الثلاثاء الأميركي الكبير.. هل يمكن الرهان عليه لطيّ صفحة الحرب؟!
تاريخ النشر: 5th, November 2024 GMT
أخيرًا، جاء "الثلاثاء الأميركي الكبير"، اليوم المُنتظَر منذ أشهر طويلة، لتحديد هوية ساكن البيت الأبيض الجديد، الذي سيخلف الرئيس جو بايدن في قيادة الولايات المتحدة، مطلع العام المقبل، وسط منافسة "شرسة" بين المرشحين الجمهوري دونالد ترامب، الطامح بالعودة لولاية ثانية، كان بايدن قد حرمه منها، والديمقراطية كامالا هاريس، الطامحة للترقّي من "نائبة الرئيس" إلى "الرئيسة الأولى" للولايات المتحدة.
ولعلّ أهمية "الثلاثاء الأميركي الكبير" الذي يصفه الكثيرون بـ"المفصليّ والتاريخيّ"، تكمن في أنّه رُبِط بالكثير من الاستحقاقات في المنطقة والعالم، بل بالحروب المشتعلة في الشرق الأوسط، من غزة إلى لبنان، حتى قيل إنّ "ما بعده لن يكون كما قبله"، بمعزل عن نتيجة هذه الانتخابات، في إيحاء بأنّ الرئيس الأميركي الجديد سيحمل معه "العصا السحرية" التي ستضع حدًا لهذه الحروب "المجنونة" التي تبدو بلا أفق، إن جاز التعبير.
إلا أنّ هذا الاعتقاد يصطدم بالعديد من علامات الاستفهام، وربما التشكيك، فهل يمكن الرهان فعلاً على الانتخابات الأميركية التي طال انتظارها، من أجل طيّ صفحة الحرب المستعرة، وهل مُنِح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو فعلاً "مهلة" لإنجاز ما يريد إنجازه قبل أن تستلم الإدارة الأميركية الجديدة مقاليد الحكم، وهل صحيح أنّ هذه النظرية لا تقترن بهوية الفائز فعلاً، سواء كان ترامب أم هاريس؟!
بين ترامب وهاريس...
قبل الحديث عن الرهانات، التي قد يكون بعضها صائبًا، وبعضها الآخر مُبالَغًا به، فإنّ ما لا شكّ فيه أنّ الانتخابات الرئاسية الأميركية لهذا العام تكتسب أهمية استثنائية، وربما تاريخية، يعبّر عنها حجم المنافسة الكبيرة، وربما غير المسبوقة، التي يبدو أنّ استطلاعات الرأي عجزت حتى الآن، على غير عادة، عن حسم الأمور لصالح أيّ من المرشحين، وسط مخاوف تبدو "مشروعة" من تبعات النتائج على الوضع داخل الولايات المتحدة ونفسها.
في هذا السياق، ثمّة من يخشى من تكرار "سيناريو" العام 2020، الذي وصفه كثيرون بـ"العار على الديمقراطية الأميركية"، يوم قاد الرئيس السابق والمرشح الحالي دونالد ترامب، ما عُدّ "تمرّدًا"، بل "انقلابًا"، تكرّس عبر واقعة اقتحام الكونغرس، في مشهدٍ بدا "غريبًا" على الولايات المتحدة التي اعتادت أن تصدّر "الديمقراطية" إلى العالم، علمًا أنّ هناك من يتخوّف من إعادة عقارب الساعة إلى الوراء، خصوصًا على مستوى "العنف السياسي".
وإذا كانت هذه المخاوف تجد مشروعيّتها بالأجواء المتشنّجة التي سبقت "الثلاثاء الأميركي الكبير"، خصوصًا مع محاولتي الاغتيال اللتين قيل إنّ ترامب تعرّض لهما، فإنّ الثابت أنّ كلّ السيناريوهات تبقى مفتوحة حتى الكشف عن هوية الفائز، علمًا أنّ أحدًا لا يستطيع أن يتكهّن بردّة فعل ترامب مثلاً لو خسر هذه المرّة أيضًا، وهو الذي بدأ الحديث عن تزوير سلفًا، في وقتٍ يرى البعض أنّ "سيناريو" المعركة بينه وبين هيلاري كلينتون قد يكون أقرب إلى الواقع.
تداعيات عابرة للولايات المتحدة
لعلّ الأهم من "الثلاثاء الأميركي الكبير"، هو ما سيتبع هذا اليوم المفصليّ، في ظلّ تحوّلاتٍ تاريخية قد يكون العالم مقبلاً عليها، إذ يُتوقَّع أن تكون التداعيات عابرة لحدود الولايات المتحدة، في ظلّ استحقاقات كثيرة مربوطة بهذه الانتخابات، بما في ذلك الحرب على أوكرانيا مثلاً، التي يُقال إنّ فوز ترامب مثلاً قد يكون "فاصلاً" بين مرحلتين على خطّها، باعتبار أنّ الرجل عبّر أكثر من مرّة عن رفضه لها، متمايزًا بذلك عن النهج الذي اعتمده الرئيس جو بايدن.
وعلى الرغم من أنّ كل التجارب أثبتت أنّ الديمقراطيين والجمهوريين لا يختلفون عندما يتعلق الأمر بالسياسات الخارجية، ولا سيما على مستوى العلاقات "الاستراتيجية" مع إسرائيل، فإنّ ثمة من يعتقد أنّ نتائج الانتخابات قد تكون فاصلة أيضًا على مستوى الحرب في المنطقة، فترامب قال سابقًا إنّها ما كانت لتقع لو كان رئيسًا، وإنّه سينهيها في يوم واحد، في حين أنّ هاريس وفق بعض المعطيات، لا تتّفق بالضرورة مع طريقة إدارة بايدن للأمور.
