المفتي في القمة العالمية لرؤساء الأديان بأذربيجان: «حماية الإنسان والطبيعة واجب ديني»
تاريخ النشر: 5th, November 2024 GMT
أكد الدكتور نظير عيَّاد، مفتي جمهورية مصر العربية ورئيس الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم، أنَّ الأديان جاءت لترسيخ قِيَم السلام والعدالة، واصفًا التعاون بين الأمم والمؤسسات الدينية بالضرورة لتحقيق الاستقرار والأمان للشعوب.
جاء ذلك في كلمته التي ألقاها خلال مشاركته في القمة العالمية لرؤساء الأديان ضمن الدورة التاسعة والعشرين لمؤتمر الأطراف، المنعقدة في باكو عاصمة أذربيجان يومَي 5 و6 نوفمبر 2024.
ودعا مفتي الجمهورية في كلمته رؤساء الأديان في العالم إلى ضرورة تعزيز وتحقيق العدالة المجتمعية والعالمية، حيث يجب علينا جميعًا أن نتعاون ونتكاتف من أجل رفع الظلم عن هذه الشعوب المظلومة وتلك المجتمعات المقهورة، وفي مقدمتها شعب فلسطين الأبيُّ، صاحبُ الأرض والحقِّ الذي يتعرَّض لأعظم جريمة إبادة جماعية وقعت في التاريخ الإنساني القديم والمعاصر على مرأى ومسمع المجتمع الدولي.
وأشار إلى أنَّ هذه المهمة لا يمكن أن يحققها القادة السياسيون بمعزل عن المؤسسات الدينية والمجتمعية، لذا فنحن بدورنا وإيماننا بقوله تعالى: {إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ} [الأنبياء: 92]، لذا يتوجَّب علينا تقديم يد العون والمساعدة في أي مسار يمكن أن يحقق العدل ويرفع الظلم عن هذه الشعوب.
وأشار مفتي الجمهورية في كلمته إلى الْتزام مصر، من خلال مؤسساتها الدينية والمجتمعية، بالعمل على رفع الوعي بأهمية الحفاظ على البيئة وتخفيف الانبعاثات الضارة، مؤكدًا أنَّ التعاون بين المؤسسات الدينية والدولية يُعد حتميًّا لمواجهة الأزمات التي تهدد استقرار العالم.
مفتي الجمهورية في القمة العالمية لرؤساء الأديانوأكَّد الدكتور نظير عيَّاد أنَّ الأديان في مضامينها المقدسة وتاريخها العريق إنما تدعو إلى السلم والسلام، ولا تدعو إلى الحرب والنزاع، وإنَّ ما جنحت إليه شرذمة قليلة نحو التطرف والإرهاب قد انحرفت في فهم نصوص الأديان وتطبيقها بشكل خاطئ، وفي نفس الوقت لا تمثل في سياق التاريخ أو الواقع إلا فئة قليلة لا يمكن تعميمها على جمهور المؤمنين أو محاكمة الأديان من خلالها.
وأوضح مفتي الجمهورية أن النصوص الدينية التي تؤكد السلم والسلام أو تدل عليه لا يمكن حصرها في هذا المقام، ومنها على سبيل المثال: قوله تعالى في القرآن الكريم: {وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} [الأنفال: 61]. وما ورد في الكتاب المقدس: "طوبى لصانعي السلام، فإنهم سيدعون أبناء الله". [متى: 5/ 9].
وأضاف المفتي أننا دائمًا نؤكِد أنَّ الأديان ضد نظريات صدام الحضارات والإسلاموفوبيا وغيرها من النظريات التي تحرِّض على الحروب والنزاعات الطائفية، وتكرس لمظاهر التمييز والعنصرية والكراهية، وغير ذلك.
كما دعا نظير عيَّاد إلى ضرورة تعزيز اليقين بالله تعالى والقيم الدينية والأخلاقية الثابتة في الأفراد والمجتمعات، وأهمية مواجهة الأفكار اللادينية التي تستغلُّ التغيرات الثقافية، والجيوسياسية، والعلمية، والتقنية، والاتصالات، والاكتشافات العلمية الحديثة، والحروب الدائرة اليوم في العالم في نشر أفكارها اللادينية البغيضة، وتستقطب بها الشباب وتجنح بهم نحو الفساد والإباحية وهدم القيم الأخلاقية، وتبث في نفوسهم روح التشاؤم والانعزالية وغير ذلك من المبادئ الخطيرة على الإنسانية جمعاء.
