مع اقتراب موعد التصويت في الانتخابات الرئاسية الأمريكية، حيث لم يبقى على انطلاقها سوى بضع ساعات، تُثار تساؤلات عن المرشح الذي سيصوت له العرب والمسلمين في أمريكا خاصة أنهم يختلفون في عدة قضايا مع المرشحين الرئيسيين دونالد ترامب وكاملا هاريس.

فكلا المرشحين دونالد ترامب وكاملا هاريس أغضبا الجالية المسلمة والعربية عدة مرات، فالأول كثيرا ما يهاجم المهاجرين ومنهم المسلمين ويُظهر تطرفا ضد الأقليات، بالمقابل المرشحة الديمقراطية كانت نائبة الرئيس الأمريكي جو بايدن الذي يتهمه المسلمون بدعمه حرب الإبادة الإسرائيلية في غزة.



وسعى المرشحين إلى مغازلة العرب والمسلمين في أمريكا بغية نيل أصواتهم الانتخابية، فنعم نسبة المسلمين هي 1 في المائة فقط (3 مليون و300 ألف)، إلا أن كتلتهم الانتخابية تتركز في الولايات المتأرجحة، والتي عادة ما تحسم الفارق في النتائج، وخلال سعيهما هذا زارا أهم ولاية في الولايات المتأرجحة وهي ميشيغان، والتي لها دور كبير في إفراز الرئيس القادم، فوفقا للنظام الانتخابي الأمريكي فإن ميشيغان لها 15 مقعداً في المجمع الانتخابي.

وعلى الرغم من أن عدد من يحق لهم التصويت من المسلمين في هذه الولاية نسبة إلى عدد الناخبين في عموم الولايات يُعتبر ضئيل، إلا أنه قد يؤثر بشكل كبير على نتيجة الانتخابات، فمثلا في انتخابات 2016 فاز دونالد ترامب في هذه الولاية بفارق عشرة آلاف صوت تقريبا عن هيلاري كلينتون، ولكنه خسر فيها أمام بايدن بفارق 100 ألف صوت تقريبا في انتخابات عام 2020.

وخلال حملتها زارت كاملا هاريس ولاية ميشيغان والتقت قيادات إسلامية وعربية في بداية تشرين أول/أكتوبر، ووفقا لأحد مسؤولي حملتها الانتخابية فإنها أعربت عن قلقها من حجم المعاناة في قطاع غزة والخسائر في صفوف المدنيين والنزوح في لبنان، كما ناقشت الجهود المبذولة لإنهاء الحرب والحيلولة دون نشوب حرب أوسع نطاقا في المنطقة.

بالمقابل قام منافسها دونالد ترامب بزيارة دعائية خلال حملته الانتخابية إلى في مدينة ديربورن ذات الكثافة العربية والتي تتبع لولاية ميشيغان، لمغازلة الأصوات المسلمة وذوي الأصول العربية هناك والذين أصبحوا أغلبية في المدينة. 



أصوات المسلمين متأرجحة
وبشكل عام يتفق غالبية العرب والمسلمين مع الجمهوريين في القضايا المتعلقة بالأسرة ومنها معارضة الاجهاض والقضايا الجنسية كالمثلية وغيرها، ويختلفون معهم في قضايا حقوق الأقليات ودعم الاحتلال الإسرائيلي.

بالمقابل يختلفون مع الديمقراطيين في القضايا التي يتفقون عليها مع الجمهوريين، ويتفقون مع بعضا من اليسار الديمقراطي المعارض لحرب الإبادة الإسرائيلية على غزة، ولكن مع تأييد بايدن لهذه الحرب أصبح المسلمين يعارضون ويختلفون مع الكثير من الديمقراطيين الداعمين للاحتلال الإسرائيلي وعلى رأسهم مرشحة الرئاسة كاملا هاريس.

ولكن مع اقتراب ساعة الحسم الرئاسي وفي ظل تباين موقف المسلمين من الحزبين في قضايا عدة سواء في التأييد أو الاختلاف، ومع وجود تأثير كبير لهم في هذه الانتخابات، هل صوتهم الانتخابي مُوحد ولمن سيمنحونه؟

خالد الترعاني المختص بالشأن الأمريكي وهو من مسلمي أمريكا أيضا، قال، إن الجالية المسلمة تقريبا هي لم تحسم أمرها لمن ستصوت، ولكن مثلا عموم المؤسسات العربية والإسلامية في ولاية ميشيغان قررت أنها لن تمنح صوتها لهاريس ولا لترامب.

