"د. مصطفى رفعت: السنة التأسيسية خطوة نحو فرص تعليمية متكافئة ومستقبل أكاديمي مرن للطلاب"
تاريخ النشر: 5th, November 2024 GMT
في ظل التغيرات المتسارعة التي يشهدها قطاع التعليم العالي بمصر وسعي الدولة المستمر لفتح آفاق جديدة للطلاب، برزت السنة التأسيسية كأحد المسارات الحديثة التي تستهدف تيسير الوصول إلى التعليم الجامعي وتوفير فرص متنوعة للطلاب. وبما أن هناك العديد من التساؤلات حول ماهية السنة التأسيسية وأهدافها ودورها في النظام التعليمي، أجرينا حوارًا مع الدكتور مصطفى رفعت، أمين المجلس الأعلى للجامعات، الذي سلط الضوء على هذا المسار ودوره في تحسين منظومة التعليم العالي في مصر، بما يتماشى مع التطورات العالمية في هذا المجال.
أكد الدكتور رفعت في حديثه على أن السنة التأسيسية، المعروفة دوليًا باسم Foundation Year، ليست بديلًا عن الثانوية العامة، بل مكملة لها، إذ تهدف إلى توفير مرونة أكبر للطلاب من خلال تهيئتهم للتخصصات الجامعية التي يرغبون في الالتحاق بها، خاصة في ظل تنوع أنماط التعليم العالي بين الجامعات الحكومية، والخاصة، والأهلية، والدولية.
كما تناول الحوار اهتمام الدولة بتوسيع قاعدة التعليم الجامعي لاستيعاب العدد المتزايد من الطلاب الوافدين، وتحقيق مكانة مصر كمركز إقليمي للتعليم العالي، بما يعزز القوى الناعمة للدولة.
في لقاء خاص مع،لموقع الفجر كشف لنا امين المجلس الأعل للجامعا عن رؤيته وخططه حول "السنة التأسيسية" (Foundation Year) التي تعد خطوة جديدة تهدف إلى تمكين عدد أكبر من الطلاب من الالتحاق بالتعليم العالي داخل مصر.
ناقش الدكتور رفعت معنا كيف نشأت هذه الفكرة، وما هي الفوائد والمزايا التي تقدمها، وما يتطلبه تنفيذها من إجراءات لتحقيق أهداف التعليم العالي في مصر.
س: دكتور مصطفى، لماذا فكرتم في تطبيق السنة التأسيسية في مصر، وكيف يمكن أن تساعد في تطوير التعليم العالي لدينا؟الحقيقة أن السنة التأسيسية ليست فكرة جديدة، فهي موجودة بالفعل في كثير من دول العالم تحت مسميات متعددة مثل "Foundation Year" أو "Preparatory Year"، وهذا النظام له أهمية كبيرة في إتاحة فرص متعددة أمام الطلاب للوصول إلى التعليم العالي. الهدف من هذا المسار هو توفير بوابة جديدة تلائم الطلاب الذين لم يتمكنوا من تحقيق المجموع المطلوب أو يحتاجون إلى تأهيل أكاديمي قبل الالتحاق بالتخصصات الجامعية.
على سبيل المثال، في المملكة المتحدة، يعتمد نظام القبول على "UCAS" أو "Unified College Admission System"، وهو نظام يسمح بالالتحاق بالتعليم العالي من خلال شهادات متعددة، وليس فقط على أساس شهادة "GCSE" أو الثانوية العامة. هذا يتيح للطلاب فرصًا أكبر للتعليم الجامعي، ويعطي النظام مرونة في التقييم، حيث أن لكل شهادة وزن مختلف يتيح التقدم للجامعة على أساسها. بالتالي، فإن السنة التأسيسية تهدف إلى فتح مسارات بديلة تساعد في استقطاب عدد أكبر من الطلاب، سواء من داخل مصر أو من الطلاب الوافدين.