وقال مفتي جمهورية: "من وجهة نظري فإن تعزيز اليقين بالله في الأفراد والمجتمعات لا يمكن أن تستقل به المؤسسات الدينية بمعزل عن المؤسسات المدنية والمجتمعية، وإلا فكيف لنا أن نقوم بهذا التعزيز وغيرنا يعمل على هدمه؟!"
وأكَّد المفتي على ضرورة التكامل والتعاون والاتفاق المؤسسي نحو هذا التعزيز وضرورة صياغة الأجوبة الدينية المناسبة على الأطروحات والتساؤلات اللادينية بشكل منطقي وسليم لا يتعارض مع النصوص الدينية القطعية، وكذلك يتوافق مع المنجزات الإنسانية الحديثة حتى نضمن بشكل قطعي عدم وقوع الشباب فريسة للأفكار اللادينية وأساليبها الماكرة.
مفتي الجمهورية في القمة العالمية لرؤساء الأديانفيما دعا المفتي إلى ضرورة الإفادة من التنوع الديني والعِرْقي والمذهبي، واستثماره في البناء الحضاري والعمراني، وتحقيق الرفاه والعيش الرغيد للشعوب، بدلًا من اتخاذه سببًا للحروب والصراعات ومعوقًا للتقدم والازدهار، مؤكدًا أن الله -سبحانه وتعالى- قد جعل هذا التنوع سبيلًا ومنهاجًا للتعارف والتعاون والتكامل، وفي ذلك يقول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} [الحجرات: 13].
وأضاف أنه يمكن لنا أن نفيد من التجارب والنماذج العملية في هذا المسار، والتي يأتي في مقدمتها "بيت العائلة المصرية" الذي يتعاون فيه "الأزهر الشريف" و"الكنيسة المصرية" لتعزيز التسامح الديني والعيش المشترك في المجتمع، برعاية الدولة المصرية.
وأوضح مفتي الجمهورية أنَّ مواجهة الأزمات المناخية الواقعة والمستجدة بشكل حاسم وجاد يأتي من باب المحافظة على مقاصد الأديان، التي تدور حول محورين رئيسين، الأول: محور الإنسان، من حيث المحافظة على عقيدته، وقيمه، ومبادئه، وعِرضه، وماله وكسبه، وكل ما يحافظ على هذه الأمور من وسائل وأدوات فهو مشروع ومقصود في الأديان. الثاني: الاستخلاف الحضاري والعمراني، الذي من شأنه أن يحقق الرسالة الثانية من خلق الإنسان في هذه الحياة، وهي: تعمير هذه الأرض، وبناء حضارتها المجيدة، وكل ما يحقِّق ذلك من أدوات ووسائل، وفي مقدمتها مواجهة الأزمات المناخية المستجدة، فهو -أيضًا- مشروع ومقصود في الأديان.
وفي ختام كلمته قال الدكتور نظير عيَّاد: "إن اجتماعنا اليوم يُعَدُّ ركيزة أساسية في مواجهة الفتن والاضطرابات والقلائل والأزمات التي من شأنها زعزعة استقرار المجتمعات وتخريب العمران الذي شيدته الإنسانية بالكد والكفاح، وهذا يتطلب منا جهودًا حثيثة وكبيرة نحو المُضي قُدمًا للتعاون والتكاتف والاستمرارية في بذل الغالي والنفيس من أجل تحقيق السلام والعيش الرغيد للشعوب والمجتمعات".
وأكد مفتي جمهورية أن دار الإفتاء المصرية بدعم كامل من الدولة المصرية تطمح للتعاون الجاد والمشاركة الحيوية في هذا الطريق، مشيرًا إلى دعم الدار الكامل لجميع المبادرات التي ستنبثق عن هذا المؤتمر الكريم.
