السيادة المفترى عليها.. وجرائم ترتكب باسمها !!
تاريخ النشر: 4th, November 2024 GMT
ليس من المبالغة في شيء القول إن هذه الفترة من الزمن هي من أكثر الفترات اضطرابا وتدخلا من جانب عدد متزايد من الدول في الشؤون الداخلية لدول أخرى إقليميا ودوليا لتحقيق مصالح أو مكاسب فردية أو جماعية بشكل مباشر أو غير مباشر حماية للأمن والمصالح الوطنية، وذلك على مرأى من مختلف الدول وربما بتأييد من بعضها إذا كانت هناك مصالح مشتركة ما بشكل أو بآخر، والحجج جاهزة عادة في هذه الحالة وهي الدفاع عن النفس وحماية السيادة والأرض والأمن الوطني ضد أي عدوان خارجي ويكفي أن ننظر إلى الأوضاع في الشرق الأوسط على سبيل المثال وما يجري بين دوله وشعوبه من حروب ومواجهات مسلحة تتعدد وتتنوع الأسباب والمطامع الكامنة وراءها والتي تهدد المنطقة وربما العالم بحروب وبمواجهات أوسع واخطر.
ودون الدخول في تفاصيل كثيرة فإن من الملاحظ أن العدد الأكبر يحذرون من مخاطر اتساع تلك الحروب. جدير بالذكر أن عددا متزايدا من الدول يلقي بالمسؤولية أو يربطها بمبدأ السيادة، الذي تتمتع به الدولة والذي يحمي حقوقها في التعامل مع الدول الأخرى ومع مؤسسات وأجهزة المنظمات والهيئات الدولية والإقليمية الأخرى والتي تضمنها مواثيق هذه الهيئات ومنها ميثاق الأمم المتحدة في مواده 39 -40- 41- 42- والمواد 50- و53 -و54 من الميثاق والتي تكفل احترام قواعد القانون الدولي والالتزام بها من جانب الدول الأعضاء حتى لا يتم اتخاذ إجراءات عقابية ضدها بسبب عدم التزامها من ناحية، وحتى تحافظ الدولة على مكانتها وسمعتها فإنها تؤكد دوما أن مواقفها تتفق دوما مع الشرعية الدولية ومبادئ الميثاق، وحتى إسرائيل المعروفة بأنها دولة خارجة عن القانون الدولي وتندد بها الأمم المتحدة ومحكمة العدل الدولية كثيرا ما تزعم أنها تحترم القانون الدولي برغم أن الكثيرين من الطلبة في الجامعات الأوروبية والأمريكية واللاتينية وعلى امتداد العالم تظاهروا ضد ممارسة إسرائيل للإبادة الجماعية ضد الفلسطينيين في غزة ورفح منذ «طوفان الأقصى» في أكتوبر من العام الماضي وحتى الآن. وإذا كان مبدأ السيادة من أهم مبادئ القانون الدولي حيث إنه يعطي نوعا من الحصانة للدولة باعتبار أن الدولة هي الوحدة الأساسية التي يقوم عليها القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني وأنه بحكم التراتبية بين مبادئ القانون فإن مبادئ وأحكام القانون الدولي العام تسبق أو تعلو على القوانين الداخلية بحكم أنها تمس مصالح تتعلق بالمجتمع الدولي ككل ولا تقتصر فقط على، مصالح دولة فرد مثل إسرائيل أو غيرها، وبذلك فإن إسرائيل اعتادت فيما يبدو الخلاف مع الأمم المتحدة ومنظماتها المختلفة بزعم أن الأمم المتحدة تتخذ قرارات عديدة في الواقع ضد إسرائيل وهو ما يعود في الحقيقة إلى سياسات إسرائيل لتكون من أكثر الدول الأعضاء في المنظمة من حيث عدم احترام التزامات عضويتها بل وتحدي المنظمة ودورها ومهمتها العالمية وأمينها العام، وبينما اعتادت إسرائيل الخلافات مع الأمم المتحدة وانتقادها لها ولسياساتها فإنها عمدت أيضا بدعم غربي وأوروبي عام ومباشرة إلى استهداف وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين وذلك في محاولة لخنقها والإجهاز عليها بخطى متسارعة وتدريجية أكثر من ذي قبل وفي هذا الإطار فإنه يمكن الإشارة إلى عدد من الجوانب من أهمها: أولا، أن السيادة تعني الجهة التي تمتلك السلطة العليا أو النهائية في الدولة وفقا للقانون، وسيادة الدولة هي أحد الأسس التي تقوم عليها الدولة والتي تحميها مبادئ القانون الدولي ضد أية انتهاكات من جانب أي طرف ولأي سبب باعتبار أنها هي الإطار الذي تتحرك فيه الدولة وتحمي من خلاله مصالحها المباشرة وغير المباشرة بكل السبل والوسائل التي تتوفر لها ومن الطبيعي أن تدافع الدولة عن سيادتها وتمنع انتهاكها حماية لها وحفاظا على أمنها وسلامتها في كل الظروف وضد أية محاولات للانتهاك أو للتفريط فيها من جانب أي مسؤول قد يملك سلطة حمايتها أو التعبير عنها بحكم القانون، ومع ذلك فإن من يمتلك السيادة لا يمتلكها بمعنى الملكية الخاصة مثلا ولكن يمتلكها بمعنى خصوصية ومسؤولية التعبير القانوني عنها وحمايتها ضد أي مساس بها. إن أي محاولة للمساس بها بأي شكل