س: البعض قد يعتقد أن السنة التأسيسية تهدف فقط لزيادة عدد الطلاب المقبولين في الكليات الطبية تحديدًا. كيف ترد على هذا الطرح؟أود التأكيد هنا أن السنة التأسيسية ليست وسيلة لزيادة أعداد الطلاب في كليات معينة، وبالتحديد الكليات الطبية، فالأمر أبعد من ذلك. الفكرة الرئيسية وراء هذه الخطوة هي أن التعليم العالي شهد تغييرات هائلة على مدى العقود الأخيرة، وهناك توجه عالمي نحو إتاحة التعليم العالي لمختلف شرائح الطلاب.
عند النظر إلى تاريخ التعليم العالي في مصر، نجد أن عدد الجامعات زاد بشكل ملحوظ خلال المائة عام الماضية؛ ففي عام 1920 كانت لدينا أربع جامعات فقط، أما الآن فنحن نتحدث عن 115 مؤسسة تعليمية تمنح درجات البكالوريوس والليسانس. هذا التطور لم يحدث من فراغ، بل هو نابع من حاجة حقيقية لدعم قدرة أوسع من الطلاب على الالتحاق بالتعليم العالي. كما أن تعدد أنماط الجامعات اليوم، كوجود الجامعات الخاصة والأهلية والجامعات الدولية، يعكس توسعًا يتطلب توفير مزيد من المرونة.
من هنا، تأتي السنة التأسيسية كمبادرة تهدف لدعم الطلاب الذين قد يكونوا بحاجة إلى وقت إضافي أو تأهيل معين للاندماج بشكل أفضل في بيئة الجامعة، مما يسهم أيضًا في توسيع قاعدة التعليم العالي في مصر وجذب الطلاب الوافدين.
س: كيف سيكون دور الجامعات الحكومية في تطبيق السنة التأسيسية؟ وهل سيتم توحيد المناهج؟نعم، الجامعات الحكومية ستقوم بدور رئيسي في تطبيق السنة التأسيسية، حيث ستتولى كليات العلوم وكليات الآداب مسؤولية تدريس المناهج. كما سيقوم المجلس الأعلى للجامعات بتشكيل لجان مختصة لتنظيم آلية تسجيل الطلاب، وتقييم وقياس الأداء بطريقة موحدة تضمن العدالة في التقييم. سيتم إبلاغ الجامعات الخاصة والأهلية بنتائج الطلاب الذين أكملوا السنة التأسيسية حتى يتم تنسيقهم وفقًا لمعدلاتهم.
اللجان الأكاديمية المشكّلة ستعمل أيضًا على دراسة محتوى المواد الأكاديمية وتحديثها بصفة مستمرة، لأن الاحتياجات التعليمية تتغير من عام لآخر. على سبيل المثال، قد يتم إنشاء بنك أسئلة مركزي أو تنظيم امتحانات موحدة لجميع الطلاب، لضمان الجودة والاستدامة في هذا النظام.
س:هل سيكون هناك توزيع إقليمي للتدريس في السنة التأسيسية؟نعم، نعمل على تنظيم عملية التدريس بشكل يضمن وصول الطلاب إلى المراكز التعليمية بسهولة. الفكرة الأساسية هي توفير مراكز للسنة التأسيسية على مستوى مختلف الأقاليم في مصر، بحيث يتم توزيع الطلاب بناءً على الكثافة السكانية واحتياجات كل محافظة.
في حال كانت الأعداد كبيرة في إحدى المناطق، سيتم تخصيص أكثر من جامعة حكومية لتقديم هذه السنة التأسيسية، وهذا يعتمد على دراسات تخطيطية سيتم تنفيذها قريبًا. نحن حريصون على أن تكون هذه السنة خطوة مريحة للطلاب، وتتيح لهم الوصول إلى مقارّ التعليم بكل سهولة ويسر.
