حيرة العرب بين «الفيل» و«الحمار»
تاريخ النشر: 4th, November 2024 GMT
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
يذكرنى بعض العرب فى السلطة وخارجها، ممن ينتظرون بلهفة نتائج الانتخابات الأمريكية التى تجرى بين الديمقراطية «كامالا هاريس» والجمهورى «دونالد ترامب» آملاً فى أن تحمل تلك النتائج بعض أوجه التغيير فى منطقتنا المنكوبة بالحروب والكوارث والمآسى، بالمثل الشعبى القائل «يامستنى السمنة من بطن النملة لا أنت طابخ ولا قالى».
بدأت «كمالا هاريس» مرشحة الحزب الديمقراطى، الذى يتخذ منذ نهاية القرن التاسع عشر من الحمار رمزاً له، حملتها الانتخابية، التى قادتها الصدف لخوضها، بإبداء التعاطف مع الفلسطينيين فى غزة والدعوة لوقف الحرب. ثم ما لبثت أن تراجعت ورفعت الشعار المجرم الذى يقول بمناسبة وبغيرها، إن من حق إسرائيل الدفاع عن النفس. وكان بايدن قد اتخذ هو وإدارته الصهيونية، من هذا الشعار، مبرراً لمنح إسرائيل الضوء الأخضر لشن حرب إبادة جماعية وتهجير قسرى ضد الشعب الفلسطينى. بالإضافة لتشجعيها على تجاهل كل القوانين والمؤسسات الدولية، التى تحمى سيادة الدول وتؤمن أعرافاً وقوانين لإدارة الحروب، بالحرب المستمرة على لبنان. ولولا الدعم العسكرى واللوجستى والمخابراتى غير المسبوق فى تاريخ العلاقات بين الطرفين، الذى عزز هوس نتنياهو كمجرم حرب تطارده العدالة الجنائية، بسفك الدماء، لتوقفت الحرب .
والتضارب فى التصريحات والتقلب فى المواقف هى من طبيعة الانتخابات التنافسية. وبطبيعة الحال تسعى «هاريس» لكسب أصوات اليهود، حيث يبلغ عددهم نحو 6 ملايين من بين تعداد السكان البالغ 337 ملايين نسمة بنسبة تصويت تصل إلى 2.4%من أعداد المصوتين الذين يصل عددهم إلى 186 مليون ناخب.. وبرغم أنها نسبة تبدو ضئيلة، إلا أن قوتها لا تكمن فى عددها، بل فى تنظيمها كقوة ضغط توجهها وتديرها لجنة الشئون العامة الأمريكية -الإسرائيلية المعروفة إعلاميا باسم «أيباك». هذا فضلاً عن أن عدداً كبيراً من المراقبين للسباق الانتخابى بين الديمقراطيين والجمهوريين، يؤكدون أن السياسة الخارجية لا تشغل بال الناخبين، بقدر اهتمامهم بالقضايا الاقتصادية والداخلية، لاسيما قضايا الهجرة والحق فى الإجهاض، التى تلقى بظلالها على الحياة اليومية لمعظم الشعب الأمريكى وتتحكم فى مسارها وتساهم فى تأرجحها بين الجودة والرداءة .
لكن هذا التوجه سوف يصطدم بحقيقة تلعب دوراً مهماً فى النتائج التى ستسفر عنها الانتخابات، وهى أن 49% ممن يصوتون هم من الشباب الذى قاد أعداد منهم، لا يستهان بها مظاهرات عارمة فى كبرى الجامعات الأمريكية ضد موقف إدارة بايدن من غزة، وللمطالبة بوقف الحرب .
فى خطابه للجاليات الأمريكية من أصل عربى التى يبلغ عددها نحو 3.7 ملايين مواطن، تعهد المرشح الجمهورى دونالد ترامب بوقف الحرب فى الشرق الأوسط، لكنه فى بداية الحملة، وربما تيمناً برمز الفيل الضخم الذى يتخذه الجمهوريون شعاراً لهم، قال نصاً «إن مساحة إسرائيل تبدو على الخريطة صغيرة، ولطالما فكرت كيف يمكن توسيعها». وكما بات معروفاً فقد كان هو من أمر بنقل السفارة الأمريكية إلى القدس، واعتبر الجولان السورية المحتلة جزءاً من دولة إسرائيل .
