هل غض البصر واجب على النساء أم الرجال فقط؟.. انتبه لـ10 حقائق
تاريخ النشر: 5th, November 2024 GMT
لاشك أن الاستفهام عن هل غض البصر واجب على النساء أم الرجال فقط ؟، يعد من المسائل التي تلتبس على الكثيرين ، حيث إن من المعروف أن الله سبحانه وتعالى أمر المؤمنين بغض البصر درءًا للفتن، وتفاديًا للوقوع فيها، وهو ما يطرح السؤال عن هل غض البصر واجب على النساء أم الرجال فقط ؟.
لماذا جهنم أكثرها نساء؟.. بسبب فعلين حذر منهما النبي وتقع فيهما الزوجات لماذا لعن الله قوما تحكمهم امرأة؟.. الحديث صحيح والإفتاء توضح قصته ومقصده هل غض البصر واجب على النساء
قال الدكتور أسامة الجندي، أحد علماء وزارة الأوقاف، إن الأمر بغض البصر في القرآن الكريم موجه للذكر والأنثى لحماية المجتمع من الفتن.
وأوضح “ الجندي” في إجابته عن سؤال: هل غض البصر واجب على النساء أم الرجال فقط ؟، أن قول الله سبحانه وتعالى ( قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ۚ ذَٰلِكَ أَزْكَىٰ لَهُمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ ) الآية 30 من سورة النور، يعتبر خطاب إلهي يهدف إلى تعزيز الأخلاق وحماية المجتمع من الفتن.
ونبه إلى أن هذه الآية تدعو المؤمنين إلى استخدام وسائل الإدراك بشكل حكيم، مشيراً إلى أن العين تُعتبر أكثر وسائل الإدراك عرضة للفتن، وغض البصر يُعتبر بمثابة مناعة تحصين ضد الشهوات والمواقف المحرمة، حيث يُدرب الإنسان على تجنب ما يُغضب الله تعالى.
وأشار إلى أن الرسالة إلى كلا الجنسين، حيث يجب على الرجال غض بصرهم، وعلى النساء عدم إبداء زينتهن إلا ما ظهر منها، منوهًا بأن هناك أربعة تصورات تتعلق بغض البصر وإبداء الزينة، مع التأكيد على ضرورة الالتزام بالتعاليم الشرعية.
وأفاد بأن كلمة "يغض" تعني تقليل أو نقص من مجال الرؤية، مما يعكس أهمية أن ينظر الإنسان فقط إلى ما يرضي الله جل وعلا، وأن المؤمنين مطالبون بتحديد حد أدنى لرؤيتهم، حيث يُمنع النظر إلى ما حرمه الله عز وجل.
ما معنى غض البصرورد أن غض البصر في اللغة يعني كفه ومنعه من الاسترسال في التأمل والنظر . ويقول ابن فارس في “معجم مقاييس اللغة” (4/307) : ” الغين والضاد ، يدلُّ على كفٍّ ونَقْص، (مثل) غضُّ البصر ، وكلُّ شيءٍ كففتَه فقد غَضَضْته ” انتهى .
ويقول ابن منظور في “لسان العرب” (7/196) : ” وغَضَّ طَرْفَه وبَصره : كفَّه وخَفَضَه وكسره . وقيل : هو إِذا دانى بين جفونه ونظر ” انتهى.
ويشمل في الشرع أمورا عدة :
1- غض البصر عن عورات الناس ، ومن ذلك زينة المرأة الأجنبية .
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله “مجموع الفتاوى” (15/414) :
” والله سبحانه قد أمر فى كتابه بغض البصر وهو نوعان : غض البصر عن العورة . وغضه عن محل الشهوة . فالأول كغض الرجل بصره عن عورة غيره .
وأما النوع الثاني من النظر كالنظر إلى الزينة الباطنة من المرأة الأجنبية ، فهذا أشد من الأول ، كما أن الخمر أشد من الميتة والدم ولحم الخنزير ، وعلى صاحبها الحد … لأن هذه المحرمات لا تشتهيها النفوس كما تشتهى الخمر ” انتهى .
