سودانايل:
2025-03-18@04:58:49 GMT

الجيش والمستقبل السياسي في السودان

تاريخ النشر: 5th, November 2024 GMT

يعتبر عقدي السبعينات و التسعينات في القرن الماضي الأكثر تأثيرا في التغييرات التي طرأت على القوى السياسية في السودان، و غيرت المعادلات السياسية التي ما تزال مؤثرة في السياسة حتى الآن.. عقد السبعينات شهد توقيع "اتفاق بورتسودان" 1977م بين الرئيس نميري و الصادق المهدي رئيس الجبهة الوطنية، و الاتفاق ليس أتفاقا بين متحاربين فقط بالسلاح و أرادا الاحتكام للعقل بالتوافق على التبادل السلمي للسلطة.

. و لكن الاتفاق في جوهره يعد أعترافا من القوى السياسية خاصة " حزب الأمة و الحركة الإسلامية" بقبولهم بفكرة " دولة الحزب الواحد" و كان من قبلهم " أعتراف الحزب الشيوعي و القوميين العرب" الذان نفذا انقلاب مايو 1969م، و المجموعة الماركسية التي ذهبت مساندة لنميري دون حزبها بقيادة عبد الخالق محجوب هي التي هندست فكرة " دولة الحزب الواحد" مع المجموعة العروبية.. أن سيادة فكرة " دولة الحزب الواحد" أضعفت الدفع بتصورات حول قضية الديمقراطية، و مادام الكل كان محصورا في محور " دولة الحزب الواحد" التي تأسس عليه أتفاق بورتسودان1977م، يصبح الكل يعمل من أجل ذلك بالأدوات التي تستطيع أن تحقق له ذلك..
ساعد اتفاق بورتسودان 1977م، الحركة الإسلامية أن تتحول من حركة صفوية محصورة في قطاع النخب الصفوية إلي قوى سياسية تتمدد في القطاع الشعبي، باعتبار أن قيادتها السياسية استطاعت أن تستثمر حالة الهدنة في تشييد صروحها المالية التي ساعدتها على اتساع حركتها السياسية.. في هذه الفترة ضعفت القوى السياسية الفاعلة في القطاع الطلابي حيث ظهر تنظيم " الطلاب المستقلين" الذي أثر تأثيرا مباشرا في الحراك السياسي الطلابي و تنمية قدراته، خاصة أن الحزب الشيوعي كان يعاني من تأثير الانقسام عليه و ما تزال قياداته تعمل تحت الأرض، و كانت الحركة الإسلامية تشعبت أهتماماته في ذلك الوقت.. كان الاتحاديون الذين رفضوا الاتفاق قل عطأهم السياسي بعد موت الشريف حسين الهندي، الذي كان يراهن على قطاعين الطلاب و العمال.. الأمر الذي اعتمد التغيير في إبريل 1985م على نقابات القوى المهنية " التجمع النقابي " و ليس على القوى السياسية، هذه التغيير غيب فكرة رؤية كيفية تتم عملية التحول الديمقراطي..
عقد التسعينات فقدت فيها بعض القوى السياسية أهم دعائمها في ذلك الوقت، إضعاف نظام صدام حسين الذي كان داعما لحزب البعث العربي الاشتراكي في السودان له أثر في ضعف حزب البعث في السودان، و اكان نظام صدام يوفر للحزب في السودان التمويل المالي للحركة، و مئات الفرص التعليمية في الجامعات العراقية كواحدة من أهم أداة للحزب في الاستقطاب وسط الشباب.. الثاني سقوط حائط برلين و سقوط الاتحاد السوفيتي، حيث كانوا يفروا للحزب الشيوعي التمويل المالي و مئات المنح الدراسية الي تتيح للحزب الاستقطاب وسط الشباب و النخب المثقفة، الأمر الذي أثر سلبا على أحداث تغييرات جوهرية داخل الحزب من الناحيتين التنظيمية و الفكرية، الأمر الذي أدى إلي تراجع كبير لدوره وسط القوى الجديدة في المجتمع.. هذه التأثيرات بالضرورة لها انعكاساتها على العمل السياسي في السودان.. و في هذه الفترة استطاعت الطائفية أن تقبض على مفاصل الحزب الاتحادي الديمقراطي، و هي طائفة محافظة منكفئة على مصالحها الذاتية، فقط تريد أن تجعل من الحزب أداة حماية لتلك المصالح، فهي لا تهتم بعملية تطوير الحزب من الناحيتين التنظيمية و الفكرية لأنها تعتقد أن ذلك ضد مصالحها.. لذلك هي تعتمد على عناصر الولاء للطائفة و هذه الفئة ذات قدرات محدودة و متواضعة، همها أن تكون متواجدة صوريا في المسرح السياسي دون التأثير فيه، لأنها لا تملك الأفكار التي تؤهلها أن تدفع بها في الساحة..
هذه التحولات التي حدثت في عقدي السبعينات و التسعينات لها أثر مباشر في إضعاف القوى السياسية، و حتى القوى الجديدة التي ظهرت بعد ثورة ديسمبر 2018م ، هي قوى سياسية مصنوعة صناعة، حيث استطاع الخارج أن يصنعها من خلال الورش و الندوات التي كانت تقام في كل من كمبالا و نيروبي منذ عام 2004م، و هي ليست قوى سياسية ذات تأسيس فرضته ظروف أجتماعية، و تأسست على أفكار يمكن محاكمتها عليها، هي قوى ذات طبيعة ظرفية لحالة الضعف التي تعاني منها القوى السياسية التقليدية الأربعة.. لذلك تجدها رمت حملها على الخارج، في اعتقاد أن الخارج سوف يشكل لها رافعة للسلطة في مقابل أن تكون أداته لتنفيذ الأجندة المطلوبة، و لإنها ولدت خارج رحم المجتمع لا تثق فيه و توليه أية أهمية..
أن وقف الحرب حتى بعد انتصار الجيش لا يعني أن القوى السياسية قادرة على إدارة الأزمة، بل هي تحتاج إلي معالجات مطلوبة من خلال قوانين خاصة قانون الأحزاب الذي يجب أن يفرض بشكل صارم على الأحزاب قيام مؤتمراتها بشكل دوري، و تحدد فترة زمنية للقيادة أن لا يمكث أي قيادي لأكثر من دورتين بهدف التغيير في القيادات بصورة مستمرة الأمر الذي يدفع الأجيال الجديدة أن تنتمي للأحزاب.. أن التجديد و تعاقب الأجيال في الأحزاب بصورة مستمرة هو الذي يضخ الدم في هذه الأحزاب و يحدث فيها التغيير.. و هذا يقع عبء على القوات المسلحة التي يجب أن تخلق البيئة الصالحة لعملية تبادل السلطة سلميا، و الحرب أظهرت حالة الوهن و الضعف التي تعاني منها القوى السياسية.. نسأل الله حسن البصيرة..

