ترامب أم هاريس.. ماذا تريد تركيا؟
تاريخ النشر: 5th, November 2024 GMT
لا تشهد الأوساط السياسية في تركيا، سواء على ضفة الحكومة أو المعارضة أي حماسة بشأن النتائج التي ستكون عليها الانتخابات الأميركية، وتنعكس هذه الحالة أيضا على وسائل الإعلام والصحف التي تتركز تغطيتها على نقل أخبار الاستحقاق بتفاصيله العامة، دون الغوص بأي تفاصيل.
ومع ذلك، وفقا لخبراء ومراقبين فإن "اللاحماسة" قد تكون في العلن شيئا وفي الكواليس شيئا آخرا، ويرتبط هذا الاعتقاد بما شهدته العلاقة التركية-الأميركية خلال فترة تولي جو بايدن الحكم وسلفه دونالد ترامب، وما ستكون عليه في حال وصل الأخير للبيت الأبيض أو منافسته الديمقراطية كامالا هاريس.
ويوضح الباحث السياسي التركي، هشام جوناي أن "غياب الاهتمام من جانب الأوساط التركية سببه أن نتائج الانتخابات الأميركية ستكون معروفة على صعيد علاقة أنقرة بواشنطن"، ومن منطلق أن سياسة الولايات المتحدة لن تتغير كثيرا حيال القضايا المتعلقة بالعلاقات مع تركيا.
ويقول جوناي لموقع "الحرة": "القضايا المرفوعة ضد تركيا في الولايات المتحدة ما زالت قائمة حتى الآن، وهي بيد القضاء وليس الساسة". وتشمل قضية رجل الأعمال التركي-الإيراني رضا ضراب، وخلق بنك وقضية رئيس بلدية نيويورك، إريك آدامز التي رفعت مؤخرا.
ويضيف الباحث: "لذا.. هذه القضايا ستستمر بغض النظر من سيكون الرئيس".
علاوة على ذلك، يعتقد جوناي أن الوضع في سوريا وصل لنهج لن يتغير كثيرا في حال تغير الرئيس الأميركي، مشيرا كمثال إلى أن "دعم الولايات المتحدة للأكراد لم يبدأ في عهد بايدن أو ترامب وكان سابقا في عهد أوباما وستواصل واشنطن هذه المسار.. وسيبقى الخلاف متواصلا بين أنقرة وواشنطن، سواء وصل ترامب للبيت الأبيض أو هاريس".
"حياد"
في غضون ذلك يرى الباحث السياسي التركي، عمر أوزكيزيلجيك أن الموقف التركي الرسمي بشأن الانتخابات الأميركية والنتائج التي ستكون عليها "هو موقف الحياد".
ويوضح أوزكيزيلجيك لموقع "الحرة" أن تركيا ستواصل تعزيز علاقتها مع الولايات المتحدة، في وقت تُعد العلاقات التركية-الأميركية ذات أهمية كبيرة بالنسبة لأنقرة.
ومع ذلك، من المحتمل أن يكون لدى الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان في داخله تفضيل، يصب على الأرجح لصالح ترامب لأنه كانت بينهما علاقة جيدة.
وفي حين أن الرئيس التركي يقدّر الدبلوماسية المباشرة بين القادة لا يعتقد الباحث أن الحسابات التركية ستتغير بشكل كبير إذا لم يُنتخب ترامب.
"النهج التركي تجاه الولايات المتحدة يقوم على أساس قوي، وإذا تم انتخاب هاريس، سيواصل الرئيس التركي وتركيا العمل مع الولايات المتحدة ويستمرون في توسيع آفاق التعاون"، وفقا لأوزكيزيلجيك.
ويردف: "لقد رأينا أن العلاقات التركية-الأميركية في عهد بايدن بدأت بشكل سيئ، وأظهر بايدن برودا تجاه تركيا في البداية، ولكن لاحقا حصلت العلاقات التركية-الأميركية على زخم جديد. لذا، سواء تم انتخاب هاريس أو ترامب، أتوقع أن تتحسن العلاقات التركية-الأميركية".
"بين بايدن وترامب"
وتركيا والولايات المتحدة حلفاء داخل حلف شمال الأطلسي (الناتو).
لكن العلاقات بينهما تشوبها منذ سنوات، بغض النظر عن تغيّر الإدارة الأميركية، سلسلة ملفات عالقة. وطالما أسفرت النقاشات المتعلقة بهذه الملفات أو الطرق المسدودة أمام حلّها عن حالة من عدم الاستقرار على صعيد العلاقة.
