د.علي بن تميم يُسلّط الضوء في اليونسكو على سُبل حماية لغة الضّاد
تاريخ النشر: 5th, November 2024 GMT
بحضور عدد كبير من وزراء الثقافة والسفراء العرب والأجانب المُعتمدين في باريس وفي منظمة اليونسكو، وحشد من الأدباء والمُثقفين وخبراء في اللغة العربية وباحثين في التراث الثقافي، وبُمشاركة دولة الإمارات العربية المتحدة، انطلقت في باريس صباح أمس الاثنين فعاليات الأسبوع العربي الذي استضافته اليونسكو في مقرّها كحدث استثنائي أقيم للمرّة الأولى منذ تأسيس منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة في العام 1945، وبمُشاركة وفود من كافة الدول العربية.
31500 طالب جامعي في الولايات المتحدة درسوا لغة الضّاد
لغة الضّاد ثالث أكثر اللغات انتشاراً في مراحل التعليم العالي
العربية في المركز الرابع بين أكثر لغات العالم اسـتخداماً علـى الإنترنت
وشكّلت العروض الفنية والثقافية التفاعلية مناسبة مميزة في العاصمة الفرنسية لمُشاهدة الفنون البصرية والتقليدية والموسيقية من العالم العربي.
وتضمّنت الفعاليات كذلك سوقاً تراثياً وأنشطة حرفية وعروض أزياء تقليدية ومعارض فنية، وورش عمل في الخط العربي، وفعاليات موسيقية وغنائية عربية.
حالة اللغة العربية.. تقرير إماراتيوفي إطار البرنامج الثقافي الغني لفعاليات الأسبوع العربي في باريس، انطلقت أعمال المؤتمر المُصاحب حول "حالة اللغة العربية" بجلسة افتتاحية تحدّث فيها د. علي بن تميم رئيس مركز أبوظبي للغة العربية، الذي قدّم ورقة عمل مُهمّة بعنوان "نظرة على أبرز الجهود الحكومية في استشراف ودعم الأجندة الوطنية للغة العربية".
وسلّط الدكتور علي بن تميم الضوء على "تقرير حالة اللغة العربيّة ومُستقبلها" كأوّل تقرير بحثي من نوعه تبنّت إعداده وزارة الثقافة في دولة الامارات العربية المتحدة بناءً على توجيهات الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، حيث شارك في التقرير أكثر من 75 شخصية من باحثين وأساتذة جامعات من مختلف أنحاء العالم، وقادة مؤسسات إعلامية وتقنية محلية ودولية.
وقدّم التقرير دراساته البحثية في الفترة من 2010 إلى 2020، والتي خلصت إلى عشرة محاور، لخّصت مشهد اللغة العربية من كافة الجوانب البحثية، بالإضافة إلى ملخص تنفيذي وضع استنتاجات المحاور في صدارة المشهد، ومن ثم قدّم مقترحات تهدف إلى تطوير أساليب استخدام اللغة العربية، بما يعزز وجودها المستقبلي.
أرقام تدعو للتفاؤلومن بين أهم النقاط التي أوردها التقرير، أنّه كشف عن احتلال اللغة المركز الرابع بين أكثر اللغات العالمية استخداماً على شبكة الانترنت، وتميّزها بكونها واحدة من اللغات الأسرع نمواً فيها. وقد وصل العدد التقريبي لمُستخدمي العربية على الإنترنت إلى 237 مليون مستخدم، و17 مليون تغريدة باللغة العربية يومياً، و72% من التغريدات في الوطن العربي باللغة العربية.
كما أظهر التقرير ارتفاعاً ملحوظاً في أعداد مُتعلّمي العربية من غير الناطقين بها في بلدان مُتعدّدة استطاعوا بلوغ مستويات عالية من الكفاءة في اللغة العربية، إذ تُشير الأرقام إلى أنّ 31500 طالب جامعي في الولايات المتحدة درسوا لغة الضّاد.