zainsalih@hotmail.com  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: القوى السیاسیة الأمر الذی فی السودان

إقرأ أيضاً:

الدول التي تدرس إدارة ترامب فرض حظر سفر عليها

 ذكرت مصادر مطلعة ووثيقة داخلية اطلعت عليها رويترز أن إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب تدرس فرض قيود سفر واسعة على مواطني عشرات الدولة في إطار حظر سفر جديد.
وقال مسؤول أميركي تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته إن القائمة قد تتغير، كما أنها في انتظار موافقة الإدارة بما في ذلك وزير الخارجية ماركو روبيو.
وفيما يلي قائمة الدول المعنية بالقرار وفقا لما ورد في المذكرة مقسمة إلى ثلاث مجموعات منفصلة:
- تعليق كامل لتأشيرات السفر
أفغانستان، كوبا، إيران، ليبيا، كوريا الشمالية، الصومال، السودان، سوريا، فنزويلا، اليمن.
- تعليق جزئي لتأشيرات السفر (السائحين والطلبة وبعض التأشيرات الأخرى قد تتأثر)
إريتريا، هايتي، لاوس، ميانمار، جنوب السودان.
- دول مرشحة لتعليق جزئي لتأشيرات السفر ما لم تعالج أوجه القصور
أنجولا، أنتيجوا وباربودا، روسيا البيضاء، بنين، بوتان، بوركينا فاسو، الرأس الأخضر، كمبوديا، الكاميرون،، تشاد، جمهورية الكونجو الديمقراطية، الدومينيك، غينيا الاستوائية، جامبيا، ليبريا، مالاوي، موريتانيا، باكستان، جمهورية الكونجو، سانت كيتس ونيفيس، سانت لوسيا، ساو تومي وبرينسيب، سييرا ليون، تيمور الشرقية، تركمانستان، فانواتو.

أخبار ذات صلة واشنطن: نعمل لحل دائم للصراع في غزة ترامب: هناك فرصة جيدة للغاية لإنهاء الحرب في أوكرانيا المصدر: رويترز

مقالات مشابهة

  • وزير خارجية السودان: القوى المدنية مسؤولة عن الحرب.. ومصر المستهدف الرئيس مما يجري حاليًا
  • هيئة حقوقية تطالب بفتح بحث قضائي في مالية جامعة ألعاب القوى التي دمرها أحيزون
  • الحرية المصرى: ندعم القيادة السياسية فى اتخاذ الإجراءات اللازمة للحفاظ على الأمن القومي
  • محمود فوزي: تجاوزنا التحديات بفضل الإرادة السياسية والتحالف بين القوى السياسية
  • ???? عبد الرحمن عمسيب ، الرائدُ الذي لا يكذبُ أهلَه
  • حزب الجيل ينظم حفل سحوره السنوي بحضور رؤساء الأحزاب والكيانات السياسية
  • كيكل: الوحدة التي حدثت بسبب هذه الحرب لن تندثر – فيديو
  • الحرب ستشتعل في الضعين؛ قراءة في المشهد القادم!
  • الدول التي تدرس إدارة ترامب فرض حظر سفر عليها
  • الشهابي: الأحزاب السياسية دورها مهم في صياغة سياسات فعالة تساعد صناع القرار