2- غض البصر عن بيوت الناس وما أغلقت عليه أبوابهم :
يقول ابن تيمية “مجموع الفتاوى” (15/379) : ” وكما يتناول غض البصر عن عورة الغير وما أشبهها من النظر إلى المحرمات ، فإنه يتناول الغض عن بيوت الناس ، فبيت الرجل يستر بدنه كما تستره ثيابه ، وقد ذكر سبحانه غض البصر وحفظ الفرج بعد آية الاستئذان ، وذلك أن البيوت سترة كالثياب التى على البدن ” انتهى .
ويقول ابن القيم رحمه الله في “مدارج السالكين” (1/117) : ” ومن النظر الحرام النظر إلى العورات ، وهي قسمان : عورة وراء الثياب . وعورة وراء الأبواب ” انتهى .
3- غض البصر عما في أيدي الناس من الأموال والنساء والأولاد والمتاع ونحوها .
قال تعالى : ( لاَ تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجاً مِّنْهُمْ وَلاَ تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ ) الحجر/88 قال ابن سعدي في “تفسيره” (434) : ” أي: لا تعجب إعجابا يحملك على إشغال فكرك بشهوات الدنيا التي تمتع بها المترفون ، واغترَّ بها الجاهلون ، واستغن بما آتاك الله من المثاني والقرآن العظيم ” انتهى .
وقال أيضا (ص/516) : ” أي : لا تمد عينيك معجبا ، ولا تكرر النظر مستحسنا إلى أحوال الدنيا والمُمَتَّعين بها ، من المآكل والمشارب اللذيذة ، والملابس الفاخرة ، والبيوت المزخرفة ، والنساء المجملة ، فإن ذلك كله زهرة الحياة الدنيا ، تبتهج بها نفوس المغترين ، وتأخذ إعجابا بأبصار المعرضين ، ويتمتع بها – بقطع النظر عن الآخرة – القوم الظالمون ، ثم تذهب سريعا ، وتمضي جميعا ، وتقتل محبيها وعشاقها ، فيندمون حيث لا تنفع الندامة ، ويعلمون ما هم عليه إذا قدموا في القيامة ، وإنما جعلها الله فتنة واختبارا ، ليعلم من يقف عندها ويغتر بها ، ومن هو أحسن عملا ” انتهى .
هل غض البصر للرجال فقطورد أن النظر إلى عورات النساء الأجنبيات محرم ولو كان بدون شهوة، واستثنى أهل العلم من ذلك حالات الضرورات أو الحاجات المعتبرة ككشف الطبيب على المرأة التي لا تجد طبيبة تكشف عليها.
قال ابن قدامة في المغني : ولا خلاف بين أهل العلم في إباحة النظر أي للخاطب إلى وجهها وذلك لأنه ليس بعورة وهو مجمع المحاسن، وموضع النظر ولا يباح له النظر إلى ما لا يظهر عادة..... ويباح للطبيب النظر إلى ما تدعو إليه الحاجة من بدنها... وللشاهد النظر إلى وجه المشهود عليها... وإن عامل امرأة في بيع أو إجارة فله النظر إلى وجهها ليعلمها بعينها فيرجع عليها بالدرك، وقد روي عن أحمد كراهة ذلك في حق الشابة دون العجوز، ولعله كرهه لمن يخاف الفتنة أو يستغني عن المعاملة، فأما مع الحاجة وعدم الشهوة فلا بأس. اهـ
وقال النووي : ويجب على الرجال غض البصر عنها في جميع الأحوال إلا لغرض صحيح شرعي وهو حالة الشهادة والمداواة وإرادة خطبتها، أو شراء الجارية، أو المعاملة بالبيع والشراء وغيرهما ونحو ذلك، وإنما يباح في جميع هذا قدر الحاجة دون ما زاد. والله أعلم.اهـ.