واحتلت اللغة العربية المركز الثالث بين أكثر اللغات انتشاراً في مراحل التعليم العالي، كما أنّ هناك 60 جامعة درّست اللغة العربية في المملكة المتحدة، و46 جامعة درّست اللغة العربية في الصين، وقد التحق بعضهم في ميدان تدريس العربية كلغة أجنبية.
ووفق تقرير وزارة الثقافة في دولة الإمارات، فقد حققت لغات البرمجة العربية قفزات نوعية في عديد من الفضاءات التكنولوجية بظهور الكثير من تطبيقات الذكاء الاصطناعي باللغة العربية. كما أظهر التقرير نمو منصّات النشر الرقمية باللغة العربية حيث وصلت عدد الروايات المنشورة في إحدى المنصّات إلى 2600 رواية، فيما وصل عدد المشاهدات لبعض الروايات إلى 10 ملايين مشاهدة.
توصيات مُهمّةوأشار "تقرير حالة اللغة العربيّة ومُستقبلها" في توصياته إلى ضرورة رفع مستوى جودة المنتج العلمي العربي، وإنشاء مرصد للكتاب هدفة متابعة حركة النشر العربي، ومركز أبحاث لتعليم العربية وتعلّمها، وزيادة مستوى الاستثمار في المشاريع الخاصة باللغة العربية والتكنولوجيا، وإقرار ميثاق إعلامي عربي مشترك يعنى باللغة العربية في الإعلام، وإيجاد مؤسسة عربية علمية موحدة مرجعية توحد جهود الترجمة وتنسقها وتضبط المصطلحات المعرفية، وإقامة مرجعية دولية للغة العربية تعزز حضور اللغة والثقافة العربية في العوالم الجديدة، وتغيّر المقاربات المتبعة في تدريس لغة الضّاد في المدارس.
تجارب الحاضر وآفاق المستقبلوفي جانب آخر مُهم يعكس حرص دولة الإمارات على تعزيز بحوث حماية اللغة العربية، لقي تقرير "مناهج اللغة العربية في العالم العربي: تجارب الحاضر وآفاق المستقبل" الذي أطلقه مركز أبوظبي للغة العربية، اهتماماً واسعاً من قبل الحضور في مؤتمر اليونسكو، حيث يُقدّم التقرير دراسةً علمية مُعمّقة تتناول بالبحث والتحليل مناهج اللغة العربية في خمس دول عربية هي، الإمارات، مصر، السعودية، الأردن وتونس، وتبيّن خصائصها وتُسلّط الضوء على أبرز التحدّيات التي تواجهها.
وسلّط د.علي بن تميم رئيس المركز الضوء على التقرير الذي أنجزه ما يزيد على 25 باحثاً، واستعان بنماذج خبرة عالمية من ست دول هي: أستراليا، والصين، والولايات المتحدة الأمريكية، وسنغافورة، وجنوب إفريقيا، وإيرلندا. واستعرض التجارب التي رافقت جهود تطوير مناهج تعليم اللغة الأم في كل بلد من هذه البلدان، بما يتوافق مع نتائج البحوث العلمية واحتياجات المجتمعات التي تخدمها هذه المناهج.
تصميم مناهج جديدة، المرأة وأصحاب الهمموتوصّل تقرير مركز أبوظبي للغة العربية إلى توصيات يتمّ تقديمها للمسؤولين وأصحاب القرار دعماً لجهودهم بهدف تلبية التطلّعات المُستقبلية لتطوير مناهج تعليم العربية، وبناء إطار مرجعي لتصميم مناهج جديدة في اللغة العربية تواكب احتياجات القطاع التعليمي المتغيرة.
ومن بين أهم هذه التوصيات، الاستجابة الملحوظة لبعض مهارات القرن الحادي والعشرين والتي رصدت في مناهج بعض الدول وتتركز في التواصل والثقافة المعلوماتية والربط الناجح للمعرفة اللغوية بمواقف حياتية تستجيب لاهتمامات الطالب. والتركيز على المهارات الحياتية والاهتمام بأصحاب الهمم وإظهار التنوّع ومحاور تتناول قضايا المرأة.