س: بخصوص تكلفة السنة التأسيسية، هل سيتم تحميل الطلاب مصاريف إضافية؟بخصوص التكاليف، ستعتمد السنة التأسيسية على تكاليف فعلية فقط تتعلق باستخدام المنشآت، وأعضاء هيئة التدريس، والنظم الأكاديمية المستخدمة. تكلفة هذه السنة ستكون أقل بكثير من تكلفة سنة دراسية في الجامعات الخاصة أو الأهلية، لأنها لا تستهدف الربح، بل تهدف إلى تقديم خدمة تعليمية بتكاليف معقولة للطلاب.
المصاريف التي سيدفعها الطلاب في السنة التأسيسية ستكون أقل من مصاريف السنة الأولى في أي جامعة خاصة أو أهلية، ما يعني أن الهدف الرئيسي هو توفير فرصة للطلاب للحصول على التأهيل الأكاديمي المناسب دون تكاليف باهظة.
س: هل تتطلب السنة التأسيسية من الطلاب تحقيق درجات معينة للقبول، أم سيكون هناك اختبارات قبل الالتحاق؟السنة التأسيسية تعتمد بشكل رئيسي على مجموع الطالب في الثانوية العامة، حيث يُتاح التقديم للطلاب الحاصلين على مجموع يقل بمعدل 5% عن الحد الأدنى للقبول بالكليات الخاصة والأهلية. مجلس الوزراء قام بتحديد هذا النسبة على أساس مقترحات من وزير التعليم العالي. لن يكون هناك اختبارات قبول إضافية؛ فالنسبة المحددة تعطي فرصة للطلاب الذين لم يتمكنوا من تحقيق المعدلات المطلوبة في الثانوية العامة لاستكمال دراستهم في تخصصاتهم المرغوبة.
س: هل يشمل هذا النظام طلاب الثانوية العامة فقط، أم يمكن لطلاب الشهادات المعادلة العربية والدولية التقديم؟نعم، هذا النظام يشمل جميع الطلاب، سواء كانوا من طلاب الثانوية العامة المصرية أو من طلاب الشهادات المعادلة العربية والدولية. أي طالب يرغب في الالتحاق بالتعليم العالي يمكنه التسجيل في السنة التأسيسية إذا كان يستوفي الشروط المطلوبة.
س: ماذا يحدث إذا لم ينجح الطالب في السنة التأسيسية؟ هل يمكنه إعادة السنة؟بالتأكيد، سيكون للطلاب فرصة لإعادة السنة التأسيسية إذا لم يتمكنوا من النجاح في المحاولة الأولى. هذا النظام يتيح للطلاب فرصة لتأهيل أنفسهم وإعادة المحاولة، مما يمنحهم وقتًا إضافيًا لتحقيق المعايير الأكاديمية المطلوبة. يحق للطالب أن يستكمل تعليمه الجامعي خلال السنة التي تخرج فيها، وهذا يوفر له مرونة أكبر.
س: هل هناك مواد معينة سيتم تدريسها في السنة التأسيسية؟تم تحديد ملامح عامة للمواد الأكاديمية التي سيتم تدريسها، ولكن سيتم إعادة دراسة هذا الموضوع من قبل لجان مختصة نظرًا للتغييرات التي طرأت على منظومة الثانوية العامة. قد تشمل المواد الأساسية في السنة التأسيسية مواضيع تأهيلية عامة تساعد الطلاب على الاندماج بشكل أفضل في التخصصات الجامعية لاحقًا.
