سلط المحلل الإسرائيلي، هيرب كينون، الضوء على اتفاق التطبيع المحتمل بين إسرائيل والسعودية، واصفا إياه بأنه سيكون، حال حدوثه، أحد ثمار اتفاقيات إبراهيم، التي أطلقتها دولتا الإمارات والبحرين، بشرط تدارك التهديدات التي تؤشر لعدم استمرار تلك الثمار.

وذكر كينون، في تحليل نشره بصحيفة "جيروزاليم بوست" وترجمه "الخليج الجديد"، أنه لولا اتصال هاتفي تاريخي قبل 3 سنوات، وتحديدا في 13 أغسطس/آب 2020، بين الرئيس الأمريكي آنذاك، دونالد ترامب، ورئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، والزعيم الفعلي لدولة الإمارات العربية المتحدة الشيخ، محمد بن زايد آل نايان، لم يكن ليتحدث أحد عن صفقة إسرائيلية سعودية محتملة.

وخلال تلك المكالمة الهاتفية، التي أعقبت أسابيع من المفاوضات المكثفة، اتفقت إسرائيل والإمارات على "التطبيع الكامل للعلاقات"، وتبع ذلك الإعلان، بعد حوالي 4 أسابيع، عن اتفاق مماثل مع البحرين وحفل توقيع رسمي لإعلان اتفاقيات إبراهيم في البيت الأبيض في 20 سبتمبر/أيلول، وحذا حذوه دولتان أخريان: السودان، الذي لم تتطور العلاقات معه بشكل ملحوظ بسبب الاضطرابات الداخلية، والمغرب.

وأشارت تلك المكالمة الهاتفية إلى حدوث تغيير جذري في الشرق الأوسط من خلال فصل علاقة إسرائيل مع العالم العربي عن التقدم على المسار الفلسطيني، كما أكدت صحة ما كان نتنياهو يقوله لسنوات، وهو أن التطبيع مع الدول العربية ممكن، حتى بدون اتفاق سلام شامل مع الفلسطينيين.

ورغم أن إسرائيل وافقت على عدم ضم مساحات كبيرة من الضفة الغربية، إلا أن اتفاقيات إبراهيم مثلت نهج "السلام مقابل السلام" الذي لم يطالب بتنازلات إسرائيلية عن الأراضي، حسبما يرى كينون، مضيفا: "لو لم يلتزم بن زايد بهذا التحول الهائل، خلال تلك المكالمة التي توسط فيها ترامب مع نتنياهو، لكان من الصعب تخيل أي اتفاق سعودي إسرائيلي".

تراجع التأييد

لكن كينون يشير إلى أن التأييد لاتفاقات إبراهيم في الخليج آخذ في التضاؤل، وأن الحماس لها يتلاشى، ودعمها بين الدول العربية المعنية آخذ في التراجع، وهو ما سجله استطلاع أجراه معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى في أبريل/نيسان الماضي.

وأورد الاستطلاع أن 20% فقط من البحرينيين و27% من الإماراتيين يعتقدون أن اتفاقيات إبراهيم سيكون لها تأثير "إيجابي للغاية" أو "إيجابي إلى حد ما" على الشرق الأوسط، في حين أن 76% من البحرينيين وقال 69% من الإماراتيين إن التأثير سيكون "سلبيًا إلى حد ما" أو "سلبي جدًا".

وفي المقابل، يشير كينون إلى أن اتفاقيات إبراهيم صمدت رغم بعض التحديات الخطيرة، بما في ذلك 3 حملات عسكرية إسرائيلية في غزة، وواحدة في جنين، وحكومة يمينية متشددة في إسرائيل تروج لبناء المستوطنات وتضم وزراء يؤيدون ضم أجزاء من الضفة الغربية.

فرغم تحركات الجيش الإسرائيلي بغزة واعتداءاته واسعة النطاق في الضفة الغربية، لم تشر أي دولة من دول اتفاق إبراهيم إلى إعادة تقييم العلاقات.

اقرأ أيضاً

مسؤول إسرائيلي: تقدم كبير باتفاق التطبيع مع السعودية.. لكن التوقيع ليس وشيكا

وهذا لا يعني أن التطورات على الأرض لم تلقي بظلالها على الاتفاقات إلى حد ما، بحسب كينون، إذ أرجأ المغرب قمة "منتدى النقب" الثانية لوزراء خارجية إسرائيل والولايات المتحدة والمغرب والبحرين والإمارات العربية المتحدة ومصر، التي كان من المقرر عقدها في يونيو/حزيران للاحتجاج على إعلان إسرائيل الموافقة على خطط لبناء حوالي 4600 وحدة سكنية جديدة في المستوطنات.

