منذ زمن بعيد ارتبط اسم مستشفى الحوض المرصود عند المصريين بعلاج الأمراض الجلدية، بجميع أنواعها، كما ارتبط أيضا بالأساطير التى نسجت حول الحوض أو التابوت الذى سُميت على اسمه أشهر مستشفيات الجلدية فى مصر.
بعيدا عن الأزمات التى يمر بها المواطن المصرى من ارتفاع جنونى فى أسعار كل شىء بدءا من الاكل والشرب والخدمات العامة من كهرباء ومياه وبنزين ومواصلات وحتى الأدوية التى تضاعفت اسعارها وأصبح الحصول عليها صعب المنال، فإن الحوض المرصود من الأشياء الجميلة التى مازالت تمنح الأمل للغلابة فى الحصول على خدمات طبية عظيمة بأرخص الاسعار.
حكى لى صديق عزيز تجربة ابنه مع مستشفى الحوض المرصود (أقدم مستشفى متخصص للأمراض الجلدية فى مصر والشرق الأوسط)، الذى يقع فى منطقة بركة الفيل فى حى السيدة زينب قائلا: إنه كان يبحث عن طبيب امراض جلدية متخصص أو مركز لعلاج عيوب الوجه بالليزر ناتجة عن حب الشباب، ليجد أن الجلسة الواحدة تصل إلى أكثر من ألف جنيه، وأن ابنه توجه إلى مستشفى الحوض المرصود، وكانت المفاجأة أن العلاج مجانى، وأنه بدأ بالفعل فى إجراء أول جلسة ليزر، لكن الأجمل أنه بعد هذه الجلسة حصل أيضا على وجبة طعام مجانية تحتوى على الفيتامينات التى يحتاجها المريض فى مثل هذه الحالات.
وعلمتُ أن وراء هذه المنظومة الطبية الناجحة يقف الدكتور أحمد صادق مدير عام المستشفى ومعه فريق عمل متفان من الأطباء والتمريض والعاملين، ومن ورائهم الدكتور حمودة الجزار رئيس قطاع الشئون الصحية بمحافظة القاهرة.
الشكوى الوحيدة التى يعانى منها المترددون على الحوض المرصود هى الزحام الشديد للحصول على الخدمات، التى من أهم أسبابها الشهرة الكبيرة والثقة الشديدة فى المستشفي، التى جعلت كثيرا من المرضى يفدون إليها من شتى أنحاء الجمهورية بأعداد تصل يوميا إلى ٦ آلاف مريض، رغم وجود حوالى ١٦ مستشفى متخصصًا فى الأمراض الجلدية بالمحافظات.
لكن يظل الحوض المرصود المرجعية الاولى للأمراض الجلدية هو الاقدم والاعرق والاكثر شهرة، ويكفى أن نعلم أن عمر هذا المستشفى اقدم من بعض الدول فى المنطقة فقد انشئ قبل ١٢١ عاما ومازال قادرًا على التطور والعطاء.
إن هذا الصرح الطبى يقدم خدماته من خلال 6 اقسام و44 عيادة، وفى إطار تطوير الخدمات تم مؤخرا اضافة جهاز التشخيص المبكر لسرطان الجلد، يتم من خلاله مسح كامل للجسم وتحديد الاصابة والبدء فى العلاج وهو ما يسهم فى تقليل فرصة انتشاره وفى الحالات الصعبة يقوم بتحويلها الى مستشفيات الأورام.