س: هناك بعض الاستفسارات حول الطلاب الذين يرغبون في تغيير مسارهم الأكاديمي. هل يمكن لطلاب المسار الأدبي الالتحاق بتخصصات علمية مثل الذكاء الاصطناعي؟القانون الحالي ينص على أن الطلاب المسجلين في المسار الأدبي لا يمكنهم التحويل إلى تخصصات علمية مثل الذكاء الاصطناعي أو العلوم. المسارات الأكاديمية التي يختارها الطالب خلال الثانوية العامة تبقى مرجعًا أساسيًا لتحديد التخصصات التي يمكنه دراستها في المرحلة الجامعية. ومع ذلك، فإن السنة التأسيسية تتيح فرصًا للطلاب لتحسين مهاراتهم ومعارفهم، لكنها لا تلغي القواعد الأساسية لاختيار التخصصات.
س: أخيرًا، هل السنة التأسيسية تهدف بشكل خاص لزيادة عدد الطلاب المقبولين في الكليات الطبية؟على العكس، السنة التأسيسية لا تستهدف زيادة أعداد الطلاب في الكليات الطبية فقط، بل تهدف لتقديم فرص متساوية في كافة التخصصات. هناك طلاب يختارون دراسة الطب خارج مصر بسبب معوقات بسيطة، مثل نقص في مادة أو عدم تحقيق المعدل المطلوب، ومع عودة هؤلاء الطلاب إلى مصر، قد يخسرون فرصة الحصول على تأهيل أكاديمي يتناسب مع جودة التعليم المصري. السنة التأسيسية تهدف إلى تقديم مسارات بديلة وتمكين الطلاب من تحقيق طموحاتهم الأكاديمية داخل مصر.
س: ما هو عدد الطلاب المتوقع التحاقهم في السنة التأسيسية؟حتى الآن، لم يتم تحديد العدد النهائي للطلاب المستهدفين، وسيتم وضع هذا التحديد بناءً على دراسات،دراسات تفصيلية ستجرى بالتعاون مع مجالس الجامعات الخاصة والأهلية.
سيتم عقد ورشة عمل لمناقشة هذا الموضوع وتحديد كيفية تنفيذ هذا المسار، بما في ذلك عدد الطلاب، سواء كان محدودًا أو مفتوحًا، وآلية التوزيع الإقليمي. كما سيتم تحديد الجامعات الحكومية المشاركة وما إذا كانت جميع الجامعات أو جزء منها، بناءً على الاحتياجات الخاصة بكل محافظة.
ستكون هناك دراسة شاملة تتناول نظام التعليم والمعايير التي سيتم اعتمادها، وكل هذه التفاصيل سيجري العمل عليها من خلال لجنة مختصة وورشة العمل المرتقبة.
المصدر: بوابة الفجر
كلمات دلالية: التعليم العالي في مصر الجامعات الخاصة السنة التأسيسية المجلس الأعلى للجامعات المصرية طلاب الثانوية العامة الثانوية العامة التعلیم العالی فی مصر فی السنة التأسیسیة الجامعات الحکومیة الثانویة العامة الجامعات الخاصة الخاصة والأهلیة الکلیات الطبیة الطلاب الذین عدد الطلاب هذا النظام من الطلاب تهدف إلى تحدید ا لم یتم
إقرأ أيضاً:
"اليوم" تحاور السعودي الحائز على "نوبل للتعليم": أتقرب للطلاب عبر الاستماع لمشاكلهم
منصور المنصور:هذا الإنجاز فخر لكل سعودي
التتويج يعد تقديرًا لجهود المعلمين بالمملكة
مواجهة التحديات الكبيرة ضريبة المعلم المتميز
تغلبت على بساطة الإمكانيات عبر كثير من الممارسات
أحب مهنة المعلم منذ الصغر أحب هذه المهنة
أتعرف على الطالب قبل أن أراه
هذا الإنجاز لم أحققه وحدي بل بجهود كبيرة من حكومة رشيدة
أكد المعلم منصور عبدالله المنصور، الفائز بجائزة ”أفضل معلم في العالم لعام 2025“ متجاوزاً خمسة آلاف معلم ومعلمة يمثلون 89 دولة، أن هذا الإنجاز هو فخر لكل معلم في المملكة العربية السعودية، مشيراً إلى أن هذا التتويج هو بمثابة تقدير لجهود المعلمين في جميع أنحاء الوطن حيث تعد هذه الجائزة بمثابة "نوبل التعليم".
