اذا كان العريّ نضالاً … فماذا تكون قلّة الحياء؟
تاريخ النشر: 5th, November 2024 GMT
ليست المرّة الاولى التي تنطلق فيها حملات شعبية تحت مُسمّى "الحرية" ضدّ أي ممارسات قمعية في بعض الدول، لكنّ للجمهورية الايرانية الاسلامية حصّة الأسد دوماً من الحملات المدعومة غربياً وفق تقارير اجنبية، رغم التراجع الكبير في تطبيق القوانين الصارمة منذ حادثة وفاة الشابة مهسا أميني بعد أيام من احتجازها لدى الشرطة بتهمة عدم الالتزام بقواعد الحجاب.
مما لا شكّ فيه أن الواقع في إيران مختلف تماماً عن الشكل الذي يسعى "الرأس المدبّر" لإظهاره، إذ إن جولة سريعة في العاصمة طهران كفيلة بأن تكشف لك حقائق عن طبيعة هذا المجتمع واختلافه وتنوّعه. ورغم التجاوزات التي كانت تحصل من قِبل دوريات "شرطة الاداب" التي كانت تمارس تضييقاً على النساء وتفرض ارتداء الحجاب في شوارع البلاد، الا أنّ تواجد عناصر الشرطة بدأ بالانحسار تدريجياً منذ اكثر من عام ونصف تقريباً، وهذا دليل على أن المجتمع الايراني بدأ يشهد تحولات فكرية حاله حال بعض المجتمعات العربية سيّما في منطقة الخليج، وليست التغييرات التي قام بها ولي العهد محمد بن سلمان في بنية المجتمع السعودي سوى مثالاً على هذه التحولات التي منحت المرأة حرية أكبر ومكّنتها داخل المجتمع السعودي على كافة المستويات.
وبمعزل عن أن الحجاب في الدول الاسلامية هو واجب شرعي، غير أنه من غير المقبول أن يكون إلزاماً يعاقب عليه القانون مهما ارتفعت الأصوات المتزمّتة المطالبة بالتصدّي لظاهرة خلع الحجاب والحدّ من الحرية الشخصية للأفراد. وبالعودة الى المقطع المصوّر الذي انتشر لفتاة كانت قد بادرت الى التجرّد من ملابسها لأسباب لم يتمّ تأكيدها حتى اللحظة وسط تضارب في المعلومات، فإنّ ردود الفعل التي أتت عقب انتشار هذا المقطع كان لا بدّ من التوقّف عندها ومناقشتها سيّما وأن الحرية الشخصية التي هي مبدأ أساسي في المجتمع البشري باتت اليوم في خطر كبير في ظلّ تشويه الغرب لهذا المفهوم وحصره فقط في حرية التعرّي وحرية السلوك.
من المؤسف طبعاً أن تتحوّل الحرية الى اشكالية حتى تظهر في بعض الأحيان كوسيلة لنسف المجتمعات العربية المحافظة، على اختلاف طوائفها ومكوناتها، وإذا كانت هذه الحرية تتركّز حول رفض فرض ارتداء الحجاب، فإنّ حظره ومنع المرأة من ارتدائه كما يحصل في بعض الدول الأوروبية هو أيضاً انتهاك للحرية، وتعدٍّ غير مبرر على حق المرأة بممارسة المعتقدات الدينية. وهُنا نصبح أمام معادلة واضحة تتمثّل في أن أي فرض أو منع يمسّ خيارات الفرد في المجتمع هو انتهاك بكل المقاييس لحريته الشخصية.
ولكن، لماذا يصار الى تحويل جسد المرأة لحلبة صراع سياسي يتقارع حوله إعلامياً الاعداء والخصوم؟ أوليس هذا نوع من انواع "التسليع" للمرأة الذي نرفضه ونرفض مبدأ تحويل جسدها إلى فكرة احتجاج ضدّ الدكتاتورية ونرفض أيضاً استخدام جسدها سلاحاً لنضال محقّ ينتقص من كرامتها في مجتمع لا يزال يحكمه الدين والعادات والتقاليد؟
وبمعزل عن بعض التقارير التي تحدّثت عن ان الفتاة تعاني من اضطرابات نفسية دفعتها الى مثل هذا التصرّف في صرح تعليمي خاص له شروطه وقوانينه، ويحقّ لعناصر الأمن اتخاذ كل الاجراءات القانونية بحقّ كلّ من يخالف هذه القوانين، غير أن الاستثمار فيه تحت شعار "الحرية لايران" بات يطرح علامات استفهام كبرى حول هذا التحدّي الكبير الذي يخوضه بعض النشطاء والمؤثرين وحول خلفياته وتداعياته على المجتمعات المتماسكة.
