#الإسلام_الحركي
بقلم: د. #هاشم_غرايبه
عندما يطرح الحلم الذي يراود أمتنا منذ قرن، وهو استعادة وحدتها، تحت راية الإسلام – مبعث عزتها وسؤددها، يقفز نفر من بني جلدتنا كالملسوعين، إذ يعتقدون أن ذلك يعني أن يتسلم الإخوان المسلمون السلطة.
هؤلاء هم ذاتهم الذين اصطفوا مع الأنظمة المستبدة ضد الثورات الشعبية العربية عام 2011 ، متهمين الشعب بالعمالة للاستعمار (!)، مع أنهم ظلت شعاراتهم دعم حق الشعوب في اختيار مصيرها بانتخاب من يمثلها وليس من عينه المستعمر، لذلك طالبت باسقاط هذه الأنظمة لأنها عميلة للغرب الإستعماري، وهي كذلك حقيقة، لأنها تعترف بذلك وإن كانت تسميه تحالفا وليس عمالة، لكن ما يسقط ذريعتها ان التحالف لا يكون إلا بين ندين، وليس بين تابع ومتبوع.
السؤال المهم الى هؤلاء: هل هم مؤمنون بالعلمانية ومبادئها التي تستوجب احترام التعددية الفكرية حقيقة، وملتزمون بقبول الرأي الآخر؟، وهل هم حقا يلتزمون بالخيار الديموقراطي إن كان لغير صالح مرشحيهم.
لقد كشفت مساهمتهم الفعالة في اجهاض اول تجربة ثورية شعبية للعرب، فاصطفوا الى جانب الأنظمة الرجعية التي طالما اكتووا بقمعها، كشفت عدم مصداقية من تطغى المصالح عندهم على المبادئ، وان ادعاء انتهاجهم العلمانية ما هو إلا لتبرير رفضهم لمنهج الله، وان عداءهم للأحزاب التي ترفع الشعارات الإسلامية، مقابل تقبلهم لأي حزب يرفع شعارات بديلة، ما هو إلا خوفهم من أن وصولها للسلطة قد يشجع المطالبين باقامة الدولة الإسلامية.
هذا هو سر الاصطفاف الذي حدث بين الأطراف الثلاث المتناقضة أصلا وهي: المستعمر الغربي الذي عمل جاهدا قرونا طويلة حتى قضى على الدولة الإسلامية، والثانية هي الأنظمة العربية التي قامت على أنقاضها وترى أنه لا فرصة لها بالحكم من خلالها، والثالثة هي القوى المناهضة للاسلام (المنافقون تاريخيا) وأظهرت نفسها للعلن تحت مسمى أحزاب علمانية، مستفيدة من ممانعة أنظمة الحكم في البلاد الإسلامية لوصول اسلاميين للحكم.
ولذلك ابتدع هذا التحالف مسمى: الإسلامي، والذي يعنون به ذلك الذي يدعو الى الحكم بموجب الإسلام، وليس وفق الدستور الذي فرضه المستعمر الأوروبي كبديل لمنهج الله.
الدكتور عبدالله النفيسي يرفض هذا المسمى لأن غرضه خبيث، وهو تجريد الإسلام من مضمونه الذي وجد من أجله وهو تطبيق منهج الله في الحكم، وابقائه مجرد طقوس عبادية فردية لا تتدخل في تنظيم حياة الناس.
لذلك يطلق على الحركة الداعية الى استعادة الدولة الإسلامية مسمى الإسلام الحركي، أي من ينتظمون بجماعات تحمل برنامج اقامة نظام حكم إسلامي، وهذه الجماعات قد تكون سياسية كأحزاب مثل الإخوان المسلمين أو حزب التحرير أوحزب الدعوة الشيعي أو جماعة انصار الله اليمني، أو جمعيات تعلن أنها للعمل الخيري أوالدعوي للإفلات من القانون الصارم الموحد في جميع الأقطار الإسلامية والذي يحظر إقامة أي تجمع تحت يافطة إسلامية صريحة، بذريعة أن ذلك يؤدي الى التفرقة بسبب المعتقد الديني.
كما يعتبر الحركات الدينية التي تعلن أن برنامجها تعميق الإيمان وإصلاح الأفراد، مثل الحركة الوهابية وبعض الجماعات السلفية وجماعة الأحباش وبعض الجماعات الصوفية ملصقة بالإسلام الحركي وليست منه، بدليل أنها وظفت من قبل الأجهزة الاستخبارية الغربية، وجل دعوتها طاعة الحاكم الذي يمولها، حتى لو والى الأعداء، أوخالفت قراراته الأحكام الشرعية الصريحة.
كما يجمل النفيسي الجماعات الجهادية ضمن الإسلام الحركي، رغم أن بعض هذه الجماعات مخترقة من قبل أجهزة استخبارات الأنظمة العربية، وكشف ذلك أنها ظهرت مع اعلان الحرب على الإرهاب، ولم تنشط إلا خلالها من خلال أعمال شنيعة بحق المدنيين، بهدف شيطنة الجهاديين وتبرير الحملة الأمريكية للقضاء عليهم.
هكذا ومن خلال هذا التوصيف يمكن فهم الفارق بين يصدع بالواجب الشرعي الوارد في قوله تعالى: “وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ” [المائدة:44]، ويعمل لأجل تحقيقه، وبين من يدعو لتعطيل هذا الحكم الشرعي الملزم لكل مسلم.
