عمان - وسط خذلان دولي لوضع حد لمجازر حرب الإبادة الإسرائيلية على قطاع غزة، واستمرار حصار التجويع في شماله، اختار عشرات الأردنيين المشاركة في مبادرة "مضربون عن الطعام لأجل غزة" التي انطلقت في عدد من دول العالم مطلع نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري.

وجاءت مشاركة شباب وشابات من الأردن تلبية لمبادرة أطلقها حساب على مواقع التواصل الاجتماعي تحمل اسم "مضربون عن الطعام لأجل غزة".

الشبان الأردنيون قرروا خوض هذا التحدي رغم آثاره الصحية، علّهم يكونون سببا في تحقيق هدف إنساني بفك الحصار عن مدن بشمال قطاع غزة، وبالأخص جباليا وبيت حانون وبيت لاهيا، وإدخال المساعدات إليها.

وفي أول أربعة أيام من الإضراب، تمكنت الحملة من استقطاب 60 أردنيا للمشاركة في إضراب الأمعاء الخاوية، آملين زيادة العدد خلال 100 يوم حددوها لإضرابهم الساعي لتحقيق مطلبهم الرئيسي بالسماح بإدخال 500 شاحنة مساعدات إلى شمال غزة.

وبدأ الجيش الإسرائيلي في 5 أكتوبر/ تشرين الأول المنصرم، قصفا غير مسبوق على مناطق شمال القطاع، قبل أن يجتاحها بذريعة "منع حركة حماس من استعادة قوتها"، بينما يقول الفلسطينيون إن إسرائيل ترغب في احتلال المنطقة وتهجيرهم.

وتسبب الهجوم المتزامن مع حصار مشدد في خروج مستشفيات محافظة الشمال عن الخدمة، كذلك أدى إلى توقف خدمات الدفاع المدني ومركبات الإسعاف التابعة للهلال الأحمر الفلسطيني.

مراسل الأناضول في العاصمة عمّان، التقى عددا من المضربين، واطلع على أهداف مبادرتهم ودورها في التأثير على المواقف الدولية ومنظمات حقوق الإنسان تجاه التجويع الإسرائيلي الممنهج في شمال غزة.

** تفاعل مستمر

رند نماس (30 عاما)، أم لطفلة عمرها عام ونصف وإحدى المشاركات في الإضراب، قالت إن "المبادرة بدأت عبر صفحة على السوشال ميديا باسم ‘مضربون عن الطعام لأجل غزة‘، حيث أعلن مشاركون من الأردن والبرازيل ومصر والجزائر الانضمام إليها" في اليوم الأول للحملة.

وأوضحت نماس للأناضول أن "آخرين من الولايات المتحدة سينضمون للمبادرة في الثامن من نوفمبر الجاري".

وأضافت: "فيما يخص مضربي الأردن، كان مقترح الانضمام للإضراب عبر أحد الشبان في فعالية تضامنية قرب سفارة إسرائيل بالعاصمة عمّان، وحاليا هناك 60 شخصا من الأردن دخلوا في الإضراب رسميا".

وقالت إن "آلية الانضمام للإضراب تشمل كتابة الشخص لاسمه في مجموعة على حساب رقمي على منصة إنستغرام خاص بالمضربين من الأردن، ويقسم على ذلك".

وأردفت: "التفاعل أكبر مما توقعنا من مختلف أطياف المجتمع، والعدد الحالي يشمل فقط من التزموا بآلية الانضمام (كتابة الاسم والقسم)، ولكننا نعلم عن نحو 40 آخرين انضموا بالفعل دون القيام بتلك الإجراءات".

** الإضراب وسيلة تضامنية

وقالت نماس: "انعكست حرب الإبادة الإسرائيلية في غزة على كل حياتي، فلا شيء فيها طبيعي جراء مشاهد القتل والتدمير الذي يشهده القطاع الفلسطيني".

وعن جدوى ما يقومون به، لفتت الشابة الأردنية إلى أن "الإضراب عن الطعام وسيلة معروفة لإظهار قضايا معينة، وقد أثبتت عبر التاريخ أنها حققت نتائج".

وأكملت: "القانون الدولي يفرض على الدول متابعة الحالة الصحية للمضربين والاستماع إلى مطالبهم وإمكانية تحقيقها".

أما عن مطلبهم الأساسي، فبينت نماس أنه يتمثل في "إدخال المساعدات إلى شمال غزة، وتحديدا جباليا وبيت حانون وبيت لاهيا، وبواقع 500 شاحنة مساعدات حتى نفك إضرابنا".