ويحرم نظر الوجه بشهوة وعند خوف الفتنة عند من يقول إنه ليس بعورة، وكذا نظر المستور من جسمها بشهوة.
قال ابن عبد البر رحمه الله في التمهيد: وأما النظر للشهوة فحرام تأملها من فوق ثيابها لشهوة، فكيف بالنظر إلى وجهها مسفرة. انتهى كلامه.
وقال ابن تيمية: اتَّفَقُوا عَلَى تَحْرِيمِ النَّظَرِ إلَى الْأَجْنَبِيَّةِ وَذَوَاتِ الْمَحَارِمِ بِشَهْوَةِ. انتهى.
وقال الشربيني: أما النظر بشهوة فحرام قطعا لكل منظورإليه من محرم وغيره غير زوجته وأمته. اهـ
وذهب بعضهم إلى منع النظر مطلقا لوجه الأجنبية إن كانت ممن يشتهى عادة، وذهب بعضهم للكراهة.
قال ابن حجر الهيتمي في التحفة: ويحرم نظر فحل ...(بالغ)... عاقل مختار إلى عورة حرة... (كبيرة) ولو شوهاء بأن بلغت حداً تشتهى فيه لذوي الطباع السليمة لو سلمت من مشوه بها كما يأتي (أجنبية)، وهي ما عدا وجهها وكفيها بلا خلاف لقوله تعالى: قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ [النــور: 30]، ولأنه إذا حرم نظر المرأة إلى عورة مثلها كما في الحديث الصحيح فأولى الرجل، (وكذا وجهها) أو بعضه ولو بعض عينها، أو من وراء نحو ثوب يحكي ما وراءه (وكفها)، أو بعضه أيضا وهو من رأس الأصابع إلى الكوع (عند خوف الفتنة) إجماعاً من داعية نحو مس لها، أو خلوة بها وكذا عند النظر بشهوة بأن يلتذ به، وإن أمن الفتنة قطعاً (وكذا عند الأمن من الفتنة) فيما يظنه من نفسه وبلا شهوة (على الصحيح). اهـ.
وقال المرداوي الحنبلي في الإنصاف: وأكثر الأصحاب: أنه لا يجوز للرجل النظر إلى غير من تقدم ذكره، فلا يجوز له النظر إلى الأجنبية قصداً، وهو صحيح، وهو المذهب، وجوز جماعة من الأصحاب: نظر الرجل من الحرة الأجنبية إلى ما ليس بعورة صلاة، وجزم به في المستوعب في آدابه، وذكره الشيخ تقي الدين رواية. قال القاضي: المحرم ما عدا الوجه والكفين. وصرح القاضي في الجامع: أنه لا يجوز النظر إلى المرأة الأجنبية لغير حاجة. ثم قال: النظر إلى العورة محرم وإلى غير العورة: مكروه. وهكذا ذكر ابن عقيل، وأبو الحسين، وقال أبو الخطاب: لا يجوز النظر لغير من ذكرنا، إلا أن القاضي أطلق هذه العبارة. وحكى الكراهة في غير العورة قال الشيخ تقي الدين رحمه الله: هل يحرم النظر إلى وجه الأجنبية لغير حاجة؟ رواية عن الإمام أحمد: يكره ولا يحرم. وقال ابن عقيل: لا يحرم النظر إلى وجه الأجنبية إذا أمن الفتنة. انتهى قلت: وهذا الذي لا يسع الناس غيره، خصوصاً للجيران والأقارب غير المحارم الذين نشأ بينهم. انتهى.