خلاصة القول إن الفروق تبدو طفيفة فى الموقف من قضايا المنطقة بين المرشحين الجمهورى والديمقرطى. فكلا المرشحين يدعمان تسيد إسرائيل على دول الشرق الأوسط بالقوة وبالبلطجة بإعانتها بكل عناصر القوة والتفوق، وبمحاولات إضعاف محيطها العربى، حتى لو كان ذلك ضد رغبة حكامها وشعوبها، وحتى بتجاهل الاعتراضات المتصاعدة فى المجتمع الأمريكى على الدور الذى باتت إسرائيل تلعبه فى السياسة الخارجية الأمريكية. وعلينا أن ندرك أنه لا سمنة سوف تأتى من بطن النملة، ولا حلول خارجية منتظرة لمشاكل المنطقة، ما لم تتشكل إرادة سياسية تسعى عبرها دولها، لتغيير موازين القوى لصالحها، والعمل الجاد والشاق للبحث الجماعى عن حلول لتلك المشاكل من داخلها .
وإذا كان لنا أن نستخلص بعض حكمة النمل، فهو يمتلك تنظيماً أسطورياً لصفوفه وحنكة لتوجيهها نحو أهدافها، يفتقد إليها أحيانا بعض البشر، فقد عجزت الجاليات العربية فى الولايات المتحدة أن تستلهم تلك الخبرة بحثاً عن نفوذ لها فى المجتمع الذى استوطنت به.. والنمل برغم هشاشته وعدم استطاعة رؤيته بالعين المجردة، يمتلك قدرة عالية على الإيذاء حين تلسع لدغاته وتؤرق من تستهدفه. وهو استطاع بفطنته أن يتحاشى دهس جنود النبى سليمان كما أرشدنا العلى القدير بقوله تعالى «وحين أتوا على واد النمل، قالت نملة يا أيها النمل ادخلوا مساكنكم، لا يحطمنكم سليمان وجنوده وهم لا يشعرون».
وبدلاً من انتظار «سمنة» من نتائج الانتخابات الأمريكية، استحضروا الإرادة الجماعية الغائبة، وتأملوا حكمة النمل وقدرته على تنظيم صفوفه وسعيه الذكى لتحاشى الأذى .
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: هاريس ترامب الانتخابات الامريكية
إقرأ أيضاً:
الحرس الجديد vs الحرس القديم.. وزير التربية والتعليم يظهر «العين الحمراء» للقيادات داخل الوزارة
حرب باردة تدور رحاها داخل أروقة وزارة التربية والتعليم بين الحرس الجديد الذى يسعى لإثبات جدارته واستحقاقه للاستعانة به، والحرس القديم الذى يريد التأكيد أن وجوده يكفى لأداء الوزارة لرسالتها.
عقب تولى محمد عبد اللطيف ملف وزارة التربية والتعليم والجدل الذى أثير وقتها كان الجميع ينتظر ما سوف يحدث داخل الوزارة، خاصة مع حالات التخبط التى صاحبت الوزراء السابقين، والشكوى المتلاحقة من المواطنين حول تخبطها وعدم قدرتهم على ضبط الأمور والأداء، وهذا ما يدركه الوزير الجديد، ويسعى جاهدا لتغييره وتغيير صورة الوزارة، فكان لا بد من نهج جديد، وطريقة مختلفة لإدارة الأمور.
وبعد أقل من شهرين من عمل الوزير الجديد داخل الوزارة، وبعد تفكير قرر وضع ثقته فى مجموعة من القيادات أبرزهم الدكتور النشيط والدؤوب أحمد المحمدى مساعد الوزير للتخطيط الاستراتيجى والمتابعة فيمكن وصفه بأنه الرجل الثانى فى الوزارة بعد عبد اللطيف فهو المرافق له فى كل الجولات الخارجية سواء فى الزيارات للمدارس أو اللقاءات مع المديريات التعليمية أو غيرها من الاجتماعات، كما أنه يستشيره فى القرارات التى يتخذها الوزير ويبقى المحمدى لساعات كثيرة فى الوزارة لإنجاز الملفات المسئول عنها مما جعلها من أهم القيادات مؤخرا.
