لماذا لا يتعظ عسكر السودان من دروس التاريخ وتجارب الماضي؟
تاريخ النشر: 5th, November 2024 GMT
بقلم: إبراهيم سليمان
منذ اندلاع حركة التمرد المسلحة في حامية مدينة توريت عام 1955م، وحتى 15 أبريل 2023م لم يلفح الجيش السوداني، في كسب حرب واحدة على ما تطلق عليها الحركات المسلحة أو المتمردة، في أية بقعة من بقاع السودان الواسعة، ظلت القوات المسلحة السودانية، تكرر الفشل تلو الفشل في تحقيق حسم عسكري، تنهي المواجهات المسلحة، ولم يتعلموا شيئاً من دروس تاريخ الحروب الطويلة، ولم يتعظوا من نصائح الناصحين.
ورغم التفوق الذي كان يتمتع به الجيش السوداني، لوجستياً ومهنياً وسياسياً، على الحركات المسلحة، التي رفعت السلاح في وجه الدولة المركزية، فشل في تحقيق النصر الكاسح والقضاء عليها، قد نجحت في بعض الأحيان في تحجيم أنشطته بعض الحركات المسلحة لتعود أشد منعة، ورغم ذلك يصر الجيش السوداني على تكرار ذات النهج، في حربه الأخير ضد قوات الدعم السريع، التي أخرجت القيادة العامة للجيش السوداني من مقرها، واستولت على الغالبية العظمى من مؤسساتها بالعاصمة ومعظم الولايات، وظلت تلحق بها الهزائم تلو الأخرى في سابقة لم تحدث في تاريخ السودان.
بلا شك انهم يحسدون علي هذا الغباء، فقد رفضوا كافة الوساطات الوطنية والدولية الداعية إلى الجلوس للتفاوض لإنهاء الحرب، مضيعين فرصة قبول قوات الدعم السريع لهذه الدعوات على مضد ودون شروط، والجنوح للحلول السلمية، رغم أن كتائب الإسلاميين قد اعتدت عليها، وهي متفوقة ميدانياً وسياسياً، وقادرة على الحفاظ على التفوق.
هذا الغباء العسكري الملازم للجيش السوداني، ليس له تفسير سوى الغرور وجنون العظمة، والمكابرة الجوفاء، والسفه الوطني المشين، تسببوا في مقتل الملايين من أبناء الشعب السوداني، وأهدروا المليارات من الدولارات في نيران الحرب، ودمروا المئات من المنشآت الحيوية، طيلة حروبهم الممتدة بطول البلاد وعرضها، وهم يدركون في نهاية المطاف، لا خيار لهم سوى الجلوس للتفاوض، ليصبح الذين يطلقون عليهم الآن "شهداء حرب الكرامة"، فطائس، ويضيع البنى التحية للبلاد هدراً!!
هذا الغباء معطون في الجهل السياسي والعسكري، والجاهل عدو نفسه، ولما يمسك الجاهل بالسلاح، لا يتوقع منه سوى التهور والخراب، ويحتاج لمن يتمتع بالحكمة والصبر، لينزع عنه السلاح، قبل أن يلقي به في مهاوي الردى.
فيما يخص الحرب الدائرة الآن، لا شك أن الجيش السوداني، ومن ورائه الحركة الإسلامية المجرمة يأملون في تحقيق تقدم ميداني، واختراق سياسي، يضمن لهم مستقبلا سياسياً، ويوفر لهم الحصانة من المساءلة عن الفساد الشامل والإجرام المركب، متجاهلين أن كافة المعطيات ضدهم، لكن حقدهم الدفين على الشعب السوداني، يزين لهم، قتل الجميع وتدمير كل شيء قبل الانزواء في مذبلة التاريخ.
ناسين أنّ الله قد قيّض لهم بما كسبت أيديهم، من هي قادرة على كسر شوكتهم وإلى الأبد، وأن الشعب السودان، قد شهد على فسادهم وإفسادهم، وعلم علم اليقين نفاقهم وتجارتهم بالدين، وأنه يكرهم كراهية العمى، متجاهلين أن ثورة ديسمبر المجيدة لا تزال هامدة تحت رماد حربهم العبثية، وأن شباب الثورة "الراكب راسو" لم ولن ينسوا دماء رفاقهم الشهداء، وأنهم لهم بالمرصاد، ومتناسين أنهم منبوذون من العالم، وليس لهم صليح إقليمياً، فأنى لهم التناوش بعد الموت في أبريل 2019؟
ebraheemsu@gmail.com
//أقلم متّحدة ــ العدد ــ 174//
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: الجیش السودانی
إقرأ أيضاً:
إعلام بلا وجوه جديدة… لماذا نخشى التغيير؟
#سواليف
#إعلام بلا #وجوه_جديدة… لماذا نخشى #التغيير؟
بقلم: أ.د. محمد تركي بني سلامة
في زمن أصبح فيه الصراع مع الاحتلال الإسرائيلي يتجاوز ميادين القتال إلى ميادين الكلمة والصورة والمعلومة، يتحول الإعلام إلى سلاح لا يقل أهمية عن أي أداة دبلوماسية أو سياسية. فالمعركة اليوم تُخاض على الشاشات قبل أن تُخاض في المؤتمرات أو على طاولات التفاوض، والإعلام الأردني أثبت مؤخرًا، خلال تغطيته للعدوان الإسرائيلي على غزة، أنه قادر على تعرية السردية الصهيونية، وإظهار حجم المأساة التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني، في موقف وطني مشرف يعكس الانتماء الحقيقي لقضية الأمة المركزية.
