البنك الدولي يدق ناقوس الخطر: اقتصاد اليمن في مواجهة تحديات خطيرة
تاريخ النشر: 5th, November 2024 GMT
شمسان بوست / متابعات
أكد البنك الدولي أن اقتصاد اليمن يواجه تحديات متزايدة مع استمرار الصراع وتصاعد التوترات الإقليمية. فقد توقع البنك أن ينكمش إجمالي الناتج المحلي بنسبة 1% عام 2024، بعد انخفاضه بنسبة 2% سنة 2023، بما يؤدي إلى المزيد من التدهور في نصيب الفرد من إجمالي الناتج الحقيقي، لتصل نسبة الانخفاض إلى 54% منذ عام 2015.
وفي أحدث إصدار له من تقرير “المرصد الاقتصادي لليمن”، قال البنك إن اقتصاد اليمن لا يزال يواجه تحديات متفاقمة، إذ يؤدي طول أمد الصراع والتشرذم السياسي وتصاعد التوترات الإقليمية إلى دفع البلاد نحو منزلق أزمة إنسانية واقتصادية أكثر حدة وخطورة.
وبحسب التقرير، فقد دفع الصراع معظم اليمنيين إلى براثن الفقر، في حين وصل انعدام الأمن الغذائي إلى مستويات غير مسبوقة، حيث يعاني أكثر من 60% من السكان من ضعف قدرتهم على الحصول على الغذاء الكافي. وسلط الضوءَ على المصاعب الاقتصادية الكبيرة التي تعترض اقتصاد اليمن بسبب استمرار الحصار الذي فرضه الحوثيون على صادرات النفط، والذي أدى إلى انخفاض الإيرادات المالية للحكومة المعترف بها دولياً بنسبة 42% في النصف الأول من عام 2024، ما منعها من تقديم الخدمات الأساسية للسكان.
وأكد التقرير أن توقف الحكومة المعترف بها دولياً عن تصدير النفط أدى، إلى جانب الاعتماد الكبير على الواردات، إلى تكثيف الضغوط الخارجية، مما تسبب في انخفاض قيمة الريال اليمني في سوق عدن من 1619 ريالاً للدولار في يناير/كانون الثاني 2024، إلى 1917 ريالاً بنهاية أغسطس/آب.
ولفت التقرير إلى أنه منذ عام 2023، تدهورت الظروف المعيشية لغالبية السكان بشكل كبير، ففي يوليو/تموز 2024، أشارت مسوحات استقصائية هاتفية، أجراها البنك الدولي، إلى أن الحرمان الشديد من الغذاء، زاد بأكثر من الضعف في بعض المحافظات.
وأشار إلى استمرار تفاقم التشرذم الاقتصادي بين المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون، وتلك التي تسيطر عليها الحكومة المعترف بها دولياً، حيث يؤدي التفاوت في معدلات التضخم وأسعار الصرف إلى تقويض أسس الاستقرار وجهود التعافي في المستقبل.
وأوضح التقرير أن التوترات الإقليمية، وخاصة في البحر الأحمر، أدت إلى انخفاض حركة الملاحة بأكثر من 60% عبر مضيق باب المندب الإستراتيجي وقناة السويس، غير أن هذه الاضطرابات لم تسفر بعد عن زيادة كبيرة في أسعار المستهلكين. وأكد أن الآفاق الاقتصادية التي تنتظر اقتصاد اليمن لعام 2025 لا تزال قاتمة، بسبب استمرار الصراع الإقليمي، والصراع الداخلي، الذي يهدد بتعميق التشرذم في البلاد، وتفاقم أزمتها على الصعيدين الاجتماعي والإنساني.
وأوضى التقرير بتعزيز قدرة المؤسسات على الصمود، وذلك من أجل إدارة التضخم، ومواجهة تحديات المالية العامة. واقترح تحسين طرق التجارة وتيسير الوصول إلى الخدمات المالية، من أجل تخفيف الضغوط عن اقتصاد اليمن ومنع المزيد من التشرذم.