وأضاف: ”أعتبر هذا الفوز بمثابة رسالة تقدير وعرفان لجميع المعلمين الذين يعملون بجد وإخلاص من أجل رفعة هذا الوطن، وأؤكد أن هذا الإنجاز هو حافز لي لمواصلة العمل والعطاء في مجال التعليم، والإسهام في بناء جيل المستقبل القادر على تحقيق رؤية المملكة 2030“.
وأشار المنصور المعلم في مدرسة الأمير سعود بن جلوي في الأحساء، إلى أن فوزه بالجائزة هو ثمرة جهود متواصلة وعمل دؤوب، مؤكداً أنه لم يكن ليحقق هذا الإنجاز لولا دعم زملائه المعلمين وإدارة المدرسة التي يعمل بها، وكذلك دعم أسرته وأصدقائه.
وعبر عن فخره واعتزازه بتمثيل المملكة في هذا المحفل الدولي، مؤكداً أن هذا الإنجاز هو فخر لكل سعودي، ويعكس مدى الاهتمام الذي توليه القيادة الرشيدة لقطاع التعليم.
.article-img-ratio{ display:block;padding-bottom: 67%;position:relative; overflow: hidden;height:0px; } .article-img-ratio img{ object-fit: contain; object-position: center; position: absolute; height: 100% !important;padding:0px; margin: auto; width: 100%; } حوار اليوم مع الحائز على "نوبل للتعليم"
إلى الحوار:
بدايةً نهنئك على هذا الإنجاز العظيم.. الذي يعد فخراً لنا جميعاً، نود أن تحدثنا عن شعورك
وأهدي هذا الإنجاز إلى مقام خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود، وسمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز، حفظهم الله، وإلى جميع معلمي المملكة الذين هم القدوة والمثل الأعلى لأجيال المستقبل.
نود أن نتعرف أكثر على مسيرتك في مجال التعليم، كيف كانت البداية؟ وما هي أبرز التحديات التي واجهتك؟
بداية مسيرتي في التعليم كانت بعد التخرج من جامعة الملك سعود - كلية العلوم الزراعية، وهذا هو أول تحدٍ واجهني في التعليم، وهو أن التخصص غير تربوي، ولكن بحمد الله تعالى تغلبت على هذا التحدي، ودرست مؤهلًا تربويًا، وتم اختياري معلمًا في المرحلة الابتدائية، وما زلت فيها.
وفي مجال التعليم تعرضت إلى تحديات كبيرة جدًا، لأني لم أكن أريد أن أصبح معلمًا عاديًا، بل أريد أن أكون معلمًا متميزًا، وضريبة المعلم المتميز لابد أن يواجه تحديات كبيرة.
.article-img-ratio{ display:block;padding-bottom: 67%;position:relative; overflow: hidden;height:0px; } .article-img-ratio img{ object-fit: contain; object-position: center; position: absolute; height: 100% !important;padding:0px; margin: auto; width: 100%; } الحائز على "نوبل للتعليم": هذا الإنجاز فخر لكل معلم.. وأطمح أن تكون المملكة الأولى عالمياً
وأول تحدٍ واجهته في مسيرتي التعليمية عندما كنت في مبنىً مؤقتًا بإمكانيات كانت بسيطة، والطلاب كانوا بسطاء، ودافعيتهم كانت كذلك بسيطة أو ضعيفة، فأردت فعلا أن أحدث التغيير لأن عندي قناعة أن المعلم المتميز هو الذي يستطيع أن يتغلب على التحديات، والمعلم العادي هو الذي يريد أن يكون كل شيء أمامه.
