أميركا وروسيا.. صداقة ثم عداوة وصلت أعلى مراحل التوتر والصراع
تاريخ النشر: 4th, November 2024 GMT
واستعرض برنامج "أميركا و.." الذي يبث عبر منصة الجزيرة 360، في حلقة جديدة مراحل علاقات البلدين، التي بدأت بالصداقة بينهما منذ استقلال الولايات المتحدة عن بريطانيا، حين أعرب القيصر الروسي ألكسندر الأول عن إعجابه بالدستور الأميركي في رسالة للرئيس توماس جيفرسون عام 1802.
وبعد ذلك، فُتح باب التجارة بين البلدين لإنشاء تحالف يكسر الهيمنة البريطانية على العالم، ومما زاد من قوة العلاقة هو توسع الفرنسيين تحت قيادة نابليون بونابارت وإحساس روسيا بالخطر، ومع تنامي المصالح بين روسيا وأميركا، تقرر إقامة علاقات دبلوماسية كاملة.
وكانت ثمرة هذا التعاون اصطفاف واشنطن سياسيا مع صديقها الجديد عندما اندلعت حرب القرم بين روسيا من جهة والإمبراطورية العثمانية وبريطانيا وفرنسا من جهة أخرى.
ولم تجد روسيا دولة تثق بها غير الولايات المتحدة لنقل جزء من أسطولها البحري إلى مياهها خوفًا من تدميره. وقد نجحت تلك الخطة في إبقاء السفن الروسية في أمان.
بداية الخلافولكن بنهاية القرن االـ19، بدأت المصالح المتباينة تُحدث صدعًا في العلاقة، حيث تنافس الطرفان على السيطرة على الصين وعدة مناطق في شرق آسيا، مما دفع أميركا للتقارب مع منافستها السابقة بريطانيا، بعد أن أصبحت أميركا قوة سياسية واقتصادية صاعدة، ومن هنا بدأ يتشكل جوهر التحالف الغربي.
وعندما اندلعت الحرب العالمية الأولى، كان التهديد الألماني كافيا لتجاوز الخلافات والتعاون لمواجهة عدو مشترك، ولكن لم يدم هذا التقارب طويلا عندما هزت الثورة الشيوعية بقيادة فلاديمير لينين أركان أوروبا عام 1917، واختارت روسيا الأيديولوجية الشيوعية لنشرها بعيدا عن مسار الليبرالية والتجارة الحرة.
وفي مقال شهير بعنوان "مصادر السلوك السوفياتي"، عرض الدبلوماسي الأميركي جورج كينان إستراتيجية لاحتواء الاتحاد السوفياتي وتقويض قوته، وتبين أن العداء والصراع بين القوتين العظميين في العالم كان أمرا لا مفر منه.
ووصل العداء ذروته خلال أزمة الصواريخ الكوبية، وكادت تندلع حرب نووية بسبب نشر الاتحاد السوفياتي صواريخ في كوبا قرب الساحل الأميركي، وخلال السنوات التالية، بدأ العملاقان في تطوير وسائل الاتصال والتنسيق لتجنب التصادم النووي وتكرار السيناريو الكوبي.
وبعد انهيار الاتحاد السوفياتي، بدأ العداء يتجذر بعمق في الأروقة الأميركية، حيث انتشرت نظرية التوسع قدر الإمكان لاستغلال ضعف روسيا ومنعها من أن تعود قوة عظمى مرة أخرى، وكان هذا العداء مبنيا على 3 أركان: الصقور الليبرالية، والصقور العسكريين، والمسؤولين الأميركيين ذوي الأصول الأوروبية الشرقية.
مكافحة الإرهابوبعد هجمات 11 سبتمبر/أيلول، رأى كل من الولايات المتحدة وروسيا أن مكافحة الإرهاب يمكن أن تصبح مهمة مشتركة تساعد البلدين في حل خلافاتهما، ولكن سرعان ما اتضح لروسيا أن الحرب على الإرهاب كانت مصطلحا فضفاضا أكثر من اللازم، وأن هذه المفاهيم لم تكن تخفي سوى الطموح الأميركي في التوسع.
لذلك، مع صعود الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، بدأت موسكو مشروع حماية مجالها السوفياتي القديم، وانطلق بوتين في رحلة لإعادة بناء المؤسسات العسكرية والدولة، وجاءت حروب جورجيا والقرم وأوكرانيا مع حزمة من العقوبات الغربية على موسكو.
بعد أكثر من 200 عام من العلاقات بين القوتين العالميتين، فإن ما نشهده اليوم هو إحدى أكثر مراحل التوتر والصراع حدة بينهما منذ أزمة الصواريخ الكوبية، ولكن ما يختلف هذه المرة هو عدم وجود توافق داخل الولايات المتحدة على مواجهة روسيا.
