القيادة الرشيدة: سِرُّ استمرارية الحركات وصمودها
تاريخ النشر: 5th, November 2024 GMT
رهيب التبعي
في تاريخ الأمم والشعوب، تبرز بعض الحركات التي تملك القدرة على الصمود في وجه الأزمات، وتبقى قويةً رغم التحديات الكبيرة، وسببُ ذلك يعودُ إلى الرؤية الحكيمة والقيادة الرشيدة التي تعتمدُ على اختيار نواب ومساعدين أكفاء يحملون نفسَ الرسالة والقيم.
هذه القيادة تعرف أن دوام الحركة واستمرارها مرتبطٌ بوجود خلفاء مستعدين لتحمل المسؤولية إذَا ما فقد القائد.
فالقائد الحقيقي هو الذي يرى مصلحةَ الأُمَّــة وحركتَه فوق مصالحه الشخصية، ويدرك أن الاستمرارية تعتمد على وجود قادة آخرين أكفاء. إنه لا يخشى مشارَكةَ السلطة مع من حوله، بل يضع ثقتَه فيهم ويمنحهم القوة لتكملة المسيرة. فالاستشهاد أَو الوفاة لن يكونا نهايةَ لهذه الحركات، بل نقطة انطلاقة جديدة نحو الاستمرار؛ لأَنَّ من يتولون المسؤولية بعدها يحملون نفسَ الثقل ويواصلون الدرب دون تردّد أَو خوف.
وفي المقابل، نجد بعض القادة الذين يعتمدون على مصالحهم الشخصية دونَ اهتمام بالمصلحة العامة، ويختارون مساعدين ضعفاء وتافهين ليضمنوا بقاءَهم على رأس السلطة، دون أي قلق من تهديد قد يأتي من نوابهم. هؤلاءِ القادةُ، كما في نموذج علي عبد الله صالح، يرَون في تهميش الآخرين وإضعافهم وسيلةً للسيطرة، معتقدين أن بقاءَهم مرهونٌ بضعف من حولهم. لكن النتيجة غالبًا ما تكونُ انهيارَ النظام بأكمله بعد رحيلهم؛ لأَنَّهم لم يؤسِّسوا بنيةً قويةً تستمرُّ بعدهم.
التاريخُ يعلِّمُنا أن القيادةَ ليست في الاستحواذ على السلطة، بل في التخطيط لبناء أجيال من القادة المستعدين لتحمل المسؤولية، الذين يستمدون قوتهم من القيم والمبادئ، وليس من المصالح الشخصية.
المصدر: يمانيون
إقرأ أيضاً:
التمويل السياسي والشفافية
قد يكون من الغريب أو المدهش رؤية “قادة سياسيين” ينشرون تعليقات وتحليلات مطولة، مكتوبة بإتقان، ومُحكمة الحجج، ومُفصلة بدقة، لحدث انتهى قبل ساعات قليلة – والإتقان هنا لا يعني التطابق مع الحقيقة والمنطق.
هذه الصياغة الممتازة، المُراعية للسياق، والمُصممة بعناية، بعد ساعات قليلة من الحدث، لا يُمكن أن تُمثل عبقرية “القادة” الكتابية، لأنهم، أولًا وقبل كل شيء، لم يعرفوا قط ككُتّاب أو مُحللين بارعين. ثانيًا، يُمكن بسهولة شم رائحة اللغة المؤسسية في الجمل واستخدام الكلمات والعبارات – وهي لغة تفتقر إلى اللمسة الشخصية التي يُمكن لأي قاريء أو كاتب مُحنك اكتشافها بسهولة.
الاستنتاج الحتمي الوحيد المتبقي هو أن العديد من هذه المقالات التي ينشرها بعض “القادة السياسيين” كتبتها في الواقع أقلام آخرون، على الأرجح فرق إعلامية مهنية مُمولة جيدًا. هذه الطريقة في كتابة المقالات والبيانات الصحفية شائعة وطبيعية في الشركات والمؤسسات الكبرى، حيث يُعِدّ موظفون آخرون مواد تُنشر باسم رئيسهم. لكن الحزب السياسي أو التحالف ليس شركة ولا منظمة دولية، ويجب أن يكتب أعضاؤه وثائقهم بانفسهم، لا بأقلام جهات أخرى غامضة. أو على الأقل يقع على عاتق هذه المنظومات أن تكون شفافة بشأن الموظفين الإعلاميين الذين يكتبون موادها ومصدر تمويل عملهم الإحترافي.
ده من راسك وللا من كراسك يا ولا؟
معتصم اقرع
إنضم لقناة النيلين على واتساب