فلم يكن أمامي أي مقوم من مقومات تميز الطلاب أو المدرسة وهنا كانت التحدي، إذ بدأت التخطيط لجعل هؤلاء الطلاب متميزين على مستوى المملكة وجعل هذه المدرسة من أفضل المدارس في المملكة.
وهذا التحدي كبير جدا، أخذ مني وقتًا طويلًا وجهدًا كبيرًا واستنفد مني كل طاقتي حتى أصل بهذه المدرسة وهؤلاء الطلاب إلى أن يكونوا في مصاف أفضل الطلاب والمدارس على مستوى المملكة.
ماذا عن تغلبك على هذه التحديات؟
إلى اليوم بعد 20 سنة من هذا التحدي ما واجهني مثله، وبفضل الله حققنا جائزة حمدان بن راشد آل مكتوم، وكانت أول جائزة دولية منذ نحو عقدين من الزمن، وهذا أعطى انطباعًا مبهرًا للطلاب وللمعلمين في المملكة ولكل من وصلته هذه التجربة.
وبعدها انفتحت على كثير من التحديات التي أصبحت عندي عشقًا، لأنه لا يمكن لأي معلم أن يكون متميزًا إلا أن يأتي بشيء جديد، ولا بد أن يأتي بشيء فيه تحدٍ.
.article-img-ratio{ display:block;padding-bottom: 67%;position:relative; overflow: hidden;height:0px; } .article-img-ratio img{ object-fit: contain; object-position: center; position: absolute; height: 100% !important;padding:0px; margin: auto; width: 100%; } الحائز على "نوبل للتعليم": هذا الإنجاز فخر لكل معلم.. وأطمح أن تكون المملكة الأولى عالمياً
وقد استطعت التغلب على مشكلة بساطة الطلاب والمدرسة من خلال كثير من الممارسات، فنظرت إلى ما يحتاجه الطلاب الذين لم يكونوا يأبهون بالمعرفة ولا بالمهارة.
ورأيت أن الطلاب هؤلاء يميلون إلى ويحبون البرامج الإلكترونية والإنترنت والكمبيوتر والتعليم الإلكتروني، لكنه غير متوفر عندهم، وبدأت أضرب على هذا الوتر فتعاقدت الوزارة في ذلك اليوم مع شركة أنتل العالمية لتعليم الطلاب في العالم الافتراضي وعالم السوشل ميديا والمدونات، فكان الطلاب يرون فيها شيئًا عظيمًا.
وكانت المدرسة من أوائل المدارس التي فعلت هذا، ما شكل عند الطلاب نقلة نوعية لم تكن موجودة أبدًا، لدرجة أن الطلاب حين كانوا يواصلون تعليمهم بعد خروجهم من الصف في نهاية اليوم الدراسي.
ما الذي ألهمك لاختيار مهنة التعليم، وكيف تنمي شغفك بهذا المجال؟
اختياري لمهنة التدريس لم تكن بالصدفة طبعا، لأني منذ الصغر أحب هذه المهنةن فعندما كنت طالبًا بالابتدائية كنت أجمع أطفال الحي وأعلمهم، فأجمع الأطفال وأحاضرهم بما جمعت من معلومات من مصادر شتى.
ونشأت وكبرت وكبر معي هذا الحلم، واثر في المعلمون في ذلك الوقت، إذ كان المعلم له هيبة فكنت أرى أن هذا المعلم هو من يملك الدنيا كلها، هو الذي يستطيع أن يؤثر في الطلاب وفي المجتمع.
فكنت وأنا طالبًا أقول ياليتني أصبح مثل هذا المعلم، لأنه يغير ولأن الناس يحبونه فكبرت وكبر معي هذا الحلم حتى دخلت إلى الجامعة، ولما دخلت الجامعة واجهتني مشكلة عدم قبولي في كلية التربية التي تخرج هذا المعلم.
