في الوقت الذي يتجه فيه الأمريكيون اليوم إلى صناديق الاقتراع لاختيار رئيس لفترة تمتد لأربع سنوات يراقب العالم بكثير من القلق مسارات الانتخابات ونتائجها التي تنعكس على العالم أجمع. وتدور المنافسة بشكل شرس جدا بين الرئيس السابق دونالد ترامب ونائبة الرئيس الحالية كامالا هاريس. ويمثل كل منهما رؤية مختلفة لمستقبل أمريكا ودورها في العالم باعتبارها ما زالت القوة الأكبر سواء في الجانب العسكري أو الاقتصادي.

وشهدت الحملة الانتخابية لكل من ترامب وهاريس صياغة رسائل تبرز مخاوف وتطلعات الأمريكيين من القضايا الداخلية وتبرز أيضا الكثير من القضايا والتحديات التي تعصف بالعالم في الوقت الراهن.

حشد ترامب أنصاره تحت راية «أمريكا أولا» وهذا شعار مستمر منذ رئاسته السابقة مركزا على فكرة الانتعاش الاقتصادي وإعادة السيادة الأمريكية على حد تعبيره والموقف الصارم بشأن الهجرة والتجارة. ووعد ترامب خلال رسائله الانتخابية بالعودة إلى السياسات الحازمة لإدارته السابقة، التي أعطت الأولوية للصفقات الثنائية على التعاون متعدد الأطراف. ويقدر أنصار ترامب توجهه الصارم في السياسة الخارجية، وخاصة موقفه من الصين وإصراره على زيادة الإنفاق العسكري. ولكن خطاب ترامب كان في كثير من الأحيان سبباً في تأجيج الاستقطاب، وهو العامل الذي قد يحشد قاعدته ولكنه، أيضا، يثني الناخبين المترددين الذين يخشون الانقسام في الداخل وعدم القدرة على القراءة المستقبلية لأحداث الخارج.

أمّا كامالا هاريس فإنها تجسد الاستمرارية لإدارة الرئيس جو بايدن ولكنها تقدم رؤية معدلة لأمريكا المتغيرة.

تؤكد حملة هاريس على بناء التحالفات، ليس فقط في الداخل ولكن، أيضًا، على المستوى الدولي في لحظة يبدو فيها العالم في أمس الحاجة إلى تحالفات تجتمع حول قيم إنسانية آخذة في التآكل. وتتحدث هاريس عن معالجة تغير المناخ، وتعزيز التحالفات، وتوسيع السياسات الاجتماعية لدعم الفئات الضعيفة اقتصاديًا.. ولاقى خطابها صدى بين الناخبين الشباب والأقليات، على الرغم من أن المنتقدين يزعمون أن رؤيتها تفتقر إلى السرعة اللازمة لمواكبة توترات العالم المتصاعدة بشكل فظيع، وفي ظل غياب اليقين في الجوانب الاقتصادية.

ورغم ذلك ينظر الكثيرون إلى ترشيح هاريس باعتباره قوة استقرار، تسعى إلى إصلاح العلاقات العالمية المتوترة واستعادة سمعة أمريكا كحليف يمكن الاعتماد عليه.

وأظهرت استطلاعات الرأي سباقًا متقاربًا، حيث انقسم الناخبون على أسس أيديولوجية. لا تزال القاعدة الأساسية لترامب قوية، وتستمد قوتها من وعوده بالنهضة الاقتصادية والفخر الوطني. ومع ذلك، تتقدم هاريس قليلاً في بعض الاستطلاعات، وخاصة في المناطق الحضرية والضواحي، حيث تلاقي رسائلها الانتخابية الكثير من الترحيب. لكن لا يمكن أن يبنى على هذه الاستطلاعات رؤية دقيقة حول مسار اليوم الانتخابي خاصة وأن جمهور الناخبين انقسامه واضح وفق ما توضحه الاستطلاعات، وستكون قدرة كل مترشح على الحشد في هذا اليوم لها دور محوري في تحديد النتيجة.

لكن الانتخابات الأمريكية ليست شأنا داخليا أمريكيا إنها، أيضا، شأن عالمي يراقبه حلفاء أمريكا وخصومها على حد سواء. وتكشف مواقف كل من ترامب وهاريس التباين في المواقف السياسية الخارجية المختلفة.