تعاون مُشتركويُعتبر التقرير مُنطلقاً لمجموعة من المشروعات والكتب والدراسات التي تُغطّي جوانب أخرى من تدريس اللغة العربية، تشمل المعلّمين وأساليب القياس والتقويم والاستفادة من الثورة التقنية وتكنولوجيا الاتصالات والمعلومات في تعليم اللغة العربية.
وسينفّذ مركز أبوظبي للغة العربية هذه المشروعات ضمن برامجه بالتعاون مع شركائه من الهيئات التعليمية والتربوية في دولة الإمارات العربية المتحدة، لتعزيز مناهج تعليم اللغة العربية وأساليبها، وتقوية الصلات بين الجانبين النظري والتطبيقي.
التحدّيات والفرصوقد أظهرت نتائج البحث التي أوردها تقرير مركز أبوظبي للغة العربية، تراجع حضور العربيّة في الفضاء المكاني العام في بعض المناطق في العالم العربي من خلال وجود إعلانات وقوائم طعام وأسماء بعض المحال بلغات أجنبية دون أي حضور للعربية. وكذلك عدم الالتزام بترجمة المواصفات والمحتويات والأدلة الإرشادية للمنتجات المستوردة وخصوصاً التي تتضمن أدوية أو منتجات يمكن ان تكون ذات خطورة في حال عدم قدرة مشتريها على قراءة وفهم محتوياتها او طرق استخدامها.
كما نبّه التقرير إلى غياب القوانين الرادعة التي تُلزم المُجتمع بالاهتمام باستخدام اللغة العربية في الفضاء المكاني العام ما يقلل من حضورها ويسمح للغات الأخرى بالطغيان على حسابها. ولذلك فقد تمّ التأكيد على ضرورة الاعتناء بالفضاء المكاني العام، وأهمية أن تكون اللغة العربية حاضرة في هذا الفضاء المهم في الدول العربية كافة. كما أكّد التقرير على إثراء الفضاء المكاني بالخط العربي الأصيل وفنونهِ ونشرهِ في الإعلانات، واللافتات وعلى واجهات المؤسسات.
برامج شعريةوأشار تقرير "مناهج اللغة العربية.." إلى أنّ الفنون والثقافة تلعب دوراً كبيراً في تعزيز حضور اللغة العربية في الفضاء المكاني العام حيث أنّ غالبية المسرحيات و الأفلام والأغاني العربية تُؤدّى بلغة عربية في الحوار أو السرد. كما أن الشعر العربي ما زال يحظى بمكانة مرموقة في الفضاءات الثقافية، حيث تُنظم مسابقات ومهرجانات شعرية سنوية للاحتفاء بالشعراء والأدباء الذين يستخدمون اللغة العربية في إنتاجاتهم الأدبية مثل مسابقة شاعر المليون وأمير الشعراء التي تُقام في أبوظبي.
نقاشات وتوقعاتأسهم تقرير مركز أبوظبي للغة العربية في فتح النقاش بين مختلف الجهات، سواء كانت حكومية أو تعليمية أو إعلامية، حول سبل دعم اللغة العربية. وتُشير التوقعات المستقبلية إلى إمكانية تحقيق تقدّم ملموس على صعيد سُبل تطوير اللغة العربية وتعزيزها، خاصة في مجالات التكنولوجيا والتعليم.
كما وأسهم التقرير في رصد واقع اللغة العربية من خلال تحليل مُفصّل عن وضعها ومدى انتشارها وجودة استخدامها في مجالات مختلفة مثل التعليم، والإعلام، والتكنولوجيا والاقتصاد. ورصد التقرير التحدّيات التي تواجه اللغة مثل ضعف التعليم باللغة العربية وسيطرة اللغات الأجنبية في مجالات البحث العلمي والاقتصاد وكذلك التحديات المرتبطة بالتكنولوجيا الحديثة.