ثمة مؤشر آخر على بطء وتيرة تطوير العلاقات بين إسرائيل ودول اتفاقيات إبراهيم، وهو أن نتنياهو، منذ توليه منصبه قبل 8 أشهر، لم يقم بزيارة لأي من دول تلك الاتفاقيات.

لكن هذا سيتغير قريبًا، حسبما يشير كينون، لافتا إلى أن ملك المغرب، محمد السادس، دعا نتنياهو لزيارة الرباط بعد إعلان رئيس الوزراء الإسرائيلي الاعتراف بسيادة المغرب على الصحراء الغربية.

كما دُعي نتنياهو، إلى جانب الرئيس الإسرائيلي، إسحاق هرتسوج، لحضور مؤتمر الأمم المتحدة بشأن تغير المناخ بإمارة دبي، في أوائل ديسمبر/كانون الثاني.

التعاون الأمني

وهنا يشير كينون إلى جوانب أخرى من العلاقة المزدهرة بين إسرائيل والمغرب، تتمثل في التعاون لأمني، إذ أرسلت إسرائيل مؤخرا ملحقًا أمنيًا إلى الرباط.

كما ازدهرت السياحة الإسرائيلية إلى الإمارات والمغرب مؤخرا، وزار ما يقرب من عُشر سكان إسرائيل البالغ، عددهم 10 ملايين نسمة، دولة الإمارات منذ توقيع اتفاقيات إبراهيم.

وفي العام الماضي وحده، زار 200 ألف إسرائيلي المغرب، ومع ذلك، فإن السياحة ليست متبادلة، حيث يزور بضعة آلاف فقط من السياح من البلدين العربيين الدولة العبرية.

وبين عشية وضحاها، تحولت الإمارات إلى الشريك التجاري السادس عشر لإسرائيل، حيث بلغ حجم التجارة 2.6 مليار دولار العام الماضي ومن المتوقع أن يتجاوز 3 مليارات دولار هذا العام.

ومع ذلك، فإن الاستثمار في الاقتصاد الإسرائيلي ليس بالقوة التي توقعها الكثيرون، فبعد فترة وجيزة من توقيع الاتفاقيات، اعتقد الكثيرون أن المستثمرين الإماراتيين والبحرينيين سيمولون بسهولة العديد من مشاريع التكنولوجيا الفائقة الإسرائيلية، لكنهم كانوا أكثر تحفظًا مما كان متوقعًا.

ويلفت كينون أيضا إلى أن الاضطرابات الداخلية في إسرائيل المحيطة بالإصلاح القضائي تزيد من تعقيد العلاقات بين تل أبيب والعواصم العربية، فعندما تم إجراء تلك المكالمة الهاتفية الثلاثية قبل 3 سنوات، تم تقديم العديد من الأسباب لاهتمام الإمارات، وبعد ذلك البحرين والمغرب، بتطبيع العلاقات مع إسرائيل، بما في ذلك معالجة التهديدات القادمة من إيران والحصول على خدمات من الولايات المتحدة.

ومع ذلك، فإن علاقة هذه الدول بإسرائيل لم تكن مجرد وسيلة لتحقيق غاية أخرى، بل كان يُنظر إليها على أنها ذات قيمة في حد ذاتها وبسبب القوة العسكرية والاقتصادية الكبيرة لإسرائيل، بحسب كينون.

واختتم كينون تحليله بأن تداعيات النقاش حول الإصلاح القضائي المثير للجدل في إسرائيل، والتي تشمل جيشًا لا يُنظر إليه على أنه قادر كما كان في الماضي واقتصادًا ليس قوياً أو مستقراً كما كان في السنوات السابقة، تعني أن مكانة إسرائيل في نظر دول اتفاقيات إبراهيم ستتراجع، داعيا إلى النظر في مآلات ذلك في ظل احتفال الدولة العبرية بمرور 3 سنوات على توقيع تلك الاتفاقيات.

اقرأ أيضاً

إعلام عبري: إسرائيل كانت على علم بقرار السعودية تعيين سفيرا لدى السلطة الفلسطينية

المصدر | جيروزاليم بوست/ترجمة وتحرير الخليج الجديد

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: السعودية إسرائيل دونالد ترامب اتفاقيات إبراهيم إلى أن ما کان إلى حد

إقرأ أيضاً:

صفقة غير متوقعة: اتفاق وقف دائم لإطلاق النار بين إسرائيل وحماس يثير تساؤلات

صورة تعبيرية (وكالات)

في تطور مفاجئ، كشفت مجلة "المجلة" عن مسودة جديدة تهدف إلى إرساء اتفاق لوقف دائم لإطلاق النار بين إسرائيل وحماس، وهي خطوة قد تحمل في طياتها تحولات كبيرة في الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي.

