علي فوزي يكتب: القضية الفلسطينية بين المطرقة والسندان
تاريخ النشر: 5th, November 2024 GMT
القضية الفلسطينية تواجه ضغوطًا شديدة ومتشابكة في ظل التحديات المستمرة، وهي بين "المطرقة" الاعتداءات المستمرة وسياسات الاحتلال الإسرائيلي، و"السندان" الانقسامات الداخلية والعوامل الإقليمية والدولية المعقدة.
فالاحتلال الإسرائيلي يستمر في سياساته التوسعية عبر الاستيطان في الضفة الغربية، والإجراءات القمعية في القدس وقطاع غزة، التي تزيد من معاناة الشعب الفلسطيني، وسط دعم دولي متباين ومستمر لإسرائيل، خاصة من بعض القوى الكبرى.
من جهة أخرى، تعاني الساحة الفلسطينية من انقسامات داخلية بين الفصائل الرئيسية، مثل فتح وحماس، مما يُضعف الجبهة الداخلية ويحدّ من قدرة الفلسطينيين على الوصول إلى موقف موحد لتحقيق أهدافهم الوطنية. هذه الانقسامات تمنح إسرائيل فرصة لفرض سياسات جديدة دون معارضة موحدة.
وعلى الصعيد الدولي، تبدو الخيارات محدودة أمام الفلسطينيين، حيث تظل القضية الفلسطينية في ظل التوازنات الإقليمية الحالية، رهينة للصراعات والتحالفات السياسية التي غالبًا ما تتغاضى عن حقوق الشعب الفلسطيني.
ورغم أن العديد من الدول العربية تجدد دعمها للقضية الفلسطينية، فإن موجة التطبيع الأخيرة مع إسرائيل، دون تحقيق تقدم فعلي في ملف الدولة الفلسطينية، أضافت تعقيدًا جديدًا للمشهد.
بذلك، يقف الفلسطينيون بين مطرقة الاحتلال وضغوطه المتزايدة، وسندان التحديات الداخلية والعوامل الإقليمية والدولية، مما يجعل تحقيق الأهداف الفلسطينية تحديًا كبيرًا، يتطلب رؤية موحدة ودعمًا إقليميًا ودوليًا أكثر تماسكًا وفعالية.
المصدر: بوابة الفجر
كلمات دلالية: القضية الفلسطينية اسرائيل غزة
إقرأ أيضاً:
عبد السلام فاروق يكتب : رسائل «خان الخليلي»
لم تكن زيارةً عابرة، ولا مجرد بروتوكول دبلوماسي جاف. كانت مشهدًا يُختصر فيه معنى "الشرعية" الحقيقية، تلك التي لا تُمنَح بقرارات فوقية، ولا تُكتسب بخطابات منمقة، بل تولد من رحم الشارع، من نظرات البسطاء، من هتافات الباعة الذين يعرفون زبائنهم قبل أن يعرفوا ألقابهم.
"ماكرون" دخل خان الخليلي كرئيسٍ لفرنسا، لكنه خرج وهو يحمل أسئلةً عن سرّ ذلك الرجل الذي يمسك بزمام مصر، فيحوطه الناس كما يجتمع العسل بالنحل. كان بإمكان الرئيس السيسي أن يستقبل ضيفه في قصرٍ مذهّب، أو بين جدران مبنى رئاسي محصّن، لكنه اختار أن يريه مصر الحقيقية: مصر التي تتنفس في الأزقة، وتتحدث بلهجة لا تُزيّف، وتضحك من القلب حتى يُسمَع صداها في آخر السوق.
في تلك اللحظة، انهارت عشرات السرديات الزائفة. سقطت أكذوبة "الرئيس المنعزل عن شعبه"، وتبددت أوهام من ظنوا أن الغلاء وصعوبات المعيشة قادرة على أن تُحوّل المصريين ضد قيادتهم. فالشعب هنا ليس رقمًا في معادلة اقتصادية، ولا كائنًا يُقاس رد فعله بسعر الطماطم. المصريون يعرفون، كما عرف أجدادهم من قبل، أن هناك معارك لا تُدار بالبطاطس، وأزمات لا تُقاس بميزان السوق.
والمفارقة أن بعض "المحللين"، الذين يجلسون في مكاتب مكيّفة ويكتبون عن "غضب الشارع المصري" بينما أصابعهم تلهو ببقايا الفطور، هم أنفسهم من أصابتهم الصدمة حين رأوا الشارع يتحرك كالجسد الواحد يحمي رأسه. لم يفهموا أن العلاقة بين المصريين وقيادتهم أشبه بتلك التي بين الجندي وقائده في ساحة المعركة: قد تشتكي من الجوع أو التعب، لكنك لن تترك ظهره مكشوفًا للعدو.
الرسالة الأهم لم تكن لماكرون، بل لأولئك الذين ينتظرون سقوط مصر كما ينتظرون جثةً في الصحراء. المشهد قال لهم: انهضوا من أحلامكم، هذا الشعب ليس كما تتصورون. لن تجدوا هنا فرجةً للتدخل، ولا ثغرةً للاختراق. الرئيس الذي يمشي بين الناس بلا خوذة ولا حواجز، هو ذاته الذي يمشي في السياسة الدولية بلا مواربة. وهو نفس الرجل الذي يعرف أن قضية فلسطين ليست مجرد ملف على طاولة مفاوضات، بل هي خط أحمر في ضمير الأمة.