وأكد أهمية تطوير سياسات تدعم استخدام اللغة العربية في كافة القطاعات من حكومية وخاصة بالإضافة الى دمجها في المناهج الدراسية بصورة أكثر فعالية. والمحافظة على الهوية الثقافية من خلال التأكيد على اللغة العربية وأهميتها بصفتها ركيزة أساسية للهوية الوطنية والحافظة للتراث الثقافي والروحي للشعوب.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: عام على حرب غزة إيران وإسرائيل إسرائيل وحزب الله الانتخابات الأمريكية غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية د علي بن تميم اللغة العربي ة مركز أبوظبي للغة العربية الدكتور علي بن تميم اللغة العربية مركز أبوظبي للغة العربية مرکز أبوظبی للغة العربیة اللغة العربیة فی للغة العربیة فی باللغة العربیة دولة الإمارات ة فی الفضاء علی بن تمیم عربیة فی التی ت
إقرأ أيضاً:
ما جنى على العربية إلا أهلها
أم خالد: جدة
يطيب لي أن أتقدم بهذه الوريقة، مساهمة مني بالاحتفال باليوم العالمي للغة العربية، الذي يصادف الثامن عشر من ديسمبر.
اللغة العربية هي لغة القرآن الكريم لقوله تعالى (الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه لا من خلفه….) سورة فصلت، الآية 42. (إنه من رب العالمين، نزل به الروح الأمين على قلبك لتكون من المنذرين بلسان عربي مبين) الشعراء، الآية 192- 195, ويطيب لي أن أفخر وأعتز وأنا أتحدث في هذه الوريقة عن اللغة العربية، والتي أسميتها (ما جنى على العربية إلا أهلها).
فما أحلى وأحب إلى القلب المؤمن أن يفهم هذا المعنى، معنى القرآن الكريم ومقولة الثعالبي وهي (أحب الله رسوله -صلى الله عليه وسلم- ومن أحب رسوله العربي أحب العرب، ومن أحب العرب أحب العربية) (اللهم حبب إلينا حبك وحب نبيك، لذلك وجب علينا أن نعنى عناية فائقة بها، ويتطلب ذلك معالجة النقص في مرجعيتها العلمية).
وقد أكد الدكتور الباحث الأكاديمي عبد القادر الفارسي في شؤون اللسانيات، الحائز على جائزة الملك فيصل العالمية للغة العربية والآداب في تصريح له في صحيفة عكاظ أن نواقص اللغة العربية يعود إلى قصور متكلميها ومستخدميها معلناً أن تأهيلها تأهيلاً قوي يتطلب تأسيس معلميها تأسيساً صحيحاً وقوياً، حتى ينهض ويتقدم متكلموها بثقة راسخة، وذلك يتطلب جهداً كبيراً في إعداد مناهجها الإعداد الصحيح، وقد كانت مناهجها تجرب في معاهد إعداد المعلمين كمعهد التربية ببخت الرضا بالسودان، كما كانت المناهج تدرس في شكل معاينات ينتقد فيها مدرس المقرر نقداً موضوعياَ، ويخضع المقرر إلى التنقيح ليدرس بعد إجازته في المدارس التابعة لمعهد التربية ببخت الرضا.
وكنا من المحظوظين، من الذين درسوا المقررات الدراسية (خاصة اللغة العربية) في مرحلة التنقيح، قبل إجازة المقرر، وكان ذلك بحق خطوات ثابتة في إعداد المعلم، مما جعلها لغة عالمية لكثير من الشعوب، مما أكسبها مكانة سامية، مهما تعددت الحضارات، والتطور، والتقدم، والتكنلوجيا.
إن اللغة العربية هي أم اللغات بلا منازع بتفوقها على اللغات الأخرى لتميزها بالبيان والبلاغة، وقد ذكر سلطان بن مناع العمري إن اللغة العربية تحتل مكانة سامية في حياة الشعوب والمجتمعات فهي وسيلة للتواصل. كما ذكر الدكتور سلمان العائدي في محاضرة في نادي أبها الأدبي بجنوب المملكة العربية السعودية عن التحديات التي تواجه اللغة العربية من داخل الوطن العربي، حيث أصبح مفهوم اللغة عند كثير من الناس وظيفة للعيش.