من وجهة نظري بتّ ارى في مفهوم الحرية المُفصّل على مقاس الأنظمة الغربية، يشكّل نوعاً من انواع الاستبداد الفكري، وشكلاً سلساً من أشكال الاستعمار، إذ إنّ حقّ الفرد في حريته واختياراته يجب أن يتّسق ويتوازن مع حرية المجموعة بحيث لا تتحوّل الحرية الايجابية الى سلبية تطال الترابط المجتمعي وتمسّ بالمبادىء الاخلاقية. اضافة الى ذلك فإنه متى أصبحت الحرية انتقائية وسقطت في وحل الازدواجية تحوّلت الى مشروع يثير الشكوك ليصبح رادعاً للافراد من دون أن ندري!
مثال على ذلك، أولئك الذين خاضوا معركة الدفاع عن حرية " فتاة الجامعة" في خلعها للباسها وجعلوا منها بطلة تواجه أساليب التسلّط والقمع ضدّ المرأة في بلادها، لم يرفّ لهم جفن في قضية المرأة الفلسطينية والانتهاكات الوحشية لحقوقها وحريتها وحقها في الحياة. كذلك الامر ينسحب على النساء في السودان اللواتي تعرّضن لعنف جسدي وجنسي خلال الحرب الدائرة بحسب تقارير لمنظمة "هيومن رايتس ووتش"، فأين اختفت اصوات الحقوقيين والحقوقيات في هذه القضايا؟ ولماذا حرّكهُم جسد عارٍ في وجه ايران، ولم يحرّكهم واقع مُرير بل مُريع لنساء اخريات في بقعة أخرى من الأرض؟
يبدو أننا بتنا أمام عدوان آخر، عدوان على ثوابتنا الدينية والاخلاقية وقيمنا الاجتماعية من خلال محاولات بائسة لتطويع مجتمعاتنا المحافظة بكل طوائفها لتسهيل احتلالنا والقضاء علينا وتحويلنا لمجتمعات مفكّكة ومنحلّة يرفض الغرب المحافظ نفسه العيش فيها.
مشكلتي ليست مع الحرية في الأساس، ولا مع حرية اللباس، لكنّ مشكلتي مع "الهجمة" التي حصلت دفاعاً عن ما يمثّل خرقاً فاضحاً للدين والقوانين والاعراف والتقاليد، وكأن خلع ثيابنا في الجامعات او مراكز العمل او الطرقات العامة من منطلق الحرية الشخصية بات أمراً يجب ان يصبح مقبولاً. يقول الكاتب احسان عبد القدوس: "قبل أن تطالب بحريتك اسأل نفسك، لأيّ غرض ستهبها".
سمحت لنفسي بالرد على الحملة الهجمية التي يقودها البعض بحجّة ايران، لأنني انا المتحررة التي لم تخضع يوماً للعادات والتقاليد أردتُ أن أسألكم: اذا كان إظهار الجسد عارياً في كل مكان ومن دون اي اعتبارات نضالاً وتقدّماً وانفتاحاً، فماذا تكون قلّة الحياء؟ المصدر: خاص "لبنان 24"
المصدر: لبنان ٢٤
إقرأ أيضاً:
السيسي: الفن والإعلام من صناعة تُثري المجتمع إلى تجارة بحاجة للمراجعة
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
أكد الرئيس عبد الفتاح السيسي، دور الفن والإعلام فى تشكيل الشخصية المصرية والذوق العام.
وقال الرئيس السيسي :" فى الموضوع ده أنا قولت إنها عبارة عن مراجعة.. مراجعة لذاتنا كلنا كان فيه واقع مختلف عن الواقع الموجود فيه.. كانت صناعة وبقت تجارة".
وأضاف الرئيس السيسي خلال لقاء المرأة المصرية والأم المثالية: كانت الدولة المصرية التي تساهم فيه وفيه إنتاج تليفزيوني للدولة.. وكان فيه أهداف حطها ناس من الجامعات والمسئولين اللى فاهمين يعني ايه إعلام ويعني ايه علم نفس وعلم اجتماع ويعني ايه مجتمع وصياغته.. وبالتالي كان ينفق عليه".
وتابع الرئيس السيسي: "لما دخلنا فى تطورات خلال 30 – 40 سنة اللى فاتوا وبقي تليفزيون الدولة محمل بأعباء مش قادر يقوم بالدور ده.. وتحول الموضوع من صناعة إلى تجارة.. ومع الوضع فى الاعتبار أنه ممكن يحصل تربح وتحقيق أرباح لو بقي العمل جيد.. أنا خايف على الذوق العام بتاعنا كمصريين.. الموضوعات اللى بنتكلم فيها دي وقولت كده وبكرره.. الإعلام له تأثير كبير أوي.. والمسجد والكنيسة لهما تأثير كبير والمدرسة والأسرة.. والحقيقة أن الـ 4 عناصر متداخلين بشكل كبير اوي ويأثروا فى بعض.. لو تشددنا فى الجامع والكنيسة ينعكس على المجتمع ولو تطرفنا فى الفن والإعلام ينعكس على المجتمع وإذا كان التعليم فى المدارس ينعكس على المجتمع وندخل فى دائرة مفرغة يكون لها تأثير كبير على المجتمع لفترة طويلة".
