صنفان بصلاحهما تصلح الأمة، وتصلح وتستقيم أحوالها، وتسعد وترتاح شعوبها، وتنهض وتتقدم وتتطور دولها، وتفسد لفسادهما وجورهما وقلة دينهما وجرأتهما على الله ورسوله وخلقه، إنهما الأمراء والعلماء، وسنقف اليوم مع الصنف الثاني وهم العلماء، من قال الله فيهم في كتابه الكريم : ( إنما يخشى الله من عباده العلماء ) وقال فيهم رسوله الأعظم سيدنا محمد – صلى الله عليه وآله وسلم : ( العلماء ورثة الأنبياء )، وهنا نخص بالحديث علماء الأمة العربية والإسلامية، علماء خير أمة أخرجت للناس، من يفترض بهم أن يكونوا ورثة للرسول الأعظم وامتدادا لرسالته السامية، ونهجه ومساره الإيماني الجهادي، الذي يرتكز على مبدأ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وأن يكونوا قادة يقتدى بهم في قول الحق ونصرة أهله، ونقد الباطل ومقارعة أهله، انطلاقا من المسؤولية الدينية المنوطة بهم، حيث يعول عليهم في جانب الوعي والبصيرة والإرشاد في أوساط المجتمع، وخصوصا عندما تتعرض للمدلهمات والخطوب .
ولكن واقع السواد الأعظم من علماء المسلمين يبعث على الحسرة والأسى، حيث تحوّل الكثير منهم إلى علماء للسلاطين والدواوين الملكية والأميرية، يعبدون المال ويقدسون الملوك والحكام والأمراء ويسبحون بحمدهم، بكل جرأة ووقاحة، دونما اكتراث لخطورة ذلك وتداعيات ذلك عليهم في الدنيا والآخرة، يتصدرون المشهد ويطلقون الفتاوى ويصدرون البيانات التي تتبنى وجهة نظر الملوك والحكام، بعد أن وظفوا الدين لمصلحتهم وفيما يعزز من سلطتهم ويشرعن لوجودهم ويحافظ على عروشهم، رغم كل الجور والفسق والجرم والفجور والارتداد الذي هم عليه، حيث تحوّل هؤلاء إلى مجرد أبواق للتطبيل لهم وتمجيدهم، وأدوات تشرعن لقراراتهم الخاطئة، وتصرفاتهم الرعناء، ومواقفهم المخزية والمذلة، وتوجهاتهم المشبوهة، التي تصب مجملها في مصلحة أعداء الإسلام والمسلمين .
ابتلع البعض ألسنتهم، ولزم البعض الآخر الصمت، والبقية الباقية من علماء الدفع المسبق تفننوا في الشرعنة لتطبيع بعض الدول العربية مع كيان العدو الصهيوني وفتح السفارات وتبادل العلاقات والدخول معه في معاهدات واتفاقيات وتبادل الزيارات وعمل تدريبات وتحالفات عسكرية ومناورات، دويلة الإمارات فتحت المعابد الوثنية وجاهرت باليهودة والتصهين، والسعودية فتحت المراقص والملاهي ودور السينما والبارات، وأباحت الشذوذ والمنكرات، وفتحت الباب على مصراعيه أمام اليهود والصهاينة لتدنيس المسجد الحرام والمسجد النبوي بكل جرأة ووقاحة، وهلم جرا من السلوكيات والممارسات الرعناء التي لم نسمع أي مواقف منددة ومستنكرة لها من قبل هؤلاء العلماء.
والمفارقة العجيبة أنه خلال أحداث ما سمي بالربيع العربي وما تعرضت له سوريا من مؤامرة وحرب عالمية قذرة وعدوان سافر من قبل بعض الجماعات التكفيرية بدعم وإسناد عربي وإقليمي ودولي ؛ أطلق علماء الدفع المسبق العنان لفتاويهم وبياناتهم التي شرعنت للعدوان على سوريا تحت يافطة ( الجهاد ) ضد الجمهورية العربية السورية، وتسابقوا على التحريض ضد سوريا وقيادتها وسخروا كل طاقاتهم وإمكانياتهم لذلك، والأمر ذاته عندما يتعلق الأمر بالتباينات والخلافات التي تحصل داخل أو بين الدول العربية، نزولا عند رغبة الحكام وتنفيذا لتوجيهاتهم، ولكن عندما تعلق الأمر بالمجازر والمذابح والجرائم الصهيونية بحق نساء وأطفال وأبناء غزة وجنوب لبنان، والتواطؤ المصري الأردني في العدوان والحصار على غزة، والخذلان العربي والإسلامي لغزة ولبنان، لم تصدر منهم أي فتاوى أو بيانات تدعو للجهاد ضد العدو الصهيوني، وتندد بالمجازر والمذابح التي يرتكبها يوميا في فلسطين ولبنان .