ورغم هذا الخلط المقصود لتعطيل قيام الدولة الإسلامية، لكن لا يجوز التشكيك في الإسلام الحركي، بالقول انه استغلال للدين، أو أنهم عملاء للمستعمر، لأن ذلك أقصى ما يسعى إليه المنافقون.
الدين أنزله الله لكي تقيمه الدولة المسلمة، فالواجب على كل مسلم العمل على تحقيقه.
المصدر: سواليف
كلمات دلالية: هاشم غرايبه الدولة الإسلامیة
إقرأ أيضاً:
فضيلة الدعاء للآباء في الإسلام
فضيلة الدعاء للآباء في الإسلام، الدعاء للوالدين هو من أعظم مظاهر البر والإحسان إليهما، وهو من الأعمال التي دعا إليها الإسلام وأوصى بها، فالأب والأم هما نعمتان كبيرتان منحنا الله إياهما، وهما مصدر الرعاية والحب والتضحية.
لقد أفنوا حياتهم في سبيل تربيتنا وتوفير حياة كريمة لنا، فكان من أقل ما يمكن أن نقدمه لهما هو الدعاء لهما بالخير والبركة في الدنيا والآخرة.
أهمية بر الوالدينمن أسمى القيم الإسلامية وأرفعها منزلة هي بر الوالدين، فقد جعل الله طاعتهما مقرونة بطاعته في أكثر من موضع في القرآن الكريم، تأكيدًا على عظم مكانتهما، قال تعالى: "وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا" (الإسراء: 23).
فضيلة الدعاء للآباء في الإسلامهذه الآية الكريمة تُبيّن أهمية العناية بالوالدين وحسن معاملتهما والدعاء لهما في حياتهما وبعد وفاتهما.
أثر الدعاء للوالدينللدعاء أثر عظيم في حياة الإنسان، سواء للوالدين أو للأبناء، فهو صلة مباشرة بين العبد وربه، نطلب فيها الخير والمغفرة والصحة والسعادة لمن نحب.
الدعاء للوالدين يجعلنا أكثر إحساسًا بفضلهم علينا، ويعزز في قلوبنا مشاعر العرفان والوفاء.
كما أن الدعاء هو وسيلة لاستجلاب البركة لهم، وطريقة لطرد الهموم وجلب السعادة لهم، فهو هدية عظيمة لا تقدر بثمن.
الدعاء للوالدين في القرآن والسنةلقد ذكر القرآن الكريم العديد من الأدعية المأثورة للوالدين، ومن أجملها قول الله تعالى: "رَّبِّ ٱرْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا" (الإسراء: 24)، هذا الدعاء يعكس الشعور العميق بالامتنان لجهودهم وتضحياتهم من أجل تربيتنا.
كما جاء في السنة النبوية الشريفة العديد من الأحاديث التي توصي بالدعاء للوالدين، وبيّنت أن الدعاء لهما من أعظم أعمال البر.
دعاء للأخ في يوم الجمعة المبارك نماذج من الدعاء للآباء1. دعاء للوالدين بالصحة والعافية:
"اللهم احفظ لي والديّ، وامنحهما الصحة والعافية، وبارك في أعمارهم، اللهم أطل في عمرهما على طاعتك، واجعل حياتهما مليئة بالبركة والرضا."
"يا رب، احفظ لي أبي وأمي من كل سوء، واجعل كل أيامهم خيرًا وسعادة، واغفر لهما وارزقني برّهما والإحسان إليهما دائمًا."
2. دعاء للوالدين بالرحمة والمغفرة:
"اللهم اغفر لوالديّ وارحمهما كما ربياني صغيرًا، واجعل مثواهما الجنة يا أرحم الراحمين، اللهم ارفع درجاتهما في عليين، واجمعني بهما في جنتك يا كريم."
"اللهم اجعل قبريهما روضة من رياض الجنة، ولا تجعل قبريهما حفرة من حفر النار. اللهم وسع مدخلهما، وأنزل عليهما نورًا وبركاتك ورحمتك."
ا دعاء للميت في شهر جمادى الأولى: أفضل الصيغ المستحبة لطلب الرحمة والمغفرة لدعاء للآباء بعد وفاتهم
بر الوالدين لا ينتهي بوفاتهما، بل يستمر من خلال الدعاء والصدقات الجارية. فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: "إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم يُنتفع به، أو ولد صالح يدعو له" (رواه مسلم). الدعاء للوالدين بعد وفاتهما هو شكل من أشكال البر الذي لا ينقطع، ويكون سببًا في رفع درجاتهما في الجنة ومغفرة ذنوبهما.
أعمال البر للوالدين بعد وفاتهما
إضافة إلى الدعاء، يمكننا القيام بالعديد من الأعمال الصالحة بنية بر الوالدين، مثل التصدق عنهما، قراءة القرآن وإهداء الثواب لهما، الإحسان إلى أصدقائهما وأقربائهما، والاستمرار في عمل الخير الذي كانا يحبان القيام به. كل هذه الأعمال تقربنا إلى الله وتزيد من حسناتهما.
خاتمة
في الختام، يجب أن نعلم أن الوالدين هما أغلى ما نملك، وحبهما ورعايتهما نعمة يجب أن نشكر الله عليها باستمرار. الدعاء لهما هو أبسط ما يمكن أن نقدمه لهما، سواء في حياتهما أو بعد وفاتهما. فلنجعل الدعاء للوالدين عادة لا تنقطع، ولنحرص على أن نكون من البارين بهما، حتى ننال رضى الله عز وجل ونُحاط ببركة دعائهما في حياتنا.