وقال الدسوقي في حاشيته: والحاصل أن العورة يحرم النظر إليها ولو بلا لذة. ... قوله: غير الوجه والكفين أي وأما هما فغير عورة يجوز النظر إليهما ولا فرق بين ظاهر الكفين وباطنهما بشرط أن لا يخشى بالنظر لذلك فتنة، وأن يكون النظر بغير قصد لذة وإلا حرم النظر لهما وهل يجب عليها حينئذ ستر وجهها ويديها وهو الذي لابن مرزوق قائلاً إنه مشهور المذهب أو لا يجب عليها ذلك وإنما على الرجل غض بصره وهو مقتضى نقل المواق عن عياض، وفصل زروق في شرح الوغليسية بين الجميلة فيجب عليها وغيرها فيستحب. انتهى.
فوائد غض البصريذكر العلماء في فوائد غض البصر أمورا كثيرة ، منها ما قاله ابن القيم رحمه الله في “الجواب الكافي” (125) ورد أن الله سبحانه وتعالى قد أمر المؤنين في كتابه العزيز بغض البصر ، وذلك لما له من فوائد عدة ، وهي:
الأولى: أنه امتثال لأمر الله الذي هو غاية سعادة العبد في معاشه ومعاده ، وليس للعبد في دنياه وآخرته أنفع من امتثال أوامر ربه تبارك وتعالى ، وما سعد من سعد في الدنيا والآخرة إلا بامتثال أوامره ، وما شقي من شقي في الدنيا والآخرة إلا بتضييع أوامره .
الثانية : أنه يمنع من وصول أثر السهم المسموم الذى لعل فيه هلاكه إلى قلبه .
الثالثة : أنه يورث القلب أنسا بالله ، وجمعية على الله ، فإن إطلاق البصر يفرق القلب ويشتته ويبعده من الله ، وليس على العبد شيء أضر من إطلاق البصر ، فانه يوقع الوحشة بين العبد وبين ربه .
الرابعة : أنه يقوي القلب ويفرحه ، كما أن إطلاق البصر يضعفه ويحزنه .
الخامسة : أنه يكسب القلب نورا ، كما أن إطلاقه يكسبه ظلمة ، ولهذا ذكر سبحانه آية النور عقيب الأمر بغض البصر ، فقال : ( قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ) النور/30 ثم قال إثر ذلك : (اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ ) النور/35 أي مثل نوره في قلب عبده المؤمن الذي امتثل أوامره واجتنب نواهيه ، وإذا استنار القلب أقبلت وفود الخيرات إليه من كل جانب ، كما أنه إذا أظلم أقبلت سحائب البلاء والشر عليه من كل مكان ، فما شئت من بدعة وضلالة واتباع هوى واجتناب هدى وإعراض عن أسباب السعادة واشتغال بأسباب الشقاوة ، فإن ذلك إنما يكشفه له النور الذي في القلب ، فإذا فقد ذلك النور بقي صاحبه كالأعمى الذي يجوس في حنادس الظلام .
السادسة : أنه يورث الفراسة الصادقة التي يميز بها بين المحق والمبطل والصادق والكاذب ، … والله سبحانه يجزي العبد على عمله بما هو من جنس عمله ، ومن ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه ، فإذا غض بصره عن محارم الله عوضه الله بأن يطلق نور بصيرته ، عوضة عن حبسه بصره لله ، ويفتح له باب العلم والإيمان والمعرفة والفراسة الصادقة المصيبة ، التي إنما تنال ببصيرة القلب ، وضد هذا ما وصف الله به اللوطية من العمه الذي هو ضد البصيرة فقال تعالى : (لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ ) الحجر/72
السابعة : أنه يورث القلب ثباتا وشجاعة وقوة ، ويجمع الله له بين سلطان البصيرة والحجة وسلطان القدرة والقوة ، كما في الأثر : ( الذي يخالف هواه يفر الشيطان من ظله ) ومثل هذا تجده في المتبع هواه من ذل النفس ووضاعتها ومهانتها وخستها وحقارتها ، ما جعله الله سبحانه فيمن عصاه ، كما قال الحسن : ( إنهم وإن طقطقت بهم البغال ، وهملجت بهم البراذين ، فإن المعصية لا تفارق رقابهم ، أبى الله إلا أن يذل من عصاه ) .