وأوضح أن مسلمي أمريكا عموما صوتهم ليس بالضرورة أنه موحد ولكن هناك توجهات عامة داخل الجالية، على سبيل المثال في انتخابات 2020 صوت 80 في المائة من العرب والمسلمين في ولاية ميشيغان لجو بايدن.

وتابع الترعاني في حديث خاص لـ "عربي"، أيضا معظم العرب والمسلمين في باقي الولايات صوتوا لجو بايدن، وذلك بسبب أن المرشح المنافس كان دونالد ترامب، ومعلوم أن بايدن فاز بفارق 150 ألف صوت كان حوالي 100 ألف منها في هذه الولاية.

وأضاف، بالمقابل في انتخابات 2016 لم يصوت عدد كبير من المسلمين والعرب للمرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون لأنها كان عندها نوع من الأنا المتضخمة وكانت لا تحترم الناخبين، حيث خسرت مثلا في ميشيغان وكان الفرق بينها وبين ترامب 11 ألف صوت، وبالتالي بشكل عام لا يوجد توحد انتخابي تام داخل الجالية المسلمة ولكن هناك توجهات عامة.

وأوضح الترعاني، الجالية المسلمة بشكل عام قلقة ودائما ما تتأرجح بين مرشحي الحزبين الرئيسيين، فمثلا في انتخابات عام 2000 منح العرب والمسلمين صوتهم لجورج بوش الأبن، لأن منافسه آل غور رفض التعامل مع قضية الأدلة السرية في المحاكم ضد العرب والمسلمين، بالمقابل وعد الأول بالتعامل معها.

وأكمل، بالتالي أيديولوجيا الجالية المسلمة لا تسير دائما مع حزب واحد سواء الجمهوري أو الديمقراطي، وإنما تسير وفقا لمصالحها، وبحسب نتائج استطلاعات. الرأي التي أجراها مجلس العلاقات الإسلامية الأمريكية (كير) فإن 29 في المائة من مسلمي ولاية ميشيغان وهي ولاية مهمة ومتأرجحة سيصوتون لكاملا هاريس، مقابل 29 في المائة قالوا أنهم سيصوتون لجيل ستاين مرشحة حزب الخُضر.

ويواصل الترعاني حديثه بالقول، بالتالي وفقا لهذا الاستطلاع انخفضت نسبة تصويت المسلمين والعرب لصالح كاملا هاريس من 80 في المائة إلى 29 في المائة، أي أنها خسرت 50 نقطة بين العرب والمسلمين وهم صوتهم قوي ومهم وعددهم كبير.

وأكد أن نتيجة هذا الاستطلاع تدل على  أنه لا إجماع داخل الجالية حول مرشح واحد، فبعد حصول المرشحتين هاريس وستاين على 29 في المائة لكل واحدة مهن، سيتبقى 42 في المائة من الأصوات غالبا ستذهب لدونالد ترامب.

وحول ما إذا كان هناك توافق ما بين المسلمين العرب والمسلمين غير العرب قال الترعاني، اعتقد أن هناك توافق بينهم إلى حد ما كبير ، فعلى سبيل المثال، قضية غزة الان هي القضية الأهم بالنسبة لهم، ودليل ذلك حصول حزب الخُضر على نسبة 29 في المائة، وهو في العادة لا تصل نسبة التصويت لهم إلى 5 في المائة، لكن قد تجد هناك اختلاف بين العرب المسلمين والعرب غير المسلمين، حيث يصوت كثير من العرب المسيحيين للحزب الجمهوري.



جاليات مسلمة مشتتة
ومع عدم وضوح توجهات الجالية المسلمة الانتخابية، ورفضها لبعض قرارات وتصرفات الحزبين، يقف المسلمون حائرين أمام مفترق طرق وخيارين كلاهما سيء بالنسبة لهم.

فهم الان إما أن يختاروا مرشحة كانت نائبة رئيس دعم بشكل قوي الحرب الإسرائيلية على غزة، وحتى هي نفسها دعمت بشكل كبير الاحتلال الإسرائيلي وأعلنت ذلك أكثر من مرة دون مواربة أو خجل.

وإما أن يختاروا مرشحاً يكرس كل جهده لمحاربة الهجرة وعدم دعم حقوق الأقليات ومنها المسلمة، وحتى فيما يخص قضايا الشرق الأوسط المنطقة التي ينحدر منها كثير من مسلمي أمريكا، فإن ترامب لا يقل سوءً عن هاريس، فقد أيد ضم الجولان المحتل لإسرائيل كما دافع عن الاحتلال في حرب غزة بحجة حق إسرائيل بالدفاع عن نفسها، كذلك دعم أنظمة ديكتاتورية في المنطقة.