وفي هذا الصدد، قالت كتبت مديرة مكتب البنك الدولي في اليمن دينا أبو غيدا في متن التقرير: “تزداد حدة التحديات الاقتصادية والإنسانية في اليمن، إلا أن الفرصة لا تزال قائمة لتغيير هذا المسار في الهبوط، بتقديم الدعم المناسب. ولا بد من اتخاذ إجراءات عاجلة، منها معالجة اختلالات حسابات المالية العامة والحسابات الخارجية، والتخفيف من حدة انعدام الأمن الغذائي، وتحقيق المزيد من الاستقرار. ولا نزال ملتزمين بالتعاون الوثيق مع الشركاء لدعم جهود التعافي وتمهيد الطريق لتحقيق مستقبل مستدام في اليمن”.
المصدر: شمسان بوست
كلمات دلالية: البنک الدولی اقتصاد الیمن
إقرأ أيضاً:
العالم المخفي للحوثيين| استراتيجيات المدن العسكرية تحت الأرض في اليمن
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
في ظل الصراع المستمر في اليمن، والذي يمتد منذ عدة سنوات، تتزايد التقارير حول الأنشطة العسكرية لجماعة الحوثي، حيث كشف تقرير حديث عن بناء مدن عسكرية تحت الأرض، مما يشير إلى استعداد الحوثيين لمواجهة طويلة الأمد.
التقرير يبرز كيف استغل الحوثيون فترة الهدنة التي أُعلنت في أبريل ٢٠٢٢ لتوسيع عملياتهم في بناء القواعد العسكرية تحت الأرض، في خطوة تعكس استراتيجيتهم للدفاع والبقاء في ساحة المعركة.
وأفاد التقرير بأن منشآت القيادة والسيطرة التابعة للحوثيين موزعة في عدة مناطق، بما في ذلك العاصمة صنعاء، ومبنية على أعماق تصل إلى ٧-١٠ طوابق تحت الأرض، متخذة من هناغر كبيرة للمؤسسات التجارية غطاءً لهذه المنشآت.
لقد أسس الحوثيون شبكة معقدة من الأنفاق والملاجئ تحت الأرض، والتي تطورت مع مرور الوقت إلى مدن عسكرية متكاملة.
وتعتبر هذه الأنفاق ليست مجرد مخابئ، بل تم تجهيزها لتلبية احتياجات عسكرية متنوعة، بما في ذلك تخزين الأسلحة، والتخطيط للعمليات، وحتى كقاعدة للجنود.
ويرى القادة الحوثيون أن الاختراقات الاستخباراتية، خصوصًا التي حدثت لحزب الله، تشكل هاجسًا كبيرًا.
بحسب مصادر حوثية، قامت الميليشيا بتجديد وتوسيع منشآت تحت الأرض كانت قد أُنشئت في عهد الرئيس اليمنى السابق على عبدالله صالح، الذى قتله الحوثيون فى ٢٠١٧.
هذه المنشآت تستخدم الآن لأغراض عدة تشمل تركيب وتصنيع الصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة، تصنيع المتفجرات، وتجهيز الألغام البحرية والقوارب المسيّرة.
ويعتبر عمق المنشآت العسكرية أحد ركائز الحماية التي يعتمد عليها الحوثيون للحفاظ على سرية نشاطاتهم.
وتفيد تقارير استخباراتية بأن الحوثيين قاموا ببناء بعض هذه المنشآت على عمق يصل إلى ٥٠ قدمًا تحت الأرض، بمساعدة خبراء من حزب الله والحرس الثوري الإيراني.
وفي ظل الظروف القاسية التي تعيشها اليمن، توفر هذه المنشآت الحماية ضد الغارات الجوية التي تتعرض لها مواقع الحوثيين، مما يمنحهم ميزة استراتيجية في الصراع.
ويبدو أن الجماعة تدرك تمامًا الأبعاد العسكرية لهذا النوع من البناء، حيث يتيح لهم القدرة على التحرك والتخطيط بحرية أكبر دون الخوف من الاستهداف المباشر.
كما تشير المعلومات الواردة في التقرير إلى أن الحوثيين لم يتوقفوا عند بناء هذه القواعد، بل قاموا أيضًا بتطوير أسلحة جديدة وتعزيز قدراتهم العسكرية.