وهكذا بالطبع جور على اللغة العربية واختزالها، وقال إن اللغة العربية هي الثقافة، بل هي الوعاء الحامل للثقافة، وذلك لأن الأمم التي تحترم لغتها، وتحافظ عليها وتحميها من اللغات الأخرى، بأن تكون لها السيطرة في المنابر والمنتديات، وقال إن الذين خذلوا العربية هم حملتها وكما ذكر المنصف المرزوقي (ما جنى على العربية إلا أهلها)، مما حدا بي أن أسمي هذا البحث بهذا الاسم (ما جنى على العربية إلا أهلها)، وإن اللغة العربية لشعب كأنه لا يستحقها، وإن كثيراَ من الشعوب لا تتنازل عن لغتها بهذا الكرم الحاتمي، إلا نحن ومصداقاً لقول المنصف، فإن كثيراً من الشعوب الذين يتحدثون العربية يدخلون بعض الكلمات من لغات أخرى، كأنما العربية خلت من المعاني والمترادفات، وذكر الدكتور الصديق عمر الصديق في ندوة بقاعة الشارقة بالخرطوم (إن المتحدث باللغة العربية في المنابر والمؤتمرات لا يحتاج إلى وسيط، فهي لغة كل مكان وزمان ليس بها لغة قديمة أو وسط أو حديثة).
وذكر العلامة البرفسور عبد الله الطيب أن اللغة الإنجليزية التي كتب لها الذيوع والانتشار، لا تستطيع أن تقرأ شعراً إنجليزيا من القرون السابقة في هذا العصر، إلا المختصين في هذا الشعر، بينما تستطيع أن تقرأ شعراً لامرئ القيس الذي عاش قبل الإسلام بسهولة ويسر، لذا لا يُخشى على اللغة العربية من الانتشار، وقال إن الاتحاد الأوروبي الذي لم يتخذ لغة واحدة، بل لكلِ لغته وبينهما الترجمة.
وإذا أردنا أن نذكر بعظمة اللغة العربية، نرفع شأنها وننفض الغبار عنها، ونعني بها ونحافظ عليها وأن يرتفع شأن مدرسيها ومتحدثيها في المنابر وإعداد معلميها ومقرراتها.
ومن العوائق التي تواجه اللغة العربية كثيرة منها – كما ذكرنا- غياب الرؤية والاستراتيجية للنهوض باللغة العربية للانشغال بالجزئيات وكذلك تيار العولمة التي لم تشكل اللغة العربية إلا جزءاً يسيراً، وكذلك من المؤسف عدم اهتمام أقسام اللغة العربية بالجامعات بها وعدم النهوض بها وتدريسها، ولا يعتني بأدب الأطفال وإثراء المكتبات التي تعتني بأدب الأطفال، وهنا أذكر مبادرات بن مكتوم في أدب الأطفال وتحفيزهم على القراءة، وقد أنشأ مسابقات كثيرة وحبب الأطفال في القراءة والتحصيل، وشهدنا كثيراً من أطفالنا الذين شاركوا في المسابقات، يتحدثون العربية بطلاقة، وبدأوا في الكتابة بالعربية – حسب سنهم ومستواهم التعليمي- وذلك مما حبب إليهم اللغة العربية حيث رسخت في أذهانهم.
واستوقفني مقال للكاتبة السعودية إيمان الوزير، وهي تربوية تقول (دعونا نقرأ، وقد آلمني ضعف اللغة العربية وانقلاب الحروف عند كثير من التلاميذ، فيجب العناية بمكتبة الأطفال، وقد أشرف الدمع على مستقبل العربية التي أهملناها، حيث أصبح الطفل يعرف (أبل) ولا يعرف تفاحة، لأن الطفل أصبح حبيس الإصدارات والمدارس الأجنبية التي أسهمت في ضمور اللغة العربية واضمحلالها، وهذا صوت يصيح هماً وخوفا وهلعاً على ناشئتنا يختزل الكثير من رصيدها. ويظهر ذلك في شخبطة التلاميذ على الجدران، حيث تمسخ هذه الشخبطة الحروف العربية.
