أهمية الثقافة التنظيمية في تطبيق إدارة المعرفة
تاريخ النشر: 4th, November 2024 GMT
تُعد الثقافة التنظيمية من العوامل الأساسية التي تؤثر على تطبيق إدارة المعرفة في المؤسسات، مما يجعلها أداة فعّالة لتحقيق الأهداف والرؤى لا سيما أولوية حوكمة الجهاز الإداري للدولة والموارد والمشاريع ضمن أولويات رؤية عُمان 2040. إذ تُسهم الثقافة التنظيمية في إيجاد بيئة عمل داعمة لتطبيق إدارة المعرفة، والتي تعتبر ركيزة أساسية لتطوير الأداء الحكومي وتعزيز كفاءة الموارد.
ومن التحديات التي تواجه المؤسسات عند تطبيق إدارة المعرفة هي التحديات التقنية والثقافة التنظيمية. إذ يتطلب التطبيق الناجح لإدارة المعرفة تطوير بُنى أساسية رقمية تُدعم تخزين واسترجاع البيانات بكفاءة وسُرعة، وهو ما يشكل أساسًا ضروريًا لتطوير جهاز إداري فعّال مرن مبتكر ومُبدع. كما يعتبر التحفيز التنظيمي للمشاركة في إدارة المعرفة من التحديات الأخرى، حيث يحتاج الموظفون إلى إطار عمل واضح للمُساهمة في تبادل معارفهم ومهاراتهم، خاصةً المعرفة الضمنية التي تُكتَسب بالممارسة اليومية. ويبرز كذلك تحدي بناء ثقافة تنظيمية مرنة وداعمة لإدارة المعرفة، حيث من المؤمل أن تُسهم هذه الثقافة في تشجيع الأفراد على المشاركة الفعّالة والانخراط في عمليات التعلُّم وتبادل الخبرات. فالحوكمة الفعّالة للجهاز الإداري لا تتطلب فقط آليات تقنية، بل تتطلب أيضاً ثقافة تنظيمية تُشجع على الابتكار والتعاون لتحقيق الاستخدام الأمثل للموارد، وتعزز الكفاءة المؤسسية من خلال إدارة المعرفة. وتعرف الثقافة التنظيمية على أنها مجموعة القيم والمعتقدات والممارسات التي توجه سلوك الأفراد وتؤطر تفاعلهم داخل المنظمة حسبما أشار إليها شين(2010)، حيث تكتسب الثقافة التنظيمية عاملًا مُهمًا في دعم أو إعاقة تطبيق إدارة المعرفة، إنّ بيئة العمل التي تتميز بالثقة والانفتاح تُسهم في تمكين الأفراد من تبادل المعرفة وتطبيقها، مما يعزز من كفاءة وفعالية المؤسسة. في المقابل، قد تحد الثقافة التنظيمية السلبية من قدرة المؤسسة على تطبيق إدارة المعرفة، وتؤدي إلى تقييد تداول المعلومات، مما يعيق الأداء الإداري ويؤثر سلباً على تحقيق أولوية الحوكمة. ومن خلال تعزيز ثقافة تنظيمية مُشجعة على التعاون وتبادل المعرفة، تصبح المؤسسات أكثر قدرة على تطبيق استراتيجيات إدارة المعرفة بنجاح. فالمعرفة، سواءً كانت صريحة أو ضمنية، تحتاج إلى بيئة محفزة تتيح للأفراد الشعور بالراحة في مشاركتها، حيث يُشكل هذا التبادل أساساً لتحسين أداء الجهاز الإداري. وتُعدّ ثقافة الابتكار والتعلُّم المستمر من أهم عوامل تحقيق النجاح في تطبيق إدارة المعرفة بما يخدم أهداف حوكمة المؤسسات، خاصةً في سياق التغيرات السريعة والمتزايدة في بيئات العمل. بالإضافة إلى ذلك تُساعد الثقافة التنظيمية الداعمة لإدارة المعرفة في تعزيز الأداء المؤسسي، حيث تصبح القرارات المستندة إلى المعرفة أكثر دقة وفعالية. فعلى سبيل المثال، تتيح إدارة المعرفة للمؤسسات جمع البيانات والمعلومات اللازمة لمتابعة المشاريع وتقييم أدائها، وبالتالي تحديد نقاط القوة وفرص التحسين، مما ينسجم مع الأولوية التي تضعها رؤية عُمان 2040 على تحسين كفاءة استخدام الموارد وتحقيق الاستدامة. ومن استراتيجيات تعزيز الثقافة التنظيمية لدعم إدارة المعرفة وتحقيق حوكمة فعّالة، تطوير برامج توعية بأهمية الثقافة التنظيمية وتشجيع الموظفين على تبادل المعرفة وإنشاء منصات رقمية وقواعد بيانات وتحفيز الموظفين على المشاركة ودعم المبادرات الاجتماعية وتحسين البُنى الأساسية الرقمية. حيث تؤدي الثقافة التنظيمية دورًا هامًا في توفير بيئة تتيح للأفراد تبادل المعرفة بدون حواجز، مما يزيد من فرص الابتكار والتطوير. في حين أن الحوكمة تعتمد على استغلال الموارد بشكل مثالي، فإن الثقافة الداعمة لإدارة المعرفة تُمكّن الموظفين من استخدام معرفتهم وخبراتهم لتحقيق أقصى استفادة من الموارد، مما يجعل المشاريع الحكومية أكثر استدامة وفعالية. عليه، فإنّ الثقافة التنظيمية تُعدُّ أساسًا لنجاح تطبيق إدارة المعرفة، فهي تُسهم في تمكين الأفراد من تبادل المعارف وتطبيقها في سياق تحقيق أهداف وأولويات رؤية عُمان 2040. وبتعزيز الثقافة التنظيمية الداعمة لإدارة المعرفة، يُمكن للمؤسسات تحقيق كفاءة وفعاليّة أعلى، وذلك من خلال تحسين الحوكمة، وتوجيه الموارد والمشاريع وفق أفضل الممارسات. |