وخلال فترة الهدنة، تمكن الحوثيون من زيادة تسليحهم، بما في ذلك تطوير صواريخ ذات قوة تدميرية أعلى، وبناء منشآت جديدة للتجارب العسكرية.
ويظهر هذا التوجه نحو تطوير قدرات عسكرية متقدمة أن الحوثيين ليسوا فقط في موقف دفاعي، بل يسعون أيضًا لتعزيز قدرتهم على الهجوم والتأثير في مجريات الحرب.
ويبدو أن الجماعة تحاول خلق توازن قوي جديد في ساحة المعركة، حيث تسعى إلى تعزيز موقفها أمام الخصوم، سواء كانوا القوات الحكومية أو التحالف العربي.
ولا تتعلق استراتيجيات الحوثيين فقط بالنمو العسكري، بل تمتد إلى العمل على استغلال كل فرصة تتاح لهم، فقد أظهرت الجماعة قدرة على التكيف مع الظروف المتغيرة في اليمن، بما في ذلك العلاقات الدولية الإقليمية.
ويتلقى الحوثيون دعمًا خارجيًا، خاصة من إيران، مما يعزز من موقفهم في الصراع.
وقد يتضمن هذا الدعم أسلحة وتقنيات حديثة، مما يزيد من تعقيد المشهد العسكري ويجعل الحوثيين خصمًا أكثر صعوبة.
في الوقت نفسه؛ فإن هذه الأنشطة العسكرية تأتى بتكلفة إنسانية باهظة، حيث أن الشعب اليمنى يعاني من تبعات الصراع المستمر، حيث يعيش الملايين في ظروف قاسية نتيجة النزاع.
الحصار الاقتصادي، ونقص الإمدادات الغذائية، وتدهور الخدمات الصحية، كلها عوامل تجعل الحياة اليومية للمواطنين أكثر صعوبة.
يُضاف إلى ذلك أن استمرار النزاع يؤدى إلى تفاقم الأوضاع الإنسانية، حيث لا يمكن تجاهل الآثار المترتبة على استمرار التحركات العسكرية للحوثيين.
وفي ظل هذه الظروف، يتضح أن هناك حاجة ملحة للتوصل إلى حلول سلمية تساهم في إنهاء الصراع وتحقيق الاستقرار في اليمن.
وتظل الجهود الدولية لتحقيق السلام ضرورية، حيث يتطلب الوضع الحالي استجابة شاملة من المجتمع يجب على الأطراف المختلفة العمل الدولي لمواجهة التحديات الإنسانية والعسكرية. نحو إيجاد تسوية سياسية تسهم في بناء مستقبل أفضل للمدنيين الذين يعيشون في ظروف صعبة.
وقد يؤدى الفشل في التوصل إلى اتفاق إلى تصعيد الصراع، مما يعكس أهمية اتخاذ خطوات جادة نحو السلام.
ويتعين على المجتمع الدولي أن يتعامل مع الوضع فى اليمن كأولوية، خاصةً فى ظل ما تعانيه البلاد من أزمات إنسانية متتالية.
ويتطلب التوصل إلى اتفاق مشاركة فعّالة من جميع الأطراف المعنية، بما في ذلك الحوثيين، لتحقيق استقرار دائم، كما أن فتح قنوات الحوار وتقديم الدعم اللازم للشعب اليمني من قبل المجتمع الدولي قد يكون له تأثير إيجابي في التخفيف من المعاناة الإنسانية وخلق بيئة أكثر استقرارًا.
ويرى مراقبون أن تقرير "العالم المخفي للحوثيين" يبرز أهمية مراقبة الأنشطة العسكرية التى تقوم بها الجماعة في ظل الظروف الحالية؛ مشيرين إلى أن استراتيجياتهم في بناء المدن العسكرية تحت الأرض وزيادة قدراتهم العسكرية تعكس تصميمهم على الاستمرار في الصراع.
وفي الوقت نفسه فإن التحديات الإنسانية تظل بارزة، مما يتطلب استجابة عاجلة من المجتمع الدولي لضمان حقوق المدنيين وسلامتهم.
ويروا أن الحرب ليست خيارًا، بل إن السلام هو الطريق الوحيد لضمان مستقبل أفضل للشعب اليمني.