غزة- بعد غياب طويل امتد لأكثر من 18 عاما بفعل الانقسام السياسي دعت الفصائل الفلسطينية وممثلون عن مؤسسات المجتمع المدني ووجهاء أمس الاثنين إلى إجراء انتخابات للمجالس والهيئات المحلية في قطاع غزة.

وطالب ممثلون عن الفصائل والمؤسسات بعد اجتماع لهم في مدينة غزة الجهات الحكومية في الضفة الغربية والقطاع بتسهيل إجراء الانتخابات المحلية تحت إشراف لجنة الانتخابات المركزية الفلسطينية وتذليل العقبات أمام ذلك.

ويضم قطاع غزة -الذي يبلغ عدد سكانه أكثر من مليوني نسمة- 25 هيئة محلية موزعة على 5 محافظات، إضافة إلى 8 مخيمات للاجئين يقترع سكانها ضمن الهيئات المحلية المجاورة، وذلك بحسب آخر تحديث للجنة الانتخابات الفلسطينية عام 2021.

وعن إمكانية إجرائها بعد سنوات من فشل ذلك قال عضو لجنة الانتخابات المركزية ياسر موسى إن تنظيم الانتخابات المحلية في قطاع غزة أمر ممكن وواقعي، لكنه يحتاج إلى قرار سياسي وتكليف رسمي من الحكومة الفلسطينية للجنة الانتخابات المركزية.

وأوضح موسى في تصريح للجزيرة نت أن المسؤولية المباشرة في التكليف بإجراء الانتخابات هي لوزير الحكم المحلي في الحكومة (الممثلة للسلطة الفلسطينية). ولكنه قال إن الانتخابات "من المفترض أن تُجرى تحت مظلة توافق وطني فلسطيني وفي ظروف ومناخات إيجابية"، مضيفا أنها سبق أن أجريت في الضفة الغربية بشكل منفصل، وهذا قابل للتطبيق في غزة في حال صدر قرار بذلك.

ومن الناحية الإجرائية، قال موسى "إذا صدر التكليف فلجنة الانتخابات المركزية ستتوجه إلى غزة، ثم تقوم بتحديث سجل الناخبين والبدء في الإجراءات العملية ضمن جدول زمني للانتخابات يتضمن نشر شروط الترشح وأسماء المرشحين وصولا إلى الاقتراع".

مشهد من دعاية انتخابية في مدينة نابلس شمالي الضفة عام 2012 حيث فشل إجراء هذه الانتخابات بقطاع غزة (الأوروبية) قرارات قوبلت بالفشل

وأجرت اللجنة العليا للانتخابات المحلية أول انتخابات محلية على 4 مراحل بين عامي 2004 و2005 في 262 هيئة محلية بالضفة الغربية وقطاع غزة.

وفي يوليو/تموز 2012 أصدر مجلس الوزراء الفلسطيني قرارا يدعو لإجراء انتخابات مجالس الهيئات المحلية في مناطق السيطرة الفلسطينية (الضفة الغربية وقطاع غزة)، لكنها أجريت في الضفة وفشل تنظيمها في غزة بعد أن حال الانقسام السياسي دون ذلك.

كما شهدت معظم مجالس بلديات الضفة الغربية انتخابات محلية في 2017 و2021 و2022، لكن تعذر إجراؤها في قطاع غزة أيضا.

معيقات تستدعي الانتخابات

بدوره، تحدث رئيس المكتب الإعلامي الحكومي في غزة سلامة معروف عن "العديد من المعيقات" التي تعرقل عمل الهيئات المحلية الحالية في القطاع "وعلى رأسها الحصار الذي أدى إلى تقييد قدرة البلديات على التواصل الخارجي وإبرام اتفاقيات توأمة وجلب المشاريع لصالح البنى التحتية".

وقال معروف للجزيرة نت إن سنوات الحصار شهدت شحا كبيرا في إدخال المعدات اللازمة لعمل البلديات، خاصة الآليات الثقيلة اللازمة لعمل البنى التحتية، وقد "ظهر جليا بعد عدوان 2021 حجم الدمار الكبير في إمدادات شبكات المياه والصرف الصحي ومحطات المعالجة وغيرها، والذي زاد من تعقيدات عمل المجالس المحلية".

وأرجع معروف التدني في قدرة البلديات على القيام بمهامها إلى "الاعتداءات المتكررة من الاحتلال في الحروب المتواصلة على قطاع غزة والتي يستهدف فيها بشكل واضح البنى التحتية، مما يخلف حاجة هائلة للترميم والتطوير".