** "مستمرون حتى تحقيق مطلبنا"

محمد عودة (24 عاما)، مشارك آخر في الإضراب، استهل حديثه للأناضول قائلا: "مستمرون حتى تحقيق مطلبنا".

واستطرد: "الحقيقة أن الحكومة الأردنية قامت بواجبها تجاه غزة، ولكننا نحتاج إلى أكثر من ذلك، وهي قادرة على تنفيذ مطلبنا".

وزاد: "صحة المواطن والحفاظ على حياته على رأس أولويات الحكومة الأردنية، لذلك نحن على قناعة بأنها ستستجيب لمطالبنا وستولينا جل اهتمامها".

وأوضح عودة أن منظمي المبادرة قاموا بزيارة المركز الوطني لحقوق الإنسان "لتأمين مكان ثابت للإضراب وتأمين الرعاية الصحية للمضربين، ورفع مطالبنا لرئيس الوزراء (الأردني جعفر حسان)".

** أسلوب ضغط

أما محمد الطوباسي (34 عاما) المشارك بالإضراب عن الطعام، فقال للأناضول: "نحن على ثقة وإيمان أن الإضراب لن يعود بشهداء غزة ولن يعيد إعمار القطاع".

واستدرك: "لكن مطلبنا هو أن لدينا معابر مع الضفة الغربية (إسرائيل)، فكما يتم السماح بدخول البضائع إلى إسرائيل، نريد السماح بدخول المساعدات إلى غزة أيضا".

ويرتبط الأردن وإسرائيل بثلاثة معابر حدودية هي الشيخ حسين (نهر الأردن من الجانب الإسرائيلي) وجسر الملك حسين (ألنبي) ووادي عربة (إسحاق رابين).

واعتبر الطوباسي أن "الإضراب عن الطعام هو وسيلة وأسلوب ضغط، وقدد حددنا 100 يوم كمدة زمنية له لتحقيق مطلبنا، وإذا لم ينجح سنبحث عن وسيلة أخرى".

وفيما يتعلق بأوضاع المضربين الصحية، قال الطوباسي: "نشرب الماء والملح فقط، ونشعر بتعب عام وإرهاق، مع شعور بالدوخة والصداع، حيث ازداد الشعور بذلك بعد انتهاء اليوم الثاني".

وبدعم أمريكي ترتكب إسرائيل منذ 7 أكتوبر 2023 إبادة جماعية بغزة خلفت أكثر من 145 ألف قتيل وجريح فلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 10 آلاف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قتلت عشرات الأطفال والمسنين، في إحدى أسوأ الكوارث الإنسانية بالعالم.

وتواصل إسرائيل مجازرها متجاهلة قرار مجلس الأمن الدولي بإنهائها فورا، وأوامر محكمة العدل الدولية باتخاذ تدابير لمنع أعمال الإبادة الجماعية وتحسين الوضع الإنساني الكارثي بغزة.

Your browser does not support the video tag.

المصدر: شبكة الأمة برس

كلمات دلالية: عن الطعام من الأردن

إقرأ أيضاً:

التغريبة الغزاوية.. تجويع وتهجير وإبادة لم تلامس نخوة العرب

مع بداية فرض الجيش الإسرائيلي لعملية نزوح قسري على سكان رفح، تتضح معالم وأهداف إقحام جيش الاحتلال للواءين عسكريين من الفرقة 36 مدرع في المنطقة وتكليف 4 فرق عسكرية وإدخالها للقطاع، حسب ما أعلن عنه وزير الدفاع يسرائيل كاتس، الذي يكون قد وضع قيد التنفيذ عملية برية شاملة في غزة؛ الهدف منها حشر وتكديس سكانها في الجنوب بمحاذاة الحدود المصرية.

لقد ظهر الآن جليا أنّ نتنياهو الذي أصرّ على إنهاء الهدنة مع حماس واستئناف عدوانه على القطاع في 18 آذار/ مارس الماضي، استخدم ورقة المفاوضات وفي ذهنه خرقها بعد أسابيع قليلة من أجل كسب الوقت الضروري لإسكات الشارع الإسرائيلي ولجم انقسامه، وتبدّى أنّ إيهامه لعائلات الأسرى بأن المفاوضات ستتم عبر مراحل، لم يكن سوى ليتسنى له إطلاق سراح أكبر عدد من الأسرى، بما يُضعف قوة الحشد لدى تلك العائلات في الشارع بعد أن يتبقى عدد قليل جدا منهم في قبضة المقاومة وأغلبهم أموات وقلّة قليلة من الأحياء لن تجد من يدافع عن استعادتهم.