من بين الملفات العالقة قضية دعم الولايات المتحدة الأميركية لـ"قوات سوريا الديمقراطية"(قسد) في شمال شرق سوريا، والتي تعتبرها أنقرة على ارتباط بحزب "العمال الكردستاني"، المصنف على قوائم الإرهاب.
إضافة إلى قضية صفقة منظومة "إس 400" بين تركيا وروسيا وارتداداتها على صفقة طائرات "إف-35" وقضايا أخرى تتعلق بحقوق الإنسان وبفتح الله غولن الذي تتهمه أنقرة بالوقوف وراء انقلاب 2016، وكان قد توفي قبل أسابيع في ولاية بنسلفانيا.
ومنذ توليه في 2020 لم يقم بايدن بأي زيارة إلى تركيا ولم يستضيف نظيره التركي في البيت الأبيض، رغم أن الأخير كان في الولايات المتحدة لبرامج أخرى، خلال السنوات الماضية.
في المقابل كان السلوك الخاص بعلاقة بايدن-إردوغان مختلفا عن سلفه دونالد ترامب، إذ التقى الأخير الرئيس التركي تسع مرات خلال رئاسته، وكان أحد هذه اللقاءات خلال زيارة إردوغان لواشنطن.
ويعتقد الباحث في الشأن التركي، محمود علوش أنه توجد 4 حجج تدعم اعتقاد بأن إردوغان يفضل وصول ترامب للبيت الأبيض على هاريس.
تذهب الحجة الأولى باتجاه أنه خلال رئاسة ترامب شهدت العلاقات بين أنقرة وواشنطن زخما إيجابيا، رغم الأزمات التي اعترضتها آنذاك وبينها أزمة القس، أندرو برونسون.
ومن ناحية ثانية يقول علوش لموقع "الحرة" إن "ترامب كان أكثر تقديرا لقيمة الشراكة مع تركيا واستقبل نظيره إردوغان في البيت الأبيض" على خلاف السلوك الذي اتبعه بايدن.
وترتبط الحجة الثالثة بأن العلاقات بين تركيا والديمقراطيين في الولايات المتحدة الأميركية كانت دائما ما تميل للتوتر أكثر من الاستقرار.
كما يضيف علوش أن "نهج ترامب كان أقل عدوانية تجاه روسيا مقارنة من الديمقراطيين بالنسبة لتركيا والعلاقات التي تشترك فيها مع موسكو".
كيف مرت العلاقة بين فترتي رئاسة؟
وبعد اعتقال رجل الدين الأميركي، أندرو برونسون في تركيا، كان ترامب اتخذ خطوات خلال ولايته استهدفت الاقتصاد التركي بشكل مباشر، مما أدى إلى انخفاض حاد في الليرة التركية.
وفي آخر أيامه في البيت الأبيض كان ترامب أيضا قد اتخذ إجراء تمثل بفرض عقوبات على تركيا، بموجب قانون "كاتسا".
لكن في المقابل توصل الرئيسان بعد لقاءات واتصالات (إردوغان وترامب) إلى بعض تفاهمات جزئية خاصة بسوريا وحدود تركيا الجنوبية معها، فيما بقيت القضية المتعلقة بـ"إس 400" و"إف 35" عالقة دون أي حلول.
في المقابل، ورغم أن بايدن وصف إردوغان قبل انتخابه في 2020 بأنه "مستبد" ووعد بدعم أحزاب المعارضة في تركيا هدأت التوترات التي أحدثها موقفه الأول بالتدريج، دون أن تنتهي تماما.
وجاءت حالة الهدوء إلى حد ما بعد أن أعطت أنقرة الضوء الأخضر لانضمام السويد إلى حلف شمال الأطلسي (الناتو)، وفي أعقاب موافقة واشنطن في يناير الماضي على بيع طائرات مقاتلة من طراز إف-16 إلى تركيا.
ويؤكد الباحث علوش أن "التصور السائد أن إردوغان يفضل ترامب لا يعني أن وصول الأخير للبيت الأبيض ستكون نتيجته إيجابية لتركيا".
وتواجه العلاقات الأميركية التركية مشكلة رئيسة في عملية إدارة الأزمات وهذه العملية تحتاج إدارة أميركية ماهرة وتفضيل الدبلوماسية على كل شيء، بحسب الباحث.