وتكشف التفاصيل التي تم تسريبها عن عملية معقدة وفريدة من نوعها، تمتد على عدة أيام، حيث تبدأ بتحركات إنسانية من كلا الطرفين وتصل إلى مفاوضات عسيرة حول مستقبل المنطقة.

اقرأ أيضاً صفقة غير معلنة؟: عضو كونغرس أمريكي يكشف عن رسالة حاسمة من الشرع لترامب 25 أبريل، 2025 انفجار مروع في موسكو يودي بحياة مسؤول عسكري بارز: هل كان هجومًا مدبرًا؟ 25 أبريل، 2025

اليوم الأول: أولى خطوات الاتفاق تتمثل في إطلاق سراح المواطن الأميركي إيدن ألكسندر من قبل حماس، بالإضافة إلى إعلان إطار مؤقت لوقف إطلاق النار يمتد لمدة 45 يومًا.

اليوم الثاني: مفاجآت جديدة، حيث تفرج حماس عن خمسة رهائن إسرائيليين أحياء من "قائمة 59" التي قدمتها إسرائيل، في الوقت الذي تطلق فيه إسرائيل سراح 66 سجينًا محكومًا عليهم بالسجن المؤبد و611 أسيرًا من قطاع غزة، وذلك دون أي مراسم علنية أو استعراضات إعلامية. في هذه الأثناء، تُستأنف المساعدات الإنسانية بشكل فوري.

اليوم الثاني أيضًا: الجيش الإسرائيلي يبدأ إعادة انتشاره في منطقة رفح وشمال غزة، في خطوة قد تشير إلى بداية تهدئة حقيقية في تلك المناطق.

اليوم الثالث: التفاوض على وقف إطلاق نار دائم يبدأ، حيث يتناول تبادل جميع الرهائن الإسرائيليين المتبقين مقابل عدد من الأسرى الفلسطينيين، بالإضافة إلى قضايا شائكة مثل إعادة الانتشار العسكري الإسرائيلي ونزع السلاح من قطاع غزة، وهو الأمر الذي يمثل نقطة خلاف جوهرية.

اليوم السابع: حماس تفرج عن أربعة رهائن إسرائيليين آخرين من "قائمة 59"، مقابل الإفراج عن 54 سجينًا محكومًا عليهم بالسجن المؤبد و500 معتقل فلسطيني. وفي هذه المرحلة، يُعاد انتشار الجيش الإسرائيلي شرقي شارع صلاح الدين، في خطوة لتأمين المنطقة.

اليوم العاشر: كلا الطرفين يقدمان معلومات شاملة حول الرهائن والأسرى الأحياء المتبقين، وهو ما قد يمثل خطوة مهمة نحو بناء الثقة بين الجانبين.

اليوم العشرين: في خطوة قد تكون الأكثر إثارة للجدل، تفرج حماس عن جثث 16 إسرائيليًا مقابل 160 جثة فلسطينية، وهو تبادل قد يعكس التوترات الإنسانية العميقة بين الطرفين.

اتفاق وقف النار هذا قد يمثل نقطة تحول فارقة في العلاقة المعقدة بين إسرائيل وحماس، لكن تبقى العديد من الأسئلة حول ما إذا كانت هذه الخطوات كافية لتحقيق سلام دائم.

مقالات مشابهة

  • تطبيع سوريا مع إسرائيل.. فكّر فيها
  • وفد حماس يصل إلى القاهرة لبحث مقترح صفقة شاملة مع إسرائيل
  • ناشطة إسبانية: الحملات الشعبية أسهمت في إلغاء صفقة أسلحة إسرائيلية
  • 84 قتيلاً و168 مصاباً بسلسلة غارات إسرائيلية على غزة
  • هل تفتح سوريا بوابة التطبيع مع إسرائيل في عهد أحمد الشرع؟
  • صفقة غير متوقعة: اتفاق وقف دائم لإطلاق النار بين إسرائيل وحماس يثير تساؤلات
  • اسبانيا تلغي صفقة تسلح مع شركة إسرائيلية
  • عضو بالكونجرس: الرئيس السوري منفتح على تطبيع العلاقات مع إسرائيل بشرط
  • اسبانيا توقف صفقة شراء أسلحة من إسرائيل
  • إسبانيا تلغي صفقة شراء ذخيرة من إسرائيل