فعل نتنياهو ذلك حتى يبث الخوف وسط أغلبية الإسرائيليين ويشعرهم بضرورة تقديم أولوية الأمن القومي التي تهمّ الجميع؛ على ملف الأسرى الذي يعني عشرات من العائلات الإسرائيلية فقط، بما يعني أن نتنياهو استخدم "المرحلة الأولى" من المفاوضات فترة للمماطلة حتى يتمكن من كسب الغطاء السياسي بعد أن يكون قد تمكن من تصفية ملف الأسرى، لاستكمال خطة الجنرالات التي كان قد بدأها قبل التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار، وحصل لاستئنافها على ضوء أخضر من ترامب، الذي عكَس هو الآخر أولوياته المعلنة بما يتوافق ورغبة نتنياهو فأخّر الاستجابة لمطالبات عائلات الأسرى له باستعادتهم جميعا، وبهذا يكون قد نفض يديه منها إلى الأبد وقدّم عليها المقاربة العسكرية لحلّ مأزق السابع من تشرين الأول/ أكتوبر.

ما يقوم به نتنياهو الآن في غزة حرفيا هو محاولة فصل الحاضنة الشعبية عن المقاومة، عبر إخلاء قسري للقطاع من السكان المدنيين باستخدام القصف المكثف، في سبيل حشرهم في منطقة قريبة من الحدود المصرية وفرض حصار كامل على المنطقة، ثم استخدام المساعدات الإنسانية في نطاق جغرافي ضيق يحوي مخيما ضخما للاجئين
ما يقوم به نتنياهو الآن في غزة حرفيا هو محاولة فصل الحاضنة الشعبية عن المقاومة، عبر إخلاء قسري للقطاع من السكان المدنيين باستخدام القصف المكثف، في سبيل حشرهم في منطقة قريبة من الحدود المصرية وفرض حصار كامل على المنطقة، ثم استخدام المساعدات الإنسانية في نطاق جغرافي ضيق يحوي مخيما ضخما للاجئين بما يتيح تثبيتهم في منطقة آمنة ومستقرة بعيدا عن مناطق الحرب في غزة، والتي سيتم قطع المساعدات عنها حتى يتم الضغط على من تبقى من المدنيين داخلها من أجل مغادرتها أو الموت، في إطار هجرة تبدو طوعية، وقطع الغذاء عن عناصر المقاومة من أجل إضعافها.

وعلى هذا الأساس فإنّ الهدف الأول من إخلاء غزة هو عزل المقاومة عن السكان وتجويع عناصرها بالتوازي مع العمل العسكري البحت، وتنفيذ المرحلة الأولى من عملية التهجير والتي تتمثل في حشد أكبر قدر من سكان القطاع قرب الحدود مع مصر، تمهيدا للمرحلة الثانية المتمثلة في العبور الكبير باتجاه الأراضي المصرية ومغادرة غزة بشكل نهائي، لتبدأ المرحلة الثالثة والأخيرة من حياة سكان القطاع في شبه جزيرة سيناء، المعزولة جغرافيا وعمليا عن مصر، بعد أن قام الجيش المصري بإخلائها تقريبا من سكانها وحظرها على المصريين.

وفي الواقع، خطة الجنرالات هذه سبقتها خطة السيسي أو بالأحرى فكرته التي اقترحها في 18 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، أياما قليلة جدا بعد اندلاع أحداث طوفان الأقصى، حينها خاطب الإسرائيليين بقوله: "إذا كانت هناك فكرة للتهجير، فلِمَ لا يُنقل الفلسطينيون إلى النقب"، ودون أدنى قدر من الحياء زاد في اقتراحه أنّ مدة مكوث الفلسطينيين في النقب سيحدّدها مدى قدرة جيش الاحتلال على القضاء على المقاومة المسلحة في غزة.

واليوم يصل نتنياهو إلى ما كانت المقاومة ولا تزال تعتبره خطا أحمر، إنه يضغط عليها عبر ارتكاب أفظع إبادة في القرن الواحد والعشرين تستهدف سكان غزة الذين يتعرضون للتجويع والتعطيش، ويضع شرطا تحت النيران لوقف الحرب يفرض تسليم أسلحتها مقابل السماح لقادتها بمغادرة غزة.