ومع ذلك لم أستسلم وواصلت تدريسي حتى انتهيت من كلية العلوم الزراعية، وبعدها أخذت الدبلوم التربوي وواصلت حتى دراستي وأخذت الماجستير من جامعة الملك السعود.
وهذا الشغف للتعليم جعلني أطور نفسي، وجاءت فكرة المشاركة في جوائز التميز، فدعيت من إدارة التعليم مشكورة في ذلك الوقت للمشاركة في جائزة حمدان بن راشد، وكان الأستاذ يوسف الخلفان، أول من دعاني إلى هذه المشاركة لأجرب أعمالي وبرامجي وأعرضها على هذه الجهة، فعرضت أعمالي على جائزة حمدان بن راشد واستحقت أن تأخذ الدرجة الكاملة والمركز الأول على مستوى الخليج العربي.
وهذا حملني مسؤولية كبيرة لنشر هذا العلم والتطوير بين زملائي على مستوى المملكة وعلى مستوى حتى دول الخليج، ودعيت لتقديم تجارب ملهمة قدمتها، فتم اختياري سفيرًا للجائزة في دول الخليج العربي وكنت أذهب إلى دول الخليج وأقدم لهم الأفكار وأقدم لهم التطوير وأطور من المعلمين.
وإلى هذا اليوم في 2025 ما زلت متواصلًا مع معلمين على مستوى الخليج العربي وعلى مستوى الدول العربية في تطوير المعلمين هناك.
.article-img-ratio{ display:block;padding-bottom: 67%;position:relative; overflow: hidden;height:0px; } .article-img-ratio img{ object-fit: contain; object-position: center; position: absolute; height: 100% !important;padding:0px; margin: auto; width: 100%; } 1115
ما أهم الأساليب التي تتبعها في التدريس؟ وكيف تشجع طلابك على التعلم والتفاعل؟
أهم الأساليب التي أتبعها مع طلابي هو تعليمهم بالحب، والقرب من الطالب والاستماع له، وأخذ ما في نفسه فإذا استطعت فعلا أن تملك قلب هذا الطالب معنى ذلك أنك ستملك كل شيء موجود عنده.
والمعرفة اليوم موجودة ومتوفرة ويمكن للطالب أن يعطيك معلومات أكثر من التي لديك، لكن الحب والاستماع منه هذه مهارة يجب أن يتعلمها زملائنا من المعلمين في هذا المجال.
ولدي استراتيجيات في هذا منها أني أتعرف على الطالب قبل أن أراه، فمع بداية كل فصل دراسي أو مع بداية كل سنة آخذ كشفًا بأسماء الطلاب الموجودين عندي وأذهب إلى السجلات، وهذا عمل شاق لكن بالنسبة لي حب وشغف أني أتعرف على طلابي.
وأصنع سجلًا لكل طالب يحتوي كل المعلومات عن الطلاب صحياً، نفسياً، اجتماعياً، اقتصادياً، ويساعدني ذلك في التعرف على الطالب وحل مشاكله، ولذلك الطلاب مستوياتهم ترتقي.
ما أبرز المبادرات التي قمت بها والتي أسهمت في فوزك بالجائزة؟
من أكثر المبادرات مبادرة علمية تقنية وهي التعليم الافتراضي من خلال نظارات الـVR، والطلاب اليوم وصلوا إلى العالم الافتراضي، فجئت بفكرة مفادها "لماذا لا نذهب إلى الطلاب ونرى ما هي حاجاتهم في التعلم".
فعملت منصة اسمها "ميتا علم" يتعلم من خلالها الطلاب المقرر الدراسي من خلال نظرات الـVR، وهذه المبادرة كانت مدعومة في ذلك الوقت من جائزة محمد بن زايد التي دعمتها، حتى أنها حصلت على جائزة كبيرة على مستوى الوطن العربي، وأصبح الطالب يتعلم بالطريقة التي يحبها.