اقرأ أيضاًمفتي الجمهورية يتوجه إلى أذربيجان للمشاركة في قمة القادة الدينيين
مفتي الجمهورية يستقبل السفير الماليزي لبحث تعزيز التعاون المشترك
احتفالا بالعيد القومي للمحافظة.. وزير الأوقاف ومفتي الجمهورية ومحافظ كفرالشيخ يؤدون صلاة الجمعة بمسجد العارف بالله إبراهيم الدسوقي
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: أذربيجان مفتي جمهورية مفتی الجمهوریة فی المؤسسات الدینیة لا یمکن
إقرأ أيضاً:
G20 تناقش الأزمات العالمية وتطلق مبادرة لمكافحة الفقر والجوع
أصدر قادة مجموعة العشرين، الاثنين، بيانًا مشتركًا تناول الأزمات الإنسانية الناجمة عن الصراعات في كل من غزة وأوكرانيا، مع التركيز على تعزيز التعاون الدولي لمواجهة تحديات تغير المناخ، والحد من الفقر، وتطوير السياسات الضريبية.
وعُقدت القمة على مدى يومين في متحف الفن الحديث في ريو دي جانيرو، حيث ركز جدول الأعمال على التحولات في النظام العالمي في ظل عودة الرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترامب، إلى البيت الأبيض في يناير المقبل.
تأثرت النقاشات حول التجارة، والمناخ، والأمن الدولي، بالتغيرات السياسية الأميركية التي وعد ترامب بتطبيقها، بما في ذلك فرض رسوم جمركية وإيجاد حل تفاوضي للصراع الأوكراني.
ورغم هذه التحديات، توصل القادة إلى توافق حول ضرورة الحد من التصعيد في أوكرانيا، وأعربوا عن قلقهم بشأن "الوضع الإنساني الكارثي في غزة"، داعين إلى زيادة المساعدات الإنسانية ووقف إطلاق النار.
وشهدت القمة مفاوضات مكثفة خلال عطلة نهاية الأسبوع لصياغة البيان الختامي، خاصة حول قضايا المناخ.
وأكد البيان الحاجة إلى التوصل لاتفاق مالي جديد لدعم الدول النامية بقمة الأمم المتحدة للمناخ "COP29" في أذربيجان، دون تحديد صيغة نهائية للحل.
وفي مبادرة لافتة، أطلق الرئيس البرازيلي، لويس إيناسيو لولا دا سيلفا، تحالفًا عالميًا لمكافحة الجوع والفقر، بمشاركة أكثر من 80 دولة ومنظمات دولية.
وشدد لولا على أن الفقر والجوع "نتاج قرارات سياسية"، مشيرًا إلى أن العالم ينتج كميات كافية من الغذاء لإطعام الجميع.
وأكد قادة القمة أهمية أجندة التنمية المستدامة التي طرحتها البرازيل، والتي ستتواصل تحت قيادة جنوب إفريقيا خلال قمة 2025.
وأشار المستشار الألماني، أولاف شولتس، على هامش القمة، إلى الثقل المتزايد للاقتصادات النامية الكبرى، قائلا: "نحن نشهد تغييرا كبيرا في الهياكل العالمية. هذه بلدان تريد أن تقول كلمتها. ولن تقبل بعد الآن أن يستمر كل شيء على النحو الذي كان عليه لعقود من الزمان".
وانتهز الرئيس الصيني, شي جين بينغ, هذه المناسبة للإعلان عن مجموعة من التدابير المصممة لدعم الاقتصادات النامية في "الجنوب العالمي"، بدءا من التعاون العلمي مع البرازيل والدول الإفريقية، إلى خفض الحواجز التجارية أمام البلدان الأقل نموا.
وبينما يلعب شي دورا محوريا في القمة، يشارك الرئيس الأميركي، جو بايدن، في القمة قبل شهرين فقط من تركه للسلطة، في وقت يتعامل فيه مع صراعات محتدمة في أوكرانيا والشرق الأوسط.
وفي وقت ينتظر فيه العالم إشارات من حكومة ترامب القادمة، كان شي يروج للصعود الاقتصادي للصين، بما في ذلك مبادرة الحزام والطريق التي شملت افتتاح ميناء ضخما في بيرو الأسبوع الماضي.
ولم تشارك البرازيل حتى الآن في المبادرة لكن الآمال مرتفعة في عقد شراكات أخرى خلال زيارة دولة سيختتم بها شي إقامته في الدولة الواقعة في أميركا الجنوبية الأربعاء.