إذا حدث هو نوع من التقصير في حماية سيادة الدولة والدفاع عنها، لأي سبب ويصل الأمر إلى حد الاتهام بالخيانة والتفريط في مصالح الدولة ولذا فإنه يكون هناك عادة تشددا وحرصا في حماية السيادة والبعد المتعمد عن الاندماج أو التماهي في شخص المسؤول الأعلى ولا تمنحه سلطة التعبير عنها وحمايتها نوعا أو مدخلا للتداخل مع رؤاه أو مع مصالحه الخاصة مثلا إلا في إطار ما يسمح به القانون ولا يترتب عليه أي مساس بها وبمصالح الدولة وعادة تنفصل السيادة عمن يملك حق التعبير عنها حيث يحاط هذا الحق بضمانات كثيرة قانونية وتشريعية وقضائية أحيانا وعند الضرورة خاصة في حالة إبرام المعاهدات الملزمة أو التي ترتب حقوقا محددة على الدولة ومصالحها في الحاضر والمستقبل مثلا . ثانيا، إنه في الوقت الذي تستخدم فيه بعض الدول مفهوم السيادة من أجل حماية مصالح الدولة بمفاهيمها المختلفة فإن بعض الدول تعمد إلى استخدام السيادة لتحصين بعض المصالح ومنع التصرف فيها إلا من خلال استفتاء عام أو عبر موافقة البرلمان على إجراء يسمح بذلك بأغلبية معينة، خاصة إذا كانت هناك خلافات أو انقسامات في البرلمان حول القضية المطروحة، أو إذا أرادت الحكومة أو أحد أجنحتها عرقلة التصرف أو تأجيله انتظارا لحدوث تطور ما، والمثال البارز في هذا المجال هو إسرائيل التي تعمد إلى استخدام الكنيست - البرلمان الإسرائيلي - لمعارضة إجراء معين أو للتمهيد لاستخدامه في المستقبل وعلى سبيل المثال وافق الكنيست الإسرائيلي على حظر عمل وكالة الأونروا في إسرائيل بحجة تورط 12 عنصرا من العاملين في الأونروا في هجمات طوفان الأقصى في أكتوبر من العام الماضي وساعد تأييد أمريكا وعدد من الدول الأوروبية لهذا الادعاء الإسرائيلي في تمرير القرار في الأمم المتحدة برغم معارضة دول كثيرة له. يضاف إلى ذلك أن حكومة نتانياهو قررت مصادرة الأرض التي يقام عليها مقر الأونروا في القدس المحتلة وهي ليست أراض تخص إسرائيل. والأكثر من ذلك أن إسرائيل زادت من تحرشاتها المتعمدة بجنود الأونروا بإطلاق الرصاص في اتجاههم وتعمد هدم بوابة مقرهم في القدس المحتلة وكذلك هدم أحد مكاتبهم في الضفة الغربية وفي هذا الإطار أكد فيليب لازاريني مفوض وكالة الأونروا في لبنان «أن المكتب لم يعد صالحا للعمل فيه» برغم نفي إسرائيل لذلك «وقد أدانت دول كثيرة الاعتداءات المتكررة والتي تبررها إسرائيل بأنها من أعمال السيادة والسيادة منها براء. وتجدر الإشارة إلى أن عددا من الدول الأعضاء في الأمم المتحدة تنوي طلب استشارة قانونية من محكمة العدل الدولية حول وفاء إسرائيل بالتزاماتها حيال الأمم المتحدة وحيال احتلالها للأراضي الفلسطينية وما إذا كان ذلك يوجب فرض عقوبات عليها. ولكن إسرائيل «الدولة العاصية» في الأمم المتحدة تعتمد على التأييد الأمريكي والغربي في التخفيف من أية إجراءات قد تتخذ ضد إسرائيل تعتمد على أسباب وراء ذلك معروفة داخل الأمم المتحدة وخارجها أمس واليوم وستستمر غدا. وعلى صعيد آخر واستمرارا للجرائم التي ترتكبها باسم السيادة وافقت يوم الاثنين من الأسبوع الماضي على حظر عمل الأونروا في إسرائيل وهو قرار يعد استخفافا بالمنظمة الدولية وبدورها الإنساني وبما تقوم به لصالح اللاجئين الفلسطينيين داخل الأراضي المحتلة وخارجها خاصة وأنه من الصعوبة بمكان إلغاء الأونروا كما تريد إسرائيل أو أن يحل محلها برنامج الغذاء العالمي هذا فضلا عن المشكلات الإدارية والتنظيمية العديدة المصاحبة لذلك، خاصة وأن القرار الخاص ببقاء الأونروا لا يخص إسرائيل رغم أنها تعمل فيها ولكنه يخص الأمين العام للأمم المتحدة والمنظمة الدولية ككل، وليس من السهل اتخاذ هذا القرار. وقد أكد «لازاريني» أن القرار سابقة خطيرة «تتعارض مع ميثاق الأمم المتحدة وتنتهك التزامات إسرائيل بموجب القانون الدولي». |
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: القانون الدولی الأمم المتحدة الأونروا فی من الدول من جانب
إقرأ أيضاً:
إذا انتظرت وصول ترامب إلى البيت الأبيض.. إسرائيل قد ترتكب خطأ كبيراً في لبنان ما هو؟
ذكر موقع "الميادين" أنّ محللة الشؤون السياسية في "القناة الـ12 الإسرائيلية" دانا فايس، قالت إنّ "هناك تفاؤلاً في إسرائيل بخصوص احتمال الوصول إلى تسوية واتفاق لوقف إطلاق النار مع لبنان".