قد يعني إعادة انتخاب ترامب تحولا إضافيا بعيدا عن التعددية، وهو التحول الذي يجده بعض الحلفاء أنه مقلق. على النقيض من ذلك، تشير هاريس إلى العودة إلى المشاركة الدبلوماسية والمسؤولية المشتركة، وهذه القيم التي تكشفها رسائل هاريس الانتخابية تتماشى بشكل أفضل مع عالم يفترض أنه مترابط، ولكن حتى هذه الرؤية يشكك مؤيدوها في مدى قدرة أمريكا على الالتزام بها حيث إن شراكاتها لم تعد قادرة على البقاء على المدى الطويل.

ومن سيراقب المشهد اليوم في أمريكا وفي متابعة العالم له سيستطيع أن يقرأ رؤيتين متنافستين: رؤية تسعى لاستعادة «اليقينيات» القديمة ورؤية تسعى لبناء مستقبل تعاوني.. وفي جميع الأحوال فإن الرؤيتين لا تستطيعان العودة بالزمن إلى الوراء حيث كان القرن الأمريكي يسيطر على كل شيء.

المصدر: لجريدة عمان

إقرأ أيضاً:

بعد تنصيب ترامب.. 4 أحداث رياضية كبرى تستضيفها أمريكا في ولايته الثانية

تستضيف الولايات المتحدة الأمريكية 4 أحداث رياضية كبرى في السنوات المقبلة خلال فترة رئاسة الرئيس دونالد ترامب الثانية.

وشهدت الساعات الماضية حفل تنصيب دونالد ترامب كرئيس أمريكا في ولايته الثانية داخل مبني الكونجرس "الكابيتول".

4 أحداث رياضية كبرى في ولاية ترامب..

تستمر ولاية ترامب حتى شهر يناير من العام 2029، ما يعني أنه سيكون حاضرا في 3 أحداث رياضية كبرى تستضيفها أمريكا في السنوات المقبلة.

ببطولة كأس العالم للأندية لكرة القدم 2025 في نسخة تاريخية، كونها الأولى التي ستقام بمشاركة 32 فريقاً، وستلعب البطولة في الفترة من 14 يونيو إلى 13 يوليو من ذات العام. بطولة الكأس الذهبية لكرة القدم 2025، التي تضم منتخبات أمريكا الشمالية والوسطى والبحر الكاريبي، وستنطلق البطولة في الفترة من يوم 14 يونيو  وحتى 6 يوليو المقبل.كأس العالم 2026، ملف مشترك بين أمريكا وكندا والمكسيك في نسخة استثنائية تاريخية سيقام في الفترة من 11 يونيو 2026 إلى 19 يوليو، وستشهد مشاركة 48 منتخباً في تاريخ كأس العالم.دورة الألعاب الأولمبية الصيفية تستضيفها مدينة لوس أنجلوس بعد عامين في الفترة من 14 يوليو إلى 30 من ذات الشهر.

مقالات مشابهة

  • اللواء سمير فرج: ترامب سيغير العالم بعد توليه رئاسة أمريكا
  • الترسانة النووية للرئيس الـ47.. ما الأسلحة التي يستطيع ترامب أن يهدد بها العالم؟
  • مشروع قانون الحوافز الانتخابية في العراق بين تعزيز المشاركة وتهديد الديمقراطية
  • بعد تنصيب ترامب.. 4 أحداث رياضية كبرى تستضيفها أمريكا في ولايته الثانية
  • أمريكا في عهدة ترامب
  • رئيس يشغل العالم.. "ترامب 2025" عاصفة التغيير ومستقبل أمريكا.. السياسة الخارجية الأمريكية تواجه تحديات المشروع النووي الإيراني.. وتعهدات بإنهاء الحرب في أوكرانيا وحل النزاعات الإقليمية
  • رئيس يشغل العالم.. "ترامب 2025" عاصفة التغيير ومستقبل أمريكا
  • هاريس تستقبل نائب ترامب بالبيت الأبيض قبل حفل التنصيب
  • مختص: قانون الحوافز الانتخابية يدل على خشية النظام السياسي من فقدان الشرعية
  • مختص: قانون الحوافز الانتخابية يدل على خشية النظام السياسي من فقدان الشرعية - عاجل