بعد مرور 18 عشر شهرا على حرب الإبادة واستباحة أرواح الفلسطينيين ومساكنهم وأراضيهم لا يزال العرب على موقفهم من العلاقة مع الكيان الصهيوني، التطبيع لم يتوقف يوما والدول المطبعة لم تلوح بإلغاء اتفاقياته بل لم تسحب سفراءها من تل أبيب فضلا عن أن تطرد سفراء إسرائيل لديها، موقف مخزٍ يظهر إلى أيّ مدى بلغ الخذلان الرسمي العربي للقضية الفلسطينية
إقليميا، تمكنت إسرائيل، أو هكذا يبدو ظاهريا وإلى اللحظة على الأقل، من إضعاف محور المقاومة وتحييد رأسه إيران ولو مؤقتا، ريثما تفصل في مسألة توجيه ضربة قوية أو هجوم خاطف في حدود الحرب الجزئية ذات النتائج المؤثرة التي تؤدي إلى إحداث شلل في قدرتها على الردّ؛ بما يحقق إحداث خلل في ميزان الردع لصالحها، بالتوازي مع إصدار ترامب إملاءاته لإيران بمناقشة برنامجها النووي على أسس جديدة تلزمها بالتوقف عن السعي لامتلاك أسلحة نووية، بعد أن هدد علي لاريجاني، مستشار المرشد الأعلى، باللجوء إلى السلاح النووي في حال تعرضت إيران إلى هجوم.

وعلى صعيد المقاومة المساندة لغزة، لم يبق لحزب الله ما يقدمه بعد أن سقط نظام الأسد الحليف، وتوسع جيش الاحتلال شرقا في الجولان ليصل إلى سفح جبل الشيخ في الجانب السوري، قاطعا بذلك الطريق على المقاومة اللبنانية التي أصبح من الصعب عليها أن ترسل مسيّراتها انطلاقا من هذه المنطقة الجبلية، التي كانت تتيح لها التخفي وتمنع رادارات جيش الاحتلال المنتصبة أعلى الجبل من أن تكتشفها، كما أنّ المنطقة الخارجة عن المجال الراداري كانت تضمن مرور الدعم العسكري الإيراني إلى حزب الله.

عمليا لم يتبق من إسناد عسكري للمقاومة الفلسطينية سوى ما يبذله الحوثيون في اليمن من ضغط على التجارة الدولية للكيان الصهيوني لدفعه إلى السماح بمرور المساعدات الإنسانية إلى القطاع، إلى جانب إحداث حالة طوارئ في الجبهة الداخلية الإسرائيلية عبر إطلاق صواريخ الهدف منها إبقاء حالة قائمة من توازن التهديد، على الرغم من أنه يتم إسقاطها بالإضافة إلى أنها السبب المباشر في ما يتلقاه اليمن من ضربات جوية أمريكية تستهدف مواقع حيوية للحوثيين.

وبعد مرور 18 عشر شهرا على حرب الإبادة واستباحة أرواح الفلسطينيين ومساكنهم وأراضيهم لا يزال العرب على موقفهم من العلاقة مع الكيان الصهيوني، التطبيع لم يتوقف يوما والدول المطبعة لم تلوح بإلغاء اتفاقياته بل لم تسحب سفراءها من تل أبيب فضلا عن أن تطرد سفراء إسرائيل لديها، موقف مخزٍ يظهر إلى أيّ مدى بلغ الخذلان الرسمي العربي للقضية الفلسطينية، بعد أن صار همهم الأكبر أن يقضي جيش الاحتلال على المقاومة وعلى الحركات الإسلامية التي تهدد عروشهم وكراسيهم، حسب ما يمليه عليهم تفكيرهم السقيم.

مقالات مشابهة

  • المكتب الإعلامي بغزة: الإبادة الجماعية تغرق رفح في كارثة إنسانية
  • أبو العينين: القلوب تعتصر لما يحدث في غزة من تجويع وإبادة جماعية
  • إسرائيل تعلن قتل قيادي في سرية النخبة التابعة لحماس
  • عاهل الأردن ورئيس بلغاريا يترأسان جولة جديدة من مبادرة «اجتماعات العقبة» بتنظيم مشترك في صوفيا
  • حماس: الاحتلال يشن حرب تجويع معلنة هدفها الإبادة والتهجير
  • تقرير: 3 بدائل لحكم حماس لن تحل معضلات إسرائيل في غزة
  • الأردن: نؤكد رفضنا بشكل مطلق لتوسيع إسرائيل عدوانها على غزة
  • التغريبة الغزاوية.. تجويع وتهجير وإبادة لم تلامس نخوة العرب
  • إسرائيل توسع عملياتها البرية شمال غزة وتستولي على المزيد من الأراضي
  • عطية: واشنطن تضغط على لبنان لان مصلحة إسرائيل بالنسبة إليها فوق كل اعتبار