خالد صفوري، رئيس مؤسسة المصلحة الوطنية في واشنطن، قال لاشك أن خيارات المسلمين في الولايات المتحدة صعبة، فمن جهة ترامب يدعم نتنياهو ويعده بالدعم غير المحدود لو وصل للرئاسة، ومن جهة أخرى بايدن أعط كل أنواع الأسلحة لإسرائيل وبدون شروط في مخالفة واضحة للقوانين الأمريكية وقوانين جرائم الحرب.

ولكن صفوري يرى أن "المشكلة الرئيسية هي أن الجاليات المسلمة والعربية مشتتة، فعلى سبيل المثال الجالية السورية تدعم ترامب لاعتقادها أنه سيكون معادي لإيران، في حين ان الجالية المسلمة السوداء تدعم كاملا هارس بسبب ارتباط السود بشكل عام بالحزب الديمقراطي.

وأوضح صفوري خلال حديثه لـ "عربي21"، أن الموقف الرسمي لمعظم الجمعيات الإسلامية هو عدم التصويت لترامب أو لهاريس، وبدلا من ذلك فإن القيادات الإسلامية طلبت من الجالية التصويت لمرشح ثالث مثل جيل ستاين او بروفيسور كورنيل ويست كتصويت احتجاجي.

وحول الوزن الانتخابي للجالية المسلمة ومدى أهميته قال، الوزن الانتخابي للجالية مهم حيث أن عدد كبير من أبنائها يقيمون في الولايات المتأرجحة مثل ميشيغان حيث نسبة أصوات المسلمين فيها حوالي ٥ في المائة، وولاية بنسلفانيا ونسبة أصواتهم فيها حوالي ٣ في المائة وولاية ويسكونسن و اريزونا وجورجيا من ١ إلى ٢ بالمائة، وهذه أرقام مهمة في انتخابات متقاربة جدا.



عدم التصويت قرار سيئ
وفي ظل دعوة القيادات الإسلامية الناخبين المسلمين لعدم التصويت لترامب أو لهاريس، وإنما التصويت لمرشحين أخرين، فكيف ستكون نتيجة عدم مشاركة الناخب الأمريكي المسلم وتأثيرها على وضع المسلمين السياسي؟ 

الكاتب والمختص بالشأن الأمريكي، أسامة أبو أرشيد، اعتبر "أن عدم تصويت المسلمين في الانتخابات الأمريكية أمر سيء، حيث سيؤثر ذلك على فعالياتهم السياسية وعلى قدرتهم على التأثير مستقبلا وقدرتهم على بناء كتلة حرجة أو إثبات أن هناك كتلة حرجة ومؤثرة خصوصا إذا ما كانت الانتخابات متقاربة، ولذلك لم تدعوا أيا من المؤسسات المُعتبرة والقيادات الأمريكية المسلمة الوازنة إلى مقاطعة التصويت.

وتابع أبو ارشيد في حديث خاص لـ "عربي21" ، لكن هناك خلاف على وجهة التصويت الرئاسي، فهناك من يدعو للتصويت لمرشح ثالث مثل جين ستاين من حزب الخُضر، أو التصويت لكاملا هاريس على أساس أنها أهون الشرين وأقل الضررين مقارنة بترامب، لأننا نتحدث عمليا عن مرشحين فقط لهما فرص حقيقية، وهما هاريس وترامب.

وأوضح أنه بالمقابل هناك أقلية دعت إلى أن يكون التصويت سواءً بشكل احتجاجي أو بناءً على قناعة لدونالد لترامب، ولكن تبقى هذه الفئة أقلية وغالبية المسلمين يرون أن هذه الفئة تُخطئ في تقدير الموقف بغض النظر ما إذا كان التصويت احتجاجيا وتعبير عن عدم الرضا والاستياء من كاملا هاريس بسبب عدم اعطاءها الاعتبار للصوت العربي والمسلم والتي تحتاجه وفقا لاستطلاعات الرأي، أو أنهم ينطلقون من قناعة خاصة فيما يتعلق بمسألة القيم العائلية والمحافظة، لأننا نعلم بأن ترامب لا يملك قيماً حقيقية.

وخلص أبو ارشيد بالقول، لكن غالبية الجالية المسلمة يتفقون على أمر واحد وهو التصويت في الانتخابات، بغض النظر لمن يصوتون من المرشحين للرئاسة باستثناء دونالد ترامب مرة أخرى، لكن يصوتون في الانتخابات المحلية وانتخابات الكونغرس، بمعنى أن يكون هناك تصويت في أسفل البطاقة الانتخابية إن لم يكن في أعلاها للذين يختارون المقاطعة مع أنه نحن ضد المقاطعة على المستوى الرئاسي.