ويشرح أنه "على المستوى الاستراتيجي فإن هاريس أفضل من ترامب لتركيا"، في مفارقة كبيرة ترتكز على فكرة أن تمر العلاقات عبر المؤسسات وليس من خلال ما يراه الرئيس مناسبا.
ويتابع علوش: "البعد الشخصي بين ترامب وإردوغان رغم أنه خدم الرئيس التركي إلا أن خطوات ترامب لا يمكن التنبؤ بها"، وهو ما سبق وأن شهدناه بأزمة القس برونسون وتداعياتها الكبيرة على الاقتصاد.
من جهته يشير الباحث التركي جوناي إلى أن "الخلاف القائم بين أنقرة وواشنطن لم ينته بعهد ترامب وبايدن ولم يحل كاملا".
ولا يظن الباحث بأن الرئيس الجديد الذي سيسكن البيت الأبيض "سيأتي بنتيجة بشأن حل القضايا العالقة، بينها دعم واشنطن لليونان وقضية الأرمن".
ولم يصدر أي تعليق من جانب الأحزاب المقربة من الحكومة التركية والمعارضة بشأن الشخص الذي يفضلون فوزه في الانتخابات الأميركية حتى الآن.
وتنعكس تلك الحالة أيضا على طبيعة تعاطي وسائل الإعلام ومراكز الأبحاث بشتى توجهاتها.
ويضيف جوناي: "تركيا تتوقع أن تستمر العلاقات بشكلها الحالي".
ويتابع: "هناك ترحيب أكثر بقليل لرئاسة ترامب من هاريس.. ولكن لا أظن بأن هناك الكثير من الحماسة لرؤية نتائج الانتخابات لأنها لن تغير شيئا من سياسة الولايات المتحدة حيال تركيا".
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: الانتخابات الأمیرکیة الولایات المتحدة الرئیس الترکی للبیت الأبیض البیت الأبیض
إقرأ أيضاً:
رويترز: الولايات المتحدة تهدد العراق بفرض عقوبات بسبب نفط كردستان
قالت ثمانية مصادر مطلعة لوكالة رويترز إن إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تضغط على العراق للسماح باستئناف صادرات النفط الكردية أو مواجهة عقوبات إلى جانب إيران.
ومن شأن استئناف سريع للصادرات من إقليم كردستان العراق أن يساعد في تعويض انخفاض محتمل في صادرات النفط الإيرانية التي تعهدت واشنطن بخفضها إلى الصفر في إطار حملة "الضغوط القصوى" التي يشنها ترامب ضد طهران.
وقالت الإدارة الأمريكية إنها تريد عزل إيران عن الاقتصاد العالمي والقضاء على عائدات صادراتها النفطية من أجل إبطاء تطوير إيران لسلاح نووي.
وأصدر وزير النفط العراقي إعلانا مفاجئا يوم الاثنين بأن الصادرات من كردستان ستستأنف الأسبوع المقبل.
وسيمثل هذا نهاية نزاع استمر قرابة عامين أدى إلى خفض تدفقات أكثر من 300 ألف برميل يوميا من النفط الكردي عبر تركيا إلى الأسواق العالمية.
وتحدثت وكالة رويترز مع ثمانية مصادر في بغداد وواشنطن وأربيل عاصمة إقليم كردستان العراق، الذين قالوا إن الضغوط المتزايدة من جانب الإدارة الأمريكية الجديدة كانت المحرك الرئيسي وراء إعلان يوم الاثنين.
ورفضت جميع المصادر ذكر أسمائها بسبب حساسية القضية.
تنظر إيران إلى جارتها وحليفتها العراق باعتبارها حيوية لإبقاء اقتصادها طافيا في ظل العقوبات، لكن المصادر قالت إن بغداد، الشريكة لكل من الولايات المتحدة وإيران، حذرة من الوقوع في مرمى سياسة ترامب للضغط على طهران.
يريد ترامب من رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني قطع العلاقات الاقتصادية والعسكرية مع إيران. وفي الأسبوع الماضي، ذكرت رويترز أن البنك المركزي العراقي منع خمسة بنوك خاصة أخرى من الوصول إلى الدولار بناء على طلب وزارة الخزانة الأمريكية.
كان إعلان العراق بشأن استئناف التصدير متسرعا ويفتقر إلى التفاصيل حول كيفية معالجة القضايا الفنية التي تحتاج إلى حل قبل استئناف التدفقات، كما فعل أربعة من المصادر الثمانية.