وقد جعل الله سبحانه العز قرين طاعته ، والذل قرين معصيته ، فقال تعالى : ( ولِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ ) المنافقون/8 ، وقال تعالى : ( وَلاَ تَهِنُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ ) آل عمران/139 ، والإيمان قول وعمل ، ظاهر وباطن ، وقال تعالى : ( مَن كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعاً إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ ) فاطر/10 ، أي من كان يريد العزة فليطلبها بطاعة الله وذكره ، من الكلم الطيب والعمل الصالح ، وفي دعاء القنوت : ( إنه لا يذل من واليت ، ولا يعز من عاديت ) ومن أطاع الله فقد والاه فيما أطاعه فيه ، وله من العز بحسب طاعته ، ومن عصاه فقد عاداه فيما عصاه فيه ، وله من الذل بحسب معصيته .
الثامن : أنه يسد على الشيطان مدخله من القلب ، فإنه يدخل مع النظرة ، وينفذ معها إلى القلب أسرع من نفوذ الهوى في المكان الخالي ، فيمثل له صورة المنظور إليه ، ويزينها ويجعلها صنما يعكف عليه القلب ، ثم يَعِدُهُ ويُمَنِّيه ، ويوقد على القلب نار الشهوة ، ويلقي عليه حطب المعاصي التي لم يكن يتوصل إليها بدون تلك الصورة ، فيصير القلب في اللهب ، فمن ذلك اللهب تلك الأنفاس التي يجد فيها وهج النار ، وتلك الزفرات والحرقات ، فإن القلب قد أحاطت به النيران بكل جانب ، فهو في وسطها كالشاة في وسط التنور ، لهذا كانت عقوبة أصحاب الشهوات بالصور المحرمة أن جُعل لهم في البرزخ تنورٌ من نار .
التاسع : أنه يفرغ القلب للفكرة في مصالحه والاشتغال بها ، وإطلاق البصر يشتت عليه ذلك ويحول عليه بينه وبينها ، فتنفرط عليه أموره ، ويقع في اتباع هواه ، وفي الغفلة عن ذكر ربه ، قال تعالى : ( وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطاً ) الكهف/28
العاشر : أن بين العين والقلب منفذا أو طريقا يوجب اشتغال أحدهما عن الآخر ، وأن يصلح بصلاحه ويفسد بفساده ، فإذا فسد القلب فسد النظر ، وإذا فسد النظر فسد القلب ، وكذلك في جانب الصلاح ” انتهى .
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: غض البصر الله سبحانه ل م ؤ م ن ین النظر إلى رحمه الله قال تعالى قال ابن البصر ی لا یجوز إلى ما کما أن
إقرأ أيضاً:
رمضان .. كيف تدرب نفسك على الصيام عن الشهوات
مع اقتراب شهر رمضان المبارك، تتجه القلوب والنفوس نحو الاستعداد لهذا الشهر العظيم، الذي يحمل معه نفحات من الإيمان وفرصة عظيمة لتطهير النفس وتقويتها على الطاعات.
ومن أبرز معاني رمضان هو الصيام، الذي لا يقتصر على الامتناع عن الطعام والشراب فقط، بل يتعدى ذلك إلى الصيام عن الشهوات بأنواعها، وهو صيام القلب والجوارح عن كل ما يُغضب الله، في هذا الموضوع، نناقش مفهوم الصيام عن الشهوات، وكيفية الاستعداد له خلال الأيام التي تسبق رمضان، وأثر ذلك على حياة المسلم الروحية والأخلاقية.
الصيام في الإسلام ليس مجرد عبادة ظاهرية، بل هو حالة من الترفع عن ملذات الدنيا وشهواتها، والالتزام الكامل بما يرضي الله. يقول النبي صلى الله عليه وسلم:
"من لم يدع قول الزور والعمل به، فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه" [رواه البخاري].