وتابع الرئيس السيسي: "لا أقصد بالكلمة لما قولت نتوقف عند الموضوع ده.. وإذا كانت بتتكلف 20 – 30 مليار جنيه فإن تأثيرها على مجتمعتنا يتعدي أرقام كبيرة أوي.. حجم الدعم المقدم من الدولة لأبناء مصر ودي بلدنا والأرقام أكبر من عشرات المرات.. نعمل توازن ونرجعها لدورها تاني.. وده مش معناه المنع لكن بقول صياغة وتنظيم وده عبارة عن بنشاور للناس خالي بالكم.. كان فيه الأول فيه توازن وفيه خلل كبير دلوقتي.. ودي مش وجهة نظر فوقية أو أحادية.. انا نقلت وجهة نظركم وبيجيلي قياسات رأي ودراسات فى الموضوع كلها تحدثت عن أن الموضوع واخد اتجاه تصاعدي ومحتاجين نراجع نفسنا فيه"
وقال الرئيس عبد الفتاح السيسي أنه عندما تحدث عن الإعلام والفن كان انطلاقا من الخوف على المجتمع
وأضاف الرئيس ..كل سيدة من حضراتكم قدامي عندها حكاية وحكاية رائعة جدا لو اتعملت عمل فني من خلال كاتب جيد وإخراج جيد وفريق تمثيل جيد وتكلفة جيدة هيطلع حاجة حلوة وتحقق ربح كمان لأنها حاجة حلوة.
وتابع الرئيس السيسي خلال لقاء المرأة المصرية والأم المثالية: "عاوز أطمنكم إن إحنا لما بنطرح موضوع مايخوفشي حد.. لأنه اللى بيعمل ده هو اللى هيعملوا دلوقتي.. ده الفريق الموجود سواء الكتاب أو المخرجين أو الفنانين.. هنظم الموضوع بشكل أكبر.. والأول كانت صناعة والدولة تنفق عليها وقادرة عليها".
وتحدث الرئيس عبد الفتاح السيسي عن دور الرائدة الريفية من خلال التعامل المباشر مع السيدات فى الريف أو غير الريف، متابعا: "حرصنا على تعظيم دور الرائدة الريفية من أجل تسهيل التواصل فى الموضوعات المختلفة مثل كثرة المواليد والزواج المبكر وغيرها".
وأضاف السيسي، خلال لقاء المرأة المصرية والأم المثالية: "هناك تواصل وتغذية عكسية من الرائدات الريفيات والتوصيات التي نحتاج إليها.. وأوجه الشكر لكل رائدة ريفية مصرية نظرا لدورها الكبير، وأن يكون هناك صوت تسمع له يكون مفيدا لها ولأسرتها ولحياتها ومستقبلها وده الدور ندعمه بشكل كبير".
وشارك الرئيس عبد الفتاح السيسي اليوم في لقاء المرأة المصرية والأم المثالية، وذلك بحضور الدكتور مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء، والدكتورة رانيا المشاط وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، والدكتورة ياسمين فؤاد وزيرة البيئة، والدكتورة منال عوض ميخائيل وزيرة التنمية المحلية، والدكتورة مايا مرسي وزيرة التضامن الاجتماعي، والمستشارة أمل عمار رئيس المجلس القومي للمرأة، وعدد من القيادات النسائية والسيدات المصريات من مختلف المجالات.
وأوضح المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية أن الرئيس إستمع إلى كلمة المستشارة أمل عمار رئيس المجلس القومي للمرأة، والتي استعرضت جهود المجلس في دعم وتمكين المرأة المصرية، خاصةً في مجالات التمكين الإجتماعي وتولي المناصب القيادية بالمجتمع، فضلاً عن إعداد الإستراتيجية الوطنية لتمكين المرأة 2030.
وأضاف السفير محمد الشناوي، المتحدث الرسمي، أن اللقاء شهد إستعراض الدكتورة مايا مرسي وزيرة التضامن الإجتماعي والدكتورة رانيا المشاط وزيرة التخطيط والتنمية الإقتصادية والتعاون الدولي لجهود الحكومة لدعم المرأة المصرية، خاصةً من خلال برامج الحماية الإجتماعية مثل "تكافل وكرامة"، وزيادة الدعم النقدي المقدم للأسر المصرية وللمرأة المعيلة، وتعزيز التمكين الإقتصادي للسيدات من خلال رؤية مصر 2030. كما اطّلع الرئيس خلال اللقاء على فيلم تسجيلي عن جهود الدولة لدعم المرأة المصرية.
وأوضح المتحدث الرسمي أن اللقاء شهد حواراً تفاعلياً بين الرئيس وبعض المشاركات حول الموضوعات المختلفة المرتبطة بالمرأة والأمومة والطفولة ومرض الزهايمر ودور الفن والإعلام في تشكيل الشخصية المصرية والذوق العام ودور رائدات العمل الاجتماعي.