والمحزن جدا أن البعض من هؤلاء ( العلماء ) لم يلزموا الصمت فحسب تجاه جرائم الإبادة الجماعية التي يرتكبها الصهاينة، بل ذهبوا لمناصرتهم وتبرير جرائم الإبادة التي يرتكبونها في حق النساء والأطفال على مرأى ومسمع العالم، ووصلت بهم الخسة والنذالة إلى الحد الذي دفعهم لإظهار مظاهر الفرح والسرور والتشفي بإستشهاد قادة المقاومة الإسلامية الفلسطينية واللبنانية، ووصل السقوط ببعضهم إلى حد السجود شكرا لله على ذلك، وتوزيع الحلويات، مع مواصلتهم الطعن في ظهر المقاومة، وتكييف المجازر والمذابح التي يرتكبها كيان العدو الصهيوني على أنها تندرج في سياق ما أسموه ( الدفاع عن النفس ) و( الحق المشروع ) وغير ذلك من العناوين السخيفة والساقطة و التي لم نسمع بعضها حتى من حاخامات اليهود الصهاينة أنفسهم.
ووالله إنه لخذلان إلهي لهؤلاء الأدعياء من ( علماء الدفع المسبق ) الذين باعوا دينهم بدنياهم، وباعوا أنفسهم للطواغيت والهلافيت من أجل المناصب والمكاسب المادية، وسيأتي أطفال ونساء غزة ولبنان يوم القيامة وهم ممسكون برقابهم لأنهم بمواقفهم المخزية هذه شركاء في كل المجازر والمذابح وجرائم الإبادة التي يرتكبها العدو الصهيوني، ولا عذر لهم أمام الله، بعد أن خذلوا غزة ولبنان، ولم يقوموا بواجب النصرة والعون لهم، بل ذهب الكثير منهم للتآمر عليهم والتحريض ضدهم والوقوف في صف الصهيوني والأمريكي بكل جرأة ووقاحة وقلة حياء.
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
وزير الخارجية يوجه رسائل دولية بشأن استئناف حظر الملاحة ضد العدو الصهيوني
يمانيون../
أكد وزير الخارجية والمغتربين، جمال عامر، أن استئناف اليمن لحظر الملاحة البحرية يستهدف حصراً الكيان الصهيوني، وذلك رداً على استمرار عدوانه وحصاره لقطاع غزة.
جاء ذلك في رسائل رسمية وجهها عامر إلى رئيس وأعضاء مجلس الأمن، ورئيس الجمعية العامة، والأمناء العامين لمنظمتي الأمم المتحدة والتعاون الإسلامي، والجامعة العربية، ومجلس التعاون لدول الخليج العربية، إضافة إلى الممثل الخاص للشؤون الخارجية والسياسات الأمنية بالاتحاد الأوروبي وكافة الدول الأعضاء في الأمم المتحدة.
وأوضح وزير الخارجية أن القرار جاء بعد تنصل العدو الصهيوني من تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار الموقع مع حركة حماس، وقيامه بإيقاف إدخال المساعدات الإنسانية وإغلاق المعابر مع قطاع غزة. وأشار إلى أن قائد الثورة، السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي، كان قد منح الوسطاء مهلة مدتها أربعة أيام، اعتباراً من 7 مارس 2025، للضغط على العدو الصهيوني لفتح معابر غزة وإدخال المساعدات، وإلا فسيتم استئناف عمليات الحظر البحري ضده.
وأضاف أنه وبسبب تعنت العدو وعدم تحقيق أي تقدم في المفاوضات التي تجري في الدوحة، بدأ الحظر الفعلي اعتباراً من مساء 11 مارس 2025، حيث شرعت القوات المسلحة اليمنية في استهداف السفن الصهيونية التي تحاول العبور في منطقة العمليات المحددة، والتي تشمل البحر الأحمر، وبحر العرب، ومضيق باب المندب، وخليج عدن. وأكد أن هذا الإجراء سيظل قائماً حتى يتم إعادة فتح المعابر مع قطاع غزة، والسماح بإدخال المساعدات الإنسانية، بما يشمل الغذاء والإمدادات الطبية.
وشدد عامر على أن السفن المستهدفة هي السفن الإسرائيلية فقط، مؤكداً أن هذه الخطوة هي الأولى، وأن جميع الخيارات مطروحة في حال استمرار العدو في فرض الحصار على الشعب الفلسطيني وتجويعه.