وقال "إن اتحاد البلديات واللجنة المكلفة بحصر أضرار البنى التحتية قدرت احتياجات هذا القطاع المباشرة بنحو 70 مليون دولار من أجل إعادة تهيئة شبكات المياه والصرف الصحي"، مضيفا "لا نتحدث عن تطوير البنى التحتية بقدر ما نتحدث عن ترميم هذه الشبكات لتغطية احتياجات القطاع".

وتضاعف عدد سكان القطاع منذ عام 2006 حتى عام 2023، فيما بقيت البنى التحتية على حالها بسبب ضعف قدرة السلطات المحلية على إصلاحها وتطويرها في ظل الحصار والاعتداءات الإسرائيلية المتواصلة.

وبشأن أفق الحل في ضوء الدعوة لانتخابات محلية، قال معروف إن "الانتخابات -إذا قُدّر لها أن تتم- من المفترض أن ترفع بالحد الأدنى الفيتو الموجود لدى بعض الجهات الدولية في التعامل مع المجالس المحلية بغزة، على اعتبار أنها منتخبة بشكل ديمقراطي ولا ذريعة لمحاصرتها والتضييق عليها أو إيقاف مشاريعها التي يمكن أن تساهم في خدمة المواطنين".

رئيس لجنة الانتخابات المركزية حنا ناصر لوكالة سند:

– هناك رسائل من جهات وسيطة تؤكد فيها ترحيب حركة حماس بإجراء #انتخابات محلية في قطاع #غزة، وهو موقف مبشر بالنسبة لنا.

– إجراء هذه الانتخابات يحتاج لتنسيب من مجلس الوزراء، فهو الجهة التي يناط بها إصدار هذا القرار. pic.twitter.com/GEE5UWCUVU

— وكالة سند للأنباء – Snd News Agency (@Snd_pal) August 14, 2023

"خطوة للمصالحة"

من جهته، قال عضو المكتب السياسي لحركة حماس زكريا أبو معمر "منذ أكثر من عام طالبنا بإجراء انتخابات الهيئات المحلية، ونتشاور منذ ذلك الوقت مع الفصائل ومكونات المجتمع المدني ولجنة الانتخابات، ووصلت المشاورات لنهايتها وبتنا جاهزين لاتخاذ قرار من الكل الوطني لإجرائها".

وشدد أبو معمر في حديث للجزيرة نت على ضرورة أن تكون الانتخابات المحلية "خطوة على صعيد تحقيق الشراكة والتقدم في مسار المصالحة الوطنية لا سببا في مزيد من الانقسام"، وعلى ضرورة التوافق الوطني من أجل إنجاح هذه الانتخابات.

وقال إن "الانتخابات المحلية ليست بديلا عن الانتخابات العامة التي تشمل المجلسين الوطني والتشريعي والرئاسة، فهي أكثر إلحاحا وضرورة".

وطالب السلطة الفلسطينية بالقيام بدورها "بعد دعوة الفصائل مجتمعة لإجراء الانتخابات المحلية".


ترحيب من تياريْ فتح

بالمقابل، قال عضو المجلس الثوري السابق لحركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح) أسامة الفرا "أما وأن الانقسام لا يزال يراوح مكانه ولا تلوح في الأفق بوادر جادة لطي صفحته فليس من المنطق استمرار منع المواطن من ممارسة حقه في الانتخابات بكل أشكالها".

وعن إمكانية مشاركة فتح في انتخابات غزة المحلية، قال الفرا "لا مانع يحول دون هذه المشاركة، ففتح لا يمكن لها أن تكون خارج مسار العملية الديمقراطية، بل عليها أن تدفع باتجاه إنجاحها"، مؤكدا مشاركة حركته "بكل ثقلها في انتخابات الهيئات المحلية إن أجريت".

وشارك الفرا في اجتماع الفصائل الذي دعت له حماس في غزة أمس الاثنين، وهو ينتمي لما يسمى "التيار الإصلاحي" القريب من القيادي المفصول من حركة فتح محمد دحلان.

وباللهجة ذاتها، تحدث منذر الحايك الناطق باسم حركة فتح (الجناح المقرب من الرئيس محمود عباس) في قطاع غزة، وقال إن الانتخابات المحلية "ضرورة ملحة للتغيير في المؤسسات الخدماتية للسلطة الوطنية وصولا للانتخابات العامة".

ودعا الحايك في تصريح له الفصائل الوطنية "لتحمل المسؤولية في ظل الظروف الصعبة التي تمر بها الحالة الخدماتية، متمنيا عدم فشل الانتخابات وتكرار ما حدث في عام 2016″، حيث أعلنت السلطة تأجيل الانتخابات المحلية بسبب فشل تنظيمها في غزة.