ومن المبادرات كذلك عملت مركزًا اسمه "مركز الفاقد التعليمي" خاصة بعد مشكلة كورونا، احتوينا الطلاب وعملنا لهم برامج ورحلات وهيئناهم نفسيًا بعد سنتين من الانقطاع من الدراسة.
وصرنا نقدم المادة التعليمية على طريقة الذهاب إلى البر أو الأماكن التي فيها الوحدة التعليمية فلم تكن رحلات عادية، وكانت نقلة نوعية فهذه المبادرات شكلت عند الطلاب ناحية علمية ودافعية كبيرة جداً للتعلم.
فوزه المنصور يُجسد تميز المعلم السعودي وقدرته على المنافسة عالميًا ويشير لجهوده ومثابرته في خدمة العملية التعليمية#اليوم #يوم_الجمعةhttps://t.co/bAQQMx2OOG pic.twitter.com/sejqUwCQcw— صحيفة اليوم (@alyaum) February 14, 2025
حدثنا عن مشروعك لدعم الأيتام..
الاهتمام بالأيتام والفقراء لم يكن وليد الصدفة ولم يعمل للجائزة، فهو عمل قبل سنوات، إذ أحاول أن أقترب إلى هذه الفئة كل سنة بعمل مبادرة السلة الرمضانية التي نستهدف فيها الفقراء والأيتام والمحتاجين من خلال المدرسة، ونذهب إلى بيوتهم ونعلم طلابنا كيف يذهبون وكيف يقدمون لهؤلاء الفقراء بطريقة سرية بسيطة.
وأشعلنا في الطلاب حب الخير والغير حتى أن الطلاب بعد سنوات من هذا الأمر أصبحوا مواظبين عليه، وكان هذا مؤثرًا.
وتطورنا طبعاً إلى أن نرتقي عن الأكل والشرب وغيره إلى أن نبني لهم صرحًا تعليميًا للموهوبين، نختار منهم الطلاب الموهوبين نعلمهم تعليمًا راقيًا بهدف تحويل مسارهم وجعل منهم أطباء في المستقبل ومهندسين وعلماء.
ما أهم النصائح التي تقدمها للمعلمين الراغبين في تحقيق التميز؟
رسالتي للمعلمين في المملكة العربية السعودية، أصبحت اليوم المملكة في مصاف الدول المتقدمة، وهذا يحملنا نحن المعلمون عبئًا كبيرًا إذ يجب أن نكون في مصاف الدول المتقدمة.
وهذا الإنجاز لم أحققه وحدي بل بجهود كبيرة من حكومة رشيدة وولاة أمر يرعون التعليم وينظرون إليه نظرة كبيرة جدا، إضافة إلى دعم وزارة التعليم، وإدارة التعليم بالأحساء ومدرستي وطلابي، الذين يقفون وراء هذا الإنجاز.
ولذلك أقول لزملائي المعلمين: يجب أن نحقق رؤية وطننا فينا بأن نكون فعلا معلمين عالميين من خلال التعليم ومن خلال التطوير.
ما أبرز طموحاتك؟
أن تكون الأفضل في العالم هذا طموح يسعى له أي معلم، لكن طموحاتي أكبر من هذا فأطمح أن تكون المملكة هي الدولة الأولى في العالم في التعليم، وبإذن الله سيتحقق، لن أحققه أنا لكن سيحققه زملائي من المعلمين في المملكة.
وسنحقق إن شاء الله هذا الإنجاز تحت راية مولاي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان عبد العزيز - حفظه الله - وسمو سيدي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان - حفظه الله - وستكون المملكة الأولى في العالم في التعليم بإذن الله تعالى.
وهذه رؤية أمامي الآن وأمام وزارة التعليم ونحن قادرون، وسأكون من أول المبادرين لأن يكون المعلم السعودي هو المعلم الأول في العالم، سنكرر إن شاء الله هذا الانجاز إلى أن تحظى المملكة بالريادة العالمية.