عربي21:
2025-01-22@07:53:39 GMT

ما بعد غزة حروب تولد حروبا

تاريخ النشر: 5th, November 2024 GMT

قبل اغتيال السيد حسن نصر الله، أعلنت حكومة نتنياهو قرارها القاضي بتغيير قواعد اللعبة، وكان القصد من ذلك فتح المجال أمام إعادة تشكيل خارطة الشرق الأوسط في اتجاه خدمة المصالح الاستراتيجية التي تضمنها المشروع الصهيوني في نسخته التلمودية. لن يقف الأمر عند احتلال غزة والضفة الغربية والهيمنة على ما تبقى من مدينة القدس، وذلك عن طريق القتل والتهجير، ولكن مساحة الطمع أوسع من ذلك بكثير؛ هم يريدون السيطرة مبدئيا وبشكل مباشر على جنوب نهر الليطاني ووضع بيروت تحت المراقبة المباشرة، وهو ما استفز فرنسا التي تعتبر لبنان من بين مناطق نفوذها الأساسية في الشرق الأوسط.



من جهة أخرى، يتجهون نحو الهيمنة على أجزاء حيوية من سوريا بعد أن سبق أن احتلوا عنوة الجولان، مستغلين حالة الضعف والشلل التي يعاني منها النظام السوري. فالبلاد مقسمة بين روسيا وتركيا وأطراف من المعارضة التي تعمل بدورها على استثمار الوضع الحالي لتكثيف تحركاتها العسكرية لمزيد استنزاف نظام الأسد. فالهدف العاجل التي تعمل على تحقيقه تل أبيب حاليا هو قطع الطريق الذي تمر من خلاله المساعدات العسكرية الإيرانية الموجهة نحو حزب الله، الذي يتلقى حاليا ضربات قوية في سوريا. ويجري الحديث الآن على شروع دمشق في فك ارتباطها العسكري والسياسي مع حزب الله،الحرب الدائرة حاليا لن تقف تداعياتها عند غزة فقط، بل تتجاوزها كثيرا، وأنها تسير في طريق التوسع والالتفاف يمينا ويسارا، وهي بصدد خلق جبهات جديدة هنا وهناك. فالخرائط المرسومة في مراحل سابقة تعود إلى مائة وثلاثين عاما على الأقل؛ فُتحت من جديد وتصاعدت الرغبة في تحقيق أجزاء هامة منها خلال هذه الفترة الصعبة والقاسية، وهذا ما يفسر تفكك الأوضاع في أكثر من بلد مع تسارع التحولات السياسية والعسكرية والاجتماعية إلى جانب النأي بنفسها عن طهران. وفي حال استمرت هذه التداعيات وتسارعت ستتعرض سوريا إلى إعادة تشكيل مراكز القوة داخلها بشكل واضح، وهو الأمر الذي تراقبه روسيا عن كثب، وتعمل على تقليص مخاطره على مصالحها الحيوية داخل بلاد الشام. فالحكومة الإسرائيلية قادرة على خلخلة نظام الأسد، وقد تفكر في إسقاطه إذا أرادت ذلك من أجل خلط الأوراق، وحرمان إيران من حليف أساسي.

بعد الضربة القوية التي تلقتها إيران، والتي خلفت أضرارا بالغة، شعرت تركيا بالخطر، وفوجئت الطبقة السياسية بتوجه الرئيس أردوغان نحو محاولة تسوية الملف الكردي الذي يعتبر من بين أخطر الثغرات التي يمكن أن تستعملها إسرائيل ضد الحكم المركزي في تركيا. ولا يعود ذلك فقط إلى العلاقات الجيدة التي تملكها تل أبيب مع بعض الفصائل الكردية المسلحة، والمدعومة من الولايات المتحدة، وإنما أيضا لما تشكله إسرائيل بقيادتها الحالية من مخاطر مباشرة على المصالح الاستراتيجية لتركيا وعلى وحدتها الترابية.

يذكر الكاتب التركي كمال أوزتورك في مقال له نشره على "الجزيرة نت" أن أردوغان يعتقد أن عدوان إسرائيل لن يتوقف، وأن الدور سيأتي على سوريا بعد لبنان "مما سيجعل إسرائيل وجها لوجه مع تركيا". وبحكم أن أردوغان سياسي محنك ومطلع، لم ينس أن "حلم إسرائيل الكبرى يشمل أجزاء من الأراضي التركية"، لهذا بدأ يستعد لعملية استباقية من خلال التلويح باحتمال إطلاق سراح عبد الله أوجلان المحكوم عليه بالسجن المؤبد، مقابل تسوية شاملة للمسألة الكردية مع حزب العمال الكردستاني.