مطالبات للسلطة الفلسطينية بإصدار قرارات لإجراء الانتخابات المحلية في غزة (رويترز) ضخ دماء جديدة

وفي السياق نفسه، قال رئيس الهيئة الدولية لحقوق الشعب الفلسطيني صلاح عبد العاطي إن الانتخابات "حق دستوري وقانوني لا ينبغي إعاقته تحت أي ظرف من الظروف".

وأكد عبد العاطي على أهمية "إعادة السيطرة للشعب وضمان مشاركته في عملية صنع القرار وفي الرقابة والمساءلة للهيئات المحلية".

وأضاف في حديثه للجزيرة نت أن "إجراء الانتخابات يضمن ضخ دماء جديدة في الهيئات المحلية والشراكة وتعزيز قدرة البلديات على الحصول على التمويل، وتجاوز العراقيل التي تضعها بعض الجهات المانحة أمام عمل البلديات بسبب سيطرة حماس على قطاع غزة".

 

استعداد لتسهيل إجرائها

وبحسب لجنة الانتخابات، يبلغ عدد المقاعد المخصصة للتنافس عليها في الهيئات المحلية بقطاع غزة 313 مقعدا.

وعبرت لجنة متابعة العمل الحكومي في قطاع غزة -في بيان لها- عن "جاهزيتها واستعدادها لتسهيل إجراء الانتخابات المحلية"، ودعت لجنة الانتخابات المركزية ورئيسها حنا ناصر لاتخاذ ما يلزم من إجراءات.

كما طالبت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين الجهات الرسمية في قطاع غزة والضفة إلى توفير البيئة الصحية لعقد هذه الانتخابات، ودعت رئاسة لجنة الانتخابات للقدوم إلى القطاع والقيام بدورها في التحضير والإعداد والإشراف على إجرائها وفقا للقانون.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: إجراء الانتخابات المحلیة الهیئات المحلیة إجراء انتخابات هذه الانتخابات انتخابات محلیة البنى التحتیة الضفة الغربیة فی قطاع غزة للجزیرة نت المحلیة فی محلیة فی فی غزة

إقرأ أيضاً:

السلطة الفلسطينية ترفض استقدام قوات أجنبية لغزة

أعربت الرئاسة الفلسطينية، مساء الأحد، عن رفضها تكريس الاحتلال عبر استقدام قوات أجنبية لتحل محل المحتل الإسرائيلي في قطاع غزة.

وأكدت الرئاسة أن الشعب الفلسطيني مَن سيحكم القطاع ويدير شؤونه.

وفي وقت سابق الأحد، نقلت هيئة البث الإسرائيلية (رسمية) عن مسؤول أمني لم تسمه إن الجيش الإسرائيلي "سيبقى في قطاع غزة حتى يتم العثور على قوة دولية لتحل محله، وقد يستغرق هذا عدة أشهر".

وقال متحدث الرئاسة الفلسطينية نبيل أبو ردينة: "لا شرعية لأي وجود أجنبي على الأراضي الفلسطينية"، و"الشعب الفلسطيني وحده مَن يقرر من يحكمه ويدير شؤونه"، وفق وكالة الأنباء الرسمية (وفا).


على ذات الصعيد قال مصدران مصريان، الأحد، إن القاهرة ترفض دخول أي قوات مصرية إلى قطاع غزة، وتؤكد أن ترتيب أوضاعه بعد الحرب الإسرائيلية هو شأن فلسطيني، مع نفي أي موافقة على نقل معبر رفح أو بناء منفذ جديد.

وأضاف المصدر أن "مصر ترفض دخول أي قوات مصرية إلى داخل قطاع غزة"، وتؤكد أن "ترتيب الأوضاع داخل القطاع بعد العملية العسكرية الجارية هو شأن فلسطيني".

وفي 25 حزيران/ يونيو الماضي، أعلن مستشار مجلس الأمن القومي الإسرائيلي تساحي هنغبي أن بديلا لحكم حركة حماس في غزة ستظهر سياسته للنور خلال أيام، في ظل عدم إمكانية القضاء على الحركة كفكرة.

وتابع هنغبي أن "إسرائيل تناقش مع الولايات المتحدة كيف يمكن للأمم المتحدة والدول الأوروبية والدول العربية المعتدلة إيجاد بديل لحكم حماس في غزة"، وفق تعبيره.


وبدعم أمريكي، تشن إسرائيل منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، حربا مدمرة على غزة أسفرت عن نحو 125 ألف قتيل وجريح فلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد عن 10 آلاف مفقود.