وإذا كان هناك من يقول إنّ نتنياهو يعتبر أنّ الانتخابات الأميركية، بغضّ النظر عن نتيجتها، ستكون "بداية النهاية" للحرب، وهو المدرك أنّ الرئيس الجديد، أيًا كان، يرفض أن يبدأ عهده على وقع استمرار الحرب، وبالتالي فهو يتحضّر للانتقال جدّيًا إلى المفاوضات، ثمّة من يرى في المقابل أنّ مثل هذه الرهانات "مضخّمة ومبالغ بها"، وقد أصبح واضحًا أنّ نتنياهو لا يسير وفق "أجندة" الانتخابات أو غيرها، وهو لن يوقف حروبه قبل تحقيق أهدافها.
هما وجهتا نظر إذًا، تقول الأولى إنّ "الثلاثاء الأميركي الكبير" سيسرّع موعد انتهاء الحرب، وإنّ نتنياهو سينفتح بعد هذا التاريخ على المفاوضات التي كان سببًا في تعثّرها قبل أسبوع، فيما تقول الأخرى إن الانتخابات الأميركية لن تكون سوى محطّة على خطّ حروب نتنياهو الذي يمتلك وحده "مفاتيح" إنهائها، وفق "شروطه". وبين هذين الرأيين، ثمّة "مشترك واحد"، هو أنّ "العصا السحرية"، إن وُجدت، قد لا تبصر النور قبل العام الجديد!
المصدر: خاص "لبنان 24"
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: الولایات المتحدة قد یکون
إقرأ أيضاً:
صحف بريطانية: رسوم ترامب الجمركية جزية للإمبراطورية الأميركية وستارمر كان حكيما
قالت صحيفة غارديان البريطانية إن قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب بفرض رسوم جمركية متبادلة بنسب متفاوتة على واردات بلاده من عشرات الدول، هو إعادة صياغة للإمبريالية الأميركية.
ونصحت هيئة تحرير الصحيفة الدول الأخرى بمقاومة التبعية للولايات المتحدة، والعمل على تعزيز علاقاتها الإقليمية والحد من إمكانية تأثرها بتداعيات القرار.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2صنداي تايمز: بوتين يشن حربا سرية على بريطانياlist 2 of 2فرنسا على موعد مع مظاهرات حاشدة بعد منع مارين لوبان من الترشح للرئاسةend of listوأضافت في مقال افتتاحي أن ما طرحه ترامب في خطابه في الثاني من أبريل/نيسان الجاري -الذي وصفه بيوم التحرير- لم يكن مجرد برنامج اقتصادي، بل خطة إمبريالية.
ووفقا للصحيفة، فإن الرسوم الجمركية والنزعة القومية الاقتصادية للرئيس الأميركي لا تتعلق بتصحيح الاختلالات التجارية؛ بل بإجبار الآخرين على قبول الهيمنة الاقتصادية الأميركية، دون أن يتطلب ذلك من الولايات المتحدة التضحية بميزتها المحلية.
وأشارت إلى أن الولايات المتحدة لا تزال تعاني من عجز في السلع ليس لأنها "تقترض" من الخارج، ولكن لأن بقية العالم يستبدل عن طيب خاطر السلع الحقيقية بالدولار الأميركي الذي لا تستطيع إصداره.
وفي مقابل هذا الامتياز، يطالب ترامب بالجزية وهي السيطرة على البنية التحتية الرقمية، والوصول القسري للشركات الريعية في مجال التكنولوجيا الفائقة وقمع التكنولوجيات المنافسة.
إعلانوترى هيئة تحرير غارديان أن "الإمبراطورية الأميركية" لا تسعى، من خلال فرض تلك التعريفات الجمركية، إلى الانسحاب من العالم، بل تريد عالما يخضع لشروطها الجديدة، رغم أنها لا تزال هي المنتفعة اقتصاديا باعتبارها القوة المهيمنة.
أما صحيفة صنداي تايمز، فقد رأت في افتتاحيتها أن رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر كان حكيما عندما تجنب انتقاما غير مدروس من ترامب، واصفة رؤية الرئيس الأميركي للتجارة العالمية بالخطيرة.
واعتبرت أن تأثير الحرب التجارية على دولة صغيرة مثل ليسوتو -التي قال عنها ترامب مؤخرا إنها دولة "لم يسمع بها أحد من قبل"- يدل على الطابع التعسفي وغير المدروس لإجراءاته.
وقالت إن ترامب يعكف على إعادة ترتيب الاقتصاد العالمي، محاولا إعادة المصانع إلى أميركا والعودة إلى النظام التجاري الصفري الذي كان متبعا في القرن الـ19.
يعاني نفسياوأضافت أن ستارمر فعل الشيء الصحيح برفضه الانجرار إلى انتقام قصير الأجل، على الرغم من أن التوصل إلى اتفاقية تجارة حرة بين بريطانيا والولايات المتحدة عبر مفاوضات جدية، بعيد المنال.
وشددت الصحيفة على أن تواصل بريطانيا -التي فُرض عليها أدنى معدل للرسوم الجمركية (10%)- دعم التجارة الحرة والعمل بشكل أوثق مع دول الكومنولث والاتحاد الأوروبي واليابان وكوريا الجنوبية وحتى الصين.
وختمت بالقول إن على رئيس الوزراء البريطاني أن يأمل تغييرا مفاجئا في المسار قد يضطر إليه ترامب، الذي تصفه الصحيفة بأنه رئيس يعاني نفسيا جراء الضرر الاقتصادي الذي ألحقه بشعبه.