وفي ظل ازدياد الصراع، تُرك الخيار الأخير للدبلوماسية، لكن مع تعمق التحالفات العالمية بين القوى الكبرى، مثل التحالف بين روسيا والصين، والتحالفات الغربية بقيادة أميركا، يبقى السؤال الأهم: هل يمكن للدبلوماسية أن تخفف من التوتر بين موسكو وواشنطن، أم أننا أمام مواجهة شاملة قد تعيد شبح الحرب الباردة للعالم؟
4/11/2024-|آخر تحديث: 4/11/202409:15 م (بتوقيت مكة المكرمة)المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات الولایات المتحدة
إقرأ أيضاً:
وسط احتفاء بريطاني.. ماكرون يدعو لإنهاء الاعتماد الأوروبي على أميركا والصين
قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، أمس الثلاثاء، إن على بريطانيا وفرنسا التعاون في مواجهة التهديدات التي تزعزع استقرار العالم والعمل على حماية أوروبا من "الاعتماد المفرط" على الولايات المتحدة والصين، وذلك في زيارة دولة هي الأولى لرئيس فرنسي منذ العام 2008.
وفي خطاب نادر ألقاه بالإنجليزية أمام مجلسي البرلمان البريطاني واستمر 30 دقيقة، احتفى ماكرون بتوثيق العلاقات بين البلدين، بعد أن أصبح أول زعيم أوروبي يُدعى لزيارة بريطانيا منذ خروجها من الاتحاد الأوروبي.
وبعد أن استقبلته العائلة المالكة البريطانية في وقت سابق أمس، توجه ماكرون إلى البرلمان حيث قال إن البلدين بحاجة إلى التعاون لتعزيز أوروبا، بما يشمل مجالات الدفاع والهجرة والمناخ والتجارة.
وقال "يجب على المملكة المتحدة وفرنسا أن تُظهرا للعالم مرة أخرى أن تحالفنا قادر على صنع الفارق". وأضاف "السبيل الوحيد للتغلب على تحديات عصرنا هو العمل المشترك والتعاون الوثيق".
واستعرض ماكرون مجموعة من التهديدات الجيوسياسية التي تواجه الدولتين، مؤكدا ضرورة الحذر من "الاعتماد المفرط على الولايات المتحدة والصين". وأضاف "أننا بحاجة إلى حماية اقتصاداتنا ومجتمعاتنا من مخاطر هذه التبعية المزدوجة".
ويرمز الخطاب إلى تحسن العلاقات الذي يسعى إليه حزب العمال، المنتمي ليسار الوسط بزعامة رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، في إطار إعادة ضبط أوسع للعلاقات مع الحلفاء الأوروبيين في أعقاب الخلافات التي اندلعت بشأن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.
وإذ ندّد ماكرون بما أسماه "عودة النزعات الإمبريالية للظهور"، أكد أن الأوروبيين وفي طليعتهم الفرنسيون والبريطانيون "لن يتخلوا أبدا عن أوكرانيا".
إعلانوقال "سنعمل حتى اللحظات الأخيرة من أجل التوصل إلى وقف لإطلاق النار، لبدء المفاوضات من أجل بناء سلام متين ودائم، لأن أمننا ومبادئنا على المحك في أوكرانيا".
وسيرأس ماكرون مع ستارمر الخميس اجتماعا لـ"تحالف الراغبين" الذي يضم دولا تعهّدت بدعم القدرات الدفاعية لأوكرانيا، وفي نهاية المطاف تشكيل قوة لضمان ردع روسيا عن استئناف هجومها بعد التوصل إلى وقف لإطلاق النار.
وفي ملف الحرب الدائرة في قطاع غزة، دعا الرئيس الفرنسي إلى "وقف إطلاق نار غير مشروط".
وقال إن "الدعوة اليوم إلى وقف إطلاق نار غير مشروط في غزة، هي ببساطة رسالة إلى العالم بأننا، كأوروبيين، لا نكيل بمكيالين… نريد وقف إطلاق نار من دون نقاش". واعتبر ماكرون أن "حل الدولتين والاعتراف بدولة فلسطين هما أيضا السبيل الوحيد لبناء السلام".
وفي الشق الاقتصادي، أعلن الإليزيه أن شركة الطاقة الفرنسية العامة ستستحوذ على حصة بنسبة 12.5% في محطة الطاقة النووية البريطانية المستقبلية في شرق إنجلترا.
وسياسيا، من المرتقب عقد قمة ثنائية الخميس لتعزيز التعاون في مجال الدفاع ومكافحة الهجرة غير النظامية، ووعد الرئيس الفرنسي بنتائج "ملموسة" في هذين الملفين.