هكذا يتبين أن الحرب الدائرة حاليا لن تقف تداعياتها عند غزة فقط، بل تتجاوزها كثيرا، وأنها تسير في طريق التوسع والالتفاف يمينا ويسارا، وهي بصدد خلق جبهات جديدة هنا وهناك. فالخرائط المرسومة في مراحل سابقة تعود إلى مائة وثلاثين عاما على الأقل؛ فُتحت من جديد وتصاعدت الرغبة في تحقيق أجزاء هامة منها خلال هذه الفترة الصعبة والقاسية، وهذا ما يفسر تفكك الأوضاع في أكثر من بلد مع تسارع التحولات السياسية والعسكرية والاجتماعية.

السنوات التي ستعقب هذه الحرب ستكون حبلى بأحداث دامية قد تشهد مزيدا من العنف وتقسيم أوطان وتغيير تحالفات وانهيار اتفاقيات سابقة
فالسنوات التي ستعقب هذه الحرب ستكون حبلى بأحداث دامية قد تشهد مزيدا من العنف وتقسيم أوطان وتغيير تحالفات وانهيار اتفاقيات سابقة، لهذا يجري الحديث عن احتمال سقوط محكمة الجنايات الدولية التي تتعرض إلى نقد من قبل عواصم غربية عديدة، لمجرد موافقتها على محاسبة الطغمة الحاكمة في إسرائيل، إلى جانب عدد من المؤسسات الدولية المختصة في حماية حقوق الإنسان؛ مثل منظمة الأونروا التي وجدت نفسها عاجزة عن أداء مهمتها داخل غزة وبقية الأراضي الفلسطينية. بل الأمر أصبح أكثر خطورة، حيث لا يستبعد عديد الخبراء والدبلوماسيين احتمال انهيار منظمة الأمم المتحدة التي فقدت بدورها قيمتها الرمزية، وعجزت عن التأثير في الأزمات وفرض قراراتها على دولة متمردة مثل إسرائيل الجبانة والعنصرية.

تكمن الخلاصة في أن منطقة الشرق الأوسط مقدمة على تحولات جذرية من لا تعرف حدودها وتداعياتها.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الشرق الأوسط غزة الإسرائيلية إسرائيل الشرق الأوسط غزة مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة رياضة مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة

إقرأ أيضاً:

حروب التطبيقات الرقمية

الحروب المستقبلية بين الدول ستكون حروبًا إلكترونية قائمة على امتلاك التقنيات والتطبيقات الذكية، ففـي هذا العصر الذي أصبح فـيه كل شيء متصلًا رقميًا، فإن الصراع اليوم لا يتعلق فقط بالقوة العسكرية أو السيطرة على الموارد الطبيعية، بل أصبح صراعًا حقيقيًا حول البيانات والمعلومات، فالدول التي تمتلك أقوى التطبيقات الذكية تكون هي المنتصرة؛ لأن هذه التطبيقات باتت تشكل مفتاح القوة والنفوذ فـي العالم.

هذا الصراع يتجلى بوضوح بين الدول الكبرى، مثل الولايات المتحدة والصين اللتين تخوضان حربًا علنية للسيطرة على التطبيقات الرقمية. على سبيل المثال، تهدد الولايات المتحدة بحظر تطبيق «تيك توك» الصيني وتطبيق «وي تشات»، بينما تقوم الصين من جانبها بحظر تطبيقات أمريكية شهيرة مثل «واتساب» و»فـيسبوك» و«إنستجرام». لكن القضية ليست مجرد خلافات تجارية أو أيديولوجية، بل هي حرب استراتيجية على الهيمنة الرقمية.