كل الشكر والتقدير للقائمين على هذا الصرح الطبى وأتمنى ألا يصل إليه قطار الخصخصة ليظل قبلة للغلابة من مرضى الجلدية.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: الحوض المرصود علاج الأمراض الجلدية المواطن المصرى
إقرأ أيضاً:
سوريا والعدالة الانتقالية؟
سرى الحديث مؤخرًا عن العدالة الانتقالية فى سوريا فى مجالات عدة، ومن قبل الكثير من السوريين. واليوم ظهر واضحاً كيف يمكن تحقيقه فى أعقاب ثورة التاسع من ديسمبر الجارى. ولا شك أن هناك الكثير من السوريين ممن عرفوا بدورهم البارز فى الثورة السورية منذ اندلاعها لا سيما فى توثيق الجرائم والمطالبة بالعدالة الانتقالية ودعم حقوق الإنسان فى سوريا. واليوم ومع سقوط نظام «بشار الأسد» فى الثامن من شهر ديسمبر الجارى عاد الحديث من جديد عن مصطلح «العدالة الانتقالية» ليتصدر النقاشات الجارية التى تتطلع إلى المستقبل فى ظل بناء سوريا الجديدة.
فما هى العدالة الانتقالية؟ وما هى التجارب التى يمكن اعتبارها مرجعًا فى هذا المجال؟ وفى معرض الرد نقول إنه وفقًا لتعريف الأمم المتحدة فإن العدالة الانتقالية تغطى كامل نطاق العمليات والآليات المرتبطة بالمحاولات التى يبذلها المجتمع لفهم تركة تجاوزات الماضى الواسعة النطاق من أجل كفالة المساءلة وإقامة العدالة والعمل على ترسيخها وتحقيق المصالحة، والعدالة الانتقالية تهدف فى الأساس إلى الاعتراف بضحايا تجاوزات الماضى على أنهم أصحاب حقوق. كما أنها تهدف إلى تعزيز الثقة بين الأفراد فى المجتمع الواحد. كما أنها تهدف إلى تعزيز ثقة الأفراد فى مؤسسات الدولة، وتدعيم احترام حقوق الإنسان، وتعزيز سيادة القانون، وبالتالى تسعى العدالة الانتقالية إلى المساهمة فى تعزيز المصالحة ومنع أية انتهاكات جديدة.
الجدير بالذكر أن عمليات العدالة الانتقالية تشمل تقصى الحقائق، ومبادرات الملاحقة القضائية، كما تشمل مجموعة واسعة من التدابير التى تتخذ لمنع تكرار الانتهاكات من جديد، بما فى ذلك الإصلاح الدستورى والقانونى والمؤسسى، كما تشمل تقوية المجتمع المدنى، وجهود إحياء ذكرى الضحايا، والمبادرات الثقافية، وصون المحفوظات، وتعليم التاريخ وفقًا لاحتياجات كل سياق. وفى معرض التوضيح تقول اللجنة الدولية للعدالة الانتقالية بأن العدالة الانتقالية تشير إلى الطرق التى تعالج بها البلدان الخارجة من فترات الصراع والقمع، وانتهاكات حقوق الإنسان واسعة النطاق أو المنهجية التى تكون عديدة وخطيرة للغاية بحيث لا يتمكن نظام العدالة العادى من تقديم استجابة مناسبة.
هذا وتشمل التدابير المستخدمة الملاحقات الجنائية، ولجان الحقيقة، وبرامج التعويضات، وإعادة الحقوق، والكشف عن المقابر الجماعية، والاعتذارات والعفو. كما تشمل إلى جانب ذلك النصب التذكارية والأفلام والأدب والبحث العلمي، وإعادة كتابة الكتب المدرسية ومراعاة التدقيق فيها، وتشمل أيضًا أنواع مختلفة من الإصلاحات المؤسسية لمعالجة انتهاكات حقوق الإنسان. الجدير بالذكر أن العدالة الانتقالية اليوم لا تقتصر على المسار القضائى للتعامل مع الماضى فحسب، بل تشمل أيضًا المناقشات والمداولات على مستوى المجتمع بأكمله. كما انتقدت العدالة الانتقالية أحيانا بسبب أشكالها الجامدة إلى حد ما، ومؤسساتها ومحتواها المعيارى الذى يستهدف فقط نموذج «الديمقراطية الليبرالية».