاحتلال لم تعد قادرة على استخدام اللوبي الصهيوني في أميركا لكبح جماح الإدارة الأميركية كما فعلوا ذلك دائماً خلال فترات سابقة، ذلك أن ترامب الدكتاتور، مطلق الصلاحيات، لا يقبل بأيّ محاولة من الداخل والخارج للتأثير على قراراته وسياساته.

ترامب داعية السلام المزعوم، يستخدم القوّة المميتة ويهدّد بجهنّم لجماعة أنصار الله (الحوثيين) اليمنية، ولا يتورّع عن شنّ أكثر من أربعين غارة على اليمن، حتى لو أدّى ذلك إلى سقوط عشرات المدنيين.

وإزاء الشرق الأوسط، فعين ترامب على الثروات والأموال العربية، والخليجية على نحو الخصوص، ويستعجل الذهاب إلى إنجاز «التطبيع»، ولأجل ذلك يمكن أن يتجاوز رغبات وقرارات وسياسات نتنياهو.
ولأن ترامب غير متوقّع، وقد يتراجع عن قرارات أو إعلانات، بشأن تهجير الفلسطينيين، فإنه قد يفاجئ العالم، والشرق الأوسط، بمبادرات وسياسات يستبعدها الكثيرون، خصوصاً ما يتعلّق بالقضية الفلسطينية، و»اليوم التالي» لحرب الإبادة الجماعية والتجويع.

مقالات مشابهة

  • ترامب: زيارة مرتقبة للرئيس الصيني إلى واشنطن لتعزيز العلاقات الثنائية
  • الإدارة الأميركية تسرح موظفي وسائل إعلامية
  • خالد بن محمد بن زايد يستقبل الإدارة التنفيذية لمستشفى كليفلاند كلينك - الولايات المتحدة
  • أسواق كارفور تبتر الصحراء من خريطة المغرب
  • النائب فضل الله في تشييع شهداء مارون الراس: الإدارة الأميركية والعدو الإسرائيلي يبتزان لبنان
  • مجرّد محاولة لفهم شخصية ترامب
  • ترامب ..ثور الرأسمالية الهائج..!!
  • حزب الله يعلن تضامنه مع الحوثيين بعد الضربات الأميركية
  • بعد الضربات الأميركية.. الحوثيون يكشفون حجم خسائرهم
  • حالات حددها القانون تعرض الطفل للخطر وفقاً للقانون.. تعرف عليها