أما ثانى القيادات التى تحظى بعلاقة قوية وقريبة جدا فهو محمد عطية وهو صديق الوزير قبل توليه ملف الوزارة، فحينما كان يتولى عطية مسئولية مديرية التربية والتعليم بالقاهرة كان عبد اللطيف هو المسئول عن مدارس نيرمين إسماعيل، وكانت هناك لقاءات متعددة سواء داخل المديرية أو خارجها، ويحظى عطية الآن بثقة الوزير فهو الشخص الذى لا يغيب عن أى اجتماع للوزير وهو المسئول عن الإدارة المركزية التعليمية بالمصروفات.
أما خالد عبد الحكيم مدير مديريات التربية والتعليم بالوزارة فتمكن من كسب ثقة الوزير، خاصة أنه من أقدم القيادات داخل الوزارة وتولى مسئوليات امتحانات الثانوية العامة فى السنوات الأخيرة، واستطاع الوزير بعد تعيين عدد من القيادات من تحجيم دورهم، من خلال الاستعانة بفريق عمل من خارج الديوان.
وطبقا للمعلومات، فإن عبد اللطيف يقوم حاليا بدراسة لإجراء تغييرات هيكلية داخل ديوان عام الوزارة ولكن ينتظر الآن حتى يقوم بالانتهاء من الملفات الهامة التى على رأسها سد عجز المعلمين وكثافة الفصول التى تم حلها بشكل جزئى وليس كليا كما يتردد فالأمر بالفعل تم حله فى عدد من المديريات التعليمية ولكن مازالت هناك فصول تحتوى على ٧٠ و٨٠ طالبًا وهو الأمر الذى يعد عائقًا كبيرًا وإن كانت الوزارة لأول مرة تنجح بالفعل فى تقديم حل جزئى ومن المتوقع أن يتم الانتهاء من المشكلة خلال السنوات المقبلة.
كما قام الوزير باستبعاد محسن عبد العزيز رئيس الإدارة المركزية لتكنولوجيا التعليم بشكل مفاجئ وقرر تصعيد وليد الفخرانى وهو أحد المسئولين داخل الإدارة منذ سنوات ويمكن وصفه بأنه تلميذ محسن لتعيينه بدلا منه رئيسًا للإدارة، فبحسب المعلومات، فإن الوزير استعان بـ٤ قيادات داخل الوزارة، البداية كانت بالاستعانة باثنتين وهما رشا الجيوشى المنسق الأكاديمى للمدارس الدولية ومى الحداد منسق المدارس البريطانية، و«الغريب» استعان باثنين لإدارة المدارس الدولية والبريطانية رغم قيامه بتجديد الثقة فى إيمان صبرى مساعد الوزير للتعليم الخاص والدولى وهو الأمر الذى أثار تساؤلات حول تداخل العمل بينهن ومن المسئول عن إدارة تلك الملفات هل المنسق العام الجديد أم إيمان صبري؟!
والعائدة مرة أخرى لديوان الوزارة الدكتورة نرمين النعمانى مستشار الفريق التعليمى فى وحدة المدارس المصرية اليابانية، وكانت أول مرة جاءت فيها النعمانى لمنصب وحدة التعاون الدولى خلال فترة تولى الدكتور محمود أبو النصر منصب وزير التعليم وكان والدها محافظا لسوهاج وقتها ولكنها غادرت بعد ذلك إلا أن قام طارق شوقى بانتدابها مرة أخرى لوحدة التعاون الدولى ولكن بعد فترة قام بإنهاء التعاقد واستبعادها من الوزارة. بالإضافة للمستشار القانونى الذى يلجأ إليه وزير التربية والتعليم فى كل القرارات.
فهناك صراع خفى بين عدد من القيادات الوزارة، استطاعت من خلاله شيرين مساعد الوزير والتى تلقب بالمرأة الحديدية داخل الوزارة كسب ثقة الوزير وتكريس ونفوذها بالديوان.