لن يفهموا طبعًا.. لأنهم يعيشون على وهم أن الشعوبَ دمى تحرّكها الأزمات. لكن التاريخ يعلّمنا أن الأمم العظيمة تولد من رحم التحديات، والمصريون تعلّموا من نيلهم أن أعظم التيارات لا تخاف من الصخور.
فليكتبوا ما يشاؤون، وليحلموا بما يريدون.. فطالما كان هناك رئيس يمشي في خان الخليلي، وشعب يصفّق من قلبه، ستظل مصر – كما كانت دائمًا – حصنًا يُحبط كل من يتربّص.
الرئيس والشعب..
لم يكن المشهد عابرًا.. كان درسًا في "فنّ صناعة الشرعية" التي لا تُشترى بالدعاية، ولا تُستورد ببضائع السياسة الرخيصة. الرئيس الذي يسير بين شعبه كواحدٍ منهم، هو ذاته الذي يمشي في المحافل الدولية كعملاق لا يُجارى. الفارق بين الزعيم الحقيقي والمُدّعي، أن الأول يجد حارسه في كل مواطن، بينما الثاني لا يجد إلا الحراس المسلّحين!
ماكرون.. شهد بعينيه ما لم تفهمه تقارير "المراكز البحثية" المأجورة: أن الشعب المصري لم يعد ذلك الكائن الذي يُخدع بوعود زائفة، أو يُستدرج بصراخ الممولين. لقد رأى كيف يتحول الحب إلى هتاف عفوي، وكيف تتحول الثقة إلى حماية لا تحتاج إلى أوامر. السيسي اختار أن يريه مصر كما هي، لا كما يريدها الإعلام المعادي أن تكون: شعبًا يرفض أن يكون رقمًا في معادلة الأعداء، وقيادة لا تتنازل عن ثوابتها، حتى لو هددها العالم.
وفي الزاوية الأخرى، كان هناك "المتربصون".. أولئك الذين ظنوا أن الأزمات الاقتصادية كفيلة بخلخلة الولاء، وأن الشعب الذي ينتظر في طابور الخبز، سينسى أن له كرامةً تُباع في السوق السوداء. لكنهم نسوا شيئًا واحدًا: أن المصريين تعلموا من تاريخهم أن المعارك المصيرية لا تُخاض بالخبز وحده، بل بالإرادة التي تصنع الخبز.. والسيادة التي تحميه.
الدرس الأكبر لم يكن في الحشود المحيطة بالرئيس، بل في الصمت المُطبق على ألسنة المغرضين بعد المشهد. لقد اكتشفوا فجأةً أن "الشعب الغاضب" الذي يصورونه في تقاريرهم الوهمية، هو في الحقيقة شعبٌ يعرف عدوّه الحقيقي، ويعرف قائده الحقيقي. اكتشفوا أن "الغضب الموجَّه" الذي يحاولون تصديره إلى الشوارع، يتبدد مثل دخان في مهبّ الريح حين يُقابَل بحقيقة العلاقة بين القيادة والجماهير.
وإذا كان بعض "المغرضين"، حملة مباخر حقوق الإنسان، لا يزالون يتساءلون: "كيف يقف الشعب مع رئيسه رغم الصعوبات؟"، فالجواب بسيط: لأن المصريين لا يقيسون ولاءهم بسعر الدولار، بل بثمن الكرامة. ولأنهم يعرفون أن المعركة الحقيقية ليست بين الشعب وحكومته، بل بين مصر وأعدائها.. والرئيس السيسي، في النهاية، هو جندي في صفّ مصر، وليس تاجرًا في سوق السياسة.
الخاتمة المذهلة في هذه القصة، أن المشهد لم يكن موجهًا للداخل المصري فقط، بل كان رسالةً للخارج أيضًا:
للغرب الذي يعتقد أن الشعوب العربية تُباع وتُشترى.. هذه مصر تعلّمكم معنى "الشرعية الشعبية".
للمتربصين الذين يحلمون بفوضى تُنهي استقرار مصر.. هؤلاء المصريون يذكرونكم أن أحلامكم ستتحطم على صخرة إرادتهم.
وللعالم الذي يتساءل عن سرّ بقاء مصر صامدة رغم العواصف.. الجواب في خان الخليلي: شعبٌ يختزل قوته في قيادته، وقيادة تستمد شرعيتها من شعبها.
فليستمر الضجيج.. وليكتب المغرضون ما يشاؤون.. فالتاريخ سيسجل أن مصر، في لحظاتها المصيرية، كانت دائمًا أقوى من كل المؤامرات.. لأن شعبها يعرف – كما يعرف النيل طريقه إلى البحر – أن المعارك الكبرى لا تُدار بالكلمات الجوفاء فحسب، بل بالقلوب العامرة بالإيمان.. والعقول المدركة أن المعركة الحقيقية هي معركة وجود، لا سعر سلعة!