وقال أبو ردينة: "حكومة الاحتلال ورئيسها (بنيامين نتنياهو) سيكونون واهمين إذا اعتقدوا أنهم قادرون على تقرير مصير الشعب الفلسطيني وتكريس الاحتلال عبر استقدام قوات أجنبية تحل محل المحتل في قطاع غزة".

وأردف: "لن نقبل أو نسمح بوجود أجنبي على أرضنا، سواء في الضفة الغربية أو قطاع غزة، ومنظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني".

وشدد على أن المنظمة هي "صاحبة الولاية القانونية على كامل أراضي دولة فلسطين في قطاع غزة والضفة الغربية، بما فيها القدس".

التوسع الاستيطاني
أبو ردينة، انتقد كذلك "التوسع الاستيطاني الذي يقوده المتطرف (وزير المالية الإسرائيلي) بتسلئيل سموتريتش، في أراضي الضفة الغربية، بما فيها القدس المحتلة"، وفق الوكالة.

وقال إن هذا التوسع "غير شرعي وجزء من الحرب الشاملة على الشعب الفلسطيني وأرضه ومقدساته".

وتؤكد الأمم المتحدة عدم قانونية الاستيطان في الأراضي المحتلة، وتدعو "إسرائيل" منذ عقود دون جدوى إلى وقفه، وتحذر من أنه يقوض فرص معالجة الصراع وفق مبدأ حل الدولتين.

وزاد أبو ردينة بأن "مؤامرة تهجير شعبنا رفضناها بالمطلق، ولن نسمح بحدوثها مهما كان الثمن، وشعبنا الفلسطيني ضرب أروع الأمثال بتمسّكه بأرضه ومقدساته وصموده على ثوابته الوطنية التي لن نحيد عنها".


وشدد أن "السلام لن يمر إلا من خلال فلسطين والقدس وقيادة منظمة التحرير"، و"قضية فلسطين قضية أرض ودولة وليست مسألة إغاثة إنسانية، وهي قضية مقدسة وقضية العرب المركزية".

والجمعة، قالت هيئة البث إن مجلس الوزراء الإسرائيلي المصغر للشؤون السياسية والأمنية (الكابنيت) صادق الخميس على خطة سموتريتش، من أجل التصدي لاعترافات دول رسميا بدولة فلسطينية والإجراءات المتخذة ضد "إسرائيل" بالمحاكم الدولية".

ووفق خطة سموتريتش، سيتم اتخاذ إجراءات ضد السلطة الفلسطينية، وتقنين خمس بؤر استيطانية في الضفة الغربية، ونشر عطاءات (قرارات) لبناء آلاف الوحدات السكنية في المستوطنات، حسب الهيئة.

والبؤر الاستيطانية مستوطنات صغيرة أقامها مستوطنون على أراض فلسطينية خاصة دون موافقة الحكومة الإسرائيلية.

وبالتزامن مع حربه على غزة، صعَّد الجيش ومستوطنون اعتداءاتهم في الضفة، بما فيها القدس المحتلة؛ ما أدى إلى مقتل 554 فلسطينيا وإصابة نحو 5 آلاف و300 واعتقال حوالي 9 آلاف و450، وفق جهات فلسطينية رسمية.

وتواصل "إسرائيل" هذه الحرب متجاهلة قراري مجلس الأمن الدولي بوقفها فورا، وأوامر محكمة العدل الدولية بإنهاء اجتياح رفح (جنوب)، واتخاذ تدابير لمنع وقوع أعمال إبادة جماعية، وتحسين الوضع الإنساني المزري بغزة.

مقالات مشابهة

  • رويترز: عشائر غزة ترفض الانخراط في الخطة الإسرائيلية لإدارة القطاع بعد الحرب
  • المحكمة العليا الأمريكية تؤجل مقاضاة ترامب بتهمة التآمر على الانتخابات السابقة
  • أشادت بنتائج انتخابات فرنسا.. ميلوني: شيطنة أقصى اليمين لم تعد مجدية
  • تحالف المستقلين يدعو إلى إصلاح المنظومة الانتخابية بدلاً من إجراء انتخابات مبكرة
  • تفاصيل خطة إسرائيلية لإدارة قطاع غزة
  • صحفي تركي: أردوغان سيعلن عن انتخابات مبكرة
  • السلطة الفلسطينية ترفض استقدام قوات أجنبية إلى غزة
  • السلطة الفلسطينية ترفض استقدام قوات أجنبية لغزة
  • السلطة الفلسطينية تطالب باجتماع عربي طارئ لبحث الحرب على غزة
  • مصدر رسمي لـCNN: السلطة الفلسطينية لم تلق أي أموال من إسرائيل حتى الآن