لكن هذا الدور المهم، مهما بلغ من التميز، لن يكون كافيًا إن لم يتحول إلى رؤية دائمة ونهج مستدام. فالإعلام ليس ردّة فعل مؤقتة، بل منظومة تحتاج إلى إعادة بناء شاملة، خاصة في ظل الحملات الممنهجة التي تستهدف الأردن وقيادته ومؤسساته.
مقالات ذات صلةلقد بات واضحًا أن الإعلام الأردني الرسمي يعاني من مشكلة بنيوية تتجسد في تكرار الوجوه والخطاب والنمطية التي لم تعد تقنع جمهورًا متنوعًا وواعيًا يعيش في زمن الانفتاح الإعلامي والرقمي. الناس سئمت من ذات الشخصيات التي تظهر في كل مناسبة، تتحدث بنفس اللغة، وتكرر ذات العبارات الركيكة ، دون أي مساحة للتجديد أو التنوع.
إن فتح الباب أمام وجوه إعلامية جديدة، من أصحاب الكفاءة والانتماء الحقيقي، بات ضرورة وطنية، لا ترفًا. لا بد من إشراك شخصيات وطنية مستقلة، وأصوات حزبية وسياسية من مختلف ألوان الطيف، تعبر عن هموم الناس وتطلعاتهم ، وتقدم رؤى متنوعة تعكس الواقع الأردني بتعدديته وثرائه، لا أن يبقى الإعلام الرسمي محصورًا بين أسماء لا تتغير مهما تغيرت الظروف.
إن تعرية الرواية الإسرائيلية ليست فقط واجبًا إعلاميًا، بل هي فعل سياسي داعم للقضية الفلسطينية، ومنسجم مع الموقف التاريخي الثابت لجلالة الملك عبد الله الثاني الذي لم يتوانَ لحظة عن الدفاع عن القدس والمقدسات وحق الشعب الفلسطيني. لكن نجاحنا في هذا المجال الخارجي يجب أن يُقابله نجاح داخلي في تحرير إعلامنا من التكرار الملل والإقصاء الممنهج .
وفي هذا السياق، لا بد من التأكيد على وعي الشعب الأردني العميق وحرصه الثابت على أمن واستقرار وطنه، رغم كل التحديات. فالأردنيون من مختلف الوان الطيف السياسي ، أثبتوا في كل مفصل وطني وفي كل المحطات التاريخية ، أنهم الحصن الأول للدولة، وأنهم الأقدر على التمييز بين النقد البناء والتشكيك، وبين التعددية والاستقطاب. ومن هنا، فإن رص الصفوف ووقف كل أشكال التخوين والاستقطاب والتشكيك والتقسيم لم يعد خيارًا، بل ضرورة وطنية، تفرضها طبيعة المرحلة، وتُحتّمها الحاجة إلى جبهة داخلية متماسكة، يكون الإعلام الوطني أحد ركائزها.
نحن بحاجة إلى استراتيجية إعلامية وطنية، لا تقوم فقط على الدفاع، بل على المبادرة، وعلى صناعة الرأي العام وتشكيله ، ومخاطبة الداخل والخارج بلغة عصرية، محترفة، تنبض بواقع الناس وتعكس ضميرهم.
المعركة الآن إعلامية بامتياز، ولن نكسبها إن لم نمتلك خطابًا جديدًا، وأصواتًا جديدة، تعبر عن نبض الوطن وهمومه وتطلعاته . حان الوقت لنكسر الحلقة المغلقة، ونمنح الإعلام الأردني فرصة للتجدد، ليكون على قدر الوطن، وعلى قدر رسالته ، وبمستوى المرحلة .
فصوت الأردن لا يجب أن يُحتكر، بل يجب أن يُعبّر عنه بصدق وتعدد وجرأة. فهل نحن مستعدون للانفتاح، أم نظل أسرى الوجوه ذاتها؟