تعتبر الاستقلالية من القيِّم الأساسية التي يسعى الكثيرون لتحقيقها في حياتهم، فهي تعكس القدرة على اتخاذ القرارات بشكل فردي، والاعتماد على النفس في مواجهة التحدّيات. ومع ذلك، قد تتحول هذه الاستقلالية، إلى مبالغة تؤدي إلى نتائج سلبية، كما أن لها تأثير خطير على الأفراد والمجتمعات.
يجب أن نعي أن الاستقلالية تعزِّز من الثقة بالنفس، وتساعد الأفراد على تطّوير مهاراتهم، ولكن عندما تصبح هذه الاستقلالية مبالغًا، تتحول الى العزلة.
بلا شك، يمكن أن تؤدي المبالغة في الاستقلالية، إلى فقدان الروابط الاجتماعية. فالعلاقات الإنسانية، تعتمد على التفاعل، والتعاون، وعندما يفضِّل الفرد الاستقلالية المطلقة، قد يُشّعِر الآخرين بالتجاهل، أو عدم التقدير منه، وينتج عن ذلك تآكل العلاقات الاجتماعية، وبالتالي يصبح الشخص معزولًا عن شبكة الدعم التي يحتاجها في الأوقات الصعبة.
وقد تؤثر المبالغة في الاستقلالية على الصحة النفسية. فالشعور بالوحدة، والضغط الناتج عن تحمل المسؤوليات بمفرده، يمكن أن يؤدي إلى القلق، والاكتئاب، ثم إن التوازن بين الاستقلالية، والاعتماد على الآخرين، هو المفتاح للحفاظ على الصحة النفسية. فطلب المساعدة، أو مشاركة الأعباء، لا يعني الضعف، بل يعكس قوة الشخصية، وقدرتها على التواصل.
يجب علينا أن ندرك أن للاستقلالية، قيمة مهمة، ولكن المبالغة فيها، قد تؤدي إلى عواقب سلبية.
من الضروري أن نبحث عن التوازن بين الاعتماد على النفس، والتواصل مع الآخرين، فالحياة ليست مجرد رحلة فردية، بل هي تجربة مشتركة، تتطلب التعاون، والدعم المتبادل، لذا علينا أن نعي أهمية العلاقات الإنسانية في حياتنا.
fatimah_nahar@
المصدر: صحيفة البلاد
إقرأ أيضاً:
«ديث أوردر».. ديوان شعري يغوص في أعماق الاضطرابات النفسية بمنظور علمي وإنساني
صدر حديثًا ديوان ديث أوردر للشاعرة والباحثة في مجالي الصيدلة وعلم النفس الدكتورة هاجر الصواف، حيث يُعد تجربة شعرية فريدة تقترب من عوالم الاضطرابات النفسية وتأثيراتها العميقة على الإنسان، كالاكتئاب، والخوف، ونوبات الهلع، والوحدة، والفقد.
يمزج الديوان بين الرؤية الأدبية والتخصص العلمي للمؤلفة، مقدِّمًا حالات نفسية معقدة من منظور مختلف، يسعى لفهم أعماق الألم النفسي واقتراح سبل للتعامل معه.
وقد انعكس هذا الدمج الإبداعي بين الشعر والعلم في تصميم غلاف الديوان الذي جاء على هيئة "روشتة طبية"، في إشارة رمزية إلى أن الكلمة قد تكون دواء للروح.
الجدير بالذكر أن الشاعرة هي إحدى عضوات نادي الكتابة الإبداعية بالمركز الثقافي بطنطا، وهو النادي الذي انطلق منذ نحو خمسة أعوام ويشرف عليه الشاعر محمد سامي بهدف رعاية الموهوبين من الشباب بالتنسيق مع المركز الثقافي برئاسة عزة عادل، وأسهم في تقديم جيل جديد من الأدباء الذين أصبحت لهم أعمالهم الأدبية وكتبهم الخاصة.