يُذكر أن النائبة المسلمة الأشهر في الكونغرس الأمريكي رشيدة طليب امتنعت خلال تجمع نقابي في ميشيغان، عن تأييد مرشحة حزبها الديمقراطي كاملا هاريس، ودعت الحاضرين للتصويت، ولكنها ركزت على التصويت في الانتخابات المحلية والكونغرس التي تجرى بالتزامن مع انتخابات الرئاسة.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات حقوق وحريات سياسة دولية ترامب هاريس الجالية المسلمة الإنتخابات الأمريكية الجالية المسلمة ترامب هاريس المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الجالیة المسلمة العرب والمسلمین ولایة میشیغان فی الانتخابات والمسلمین فی دونالد ترامب کاملا هاریس فی انتخابات المسلمین فی فی الولایات فی المائة فی هذه

إقرأ أيضاً:

حاخام متطرف يدعو لإشعال الحروب بين المسلمين.. ترامب قد يكون المسيح المخلص

شن حاخام متطرف هجوما على الإسلام والنبي محمد صلى الله عليه وسلم، ودعا إلى القضاء على المسلمين بالاستناد إلى نصوص توراتية.

وقال الحاخام المتطرف، زمير كوهين، إنه وفقا للتوراة في سفر الخروج: "واجعل المصريين يحاربون المصريين"، مشددا على أن ذلك إشارة لإشعال الصراع بين المسلمين لينشغلوا بحرب بينهم ويقضوا على بعضهم البعض.

وقال كوهين: "قبل ظهور المسيح الدجال سينقسم العالم لكتلتين، كتلة العرب أبناء إسماعيل وكتلة الأدوميين وهم المسيحيين، وفي البداية سيحارب المسلمون إسرائيل، ويطالبون بالقدس، ثم يتصارعون فيما بينهم ويحاربون بعضهم البعض، بسبب الخلافات المذهبية".

وأضاف: "نرى اليوم العالم الإسلامي يزداد طرفا وتشددا، ليستعيدوا عصرهم القديم الذين كانوا فيه في عهد نبيهم محمد ويقطعون الرؤوس، فكانت مشاهد تبدوا جنونية، متسائلا كيف يعودون في عصرنا، لهذه الممارسات"؟.



وتابع الحاخام المتطرف أنهم "أقاموا دولة تسعى لاحتلال جميع الدول الاسلامية أسموها تنظيم الدولة الإسلامية ومن رحمة الرب أن جعلهم يتصارعون فيما بينهم وهكذا نعيش نحن في إسرائيل آمنين، أو كما ورد في كتاب التوراة وأجعل المصريين يحاربون المصريين".

وأشار إلى أنه: "وفقا للنبوءات فإنهم سيتحدون ويصبحون كتلة واحدة لكن سيأتي يوم ويظهر زعيم مسيحي يوحد المسيحيين حوله ويقول لم نعد نحتمل الإسلام".

وقال إنه "صحيح أننا لا يمكننا الجزم بيقين أن الرئيس ترامب هو الزعيم المسيحي المخلص، لكن أسلوبه الهجومي اللاذع وعدم خوفه من أحد علامات تؤكد أن خطوات النبوءة التاريخية في طريقها للتحقق".

مقالات مشابهة

  • أكثر من 44 ألف شهيد في اليوم الـ412 لحرب الإبادة الإسرائيلية على غزة
  • مرشح ترامب للقضاء دفع مالاً لنساء مقابل علاقة .. وثيقة تكشف
  • تقرير للشرطة الأمريكية يكشف تفاصيل جديدة حول اتهامات الاعتداء ضد مرشح ترامب للدفاع
  • بيت هيغسيث مذيع أميركي مرشح لمنصب وزير الدفاع
  • وزير الثقافة الأسبق: الإعلام الأمريكي كان منحازًا لـ"هاريس" ضد "ترامب"
  • العرب بانتظار ترامب الثاني
  • حاخام متطرف يدعو لإشعال الحروب بين المسلمين.. ترامب قد يكون المسيح المخلص
  • حملة هاريس تواجه أزمة مالية بعد خسارة الانتخابات
  • مستشار سابق لبوتين: قرار أمريكا الأخير يدفع لحرب نووية قريبة
  • هاريس خسرت رغم دعم النجوم.. غارديان: هل انتهى عصر تأييد المشاهير؟