الهيمنة المستقبلية على العالم ستتم عن طريق الهيمنة الإلكترونية، ووسيلتها الأساسية هي السيطرة على التطبيقات الذكية بكل أنواعها، سواء كانت اقتصادية أو اجتماعية أو سياسية، أو حتى تلك التي تتعلق بالتواصل والدردشة، أو التسوق والسفر، أو الألعاب؛ فامتلاك أقوى التطبيقات والتقنيات يعد عاملًا حاسمًا فـي تحديد قوة الدول وقدرتها على التأثير الجيوسياسي. فـي عالمنا اليوم، أصبحت الصراعات التقليدية بين الدول تتجاوز السيطرة على الثروات الطبيعية، لتركز أكثر على السيطرة على المعلومات والبيانات التي باتت تمثل المصدر الرئيسي للقوة الاقتصادية، والسياسية، والأمنية.

من هنا، تتفق القوى العظمى فـي العالم على أن البيانات الرقمية هي سلاح فتاك يمكن أن يغير مجريات الأمور السياسية والاقتصادية. إن تطبيقات الهواتف الذكية اليوم لا تعد مجرد أدوات للتسلية أو التواصل الاجتماعي، بل أصبحت بمثابة مراقب ذاتي لكل فرد، حيث تجمع المعلومات من جميع الأنشطة اليومية، وتعالجها بسرعة وكفاءة. وفـي هذا السياق، فإن السيطرة على هذه التطبيقات يعني التحكم فـي تدفق المعلومات وتحليلها، مما يتيح للدول والشركات الكبرى القدرة على التأثير فـي سياسات الدول الأخرى.

وهنا يأتي دور الشركات التقنية العملاقة التي تمتلك هذه التطبيقات، هذه الشركات ليست مجرد كيانات تكنولوجية، بل هي قوى اقتصادية تحدد توجهات السياسة العالمية، وتهندس التفاعلات الدولية فهي تسيطر على المعلومات وتدفقها، مما يمنحها قوة هائلة فـي العصر الرقمي. على سبيل المثال، تتربع أكبر أربع شركات تكنولوجية فـي العالم على قمة الشركات الأكثر قيمة سوقية، على رأس القائمة تأتي شركة «أبل»، التي تبلغ قيمتها السوقية أكثر من 2.7 تريليون دولار أمريكي، تليها «مايكروسوفت» بقيمة سوقية تقدر بحوالي 2.5 تريليون دولار، ثم «جوجل» التي تبلغ قيمتها السوقية 1.7 تريليون دولار أمريكي، وأخيرًا «أمازون» التي تقدر قيمتها بحوالي 1.4 تريليون دولار. هذه الشركات تمثل العمود الفقري للاقتصاد الرقمي، وتستحوذ على معظم أسواق التكنولوجيا فـي العالم.

من المهم أيضًا الإشارة إلى أن هناك شركات تقنية غير أمريكية تبرز فـي الساحة العالمية، مثل شركة «بايت دانس» الصينية المالكة لتطبيق «تيك توك»، التي تبلغ قيمتها السوقية حوالي 300 مليار دولار أمريكي.

بات من الواضح أن الحرب المقبلة لن تكون على الأرض أو البحر، بل ستكون حربًا إلكترونية تتسارع فـيها الدول للسيطرة على المعلومات. الشركات التكنولوجية الكبرى باتت تتحكم فـي مفاتيح هذه الحرب، ومن يمتلك السيطرة على البيانات فسيكون هو الفائز فـي معركة الهيمنة الرقمية، التي أصبحت المحرك الرئيسي للقوة فـي هذا العصر.

مقالات مشابهة

  • حروب التطبيقات الرقمية
  • ضد حماس وحزب الله..حروب إسرائيل ترفع عبء ديونها إلى 69 %
  • لماذا اختار الله شهر رجب الذي تصب فيه الرحمات لفرض الصلاة؟ علي جمعة يوضح
  • بعد انتظار طويل.. إسرائيل تودع الجندي أورون شاؤول الذي قتل في غزة عام 2014 بعد استعادة جثمانه
  • روسيا : بايدن قاد حروباً مدمرة وانتهى برفض أمريكي ودولي
  • رمضان عبد المعز: خبيب بن عدي كان مثالا حيا للصحابي الذي باع نفسه لله
  • رمضان عبد المعز يروي قصة الصحابي الذي باع نفسه ابتغاء مرضاة الله
  • كيف تبخرت جثث 2800 شهيد في قطاع غزة؟ وما السلاح الذي استعملته إسرائيل؟
  • حتى أنقذ نفسي أمام زوجي.. افتريت على إبنه الذي لا أطيقه في بيتي
  • واشنطن بوست: هذا حجم الدمار الذي أحدثته إسرائيل بلبنان بعد الهدنة