وأشارت فايس إلى أن "واشنطن أرسلت أمس إشارات إلى إسرائيل بأن هناك ضوءاً أخضر من جهة الحكومة اللبنانية للتقدم، وآموس هوكشتاين وصل إلى لبنان".
وأضافت: "في إسرائيل، يتوقعون أن هوكشتاين سيكون قادراً على الوصول إلى إسرائيل يوم الأربعاء بعد الحصول على المعطيات الإيجابية في لبنان. وحينها، سيكون ممكناً الوصول إلى التوقيع على الاتفاق".
وفي السياق عينه، دعا المسؤول الكبير في الشاباك سابقاً عادي كرمي، إسرائيل إلى المبادرة والدفع نحو التسوية مع لبنان، "لأنها في نهاية المطاف ستصل إلى تسوية"، معتبراً أن إسرائيل الآن "في مرحلة ما بعد الذروة في لبنان".
وتساءل: "ماذا سيكون الثمن حتى الوصول إلى هذه التسوية؟"، وتابع: "الاختبار سيكون بعد التسوية كيف سنردّ ونفرض ونقبل تعاظماً معيناً في المنطقة القريبة من الحدود".
من جهته، رأى محلل الشؤون السياسية في موقع "والاه" العبري باراك رافيد أن "إسرائيل ستقع في خطأ كبير في حال انتظرت ترامب للتوصل إلى اتفاق على وقف إطلاق النار مع لبنان، لأنه لا يريد أن يبقى هذا الأمر قائماً عند تقلده منصبه".
وتابع: "وإذا انتهت غزة أيضاً فهذا جيّد، ولكنه غير ممكن كما يبدو، لكن لبنان ممكن".
وتطرق إلى التصعيد الأخير، مشيراً إلى أن ما يحصل هو "تصعيد مهم في الهجمات يقوم به الجيش الإسرائيلي وحزب الله قبيل إمكانية حصول اتفاق، ويكفي حادثة كتلك التي في رمات غان، وهي حادثة خطيرة، فلو أصاب الصاروخ مبنى، لكان الاتفاق اختلف تماماً، لذلك هذه الأمور تشكل خطراً".
ودعا إلى الحذر، لافتاً إلى أن "جولة هوكشتاين في لبنان وإسرائيل قد تنتهي من دون اتفاق، لأن جواب حزب الله ولبنان أعطي بصيغة جديدة مع توضيح عدة نقاط، ولكن هذا الجواب لا يزال "نعم ولكن"، وبقيت على الأقل نقطتان أو ثلاثة، وهي ليس نقاطاً صغيرة، بل مركزية".
وأقر بأن "حزب الله يعتد بأنه يستطيع الاستمرار في إطلاق الصواريخ على المدن الإسرائيلية كل يوم، وحتى الساعة لا يبدو أن صواريخهم انتهت".
وأضاف: "لذلك، حزب الله لديه حق الفيتو على كل هذا الاتفاق، سواء أحببنا ذلك أم لا، وسواء أردنا ذلك أو لا".
وختم قائلاً: "لنضع جانباً كل الضجيج والحديث عن آلية اشراف وحرية عمل لإسرائيل وكل هذه الأمور. في النهاية، هذا الاتفاق سيكون على الأرض: هدوء مقابل هدوء، إضافة الى انتشار 5 آلاف جندي من الجيش اللبناني على الحدود، هذا ما سيحدث". (الميادين)