هذا الحديث يوضح أن الغاية الحقيقية من الصيام هي تهذيب النفس، والابتعاد عن كل ما يبعدنا عن طريق الله.
الشهوات التي يُطلب من المسلم أن يصوم عنها تشمل:
شهوة الكلام: الامتناع عن الغيبة والنميمة والكلام السيئ.
شهوة البصر: غض البصر عن المحرمات.
شهوة السمع: عدم الاستماع لما يُغضب الله.
شهوة النفس: كالحقد، والحسد، والغضب.
الاستعداد للصيام عن الشهوات قبل رمضان
التدريب على الصيام عن الشهوات قبل رمضان يساعد المسلم على استقبال الشهر الفضيل بقلب نقي وجاهزية للطاعات. إليك بعض الخطوات التي تساعد على ذلك:
1. التوبة والتقرب إلى اللهرمضان هو شهر المغفرة والرحمة، والاستعداد له يبدأ بالتوبة النصوح عن الذنوب والمعاصي، واللجوء إلى الله بالدعاء لثبات النفس على الخير.
2. تقليل التعلق بالدنياشهر رمضان يعلّمنا الزهد والرضا، لذا يُستحب قبل رمضان تقليل التعلق بالماديات، مثل التقليل من الترفيه الزائد أو الإنفاق غير الضروري.
3. تدريب النفس على الطاعاتالالتزام بالسنن، مثل صيام التطوع وقيام الليل، يساعد على تقوية الإرادة ويجعل النفس أكثر استعدادًا للعبادة.
4. تصفية القلب من الضغائنمن الصيام عن الشهوات تطهير القلب من الكراهية والبغضاء، لذا يُفضل قبل رمضان أن يسامح المسلم كل من أساء إليه ويطلب العفو من الآخرين.
5. الالتزام بغض البصر وحفظ اللسانيمكن للمسلم البدء في تعويد نفسه على غض البصر والامتناع عن الحديث بما لا ينفع، وهو تدريب عملي لما سيكون عليه الحال في رمضان.
أثر صيام الشهوات على النفس والمجتمع1. تقوية العلاقة مع الله
الامتناع عن الشهوات يجعل القلب أقرب إلى الله، حيث يشعر المسلم بلذة الإيمان ويتذوق حلاوته، مصداقًا لقول النبي صلى الله عليه وسلم:
"من سرّه أن يجد حلاوة الإيمان، فليحب المرء لا يحبه إلا لله."
الصيام عن الشهوات ينقي النفس من الصفات السلبية، ويعزز صفات مثل الصبر، والحلم، والتواضع، مما ينعكس إيجابًا على تعامل المسلم مع من حوله.
3. تعزيز الوحدة المجتمعيةحين يلتزم المسلمون بالصيام عن الشهوات، تتقلص مظاهر الحسد والبغضاء، ويعم التسامح والمحبة، مما يعزز الوحدة بين أفراد المجتمع.
رمضان: فرصة لتغيير النفس
رمضان هو مدرسة إيمانية تهدف إلى تهذيب النفس وتغيير العادات السيئة. ومن خلال الصيام عن الشهوات، يمكن للمسلم أن يخرج من رمضان شخصًا أفضل، قادرًا على مواجهة الفتن والشهوات في حياته اليومية.
فرصة للارتقاء بالنفس
شهر رمضان المبارك هو هدية من الله، وهو فرصة لا تتكرر إلا مرة في العام. الاستعداد لهذا الشهر لا يكون فقط بتنظيف الجسد من الطعام والشراب، بل بتنقية الروح من الشهوات والذنوب. فلنجعل الأيام القادمة فرصة للتدريب على الصيام عن كل ما يبعدنا عن الله، حتى ندخل رمضان بقلوب نقية ونفوس مهيأة لاغتنام هذا الشهر العظيم.