نحن في السودان، لدينا حصة الخط العربي حوالي ساعة يتدرب فيها التلاميذ على كتابة الأحرف بالطريقة الصحيحة وكذلك حصة المكتبة، حيث يقرأ التلاميذ كتباً ثقافية وأدبية ودينية ويلخصونها، أتذكر ابن بنتي أحمد حيث يسمونه (حمودي اسم الدلع)، كان متعلقاً بي كثيراً، وكان يحب أن أقرأ له، فأقوم بحكاية أنسجها من الخيال كالأحاجي، مما جعله وهو في سن الرابعة عشر أن يؤلف كتاباً أسماه (حكايات لا أنساها)، ومما يشجع على القراءة خاصة العربية والمبادرات التي ترصد لها الجوائز للنشء، ويتبارون فيها كما أسلفنا (مبادرة راشد بن مكتوم)، والتي تعد الأكبر من نوعها في المنطقة العربية، وقد انطلق التحدي في عام 2015م، وتقام سنوياً كالبداية بقراءة 50 كتاباَ، وقد شارك كثيرٌ من أطفال عالمنا العربي، وقد كان نصيب أطفال السودان كبيراَ من حصد الجوائز.
وبالطبع هذا يعد حافزاَ وتشجيعاً على حب اللغة العربية. ولا يفوتني أن أذكر اثنينية عبد المقصود خوجة التي تقام كل يوم اثنين بداره بجدة – السعودية إزكاءَ لحب القراءة والاطلاع.
ومن حبي وامتناني للغة العربية، فقد طبعت رسالة الدكتوراه لزوجي المرحوم الدكتور أحمد التجاني عمر، حيث كانت بحق رسالة اعتز بها وافتخر بها، والتي نالها من جامعة الأزهر، وقال المناقشون اليوم لم تناقش رسالة، بل نحتفل بمولد عالم. وكانت بحق جديرة بذلك، وكانت تحت عنوان (التصوير الفني في الشعر العربي من العصر الجاهلي إلى الخامس الهجري)، وكانت قيمة وعشت معه أيامها حيث أجلس إليه لمساعدته بالكتابة، وأن يملي علي لأكتب، وهي عزيزة علي لعزة صاحبها، فطبعتها وتوزيعها على كثير من أصحابه وكذلك وزعت على بعض المكتبات الجامعية بالسودان (صدقة جارية).
وقد أردت أن استعرض بعض الأخطاء الشائعة في اللغة العربية، مما كتبه جهابذة وأساطين العربية وعرابيها ما آل إليه حال أم اللغات كما أسلفنا، فهي لغة القرآن الكريم الذي (لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه) سورة فصلت، الآية 42.
من الأخطاء الشائعة عند قارئي نشرات الأخبار في وسائل الإعلام أو من يعتلون المنابر، تلك الأخطاء الفظيعة التي تصيب السامع بالاشمئزاز، أو قل الغثيان، لا أدري هل هو جهل أم استهتار باللغة العربية؟؟ منها.
1- (وسًط) والتي يقرأونها وسْط: ألم يقرأوا الآية الكريمة (كذلك جعلناكم أمة وَسَطَاً لتكونوا شهداء على الناس، ويكون الرسول عليكم شهيداً..) سورة البقرة، الآية 143.2.
كلمة حاجة، والتي ينطقها السواد الأعظم في السودان (حوجة)، والصحيح (حاجة)، كما ورد في سورة يوسف، الآية 68, (وما يغني عنهم من الله شيئاً إلا حاجة في نفس يعقوب قضاها).
3- كذلك كلمة مسّودة والتي سّودوا عيشتها وتنطق مْسودة.