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: الثقافة التنظیمیة الجهاز الإداری تبادل المعرفة المعرفة فی من خلال التی ت
إقرأ أيضاً:
هل المعرفة متاحة للجميع في العراق؟
1 فبراير، 2025
بغداد/المسلة: انوار داود الخفاجي
المعرفة هي حجر الأساس في تطور أي مجتمع، فهي تفتح الأبواب أمام الفرص الاقتصادية، والثقافية، والاجتماعية، والسياسية. في العراق، الذي يمتلك تاريخًا طويلًا من الحضارات العريقة التي أسهمت في إنتاج المعرفة الإنسانية، تظل قضية إتاحة المعرفة للجميع موضع تساؤل. فهل يتمتع جميع العراقيين بإمكانية الوصول إلى المعرفة بشكل متساوٍ؟
يعتبر التعليم الوسيلة الأساسية لنقل المعرفة وتعميمها، لكن في العراق، يواجه النظام التعليمي تحديات كبيرة تعيق وصول الجميع إلى المعرفة. تعاني المدارس والجامعات من ضعف البنية التحتية، ونقص التمويل، وتفاوت جودة التعليم بين المناطق الحضرية والريفية. فبينما يستطيع طلاب بغداد أو أربيل الوصول إلى مدارس وجامعات أفضل نسبيًا، يواجه الطلاب في المناطق النائية أو التي تضررت بسبب النزاعات صعوبات في الحصول على تعليم لائق.
إضافة إلى ذلك، فإن الفجوة الرقمية تلعب دورًا مهمًا في مدى إتاحة المعرفة. فرغم انتشار الإنترنت في المدن الكبرى، إلا أن العديد من المناطق الريفية ما زالت تفتقر إلى اتصال جيد بالشبكة، مما يحرم سكانها من الوصول إلى المصادر التعليمية الإلكترونية والبحث العلمي.
كما لعبت الأوضاع السياسية غير المستقرة والاقتصادية المتدهورة دورًا كبيرًا في تقييد انتشار المعرفة في العراق. فقد أثرت الحروب والصراعات المتكررة على المؤسسات التعليمية والثقافية، وتسببت في هجرة الكفاءات العلمية والأكاديمية، مما أدى إلى تراجع مستوى البحث العلمي والإنتاج المعرفي المحلي.
وايضا التحديات الاقتصادية دفعت العديد من الأسر إلى التركيز على تأمين الاحتياجات الأساسية بدلًا من الاستثمار في التعليم، مما يزيد من معدلات التسرب المدرسي، خاصة بين الفئات الفقيرة. وهذا بدوره يؤثر على قدرة المجتمع على الوصول إلى المعرفة والاستفادة منها.
وبرغم وجود مؤسسات أكاديمية ومراكز بحثية، فإن حرية الوصول إلى المعلومات في العراق ليست مضمونة بالكامل. إذ يواجه الباحثون والصحفيون أحيانًا صعوبات في الوصول إلى مصادر المعرفة بسبب الرقابة أو القيود المفروضة على تداول المعلومات.
إضافة إلى ذلك، تعاني المكتبات العامة من الإهمال، مما يقلل من فرص الأفراد في الوصول إلى الكتب والمواد البحثية. وحتى مع توفر الإنترنت، فإن نقص المحتوى الرقمي المحلي وضعف ثقافة البحث العلمي تحدّ من قدرة العراقيين على الاستفادة الكاملة من المعرفة المتاحة عالميًا.
ورغم التحديات، هناك مبادرات تهدف إلى توسيع نطاق المعرفة في العراق. فقد بدأت بعض المؤسسات التعليمية في تطبيق التعليم الإلكتروني، وهناك جهود لدعم المكتبات الرقمية والمصادر المفتوحة. كما أن المجتمع المدني يلعب دورًا متزايدًا في تعزيز المعرفة من خلال ورش العمل، والمنتديات الثقافية، والمبادرات الشبابية التي تسعى إلى نشر الوعي والتعليم.
في المجمل، لا تزال المعرفة في العراق غير متاحة للجميع بشكل متساوٍ، حيث تؤثر العوامل الاقتصادية، والسياسية، والتكنولوجية، والتعليمية على إمكانية الوصول إليها. ومع ذلك، فإن هناك جهودًا تُبذل لتقليص الفجوة، ويظل الاستثمار في التعليم والتكنولوجيا والسياسات الداعمة للمعرفة هو الحل الأمثل لضمان وصول الجميع إليها.
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
About Post Author moh mohSee author's posts