4-إن وهذه تلك التي لم نسمع في حياتنا من ينطقها صحيحة بعد القول وكثيرون ينطقونها بفتح الهمزة.
5- كلمة هوية بضم الهاء والتي أتت من كلمة (هو) والتي ينطقونها بفتح الهاء.
6- كلمة كمية التي تسود في السودان، حيث يقول القائل (كمية من الناس)، وهذا خطأ فادح، إذ كان من الصحيح استخدام (عدد من الناس، فيقال عندنا كمية من السكر، أو في مستودعي كمية من الحديد.
7- كلمة مرحلة وينطقها الكثير من الناس بكسر الحاء، فالصحيح نطقها بفتح الحاء.
8- العدة والعتاد، يقولون أعددنا العدة بكسر العين، فالصحيح أعددنا العدة بضم العين للقيام برحلة، أما العدة بكسر العين فللعدد.
9 استخدام الكاف للتشبيه، ويقول بعض الناس (نحن كأطباء) أو (نحن كسودانيين، لماذا التشبيه وأما كان ينبغي أن نقول (نحن سودانيين) ونعرفها بالألف واللام أو نحن الأطباء و(نحن مواطنون).
10- كلمة فيضان التي تنطق بالفتح وجمعها فيضانات بالسكون.
11- القُوى بضم القاف وليس القِوى بكسرها. (علمه شديد القُوى) سورة النجم، الآية رقم 5.12 في العدد يقال (الجهات الأربعة) يجب أن نقول (الجهات الأربع؛ لأن العدد يخالف المعدود في تمييز العدد من 3-9, (فخذ أربعة من الطير، فصرهن إليك) سورة البقرة، الآية 260.
فحب اللغة العربية يجري في دماء كل أسرتي ولله الحمد، بالرغم من التخصصات المختلفة، وأحببت الكتابة والقراءة منذ أن كنت طالبة، في المدرسة وكلية المعلمات، حيث كنا نشارك في الجمعيات الأدبية، التي نتحدث بها باللغة العربية الفصحى، مما هيأتني للكتابة منذ ذاك الزمان، فألفت كتابي الأول بعنوان.
التغذية، وكانت الطبعة الأولى ثلاث آلاف نسخة، طٌبع بالأردن ووزع بالمملكة العربية السعودية وغيرها من البلدان العربية وغير العربية مثل المملكة المتحدة، أما الطبعة الثانية، فكانت أربعة آلاف نسخة، وٌزعت بدولة قطر وغيرها من الدول والطبعة الثالثة فقد كانت، فقد كانت ألف نسخة طبعت في السودان، كما دُرس بكليات التربية بالمملكة العربية السعودية، وكذلك ألفت ديوان شعر بعنوان (أصداء)، الذي كانت قصائده باللغة الدارجة السودانية، إلا أن تعلقي باللغة العربية الفصحى جعلني، أحشر كثيراً من الكلمات الفصيحة.
إن اللغة العربية أينما حلت لها طعم خاص، حتى ولو أدخلت على اللهجة الدارجة، مما يجعلها حلوة كالوجبة التي أضيفت إليها البهارات الهندية.
اللغة العربية والناطقين بغيرها
فاللغة العربية كريمة ككرم أهلها، لم تنس الناطقين بغيرها، وقد أولت أولئك العناية، بأن أنشئت معاهد لتعليمهم، حيث أصبحت لغة عالمية تمثل ثقافة عربية وإسلامية وهي حية معاصرة تخدم شريحة كبيرة من المجتمعات الإنسانية، حيث أتاحت الفرصة للناطقين بغيرها تعلمها كتابة وتحدثاً بطلاقة، فكلما سمعت شخصاً أشقر عيونه خضر يتكلم في منبرها أعجبت به، وأحسست وأيقنت أن العربية لا يخشى عليها مهما توافرت الحضارات والتكنلوجيا.
أرجو من الإخوة السودانيين أن يبعدونا عن (حوجة) و (كمية من الناس).
الوسومأم خالد